الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جانبولاذ. فعاثوا في تلك الديار وقطعوا الطريق، ولما ورد من حلب العسكر المصري الذي كان قد طلب لقتال كبير السكبانية محمد بن قلندر والأسود سعيد، التقى جيش السلطان مع جيش البُغاة
فغُلب عسكر السلطان وهرب منهم جمع، ومن جملة الهاربين الجماعة المذكورون وكانوا نحو أربعمائة سكباني، فلما انضموا إلى العرب المذكورين كان السكبان يضربون بالبندق والعرب يضربون بالرماح والسيوف، وأخذوا قلعة القسطل وقلعة القطيفة ونهبوا المعصرة وقتلوا من بها من الرجال والنساء. فلما بالغوا بالقتل والنهب والغارة والعدوان قصدهم سنان باشا ومعه العسكر الدمشقي، وانضم إليهم عرب المفارجة وكبيرهم عمرو بن جبير فأدركوا العرب والسَّكبان في نواحي قلعة القطرانة، فقتلوا من السكبان نحو ثلاثمائة رجل وقبضوا على آخرين ودخلوا بهم إلى دمشق على متون الجمال وعلى كتف كل واحد منهم خشبة طويلة وهي وتد خازوق وفي اليوم الثاني أتلفوهم وفرقوا أجسادهم على أحياء دمشق.
الأمير فخر الدين المعني وآل شهاب وفتن:
تخوفت الدولة من الأمير فخر الدين المعني الثاني لتحصينه القلاع وامتداد سلطته في أصقاع الشام، فأرسلت عليه في سنة 1020 الحافظ أحمد باشا كافل دمشق وكافل حلب وكافل ديار بكر وكافل طرابلس وأمراء الأكراد في جيوشهم ونحو النصف من الفرسان في جيش مؤلف من ثلاثين ألفاً، وحاصر ابن معن تسعة أشهر فلم يقدر أن يأخذ قلعة من القلاع، فلما أعيته الحيلة أرسل رجلاً من جماعته لمن في القلاع يقول: أنا مالي عندكم غرض بل إن للوزير الأعظم شأناً مع الأمير فقولوا له أن ينزل إلى خيامنا وعليه أمان الله ونأخذ منه دراهم للسلطان وللوزير ونُقرّه في أماكنه فقالوا: الأمير ذهب في المركب إلى ديار الفرنج فلما تحقق ذلك رضي بنزول أم فخر الدين فقالت: نحن ما ضبطنا بلداً بغير اسم السلطان، ولا انكسر عندنا مال، فعند ذلك أعطت السلطان مائة ألف قرش وأعطت الوزير خمسين ألفاً والحافظ أحمد باشا مثلها وانفصل الأمر على ذلك.
هرب الأمير فخر الدين إلى إيطاليا تاركاً الحكم في لبنان وما إليه لابنه
الأمير علي
وأقام فيها خمس سنين وشهرين تعرف خلالها إلى ملوك طسقانه من أسرة ميديسيس المشهورة في فلورنسة، وأطلع على طرف من المدنية الأوربية ثم عاد إلى وطنه بعد مهلك خصمه والي دمشق فاستلم زمام الأحكام ولا سيما المسائل الحربية، بقوة أعظم وتدبير أحكم، مستصحباً معه كثيراً من المهندسين لبناء القلاع وعمل الذخائر الحربية، وكان ابنه الحاكم في الظاهر وهو الحاكم في الحقيقة، وأخذ يحصن كوره ويكثر الصلات الحسنة مع الفرنج ولا سيما مع الطليان، وعقد معاهدة دفاعية هجومية مع أصحاب طسقانه كأنه ملك مستقل، فخافت الدولة منه وكانت تعده من قبل عاصياً قوي الشكيمة، وأخذت تحاذره وتنظر إليه نظرها لعاص عارف بمقاتلها، وأنه لا بد له يوماً أن يستقل عنها ببلاد الشام، إذ بلغ أتباعه نحو مائة ألف من الدروز والسكبان ولم يستول فقط على الشوف وجبل عاملة بل تعداهما إلى عجلون والجولان وحوران وتدمر والحصن والمرقب وسليمة، وسرى حكمه من صفد إلى أنطاكية وملك نحو ثلاثين حصناً مثل صفد ونيحا وشقيف تيرون وعجلون وقب الياس وبعلبك والمرقب والبترون.
وفي سنة 1021 خرج أحمد باشا بالعساكر من دمشق إلى وادي التيم ونزل في خان حاصبيا وهرب بين شهاب أصحاب وادي التيم منها فهدم دورهم وأتلف أملاكهم ونهب حاصبيا 1022 وفي سنة 1023 خرج الحافظ أحمد باشا من دمشق إلى قب الياس واجتمع إليه حكام صفد وصيدا وبيروت وغزة وحماة وعشائرهم وأمراء الغرب وبعلبك ووادي التيم، فوقع بين أهل الجرد والغرب والمتن وأهل الشوف قتال بقرب نهر الباروك انكسر فيه أهل الغرب والجرد والمتن وعسكر الدولة كسرة عظيمة، فأحرق أحمد باشا قصر بيت معن في دير القمر وكان رئيسهم إذ ذاك الأمير يونس كما أحرق قرية عبيه. ثم جرت وقعة بين جماعته وجماعة من حزب المعنيين على قلعة الشقيف فانكسر جماعة أحمد
باشا وقتل منهم نحو خمسمائة قتيل وأكثرهم من السكبان وكان عسكر الدولة نيفاً وعشرين ألفاً ثم امتنع 1024 يوسف أغا من أن يتسلم حصن الشقيف وحصن ارنون إلى أن يخرج منهما بنو معن أولاد العرب ويتصرف بهما الأتراك تمام التصرف، فشق ذلك على الأمير يونس وأخذ في