الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مغالطة لا تخفى على أهل العلم، كل ما يمكن أن يقال وهذا قد قلته بهذه المناسبة أكثر من مرة، فلا مانع من أن تركب المرأة في سيارة في وسط البلد إذا كان هذا البلد ليس من عادة بعض السائقين أن يخطفوا النساء بطريق ركوبهن السيارات، فإذا كان هذا الشرط متحققاً فأولاً لا خلوة كذلك هاهنا، ولا خشية أيضاً فلا مانع من هذا الركوب في مثل هذه السيارة وفي مثل هذا البلد.
أما إذا كان البلد بلد فتنة وبلد سطو على أعراض النساء فحين ذلك لا يجوز أن تركب إلا مع المحرم أو أن تركب مع [أخواتها] من نساء يغلب على الظن أن ذلك السائق لا يمكن أن يسطو عليهن أو أن يعمل ما لا يجوز شرعاً.
هذا الذي نقوله وندين الله به ..
(رحلة النور: 08 أ/00: 21: 00)
لم يصح شيء في أن النبي صلى الله عليه وسلم صافح امرأة قط
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: «إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» .
[قال الإمام]: وله شاهد من حديث أسماء بنت يزيد مثله مختصرا. أخرجه الحميدي «368» وأحمد «6/ 454، 459» والدولابي في «الكنى» «2/ 128» وابن عبد البر في «التمهيد» «3/ 24 / 1» وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» «1/ 293» من طريق شهر بن حوشب عنها. وفيه عند أحمد: «فقالت له أسماء: ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله؟ فقال لها إني لست أصافح النساء» . وشهر ضعيف من قبل حفظه وهذه الزيادة تشعر بأن النساء كن يأخذن بيده صلى الله عليه وسلم عند المبايعة من فوق ثوبه صلى الله عليه وسلم، وقد روي في ذلك بعض الروايات الأخرى ولكنها مراسيل كلها ذكرها الحافظ في «الفتح» «8/ 488» ، فلا يحتج بشيء منها لاسيما وقد خالفت ما هو أصح منها كذا الحديث والآتي بعده وكحديث عائشة في مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء قالت:
«ولا والله ما مست يده صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك» . أخرجه البخاري.
وأما قول أم عطية رضي الله عنها: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة .... » . الحديث أخرجه البخاري فليس صريحا في أن النساء كن يصافحنه صلى الله عليه وسلم فلا يرد بمثله النص الصريح من قوله صلى الله عليه وسلم هذا وفعله أيضا الذي روته أميمة بنت رقيقة وعائشة وابن عمر كما يأتي. قال الحافظ: «وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية، فعند ابن خزيمة وابن حبان والبزار والطبري وابن مردويه من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة، قال: فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: اللهم أشهد. وكذا الحديث الذي بعده حيث قالت فيه: «قبضت منا امرأة يدها، فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن. ويمكن الجواب عن الأول بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة. وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول، أو كانت المبايعة تقع بحائل، فقد روى أبو داود في «المراسيل» عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال: لا أصافح النساء .... ». ثم ذكر بقية الأحاديث بمعناه وكلها مراسيل لا تقوم الحجة بها. وما ذكره من الجواب عن حديثي أم عطية هو العمدة على أن حديثها من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن ليس بالقوي لأن إسماعيل هذا ليس بالمشهور وإنما يستشهد به كما بينته في «حجاب المرأة المسلمة» «ص 26 طبع المكتب الإسلامي» .
وجملة القول أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه صافح امرأة قط حتى ولا في المبايعة فضلا عن المصافحة عند الملاقاة، فاحتجاج البعض لجوازها بحديث أم عطية الذي ذكرته مع أن المصافحة لم تذكر فيه وإعراضه عن الأحاديث الصريحة في تنزهه صلى الله عليه وسلم عن المصافحة لأمر لا يصدر من مؤمن مخلص، لاسيما وهناك الوعيد الشديد فيمن يمس امرأة لا تحل له كما تقدم في الحديث «229» . ويشهد لحديث أميمة بنت رقيقة
الحديث الآتي. وبعد كتابة ما تقدم رأيت إسحاق بن منصور المروزي قال في «مسائل أحمد وإسحاق» «211/ 1» : «قلت «يعني لأحمد» : تكره مصافحة النساء قال: أكرهه. قال إسحاق: كما قال، عجوز كانت أو غير عجوز إنما بايعهن النبي صلى الله عليه وسلم على يده الثوب».
ثم رأيت في «المستدرك» «2/ 486» من طريق إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن ابن عجلان عن أبيه عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. «أن أبا حذيفة بن عتبة رضي الله عنه أتى بها وبهند بنت عتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه، فقالت: أخذ علينا، فشرط علينا، قالت: قلت له: يا ابن عم هل علمت في قومك من هذه العاهات أو الهنات شيئا؟ قال أبو حذيفة: إيها فبايعنه، فإن بهذا يبايع، وهكذا يشترط. فقالت: هند: لا أبايعك على السرقة إني أسرق من مال زوجي فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده وكفت يدها حتى أرسل إلى أبي سفيان، فتحلل لها منه، فقال أبو سفيان: أما الرطب فنعم وأما اليابس فلا ولا نعمة! قالت: فبايعناه ثم قالت فاطمة: ما كانت قبة أبغض إلي من قبتك ولا أحب أن يبيحها الله وما فيها وو الله ما من قبة أحب إلي أن يعمرها الله يبارك وفيها من قبتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيضا والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده» .
قال الحاكم: «صحيح الإسناد» . ووافقه الذهبي.
قلت: وإسناده حسن وفي محمد بن عجلان وإسماعيل بن أبي أويس كلام لا يضر إن شاء الله تعالى.
وهذا الحديث يؤيد أن المبايعة كانت تقع بينه صلى الله عليه وسلم وبين النساء بمد الأيدي كما تقدم عن الحافظ لا بالمصافحة، إذ لو وقعت لذكرها الراوي كما هو ظاهر. فلا اختلاف بينه أيضا وبين حديث الباب والحديث الآتي:«كان لا يصافح النساء في البيعة» .
السلسلة الصحيحة «2/ 64 - 67» .