الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن يستلزم ستر العينين أيضاً ولا يمكن ذلك للمرأة إذا ما خرجت إلى السوق تريد أن تقضي حاجة .. تشتري بضاعة ونحو ذلك.
بل قد ثبت عن ابن عباس وعن ابن عمر وغيرهما من السلف أن قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قال: هو الوجه والكفان، فرجع الأمر إلى أن ترجمان القرآن لا يرى ولا يفهم من الآية آية الجلباب أن الوجه عورة بل يرى أن ذلك مستثنى من عورة المرأة وعلى هذا أكثر العلماء من الفقهاء المعروفين المشهورين.
خلاصة القول الذي قررته قديماً وحديثاً: أن ستر المرأة لوجهها هو الأشرف والأفضل لها وبخاصة إذا كان الزمن فاسداً كما هو الواقع الآن، أما أن نقول يحرم عليها فهذا لا دليل عليه في الشرع وحينذاك يجب التورع عن إطلاق التحريم، من شاءت من النساء أن تغطي وجهها وكفيها فذلك هو الأفضل لها، ومن شاءت أن تترخص وتكشف عن وجهها فلها ذلك بشرط أن لا تجمل وجهها بزينة اصطناعية.
(رحلة النور: 00)
نقاش في حكم كشف الوجه والكفين
يراجع في رحلة النور
(رحلة النور: 38 ب/00: 05: 43).
نقاش حول حكم تغطية وجه المرأة
مداخلة: يا شيخ سؤال حول كشف المرأة لوجهها [فقد بدأ طلاب العلم يتحدثون على أن الوجه واليد ليسا بعورة مع أن الوجه أجمل ما في المرأة]؟
الشيخ: صحيح.
مداخلة: فما رأيك بهذا .. وهذا الحديث الذي سمح لهم بهذه الأشياء صحته من قوته من ضعفه ..
الشيخ: ليس لنا رأي مع الشرع.
مداخلة: نعم، الرأي مع العلم.
الشيخ: وكثير من العلماء يأخذون الأمور بالعواطف وليس بهدي الشرع الملزم، فأنت قلت كما سمعنا من غيرك أن أجمل ما في المرأة وجهها، وأجمل ما في الوجه ما هو؟
مداخلة: العينين والابتسامة.
الشيخ: إذاً: لا يجوز لها أن تكشف عن عينيها لترى الطريق؟
مداخلة: والله يجوز أن تضع [سترة وتترك فتحة] على عينها حتى تفرق .. وحتى ترى الطريق
…
الشيخ: ماذا تضع ماذا؟
مداخلة: تعمل سترة وتترك [فتحة] صغيرة حتى تنظر.
الشيخ: وهل هذا جاء في القرآن؟
مداخلة: لا ما جاء.
الشيخ: فإذاً من أين جئتم به؟
مداخلة: تدعو على الفتنة، والحركات لا تكون بالعينين.
الشيخ: أنت تكنى بأبي جمال أو بكنية أخرى؟
مداخلة: نعم أبو جمال نعم.
الشيخ: أبو جمال، فأرجوك أن تتئد في كلامك أي: لا تستعجل وفي الحديث يقول: «العجلة من الشيطان والتأني من الرحمن» .
مداخلة: نعم: جزاك الله خير.
الشيخ: طيب! فجاء السؤال آنفاً بناءً على قول بعض الأفاضل أن أجمل ما في المرأة وجهها وهذا لا يمكن أن يكابر فيه أحد، لكن هذه فلسفة ليست شرعاً؛ لأن هذه الفلسفة تقابل بفلسفة أخرى وهي وقد سمعت آنفاً أجمل ما في الوجه ما هو؟ عيناها، طيب!
مداخلة: الابتسامة.
الشيخ: لا، لا داعي للابتسامة؛ لأن هذا لا أحد يقول بجواز ذلك، لكن أجمل ما في المرأة عيناها، يعني: الوجه من خلق الله والعينان فيه من خلق الله، أما الابتسامة فهي. .... إنسان فقد تبتسم أو لا تبتسم فهذا في يدك، أما جمالك في يدك وفي عينيك فليس من كسبك وإنما هو من خلق الله:{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11] لا شيء! لذلك أقول: لا ينبغي الدخول في معالجة هذه المسألة بما يشبه الفلسفة؛ لأن الفلسفة لا نهاية لها والتجربة أمامك الآن حيث قيل: أجمل ما في المرأة وجهها، ثم قيل: أجمل ما في وجهها عيناها فإذا كان يلزم من الفلسفة الأولى تغطية وجهها لزم أيضاً من الفلسفة الأخرى تغطية عينيها، فهل ذلك مما يجب عليها؟ قلت أنت من عندك .. من عندك تضع شيئاً لعلك تعني النظارة .. السوداء أو ما شابهها فقلنا: من أين جئت بهذه الإضافة؟ قلت: من باب سد الذريعة، لكن الشارع الحكيم الذي أنزل الحجاب ذكراً له في القرآن ألم يسد الذريعة؟ هل نستطيع أن نقول: أنه ما سد الذريعة؟ ما نستطيع أن نقول إلا سد الذريعة، إذاً: ليس لك أنت أن تسد الذريعة؛ لأنها قد سدت بحكم الله تبارك وتعالى، حينئذٍ نعود إلى حكم الله تعالى عز وجل، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] فما معنى يدنين؟
الشيخ: طيب! ما رأيك نعمل درس عملي تضع أنت الآن العباءة على رأسك
أترضى ذلك؟
الشيخ: لا بأس، ترضى ذلك أو تعطيني أنا العباءة؟
مداخلة: لا لا، بسم الله هذه العباءة الأصل ..
الشيخ: طيب! {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] ..
لا، ليس مهم قطعة أو قطعتين، المهم أنها تكون كثيفة ليست شفافة كالمناديل التي تشدها بعض النساء، لا لا تقعد .. الجلباب ضعه على رأسك واستر به وجهك .. نعم، وامش.
مداخلة: لا أرى.
الشيخ: لا ترى! هذا الذي أمرك ربك؟ !
مداخلة: نريد الشيء الذي ينفعنا مع الله عز وجل ..
الشيخ: بارك الله فيك، أحسنت، ربك أعلم بما خلق:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].
أول شيء يجب أن ننظر للآية لم تقل: يغطين وجوههن وإنما قال: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] الإدناء: هو التقريب، فأنت كما فعلت آنفاً العباءة هكذا.
نعم، تدنى هكذا، وقد تدنى هكذا فلا ترى الطريق، وقد تدنى هكذا فترى الطريق بعين واحدة، نعم، وقد تدنى هكذا فترى الطريق بالعينين كلتيهما، وقد تدني هكذا أكثر قليلاً كشفاً إلى آخره، هذا التعديد لا بد له من دليل فنحن نقصد بالتجربة الأولى أن نبين للناس بطريقة عملية أن الذين يذهبون إلى أن معنى الإدناء هو التغطية يخطئون خطئاً فاحشاً؛ لأنهم إما أنهم يتجاهلون أو يجهلون أننا لو طبقنا الجلباب بمعنى التغطية عمينا الطريق على النساء ولم يستطعن أن يمشين خطوة واحدة؛ لأن من شروط الجلباب أن لا يكون شفافاً وأن يكون كثيفاً أليس كذلك؟
فحينئذٍ {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] ليس بالمستطاع أبداً أن تفهم الآية بمعنى التغطية والتجربة أكبر برهان.
إذاً: بقي علينا ما دام انتفى معنى يدنين انتفى عن هذه اللفظة يغطين، نفهم إذاً يدنين إلى أي حد هنا دخلت السنة كما هي شأنها دائماً وأبداً حينما تفسر القرآن فتبينه وتوضحه.
أكثر مثال ميسر فهمه لدى الناس جميعاً من حيث أن السنة توضح القرآن قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] الميتة يدخل تحت هذه اللفظة ميتة البحر، فلو وقفنا عند هذا النص القرآن لحرمنا على أنفسنا السمك أليس كذلك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: لكن الرسول بين أن ميتة السمك ليست داخلة في هذا المعنى الواسع الميتة التي حرمت بنص القرآن الكريم فقال عليه السلام: «أحلت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطحال» لو لم نأخذ بالحديث لفهمنا السمك حرام لعموم الآية أليس كذلك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: لو لم نلتفت إلى السنة في موضوع وجه المرأة لفهمنا أن المرأة يجب أن تغطي وجهها؛ لأنها كما فسروا المتأخرون منهم يدنين، أي: يغطين، وهو كما أثبتنا عملياً تفسير باطل، [البعض] يقول: تكشف عن عين واحدة، وبعضهم جزاه الله خير أفسح في الرخصة فقال: تكشف عن العينين، لكن هذا كله بالاجتهاد، أما النص قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق:«إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها» والرسول صلى الله عليه وسلم لما قال بالنسبة للمحرمة: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» يشير إلى أن هناك العادة كانت .. عادة النساء أنهن ينتقبن، فخشية أن تنتقب المرأة المحرمة قال: لا تنتقب، وكان أيضاً من عادتهن أن
يلبسن القفازين، فحرم على المرأة المحرمة أن تنتقب وأن تلبس القفازين.
مداخلة: تحريم؟
الشيخ: تحريم؛ ولذلك فالمرأة المحرمة يجب أن تكشف عن وجهها، أما غير المحرمة فلا يجب عليها ذلك، بل يستحب لها أن تغطي وجهها بطريقة أو بأخرى، يعني: يوجد هذه المناديل الشفافة حيث ترى المرأة الطريق من وراءه ولا تُرَى هي .. لكن البحث: هل يحرم عليها أن تكشف عن قرص وجهها؟ الجواب: لا ..
مداخلة: في الإحرام ضروري.
الشيخ: ضروري نعم، بل واجب أن تكشف عن وجهها وعن كفيها، فكثير من أهل العلم يوجبون عليها ذلك، فهل إذا تقنعت الحاجة والمعتمرة فهذه لا يجوز لها أن تنتقب النقاب ولا أن تتمندل بالمنديل فهو حرام عليها ما دامت محرمة بالحج أو العمرة.
مداخلة: تكشف تماماً.
الشيخ: تكشف حاجة محرمة.
مداخلة: يعني: ما عليها شيء في هذا الشيء؟
الشيخ: واجب يا شيخ! ليس فقط ما عليها شيء بل هو واجب.
مداخلة: . .
الشيخ: أنا أعرف أنه .. عندنا في الشام مثل يقول: كثرة الشد يرخي، شد يدك وبعد ذلك فك، هذا معنى لا أقول من السنة قال عليه الصلاة والسلام:«إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة، فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل» فلكل عمل شرة، فأنا أعتقد أن مسألة وجه المرأة أخذت بالشدة التي جاوزت الشريعة، وهذه الشدة حملت بعض العلماء الأفاضل على تفسير القرآن بما لا يصح تفسيره والمثل وقع أمامك، هذا مثل لا ينسى، أليس كذلك؟ يدنين:
يغطين بجلابيبهن هذا مستحيل؛ لأن ذلك يعني تعمية الطريق عليها، والقول بأنها تضع نظارة مثلاً هذا النظارة لم تكن في تلك العصور، ولم يكن المنديل هذا الشفاف أيضاً معروفاً؛ ولذلك لم يكن معروفاً عند العرب في الجاهلية في الإسلام الأول إلا الانتقاب، أي: لا بد لأجمل امرأة في الدنيا أن تكشف عن أجمل ما في وجهها لترى طريقها ألا وهي عيناها.
فإذا عرفت هذا الحديث: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» .. رخصة إن شاءت سترت، وإن لم تشأ لم تستر، والستر أفضل، رأيت؟ فحينما تربى النساء بهذا الفقه المعتدل لا إفراط ولا تفريط جاء وقت الحج أو العمرة فإذا قيل لها: لا تستري وجهك ما تستوحش؛ لأنها معتادة .. لأنها ثقفت من قبل ربما تكشف عن وجهها أحياناً وهي غير حاجة ولا هي معتمرة، فحينما يقال لها: اكشفي عن وجهك لأن الشرع يقول فرض عليك ما دمت محرمة أن تكشفي وجهك وعن كفيك؛ ولذلك أنا لمست لمس اليد هذه الحكمة: «إن لكل عمل شرة» والمثل العامي: كثرة الشد يرخي .. أنا اعتمرت منذ أسابيع وكانت معي زوجتي فكنا نرى المحرمات متنقبات، وأنا بنفسي رأيت شاباً يسعى بين الصفا والمروة وأنا خلفه وقع بصري عليه وبجانبه زوجه وهي متمندلة فاقتربت من زوجها وقد كشف عن منكبه:
[قلت]: السلام عليكم.
[قال]: وعليكم السلام.
قلت: إن شاء الله يبدو أنك تؤدي العمرة؟
قال: نعم.
قلت: كشفك المنكب الآن هذا لا أصل له في السنة، وهذه أيضاً تراها في الحجاج والمعتمرين دائماً وأبداً بينما كشف المنكب إنما هو في طواف القدوم فقط، أما الطوافات الأخرى لا يشرع فيها كشف المنكب فضلاً عن السعي بين الصفا والمروة لقنته هذا الحكم،
فصمت ولا أريد أن أقول: لم يستجب؛ لأنه استجاب فيما بعد.
المهم: جاء دور الكلام عن زوجته:
قلت: زوجتك محرمة معك إن شاء الله؟
قال: نعم.
قلت: يا أخي! الرسول يقول: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» وهي من تشملها، ليست قد سترت فقط وجهها بل وكفيها أيضاً .. ما شاء الله هذا شيء طيب لكن هذا جهل بالإسلام؛ لذلك أقول: لا ينبغي أن تؤخذ المسائل بالعواطف وإنما بالحكم الشرعي.
قال: المسألة فيها خلاف.
قلت: سامحك الله، الخلاف ليس فيما نتكلم الآن بالنسبة للمحرمة وإنما بصورة عامة: هل وجه المرأة عورة أو ليس بعورة؟ هذا فيه خلاف صحيح، لكن البحث الآن: هل يجوز للمرأة المحرمة بحج أو عمرة أن تستر وجهها؟ حتى وصلنا إلى المروة، هو بطبيعة الحال أشد مني فنزل إلى المروة قبلي، فلما ملت للنزول وإذا هو أمامي .. فرأيته والحمد لله قد غطى كتفه لكن زوجته لا تزال كما هي، ما سبب هذا؟ سببه تشدد العلماء أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها، أما نقيم العدل والإنصاف الأفضل على المرأة أن تستر وجهها لا يجوز لها أن تكشف عن وجهها ولو أحياناً أما وهي محرمة فيجب عليها أن تكشف عن وجهها وعن كفيها وإلا ..
أنا لا أقول بأن يجب عليها دم لأنه ما على ذلك نص لكن كثير من العلماء الأفاضل سمعناهم يوجبون عليهم الذبح فتصور الآن كم من المحرمات في الحج والعمرة يلزمهم الذبح بسبب [غلوهم] في الدين، فربنا عز وجل يقول:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] والنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وعظ الناس في مناسبات كثيرة منها أن قال لهم: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك الذين من قبلكم غلوهم في دينهم، ثم التقط حصاة فقال: مثل
حصى الحج» والآن ماذا ترى في الجمرات؟ كيف ترمى الجمرات بالنعال؟
مداخلة: نعم، هذا عمل غير صالح.
الشيخ: نعم، غير صالح لماذا؟ لأنه غلو، وهم [يظنون] أن الشيطان ناصب نفسه هناك هذا من جهلهم؛ ولهذا الرسول عليه السلام كما وصفه ربنا عز وجل في القرآن بحق:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] فقال سلفاً: «إياكم والغلو في الدين» فكأنما كشف له عما سيقع من المسلمين، فقال:«إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك الذين قبلكم غلوهم في دينهم» .
مداخلة: سمعنا أن عندما نزلت آية الحجاب أنهم خرجوا كالغراب الأسود من رأسها إلى رجليها، هل هذا دليل صحيح؟
الشيخ: سمعت خيراً وأسأت فهماً.
مداخلة: طيب! جزاك الله خير.
الشيخ: كالغراب الأسود .. لكن ليس فيه أن هذا الثوب الأسود غطين به وجوههن.
مداخلة: [لكن في الحرم مع الزحام كشف المرأة وجهها يكون فيه فتنة]؟
الشيخ: إذاً الآن [أنت ضد] الحديث يقول: «لا تنتقب المرأة المحرمة» لا تنقلنا عن المسألة أرجوك هذا الكلام فيه خطورة؛ لأنك ترد على الرسول هذا فيه خطر كبير، هذا يشبه تماماً الرهط الذين جاءوا إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم وسألوهن عن عبادة الرسول عليه السلام وعن قيامه وصيامه وإتيانه لنسائه، فقلن واقع الرسول أنه يصلي وينام ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء فتقالوها، تدري لماذا تقالوها؟
مداخلة: لا.
الشيخ: يعني: وجدوها عبادة قليلة، عبادة الرسول .. سيد العباد .. الذي قام حتى تفطرت قدماه، قالوا: هذه عبادة قليلة!
ثم رجعوا يعللون قلة هذه العبادة قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر، كأنهم يقولون: أنه لم يبق هناك دافع للرسول عليه السلام أن يتعبد كثير.
جاؤوا بشيء آخر .. وهو تعليليهم لهذه العبادة القليلة، حيث قالوا:«هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» يعني: لماذا يتعب نفسه
…
؟ لماذا يتعب نفسه يقوم الليل كله ويصوم الدهر كله؟ ..
فعادوا إلى أنفسهم قالوا: نحن ما حصلنا المغفرة من الله؛ لذلك يجب علينا أن نجتهد حتى ربنا يغفر لنا، فقال أحدهم:«أما أنا فأقوم الليل كله ولا أنام، وقال الثاني: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء، ثم جاء الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبر الخبر. .. فخطب الناس في المسجد، قال: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا حكى ما قالوا، أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله .. أما إني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» .
فالرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون عقيدة راسخة في قلب كل مسلم يؤمن حقاً بالله ورسوله أن يعتقد أنه ما ترك لأحد أن يستدرك عليه شيئاً ولو من باب سد الذريعة فيما كان معروفاً في زمانه، وهذه الكلمة: فيما كان معروفاً في زمانه قيد ضروري جداً ..
قد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من نبي بعثه الله تبارك وتعالى إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم» لا شك .. عقيدة المسلم أن الرسول ما كتم شيئاً ولا وكل أمر البيان لغيره كيف ونحن نقرأ في القرآن: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] إلى آخر الآية، ونقرأ .. الحديث التالي:«ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه» إذا كان هذا عقيدة كل مسلم فيجب أن لا يتغافل عن ذلك حينما يأتيه حكم الله وحكم رسوله، ولا يكون موقفه موقف الرهط فيأتي الرسول ويرد عليه بقوله:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في حق المرأة المحرمة: «لا تنتقب المرأة المحرمة لا تلبس القفازين» فليس للمسلم أن يقول: هذا يصير عليه فتنة كيف الرجل والنساء
في الطواف وفي السعي؟ نقول: لا مجال للاستدراك على الرسول؛ لأنه وحي من الله وما ينطق عن الهوى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4].
من أجل ذلك يجب بيان الحكم الشرعي بتمامه حتى لا يقع المسلم أو المسلمة في إفراط أو تفريط، فما يتعلق بوجه المرأة العلماء ذكروا قولين: منهم من يقول بأنه عورة ومنهم من يقول: بأنه ليس بعورة وهذا هو الصحيح، وليس في القرآن ما ينافي هذا أبداً والتجربة ليست بعيدة عنك؛ لأن الآية السابقة لا تعني تغطية الوجه وإنما تعني تقريب [الجلباب] إلى الوجه، هذا التقريب جاء بيانه في السنة:«إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها» .
مع ذلك فالذين يقولون بأنه ليس بعورة يقولون: الأفضل لها أن تستر وجهها، فالذين يقولون بأن الوجه عورة يقولون: يجب عليها أن تكشف عن وجهها وهي محرمة، هذا الجانب الثاني لا يقول العلماء القائلون بأن وجه المرأة عورة ببيانه للناس كما يفعلون بالجانب الإيجابي يقولون: يجب على المرأة أن تستر وجهها ولكن لا يقولون ما ينافي ذلك وهي محرم عليها أن تستر وجهها في حالة كونها في الإحرام.
مداخلة: طيب سؤال في الموضوع، بعض العلماء جزاهم الله خير ألزموا الغطاء الوجه يفسر الآية [{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} بوجوب تغطية الوجه، لأن الجلباب ينزل من على الوجه ثم على الصدر، وإلا كيف سيغطي الصدر، يؤتى به من الوراء أو من الجانب]؟
الشيخ: جزاهم الله خيراً أخطأوا أو أصابوا .. ما هو الذي يأتي على الصدر؟
مداخلة: الجلباب.
الشيخ: لا، الجلباب قد تلونا على مسامعك آنفاً نص الآية وهو:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] .. إنما هو الخمار، قال تعالى:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] طيب؟
مداخلة: نعم هذا هو. ..
الشيخ: طيب! الآن الخمار هل هو خاص بالنساء دون الرجال أم هو لباس مشترك بين النساء والرجال؟
مداخلة: الله أعلم.
الشيخ: هذه مشكلة كبيرة أن العرب لم يعودوا يعرفون لغتهم، هذه الغترة ما اسمها في اللغة العربية؟ غترة، غترة غير معروف باللغة العربية لكن ما دام الخمار، فقد كان الرسول يمسح على الخمار ويمسح على الخفين، الخمار: هو غطاء الرأس وليس غطاء الوجه، الدليل على ذلك إذا تركنا اللغة جانباً ليس على سبيل الإعراض عنها؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، لكن أخذنا كما قلنا في آية تحريم الميتة، كذلك جاء حديث عن الرسول عليه السلام أنه قال:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» هات نرى .. كيف تفهم أنت أو المشايخ الذين فهموك أن الخمار الذي يغطي الصدر الجيب كما قلت تماماً .. هذا هو الجيب.
مداخلة: نعم نعم.
الشيخ: الآن هذا الخمار على رأسك وأرني كيف تغطي وجهك وصدرك ..
كيف تقول أنت والمشايخ أن الخمار يغطي الوجه، ثم هذه واحدة لكن دعنا مع الحديث:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» آنفاً أنا سألتك: هل يجب على المرأة حين تصلي أن تغطي وجهها؟ قلت: لا، وقولك الحق، لكن الآن أسألك: هل يجب على المرأة أن تغطي رأسها في الصلاة؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: إذاً عندما قال الرسول: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» فإنه يعني أن الخمار يغطي الرأس وليس الوجه، هذه الحقيقة حقائق الكثير مما يغفل عنه بعض الناس بسبب أنهم أخذوا القضية بالحرارة .. بالحماس [والعواطف] الجامحة فأنساهم المعنى الصحيح للآية وللأحاديث:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}