الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم مصلى النساء إذا كان محجوبا عن باقي المسجد
السائل: [إذا كان مصلى النساء الذي في المسجد محجوب عن باقي المسجد]؟
السائل: [إذا كان مصلى النساء الذي في المسجد محجوب عن باقي المسجد]؟
الشيخ: أنا أجيبك عن هذا السؤال إن شاء الله ، أول ذلك جوابا عن سؤالك أن الصلاة صحيحة لأنهم يصلون في المسجد بخلاف ما إذا صلوا في دورهم المجاور للمسجد فعليهن في الحالة هذه أن يصلوا فرادى في بيوتهن ولكن صلاتهم في المسجد في هذه الغرفة المحجوبة من الرجال كما ذكرت فهم مع هذا الحجز هم يصلون في المسجد بلا خلاف ولا تردد.
ولكن الذي أريد أن أقوله لا داعي لفصل النساء بهذا الجدار عن المسجد لأنه في كثير من الأحيان قد يُخطئ الإمام خطأ الذين لا يشاهدونه يتعرضون لإيجاد الخطأ على خطأ. فربما أدى بهم إلى بطلان الصلاة، فيجب أن يكون الإمام وجماعة الرجال تحت «مرمى» بصر النساء خشية أن يقع مثل هذا الذي سأحدثكم به قريبا إن شاء الله هذا أولا.
وثانيا: لأن هذا الفصل لما جاء من بعض الاجتهادات التي لم تقم على السنة الصحيحة، أنهم شاهدوا أن النساء قد تساهلن في جلابيبهن وفي لباسهن إذا خرجن من بيوتهن الكثيرات منهن يكون جلبابهن قصير فربما إذا ركعت أو سجدت بدا منها ما لا يجوز أن يُرى منها في الطريق فضلا عن الصلاة، فهم لما لاحظوا هذا الوضع السيء الذي فيه النساء الكثيرات قالوا نحن نحجب النساء عن الرجال لكي لا يُرى منهن ما لا ينبغي أن يرى منهن مُطلقا سواء كن في الطريق أو كن في المسجد هذا في اعتقادي هو علاج ليس مشروعا لأنه يقر الخطأ ثم يعالجه بخطأ آخر يعني على مذهب أبي نواس الذي قال: داوني بالتي كانت هي الداء .. فنحن دائما نُسمع إخواننا المستمعين للدروس قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم»
فلم يكن في المسجد يومئذ فاصل من جدار بل حتى ولا فاصل من ثوب أو ستار كما وقع في كثير من المساجد خاصة في رمضان حينما تشترك النساء في صلاة القيام لم يكن شيء من ذلك إطلاقا ولا سيما أن المسجد النبوي بالنسبة للمساجد اليوم كان صغيرا، فما زال كثير من النساء يصلين في آخر الصف والرجال في أول الصف مع ذلك يحال بينهن وبين رؤيتهن بالمصلين.
السائل: « .. »
الشيخ: لو سمحت في ذهني شيئان اثنان وأرجو أن لا تنسى ما عندك وبخاصة أننا في شوق أن نسمع كلامك، فأرجو أن تصبر علي قليلا.
عندي حديث نبوي وقصة وقعت لي، أما الحديث فما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره في تفسير قوله تبارك وتعالى {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} نزلت هذه الآية في رجل كان يتقصد الصلاة في الصف الأخير من صفوف الرجال لأنه كان يرى هناك امرأة جميلة تصلي في الصف الأول من النساء فكان إذا سجد مع النبي صلى الله عليه وسلم وكما هو السنة جافى بين إبطيه ونظر هكذا إلى المرأة التي تصلي في الصف الأول فنزلت قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ} معشر الرجال في الصفوف الأول: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} في الصف الأخير حيث يستغلها الفرصة لتسمح له نظرة إلى تلك المرأة لأنه يبدو أنه لا يتمكن من رؤيتها لأنها كانت لا تغطي وجهها ولاسيما في الصلاة فهذه فرصة له للنظر إليها، أوردنا هذا الحديث .. لإثبات أنه لم يكن هناك حاجز أو جدار ولا ستار بين النساء والرجال هذا الحديث.
أما القصة تذكرة وعبرة: نزلت من دمشق منذ نحو أربعين أو خمسين سنة، جاء يوم الجمعة فنظرت من باب المسجد، يوم الجمعة، فحصل أن الإمام لم يحضر وتعرفون أهل القرى نسوا أهل العلم الكبار وكذا فنظروا فوجدوا شابا لحيته بدأت تنبت في جبينه فآنسوا به رسلا وأحسنوا به ظنا، قالوا لي: تفضل يا شيخ أو غير ذلك من الكلام فتقدمت وأنا أعلم كما تعلمون أن السنة أن يقرأ سورة السجدة، لكني لا
أحسنها، فلذلك لجأت إلى قراءة ما أمكن يومئذ من بعض السور فافتتحت بقوله تعالى {كهيعص} إلى آخره قرأت صفحتين، ثم ركعت وإذا بالناس كلهم يهوون ساجدين من خلفي لماذا؟ معادين أن التكبيرة الأولى بعد التكبيرة الثانية بالسجود فهووا ساجدين فالشاهد هنا الذين من خلفي فهموا أن الإمام ليس ساجدا فقاموا وأكملوا معه في الركوع أما الذين كانوا من خلف المنبر وهنا الشاهد فظلوا ساجدين قليلا حتى سمعوا قولي:«سمع الله لمن حمده» [جرت] مجادلة بينهم هناك كيف هذا الشيء ما يعرف، كلام لا أدري ما هو ولكن في الأخير لما سلمنا من الصلاة وعظتهم وذكرتهم قلت لهم ياجماعة أنتم عرب ولا عجم ما فرقتم بين [افتتاح سورة] السجدة، وبين كهيعص، كل هذه المدود ما تنتبهون لها ولا تفرقون بينها .. لكن يبدو أنكم عقولكم إنما هي في أراضيكم ومزارعكم إلى آخره.
ما الشاهد من هذه القصة؟ أن هذا المنبر كان سببا [لما حدث لأن الصفوف] محجبة عن الإمام ولو لم يكن هذا المنبر لتجاوزوا خطأهم كما تجاوز الذين كانوا من خلفي ،هذا يمكن أن يقع للنساء المحجوبات بهذه الجدر أو بهذه الأستار ولهذا نحن نقول خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم.
الآن تفضل وافدنا بما عندك.
السائل: [ألا يقال أن فصل النساء من المصالح المرسلة]؟
الشيخ رحمه الله: هناك فرق كبير بين البدعة المنصوصة في الشرع بأنها ضلالة وهي كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبين ما كان مصلحة مرسلة فالمصالح المرسلة لا تحسب في قاعدة: «كل بدعة ضلالة» والضابط بين البدعة الضلالة وبين المصلحة المرسلة أن البدعة يراد بها زيادة التقرب إلى الله تبارك وهذا ينافي بعض ما ذكرناه في درسنا في هذه الليلة، أما الشرع فصل والرسول أعرف منا بهذه العبادة فلذلك فلا بدعة للاستزادة بها من التقرب إلى الله تبارك وتعالى.
أما المصالح المرسلة فهي ليست من هذا الباب بسبيل وإنما هي تحقق مصلحة
اقتضتها الظروف الزمانية أو المكانية وإلى هذا يشير الشيخ الفاضل بأن الآن الزمان تغير كان هناك ورع وتقوى والآن لا شيء من ذلك، فأنا ذكرتُ آنفا أن ممن يؤيد قوله أن النساء لم يعدن يرتدين الحجاب الشرعي من أجل ذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها «لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد» ،لكني أقول وهنا الشاهد: إن المصلحة المرسلة لا يجوز الأخذ بها بإطلاق وإنما لابد هناك من التفصيل، وهذا التفصيل مما استفدته من ابن تيمية رحمه الله وبخاصة من كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» فقد ذكر هناك وهو في صدد تأكيد عموم الحديث السابق «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ثم تسلسل في البحث أكثر حتى وصل إلى موضوع المصالح المرسلة فذكر فائدة هامة جدا وهي: أن المصلحة المرسلة يجب أن يُنظر إليها بالتفصيل التالي:
إذا كان المقتضي من الأخذ بها كان قائما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو يشرع ما تقتضيه تلك المصلحة وقد وجد المقتضي لها في زمنه عليه السلام فهذه بدعة، وليست مصلحة مرسلة ونضرب على ذلك مثلا الأذان للعيدين الأذان للعيدين للإعلام قد يقول البعض هذا مصلحة لكن هذه المصلحة كان المقتضي لها في زمن الرسول عليه السلام قائما فنحن نعلم من الروايات صحيحة أنه لم يكن هناك في عهد الرسول عليه السلام أذان لهذين العيدين، فإذن ادعاء أن المصلحة تقتضي إيجاد أذان لكل من الصلاتين المذكورتين يدخل في باب الإحداث في الدين، هذا إذا كان المقتضي قائما في عهد الرسول ثم لم يصلنا ما يلزم هذه المقتضي، ثم أقول: فإذا كان المقتضي من الأخذ بتلك المصلحة لم يكن قائما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما حدث هذا المقتضي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فذلك لا يستلزم أيضا شرعية إيجاد تلك الوسيلة التي تحقق الغاية اللازمة من وجود المقتضي الذي لم يكن موجودا في عهد الرسول، يقول ليس هذا على إطلاقه وهذا بالنسبة مهم جدا جدا، فأقول ينبغي أن ننظر هل هذا المقتضي ناشئ بسبب تأخر المسلمين تكاسل المسلمين بالقيام بأحكام دينهم أم ذلك فرض عليهم بظروف لا يملكون التصرف فيها، فإذا كان المقتضي بالأخذ بتلك المصلحة هو عدم قيامهم بالأحكام
الشرعية فلا يجوز الأخذ بها وإن كان المقتضي ليس ناشئا بسبب تقصيرهم في تطبيق الشريعة، حين ذلك يقال المصلحة تقتضي ذلك. فنحن ذكرنا آنفا ما كان المقتضي قائما في عهد الرسول عليه السلام مثل أذانين قلنا لا يشرع.
الآن لنضرب مثلين أحدهما كلاهما يتعلق بالمقتضي الذي وُجد بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن أحدهما من النوع الذي سببه أن المسلمين أنفسهم [فرطوا] بالقيام ببعض أحكام الدين، والمثال الآخر يتعلق بالقسم الآخر وهو أنه فرض عليهم وليسوا مسؤولين عنه، نذكر مثلا فرض الضرائب وهي نقود فرض الضرائب هي مكوس محرمة في الشرع .. أبو إسحاق الشاطبي مؤلف الكتاب الذي لا مثيل له ألا وهو «الاعتصام» بحث بحثا مفيدا هناك بنحو ما بحثه ابن تيمية في سبيل إنكار هذه الضرائب بأنها تدخل في باب أكل أموال الناس بالباطل والأصل فيها التحريم، كما قال عليه الصلاة والسلام «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» .
وقال في حديث آخر: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه» ، فهذه الضرائب التي تضرب هي من هذا الباب الذي لا يُشرع، لكنهما يقولان كلاهما ابن تيمية والشاطبي إذا طرأ على المسلمين غزو من بعض الكفار وكانت خزينة الدولة من الأموال المشروعة لا تكفي ولا تنهض لتهيئة الجيش المسلم لدفع العدو فحينئذ يجوز للحاكم المسلم أن [يأخذوا] الضرائب بنسب تختلف .. حتى تزول هذه المعارك ويدفع شر العدو عن بلاد المسلمين، هنا يقال وُجد المقتضي ليسوا هم مسؤولين عنه لأنه غزو على الكفار، لكن ما الذي يشرع للناس أو جوز للحكام أن يفرضوا ضرائب للناس وليست هناك ضرورة أولا، وثانيا: قد عطلوا جمع الأموال المشروعة فخلا بيت مال المسلمين من الأموال لأنهم لم يعودوا اليوم لصدقات الأموال كما كان في العهد الأول في عهد الرسول، فخلت الخزائن من الأموال فهم يريدون أن «يملؤوها» بماذا؟ بالوسائل التي هم استدعوها أو قلدوا الكفار فيها وعارضوا الوسائل المشروعة التي شرعها الله عز وجل لتكون خزائن الأموال دائما ملآنة ومستعدة .. هذا النوع لا يجوز لأن المقتضي كان سببه تكاسل المسلمين
وانصرافهم عن تحقيق أوامر الشريعة الإسلامية، فإذن نحن الآن نعود إلى صلب الموضوع لم يعد المسلمون أتقياء كما كانوا وورعين كسلفنا الصالح ،هذا تقصير منهم لا يسوغ منهم أن يتخذوا أسبابا خلاف الأسباب السابقة المشروعة بدرء مفسدة ما تنتج من إيش؟ من تركهم للتقوى والورع في الدين، هذا بالنسبة للرجال، وبالنسبة للنساء اللاتي قد يتساهلن بألبستهن فلا هذا ولا هذا بالذي يُسوغ للمسلمين أن يبتدعوا وسائل جديدة.
وآخذ مثال أخيرا ما ابتليت به مساجد المسلمين اليوم كافة ألا وهو مد الخطوط لتسوية الصفوف هذه الخطوط بلا شك من محدثات الأمور لكننا من المحتمل أن ننظر إليها من زاوية المصالح المرسلة لكنا ننظر في أي قسم من هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرناها آنفا فيها تفصيلا يمكن إدراج هذا الأمر الحادث؟ لايمكن إدراجه في قاعدة أنه وجد المقتضي بعد أن لم يكن فقد كان الرسول عليه السلام دائما يحض أصحابه على تسوية الصفوف وينذرهم بعاقبة « .. » ذلك كما تعلمون «لتسونّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» أعرض ولاة الأمور وبداية أقول أئمة المساجد أكثرهم أعرضوا عن هذه السنة وتهاونوا بتسوية الصفوف إلا بكلمة هي استووا
…
فهذا يؤدي إلى هذا تكاسلا وتفريطًا، قلة الأمر بتسوية الصفوف.
انظروا الآن الأمثلة تختلف في زمن عثمان بن عفان كان قد وكَّل رجلا يأمره بتسوية الصفوف لماذا؟ لأن المسجد ضاق بالمصلين ولم يعد للإمام مهما كان حريصا على السنة أن يتمكن من تسوية كل هذه الصفوف لذلك أناب عنه شخصا فإذا أخبره هذا الشخص أن الصفوف تمت هو يقول: «الله أكبر» هذا من المصالح المرسلة، أما مد الخطوط فهي من المفاسد الموجودة في هذا الزمن في الحقيقة لأنها تحمل الناس على الإعراض عن السنة والاتكال على البدعة بسبب إيش؟ هذه مصلحة مرسلة ومن عواقب هذه المصلحة المرسلة أنه يأتي في عيد الفطر وعيد الأضحى إلى المصلى فلا توجد خطوط في هذه المصليات ولهذا تجد المصلين لأنهم ما تمرنوا كل يوم في خمس صلوات، نعلم أن في العسكرية يوجد أن الجند يتمرنون