الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صافح الرجال في البيعة، معناه: أن النساء كن كاشفات عن أكففهن، أرجوك.
وقلت لك: إما أن تأتي بالدليل، أنهن كن متقفزات، وأنا أقول لك سلفاً: دون ذلك خرط القتاد، كما يقال.
ثانياً: هناك حديث صحيح، أن البيعة كانت من النساء بمد الأيدي، ليس بالمصافحة، الرسول يمد يده والمرأة تمد يدها، هذه حالة لا هي ليست مصافحة ولا هي مصافحة، جاء في رواية أخرى، فمدت امرأة يدها تريد أن تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مستنكراً وأرجوا أن تتأمل:«هذه يد رجل أم امرأة؟ اختضبي» ، أيش تقول في هذا؟ هل كانت هذه متقفزة؟ لا، أنا أدري أنا أدري أن الذين ألفوا في أن وجه المرأة عورة وكفيها عورة، هؤلاء أخطؤوا مرتين:
أولاً: ليس عندهم دليل نقلي إطلاقاً، من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: أتوا بروايات لا سنام لها ولا خِطام، وأشهر من كتب في هذا الموضوع هو الشيخ التويجري، وله كتابه الصارم هذا، المسلول ولا أيش سماه، الشاهد: فهو مليء بالروايات التي لا تصح إطلاقاً، لا أريد الآن الخوض في التفاصيل، لكن عندنا هناك روايات موجودة في السيرة، تقوم الحجة على الذين يتعصبون ويقولون: كشف المرأة لوجهها حرام، أنا أقول: قولكم حرام حرام.
ذلك لأنه قول بدون كتاب الله وبدون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هي آراء.
(الهدى والنور / 641/ 55: 27: 00)
حول تغطية الوجه
الشيخ: كون وجه المرأة عورة بالنسبة للرجل، هو من باب سد الذريعة، بدليل أنه أباح الشارع كشف الوجه أو رؤية الوجه في بعض الصور، حتى بالنسبة للذين يقولون بأن وجه المرأة عورة، حتى بالنسبة لذاك المُغَالي الذي حلف بالله عز وجل،
أنه لا يمكن للشرع أن يبيح كشف الوجه.
وهنا لا بد من وقفة قصيرة كجملة معترضة، أن هذا الرجل لما قال هذا الكلام، هل يعني مطلقاً أم بقيد، فهو ما قيد وإنما أطلق، بينما الذين يقولون بأن وجه المرأة عورة، يقولون يجوز النظر إلى وجه المرأة بالنسبة للخاطب، «اذهب إليها فانظر؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً» كما جاء في الحديث.
فالآن إذاً: الشارع الحكيم عند من يقول بأن وجه المرأة عورة بالنسبة للرجل، هو من باب سد الذريعة، ترى ما حكم وجه الرجل بالنسبة للمرأة أهو عورة أم لا؟ طبعاً لا أحد يقول بعورة وجه الرجل بالنسبة للمرأة.
فما الفرق بين ذلك من حيث الرأي كما يفعل هؤلاء الآرائيون، ما الفرق بين تحريم وجه المرأة بالنسبة للرجل، وإباحة وجه الرجل بالنسبة للمرأة مع أن العلة واحدة، وهي سداً للذريعة، ونحن رددنا على الغلاة المصرين على أن وجه المرأة عورة، أنهم يُفَلْسفون رأيهم بقولهم: أجمل ما في المرأة وجهها، فكيف يعقل أن يكون ليس عورة، ويجوز للرجل أن ينظر إليه، وقد قلنا لهم في جولتنا السابقة في بلادكم هذه، وأجمل ما في وجه المرأة عيناها، فهل يجوز لها أن تكشف عينها لترى طريقها، فُبهِتوا، وقال بعضهم والحقيقة كأنها تمثيلية، لكنها حقيقة واقعية، قال لي متحمساً كنا في مجلس فقام قائماً مع أن المجلس صغير، قال أنت تقول بأن وجه المرأة ليس بعورة، والله يقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]، قلت له: فما معنى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} قال: يعني يغطين.
قلت: يغطين وجوههن بماذا؟ قال: بالجلباب، قلت له: هب أن عليك الآن جلباباً وهي هذه الغترة، الغترة قصيرة كما ترى هبها جلباباً، غطي وجهك بالجلباب، فعجبت منه ومن تسرعه بسبب عاطفته العمياء، وإذا به غطى وجهه، تقدم إلي، قال: لا أستطيع؟ كيف تستطيع المرأة إذاً إذا خرجت من دارها متجلببة بجلبابها، على هذا المعنى من تفسير يدنين بمعنى يغطين، أنت الآن مثلت المعنى
الذي تفهمه من الآية، ولم تستطع أن تمشي خطوات إلي، قال: نفتح ثقباً.
قلت: ومن أين جئت بهذا الثقب؟ فالآية معنى يدنين كما تزعم، يغطين.
قال: لترى الطريق.
قلت: حسناً! أنت الآن حينما تقول لترى الطريق، تقول بالرأي، وأنتم تحكمون بالرأي أنه مستحيل أن يكون وجه المرأة غير عورة؛ لأنه أجمل ما في المرأة وجهها، فها أنت قد أبحت للمرأة أن تكشف عن أجمل ما في وجهها وهو عينها، لكن لعلك
تتوسع قليلاً فتبيح للمرأة أن تكشف عن عينيها، أو أنت من الجماعة الذين قالوا هكذا، يعني تبدي عيناً واحدة، كما جاء في بعض التفاسير عن بعض السلف، عبيدة السلماني وهذا صحيح عنه وعن ابن عباس وهو غير صحيح عنه، أي تكشف عيناً واحدة، قال: لا بأس أن تكشف عن عينين؛ لترى طريقها، قلت: وحينئذٍ قد أبحت للمرأة برأيك وليس بالنص؛ لأن النص الذي أنت تستند إليه في إيجاب تغطية المرأة لوجهها، إنما هو نص مطلق، يدنين أي يغطين، فمن أين جئت بالكشف عن العينتين وهما أجمل ما في وجه المرأة. فَبُهت.
عدت فقلت: ترى أجمل ما في المرأة وجهها، بالنسبة إليها أم بالنسبة للرجال.
قال: لا بالنسبة للرجال.
قلت: فما هو أجمل شيء عند المرأة بالنسبة للرجل، أليس هو وجهه أيضاً؟ فإذاً: أوجبوا الحجاب على الرجال أيضاً مع النساء، وهذا من شُؤم تحكيم الرأي في النصوص الشرعية، والله المستعان.
مداخلة: في هذه البلاد وغيرها، يرون لزوم تغطية المرأة لوجهها، لما نناقش هذه المسألة، التقاليد التي يتربى فيها ما يستطيع التحرر منها، فمن أجل ذلك ما يستطيع أن يتجرد بناء على القواعد العلمية الواجب اتباعها،
…
من العلم هنا.
الشيخ: هذا موجود.
مداخلة: لأن بعضهم حتى في مسائل الخلاف، يقول لا تنكرون ولا في مسائل خلاف المسائل فيه سعة، ويوسع دائرة السعة في الاختلاف، حتى يصل أحياناً إلى اختلاف التضاد، فعندما نقول هكذا قضية كشف المرأة لوجهها، يقول: لا، هذه مسألة أخرى؟
الشيخ: كيف؟
مداخلة: يعني يترتب عليها مفسدة، ويترتب عليها انتشار الفتن .. إلى آخره، وأن الخلاف هنا غير معتد به.
الشيخ: هذا أعجب فيه، مشايخ البلاد نعرفهم سلفيين وليسوا من أهل الرأي، أما في هذه المسألة فهم من أهل الرأي.
والعجيب أن أهل الرأي عاكسوهم، يعني كانوا على صواب، تركوا الرأي للنص، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.
أنا بلغني أخيراً من المفارقات العجيبة، أن بعض الفتيات المؤمنات المحجبات الحجاب الشرعي، ومن اللاتي يحرصن على ستر وجوههن، ونحن لا شك معهن في ذلك من الناحية العملية، لكننا لسنا معهن من الناحية الفكرية؛ لأنه لا يجوز إيجاب ما لم يوجبه الله ورسوله، لكن ما شرعه الله ورسوله على وجه الاستحباب أو السنة فهو شيء طيب، وهذا الذي نراه بالنسبة لوجه المرأة، فبلغني عن بعض الفتيات أنهن قلن لما سمعن تأكيدي على قوله عليه السلام:«لا تنتقب المرأة المُحْرِمة ولا تلبس القفازين» وأنا شاهدت قديماً وحديثاً، وآخر مرة لما اعتمرت قبل رمضان في السفرة السابقة كانت معي زوجتي، فسلطتها على الساعيات بين الصفا والمروة، وهن متنقبات، أن هذا ما يجوز أنتن محرمات، والرسول يقول:«لا تنتقب المرأة المُحْرِمة ولا تلبس القفازين» بل رأيت شاباً وسيماً جميلاً له لحية سوداء، وبجانبه كان يبدو زوجته وهي متنقبة، هو في لباس الإحرام مما أشعرني بأنه محرم، وهو يسعى مع زوجته، فتقدمت إليه قلت السلام عليكم، قال: وعليكم السلام، قلت: