الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا توفر معها شروطها وأركانها ولباسها. ..
(رحلة النور: 20 أ/00: 18: 17)
حكم رمي المتبرجات في الشارع بالحجارة
!
سؤال: فيه امرأة منقبة ترمي المتبرجات في الشارع بالزلط والطوبٍ.
الشيخ: بالزلط؟ !
مداخلة: حجارة، وتأمر البنات بناتها بأن يفعلن نفس الفعل، فيحملن الحقائب ملآنة بالحجارة.
الشيخ: شو هذا خيال أم رواية؟
مداخلة: لا لا، والله هذا موجود عندنا.
الشيخ: وأين هذا في القرية، أم في العاصمة؟
مداخلة: في محافظة في محافظتنا، وتتأول قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«العنوهن فإنهن معلونات» ، فطبعاً لما تضرب واحدة متبرجة ممكن يمسكوها ويشدوا النقاب ويضربوها، وتؤخذ إلى قسم الشرطة تحجز يوم يومين ويأتي زوجها، هل هذا الفعل جائز؟
الجواب: طبعاً هذا أولاً لا يجوز؛ لأن فيه تعدياً وتجاوزاً؛ للحديث الذي ذكرته، فإن قوله عليه السلام:«العنوهن فإنهن ملعونات» لا يعني ارجموهن فإنهن مرجومات، هذا أولاً.
وثانياً: انطلاقاً من قوله عليه السلام لعائشة: «لولا أن قومك حديثوا عهد بشرك لهدمت الكعبة وبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام .. » إلى آخر الحديث.
فهذا الحديث يدل على أن المسلم ينبغي أن يتبنى سياسة الرسول عليه السلام
هذه في معالجة المنكرات.
فأنا لست أمنع فقط هذه الحادثة التي لما سألتني عنها ظننتها خيالاً، وإذا بها حقيقة، لست أنكر هذا فقط أنه لا يجوز شرعاً.
بل أنا أقول: لا يجوز للمسلم المتحمس اليوم في تطبيق الحديث السابق، أن يقول للسافرات المتبرجات: لعنة الله عليكن؛ لأن هذه اللعنة على الرغم من أنه ظاهر الحديث سيترتب من وراء القيام بها وتوجيهها إلى هؤلاء المتبرجات مفسدة كبرى، قد أشرت أنت آنفاً إلى شيء منها، فحينئذٍ نرى استعمال المرتبة الثالثة من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي جاءت في الحديث الصحيح في مسلم:«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» .
ولاشك أن هذه المسألة تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمان إلى زمان، لكن أنا أقول الآن بالنسبة إلى سوريا والأردن، ربما بلاد أخرى، من الخطأ توجيه هذه اللعنة صراحة إلى المتبرجات؛ لأن الدولة لهن اليوم، الدولة والصولة لهن اليوم، والرجال الذين هم أزواج هذه النساء هم معهن في ذلك، ولذلك فسيترتب فتنة ما بعدها فتنة، فيما نحن إذا طبقنا النص النبوي، فكيف بنا إذا تجاوزناه إلى الرجم، فلا يجوز، وهذا أمر واضح إن شاء الله.
مداخلة: طيب، على هذا هل يجوز اللعنة سراً، يعني: أقول في نفسي هل هذا جائز؟
الشيخ: نعم يجوز.
مداخلة: طبعاً هذا لا يتعارض مع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لعن الدواب والآدميين لعن المعين؟
الشيخ: سؤالك خطأ، لأنك وضعت قيد السرية.
مداخلة: لا أنا أقول في نفسي: لعنة الله عليك بيني وبين نفسي.
الشيخ: يعني: فيه فرق بين في نفسك وفي لفظك؟
مداخلة: لا، في لفظي.
الشيخ: اللفظ هو المهم ليس في النفس، ما دام جاء الحديث هذا لا ينافي ذاك؛ لأن المقصود من الأحاديث أن المؤمن لا يكون لعاناً أي: لا يجعل ذلك ديدنه وهجيراه.
أما هذا لا ينافي أن يلعن من يستحق اللعن شرعاً، ولذلك جاء في «سنن أبي داود» و «الأدب المفرد للبخاري» وغيرهما من حديث أبي هريرة وغيره أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! جاري ظلمني، قال: اجعل متاعك على قارعة الطريق، فأخذ الناس يمرون به ما لك يا فلان! جاري ظلمني، جاري ظلمني، قاتله لعنه الله، قاتله الله لعنه الله، والجار يسمع، وهذه سياسة حكيمة من سيد الحكماء عليه الصلاة والسلام، جاء الظالم لجاره يركض إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقول: يا رسول الله! مر جاري فليعد متاعه إلى داره، فقد لعنني الناس، فقال عليه الصلاة والسلام:«لقد لعنك من في السماء قبل أن يلعنك من في الأرض» .
فإذاً: الرأي السائد عند جماهير العلماء، أنه لا يجوز لعن مسلم بعينه، هذا ليس على إطلاقه، وهذا أقل ما يقال بوجود مثل هذه الأحاديث، التي تصرح بأنه في بعض الأحيان يجوز لعن مسلم مسرف ظالم لنفسه؛ لمصلحة شخصه، فهذا من ذاك، ولذلك اللعن إن كان مما سمح به الشارع، فيستثنى من كون المؤمن ليس بلعان ولا طعان، هذا جوابي.
مداخلة: معنى اللعن في هذه الحالة هو الطرد من الرحمة؟
الشيخ: ما فيه غير هذا! هو دعاء، وقد يستجاب الدعاء وقد لا يستجاب، كما نقول نحن: رحم الله فلان، هل هذا خبر؟ هو دعاء، تُرى هذا الدعاء قُبِلَ ورُفعَ؟ الله أعلم.