الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيفعلْنَ! قال: فلا تفعلوا ذلكَ، أفلا أنبئُكم ما مَثَلُ ذلكَ؟ ! مَثَلُ شيطانٍ أتى شيطانةً بالطريق؛ فوقعَ بها والناس ينظرون! ».
[قال الإمام]: وقوله فيه: «سفعاء الخدين» ؛ معناه: فيهما تغير وسواد؛ فهو من الأدلة الكثيرة على أن وجه المرأة ليس بعورة؛ لأنه لو كان مغطى كما يزعم المتشددون؛ لما استطاع أبو سعيد أن يصف خَدَّيها، وكذلك وصفها جابر رضي الله عنه في «صحيح مسلم» وغيره، وهو مخرج في «حجاب المرأة المسلمة» ، وسميته أخيراً بـ «جلباب المرأة المسلمة» .
السلسلة الصحيحة (7/ 1/ 437).
حكم كشف الوجه واليدين للمرأة
مداخلة: [حول تفسير آية الإدناء]؟
الشيخ: هذا في الأمس القريب جرى البحث فيه ويبدو أن الأمر يتطلب التكرار، المشهور في بلادكم تفسير يدنين: يغطين، وهذا خطأ واضح، وقد أجرينا التجربة بالأمس مع بعض الحاضرين فقلنا له: قم وهذا هو جلباب العباءة مثلاً التي أنت تتعبأ به، القيه على رأسك قام وألقى العباءة على رأسه، طيب غط وجهك، غطى وجهه بالعباءة، قلت له: امش، قال: لا أستطيع، قلت: إذاً كيف تفرضوا على النساء شيئاً أنتم لا تستطيعونه وأنتم الرجال، فكيف تفهمون يدنين بمعنى: يغطين.
الإدناء هو التقريب وهو واضح جداً من معرفة ما كان عليه العرب في الجاهلية، أو بالأحرى نساؤهن كن إذا خرجن وضعن كما تفعل بعض العراقيات إذا رأيتموهن، تضع الجلباب هكذا .. الصدر مبين، كذلك كن في الجاهلية، قال الله عز وجل:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] إذا فهمن يدنين: يغطين لا مجال للتغطية إطلاقاً، لكن ما قال ربنا إلا يدنين، الإدناء يكون هكذا، هذا الإدناء مطلق غير مقيد.
وهنا يأتي البيان في السنة ونحن نقرأ في كتب التفسير روايتين اثنتين:
إحداهما ضعيفة وهي رواية ابن عباس ثم ذكر هذه الآية، قال:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] وفعل بالعباءة هكذا، أي: غطى عيناً واحدة، وهذا أمر طبيعي جداً وهو ينافي تغطية الوجه، أو بعبارة أوضح: ينافي تفسير الإدناء بالتغطية، وبخاصة حينما تذكر هنا بعض الكلمات أنا أعتبرها فلسفة لا ينبغي أن تذكر في الأحكام الشرعية؛ لأنها ستقابل بفلسفة أخرى وهي:
يقولون: لأن أجمل ما في المرأة وجهها، وهذا ظاهر لكن لماذا ندخل هذه الفلسفة في مسألة تعبدية شرعية محضة لا مجال لإدخال العقل فيها إن كان هناك نص يأمر المرأة بأن تغطي وجهها اتبعناه وإلا لا نتفلسف؛ لأن هذه الفلسفة ستقابل بمثلها، وقد قلت فعلاً: إذا كان أجمل ما في المرأة وجهها فما أجمل ما في الوجه في المرأة؟ سيكون الجواب: عيناها، فإذاً: إذا كانت الفلسفة الأولى تعني أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها؛ لأن هذا الوجه هو أجمل ما في المرأة فإذاً: يجب عليها أيضاً أن تغطي عينيها مع الوجه؛ لأن العنين أجمل ما في الوجه وهذا لا قائل به إطلاقاً.
بعض الناس ممن لا يعرفون الأدلة الواردة في هذا الخصوص يلجأ للخلاص من هذا الإيراد بأن يفرض شيئاً لم يكن معهوداً في ذلك الزمان وهو أن تضع مثلاً نظارة معتمة فلا يبدوا عيناها وفي الوقت نفسه ترى طريقها، أو تضع منديلاً بما هو معروف اليوم تستدله على وجهها وليس يكون كثيفاً يكون شفافاً بعض الشيء بحيث أنها ترى الطريق ولا يرى وجهها، هذا المنديل لم يكن في ذلك الزمن أيضاً، كل ما كان إنما هو النقاب ولا يزال النقاب معروف حتى اليوم، وقد ذكره الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح حين قال:«لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» فمفهوم الحديث: بأن غير المحرمة تنتقب، تلبس القفازين، وهذا يعني أن هذا كان موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا معروف، ولكن تفسير يدنين بتغطية الوجه وفيهما العينان هذا لا يمكن أن يقول به إنسان يتنبه لما يلزم من قوله.
لهذا قلت: روي أثران أحدهما عن ابن عباس وهو ضعف؛ بأنها تكشف عن عين واحدة.
يوجد أثر ثاني عن عبيدة السلماني وهو تابعي تلا هذه الآية فوصف عملية الحجاب فكشف عن عينيه كليهما، فإذاً: أين التغطية التي بها تفسر الآية؟ لم يبق هناك تغطية كاملة وإنما تغطية ناقصة، أي: تغطية ما عدى الوجهين إذا وقفنا عند هاذين الأثرين: الأثر الأول عن ابن عباس ولو صح لكان حجة؛ لأنه ترجمان القرآن كما شهد له بذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لكن السند إليه ضعيف فيه انقطاع وفيه ضعف.
مداخلة: كما شهد له رسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: نعم، كما ماذا؟
مداخلة: لابن عباس.
الشيخ: بماذا؟
مداخلة: بأنه ترجمان القرآن.
الشيخ: لا، ترجمان القرآن ما جاء عن الرسول، الذي جاء عن الرسول الدعاء له بأن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل، أما شهد له بأنه ترجمان القرآن فهذا ليس عن الرسول عليه السلام إنما هو ابن مسعود.
فلم يصح هذا الأثر عن ابن عباس.
أما الأمر الثاني: فهو صحيح عن عبيدة هذا ولكن لو كان مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فيه حجة؛ لأنه يكون مرسلاً فكيف وهو موقوف عليه، أي: هو مقطوع باصطلاح علماء الحديث.
المهم: أنه لم يأت تفسير للآية الكريمة: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] عن السلف بوجوب ستر الوجه ولا يمكن هذا كما وصفنا آنفاً؛