الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنتفه، ألم تغير خلق الله؟
السائل: نعم.
الشيخ: لكن النتف ربما يبطئ نبات الشعر من جديد أكثر من الحلق، هذا فرق غير جوهري، غير أساسي؛ لأن كل من الحلق والنتف، يتحقق فيه تغيير خلق الله للحسن. هذا جواب ما سألت.
الملقي: شيخنا ..... في الموضوع، رأينا النساء في أمريكا ينبت لها شوارب ولحى، لا يجوز -أيضاً- أن تزيل هذا الشعر؟
الشيخ: والله في رأيي لا يجوز، ولو كان بيجوز الحلف بالطلاق لحلفت بالطلاق.
(الهدى والنور / 494/ 46: 46: 00)
(الهدى والنور / 495/ 38: 00: 00)
(الهدى والنور / 495/ 02: 05: 00)
حكم نتف الشعر لليدين والساقين بالنسبة للمرأة
مداخلة: ما حكم نتف الشعر لليدين والساقين بالنسبة للمرأة؟
الشيخ: هذه مشكلة العصر الحاضر! الأصل في هذه المسألة آية وحديث صحيح، أما الآية فما حكاه ربنا تبارك وتعالى في قصة إبليس وطرد الله إياه من رحمته إلى يوم الدين بسبب وسوسته لأبينا آدم عليه السلام حكا عن إبليس أنه قال انتقاماً من آدم وذريته:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] في هذه الآية الكريمة تصريح أن من أعمال إبليس الرجيم أن يوحي إلى عدوه الإنسان أن يغير خلق الله، فتغيير خلق الله إنما هو إطاعة للشيطان ومعصية للرحمن، هذه الآية نص صريح في هذه القضية.
ولذلك نقول حتى يكون الموضوع أو تكون المسألة واضحة في الأذهان: كل تغيير لخلق الله بغير إذن من الشرع فهو إطاعة للشيطان وتنفيذ وعيده ومعصية للرحمن، وتأكد هذا في الحديث الذي أشرت إليه ألا وهو ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن» في رواية أخرى وهي قوله عليه الصلاة والسلام: «والواصلات والمستوصلات» يعني: النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والواصلات والمستوصلات، والفالجات.
اللعن انصب في هذا الحديث على هذه الأنواع، في آخره جملة هامة جداً كأنها جواب بسؤال قد يرد في بعض الأذهان، فيقول البعض: لماذا هذا التشديد وهذا الوعيد في أمر سهل كالأخذ لبعض الشعر في الوجه أو في أي مكان من البدن لم يأذن به الله تبارك وتعالى؟ جاء الجواب في آخر الحديث: «المغيرات لخلق الله للحسن» فخرج بهذه الجملة التي يمكن أن نسميها بالجملة التعليلية خرج بها أن شيئاً من هذا التغيير لو وقع من المسلم أو المسلمة في بدنه هو للمعالجة وليس للتجمل والحسن فلا بأس عليهم في ذلك؛ لأنه لم يفعل ولم يرتكب هذا التغيير للحسن كما قال عليه الصلاة والسلام في آخر الحديث وإنما هو للتداوي وللمعالجة.
إذا عرفنا هذه الجملة عدنا إلى تفصيل القول إلى مفردات هذه الجمل:
أولها: النامصات، النمص في اللغة فيما علمت من كتب اللغة كالقاموس المحيط للفيروز آبادي وغيره هو النمص على وزن النتف وزناً ومعناً، النمص النتف هنا بمعنىً واحد، فإذا كان الأمر كذلك وضممنا إلى هذا المعنى العام لغة التعليل المذكور في آخر الحديث:«المغيرات لخلق الله للحسن» فحينئذٍ نعلم أن حصر معنى النتف في الحاجبين فقط فهو ينافي أولاً عموم معنى النمص كما ينافي عموم الجملة التعليلية في آخر الحديث: «المغيرات لخلق الله للحسن» فإذا المرأة مثلاً لم يكن في حاجبيها غلظ فلم تحتج إلى نتفهما أو نتف بعض جوانبهما وإنما رأت
أن على خديها بعض الشعر فنتفته فهذا يسمى نمصاً أولاً، أي: نتفاً، ثم هو داخل في عموم قوله عليه السلام:«المغيرات لخلق الله للحسن» فعلى ذلك فلا فرق بين نتف الحاجبين ونتف ما ينبت من الشعر على الخدين بالنسبة للنساء فضلاً عن الرجال، وهذه نقطة لا بد من العود إليها إن ساعدنا الوقت.
فنتف ما على الخدين من أجل التزين والتجمل هو أولاً: نتف، وثانياً: داخل في سوء القصد الذي ذكرناه الآية: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] فهذا تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، ثم داخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام:«المغيرات لخلق الله للحسن» بعد هذا نمشي في تمام الحديث.
النامصات والمتنمصات: النامصة هي المزينة، والمتنمصة هي المفعول بها النمص، فالرسول صلى الله عليه وسلم كما هي عادته في كثير من الأحكام الشرعية من باب تحقيق:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] لعن المرأة التي تنتف أختها كما لعن الأخت المنتوفة؛ لأنهما يتعاونان على المكر ألا وهو تغيير خلق الله عز وجل.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: «والواشمات والمستوشمات» الوشم: في اعتقادي أنه معروف عندكم وهو غرز الحبر الأزرق في مكان من البشرة فهنا يبدو تلاعب الشيطان لبني الإنسان في كل هذا التغيير، خلق الإنسان في بشرة بيضاء ساذجة جميلة فلا يعجبه فيتسنى تشويه ما خلق الله بغرز الإبرة والحبر في البشرة.
وفي كثير من البلاد عندنا في سوريا خاصة. .. منهم تجد البشرة كلها. .. غير البياض للحبر الأخضر هذا أو الأزرق ويتفنن بعضهم فيصورون أسداً حاملاً السيف جهالات وظلمات بعضها فوق بعض فلا جرم أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والواشمات والمستوشمات» لماذا؟ تأتي جملة أخيرة: «المغيرات لخلق الله للحسن» ثم قال في تلك الزيادة الأخرى: «والواصلات والمستوصلات» الواصلة هي كما قلنا: التي تصل شعر أختها مع شعر غيرها، والمستوصلة هي التي تطلب أن يفعل بها هذا الوشم، أيضاً شرك الرسول عليه السلام الواصلة بالمستوصلة في الإثم؛
لأنهما تعاونا على تغيير خلق الله تبارك وتعالى.
وفي اعتقادي لو كان شيئاً من هذه الأشياء يجوز فعله لكان بسط شعر المرأة الذي تساقط أقرب إلى الجواز منه إلى المنع، ولكن لما جاء هذا الحديث وجاء تعليله بآخر الحديث:«المغيرات لخلق الله للحسن» لم يجز للمرأة أن تصل شعرها بشعر غيرها حتى لو كان تساقط شعرها بعد أن كان مضرب مثل في جماله وتزين المرأة به، وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة تزوجت فتساقط شعر رأسها فجاءت أمها إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستأذنه في أن تصل شعر ابنتها، فقال عليه الصلاة والسلام:«لعن الله الواصلة والمستوصلة» .
ومن هنا يبدو لنا أنه لا يجوز من باب أولى هذه البدعة التي عمت في كثير من بلاد الإسلام الرجال فضلاً عن النساء حيث أخذوا يستعملون قلنسوة الشعر المسمى بالباروكة، لا شك أن هذا الاستعمال محرم من باب أولى؛ لأنه تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أنكر خصلات من شعر تضيفها المرأة المسلمة إلى شعرها المتهافت جعل ذلك تغييراً لخلق الله بل جعل تضخيم المرأة لشعرها أو لضفائرها بدك أو لف بعض الخرق في ذلك الشعر حتى يظهر كثيفاً وكثيراً [أنكر] ذلك بل سماه: بالزور، وقد جاء في صحيح مسلم أن معاذ رضي الله عنه لما جاء المدينة وصعد منبر النبي صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: أين أنتم معشر علماء أهل المدينة وفي يده كبة من قماش تضعه النساء يومئذٍ وتلفه على شعرها فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي هذا بالزور.
وحقيقةً: إنه اسم على مسمى؛ لأن المرأة التي تتخذ ذلك .. من خرق أنكرها الرسول عليه السلام أشد الإنكار فقال: «لعن الله الواصلات والمستوصلات» أفلا يقال أن اتخاذ الباروكة هذه صاحبتها ملعونة من باب أولى، وبخاصة بعد أن تفننت النساء بشراء عدة باروكات ففي كل يوم تظهر بمظهر في رأسها جديد، تارةً بالشعر الأسود، وتارةً بالشعر المذهب، وتارةً بالشعر الذي لا أصل له في خلق الله حيث يكون مركباً من ألوان شتى إلى آخره، كل هذا وذاك تغيير لخلق الله من أجل ماذا؟
للحسن، فقال عليه الصلاة والسلام:«لعن الله الواصلات والمستوصلات» ثم قال: والفالجات .. هذا النوع من التغيير يظهر أنه كان قديماً ولا أعلم أنه أحييت هذه المعصية من جديد، تكون المرأة وهذا من تلاعب الشيطان ببني الإنسان .. تكون المرأة قد خلقها الله تبارك وتعالى بأسنان كاللؤلؤ المرصوص ما أجمل منه؛ لأنه خلق الله {فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11] فلا يعجبها خلق الله .. كانت قديماً تأخذ المبرد فتوسع ما بين السن والسن حتى يصبح السن هكذا وكأنه ناب كلب فهذا هو الذي يعجبها، أما خلق الله فلا يعجبها، فاستحقت هذه الأنواع لعنة النبي صلى الله عليه وسلم سواء من فعل بها أو من فعل ذلك بها، وبعلة المغيرات لخلق الله للحسن.
لذلك أقول: أن النمص المذكور في أول هذا الحديث يشمل كل تغيير لخلق الله بدون إذن من الشارع، وذلك بالنسبة للسؤال. .. فإذا كان الله خلق للمرأة ذراعاً كله ممتلئ شعراً أو ساقاً هي فيه مشعرانية فلا يجوز أن تغير ذلك؛ لأن الله عز وجل ما خلق شيئاً عبثاً {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3].
ولعلكم تذكرون معي حديث رواه بعض أصحاب السنن أو المسانيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد أطال إزاره فناداه فقال: «ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى، فقال: يا رسول الله! إني أحنف» والأحنف هو المعوج الساقين تعرفون هذا! عادةً ربنا عز وجل خلق كل إنسان بساقين مستقيمتين، أما ذاك الرجل فاعتذر بسبب إطالته لإزاره أنه يريد أن يستر هذا الاعوجاج الذي لا يملكه؛ لأن الله خلقه كذلك فلما اعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم لإطالته إزاره ستراً لاعوجاج ساقيه، قال له عليه الصلاة والسلام وهنا موضع الشاهد:«يا فلان! كل خلق الله حسن» وهذه حقيقة غفل عنها عامة الناس مع الأسف الكثير حتى بعض أهل العلم، نحن نرى في البشر الأبيض والأسود والأسمر والأصفر وإلى آخره، هل هذا خلق الله عبثاً؟ حاشاه، فإذا وجدنا رجلاً مشعرانياً أو امرأة مشعرانية فهذا خلق الله .. إذا وجدنا امرأة لها لحية ونضربها كما يقولون في الشام: علاوية .. امرأة لها لحية، ما الغرابة في ذلك؟ ربنا عز
وجل يريد أن يذكر الغافلين أنه كما قال في القرآن الكريم: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68] فخلق هذه الصور أشكالاً وألواناً ..
خلق الرجال وميزهم على النساء باللحى، لكن يخلق رجلاً دون لحية ترى! هل كانت هذه كما يقول الطبائعيون أو الدهريون: فلتة طبيعية أم كان أمراً مقصوداً من الله تبارك وتعالى كما نعتقد نحن معشر المسلمين؟ الأمر كذلك بلا شك؛ لأن الناس عادةً إذا اعتادوا عن شيء غفلوا عن حكمته وعن القدرة التي خلقته على هذا الشيء فربنا عز وجل يريد أن يذكر عباده بأن يخلق لهم أشياء ما اعتادوا عليها فيخلق رجلاً كوسج لا لحية له، ويخلق امرأة لها لحية، ترى! أيجوز للرجل الكوسج أن يتخذ لحية مستعارة على طريقة الإنجليز البريطانيين حيث من تقاليدهم الباطلة أنهم يحلقون لحاهم التي زينهم الله تبارك وتعالى بها ثم إذا جاء وقت انعقاد البرلمان حصراً اتخذوا لحى مستعارة ودخلوا بها برلمانهم، هذا منتهى الحماقة والجهل، فلا غرابة في ذلك؛ لأنه كما يقال: ما بعد الكفر ذنب.
لكن لو أن رجلاً خلقه الله كوسج كالمرأة ليس في ذقنه لحية هل يجوز له أن يتخذ لحية مستعارة ويعيد صورة الرجل أمام الرجال؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأنه يغير خلق الله، فكذلك إذ أرانا الله عز وجل تغيير المعتاد بين الرجال وهو اللحى خلق رجلاً أو أكثر دون لحية كوسجاً كما قلنا آنفاً، كذلك الله تبارك وتعالى بقدرته وحكمته يريد أن يظهر للنساء أنه فعال لما يريد فها هو خلق امرأة بلحية، سبحان الله، أيكون؟ ! نعم كان، هل هذا خلقكم أم خلق ربكم؟ إذاً: يجب كل مسلم أن يرضى بما خلقه الله عليه ولا يغير شيئاً من خلقه إلا بإذن ربه، ماذا تقولون لو أن رجلاً قال: ليتني كنت امرأة، أو امرأة قالت: ليتني كنت رجلاً؟ أليس هذا يريد أن يغير سنة الله عز وجل في خلقه وهو القائل: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].
وبهذا القدر كفاية. .. ومعذرةً وقوموا إلى صلاتكم.
(رحلة النور: 21 أ/00: 30: 10)