الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مصر لفتح عكا بالعساكر المصرية والشامية فهرب جماعة من أهلها من الفرنج في المراكب لما هاجمها المسلمون كما فعلوا في طرابلس على عهد والده واستنزل الأشرف جميع من عصى بالأبرجة التي كانت داخل البلد، وهي بمنزلة قلاع دخلها عالم
عظيم من الفرنج وتحصنوا بها فاستنزلهم السلطان وأمر بضرب أعناقهم عن آخرهم حول عكا، ثم أمر بالمدينة فهدمت إلى الأرض ودكها دكاً. وكانت كما قال الذهبي من أحسن المدائن بالعمارة والبناء الفاخر فلما فتحها الأشرف وهدم سورها هرب أهل المدينة منها وصارت خراباً، وصار الناس من حينئذ ينقلون منها الرخام الملون مدة طويلة. ومما وجد مكتوباً على باب كنيسة من كنائس عكا أبيلت لابن ضامر الضبع:
أم الكنائس إن تكن عبثت بكم
…
أيدي الحوادث أو تغير حال
فلطال ما سجدت على أبوابكم
…
شمُّ الأنوف جحاجح أبطال
صبراً على هذا المصاب فإنه
…
يوم بيوم والحروب سجال
ولما فتحت عكا رُعب الفرنج في الساحل فأخلوا صيدا فأخربها السلطان وجزيرتها وقلعتها الجنوبية والشمالية. واستولى على بيروت فهدم سورها ودك قلعتها وكانت حصينة جداً واستولى على صور وكان أهلها مثل سائر الساحل. وكذلك عثليث وكانوا أوقدوا فيها النار. وسلمت أنطرطوس بالأمان وطرد السلطان الفرنج من جبيل وهدمها ودك قلعتها. وهربوا من أنفة والبترون وصرفند وإسكندرونة بالقرب من عكا وذلك في مدة سبعة وأربعين يوماً وكان فتحاً مبيناً.
خرب الساحل كما رأيت بهذه الضربة الأخيرة ولكن استقلت الشام ونجت من بقايا الصليبيين الذين كانوا ينغصون عيش الدولة والأمة، ولا يؤخذ على الأشرف استئصاله شأفة أعدائه وإهلاكه لهم عن آخرهم، فقد كان على الصليبيين بعد وقعة حطين وفتح القدس أن يغادروا القطر جملة واحدة وظنوا تسامح صلاح الدين يوسف معهم يومئذ ضعفا وأدرك كل من تولى زعامة الشام بعده أنه يستحيل الخلاص من الفرنج إلا بإفنائهم، وآخر الدواء الكي.
الحملة الصليبية السابعة وانتهاء الحروب الصليبية:
دخلت الجيوش الصليبية الشام سنة 491 وخرج منها آخر المنهزمين سنة
690 أي إنهم ظلوا مئتي سنة يحاربون الشام ومصر. تعاقبت فيهما عدة دول إسلامية على البلاد، وكلها حاربت هؤلاء الدخلاء بما وسعها أن تحارب، وربما قتل من الفريقين خلال ذينك القرنين ما لا يقل عن بضعة ملايين من الأنفس، ولو لم تنقطع الرغبات في الغرب وتبطل النجدات بل الحملات الكبرى التي أصبح الباباوات والملوك يوجهونها في وجهات أُخرى لقتال المسلمين لطال أمدها أكثر مما طال.
قلنا: إن الحملة الصليبية السادسة كانت بقيادة الأمير فريدريك الثاني، وهي الحملة التي عقدت معاهدة مع ملك مصر والشام تنازل فيها هذا عن القدس وبيت لحم والناصرة عشر سنين، فلما انتهت المدة عادت القدس إلى المسلمين وعندها عمد سان لوي ملك فرنسا أن يسترجعه منهم، وكان السبب في تأليف الحملة الصليبية السابعة والثامنة. جاء في الأولى إلى دمياط وانهزم مع جيشه هزيمة فاضحة في المنصورة بمصر وأُسر هو وجميع من معه من الرجال وعدتهم ثلاثون ألفاً، فاضطر أن يدفع فدية عظيمة عن نفسه وعن جماعته ثم عاد إلى فرنسا فزين له أخوه أن يغزو تونس ومنها يذهب ليفتح مصر والشام فهلك في تونس بالطاعون 1270م وبذلك انتهت الحروب الصليبية. نشأت في فرنسا وانتهت بفشل ملكها ثم بهلاكه.
ولقد عدّ الفرنج من الفوائد التي جنوها من الحروب الصليبية أنهم أوقفوا سير المسلمين عن التقدم، وتعلم ملايين منهم أُموراً ما كانوا يحلمون بوجودها، وأخذوا عن الروم والعرب ما كان عندهم من أسباب المدنية التي لم يكن للفرنج عهد بها. فإن كثيراً من أصناف البقول نقلوها إلى أوروبا وشاعت هناك ولم تكن تعهد عندهم، وقد تعلم صناعة الورق رجلان إفرنسيان كانا أسيرين في دمشق، وأدخلا
صناعته إلى فرنسا، فكان للشام على فرنسا هذا الفضل، ومنها شاع صنعه في سائر ممالك الغرب، وتعلموا صنع الأقمشة الدمشقية والسيوف وغيرها من الصنائع الجميلة.
قال مكسيم بتي في تاريخ الشعوب العام أثناء كلامه على إخفاق الحملة الصليبية الأولى ما تعريبه: لئن كان الصليبيةن متحمسين تحمساً دينياً فقد كان ينقص هذه الستمائة ألف رجل وحدة القيادة والتجانس والامتزاج،
وما كان لنواب البابا أدنى سلطة أدبية ولم تكن وحدة الغاية المراد بلوغها لتحول دون ظهور المطامع والمنافسات والدسائس. ويضاف إلى هذا السبب في الضعف أسباب أخرى مادية وهي صعوبة الطريق وقلة أسباب التموين وتدني القوى الحربية بسبب تفوق الجيوش في المدن المفتوحة أو رجوع بعض الصليبيين إلى الغرب إلى ما هنالك من قحط وأوبئة وخسائر في الحرب. وقال في الحملة الصليبية الثانية: إن قلة إيمان الكسيس وصعوبة التموين وقلة المؤنة جعلت الحملة شؤمى فقتل الثلاثمائة والخمسون ألف رجل الذين كانت تتألف منهم قتلاً ذريعاً في مريسوان واركلي.
ومع كثرة ما بذله أخلاف صلاح الدين من الجهد في قتال الصليبيين أمثال العادل والكامل وبيبرس وقلاوون وابنه صلاح الدين خليل، فإن الصليبيين كان يتعذر القضاء عليهم في الشام لو لم ينقطع المدد عنهم من البحر وتنصرف وجهة الصليبيين إلى قتال العرب في الأندلس. وفي الحق أن تلك الحملات الصليبية كانت شعبة من شعب الجنون فقدت فيها أوروبا أكثر مما ربحت من الأنفس والأموال. وما يدرينا أن تتقدم دولة السلاجقة في آسيا الصغرى على سمت الشمال وتقضي على مملكة الروم البيزنطية ثم تتقدم في فتوحها إلى أوروبا لو لم يشتغل ملوك المسلمين بهذه الحملة قرنين كاملين. وكانت الشام من جملة ممالك السلجوقيين وربما تبعتها مصر ففتحها صلاح الدين أو غيره باسمهم بدلاً من أن
يفتحها باسم نور الدين، وما نور الدين إلا صنيعة السلاجقة، وما جده وأبوه إلا عاملان من عمالهم.
شغلت أوروبا بمسألة إنقاذ القبر المقدس من أيدي المسلمين قرنين، وتطوعت شعوبها في هذه السبيل، ومن الأمم من لم ينلها إلا قتل رجالها وذهاب أموالها وكان الرابح على الأكثر أهل إيطاليا فإنهم حاربوا حرباً تجارية ربحوا من سفنهم وتجارتهم وخصوصاً البنادقة والجنويون والبيسيون. أما الألمان والبريطانيون والفرنسيون والهولانديون والسويسريون والنروجيون فإنهم خسروا خسارة كبيرة.
ساق الفرنج إلى الحروب الصليبية الدين والتجارة فلما فترت نغمة الدين بهلاك من كانوا يحسنون هناك الضرب على أوتارها، ولم ير التجار في هذا
الشرق ما يكفي لسد نهمتهم وأيقنوا أن الأمر يطول إذا أرادوا القضاء على جميع الممالك الإسلامية في آسيا فترت هممهم بالطبع، لكن الشام بعد ذلك وإن كانت الدول الأتابكية والنورية والصلاحية ودولة بيبرس وقلاوون وابنه يعمدون حالاً إلى ترميم ما خربه الأعداء لإيقانهم أنها بلادهم ولا بدلهم من دفع أعدائهم عنها، وأنهم يسترجعونها لا محالة وسيدالون منهم، مهما طال مقام من استصفوا بعض السواحل وبيت المقدس فكان الأمر كما اعتقدوا.
وكلما طال احتلال الصليبيين كانت الأمة تستمرىء طعم الموت لطردهم، وكلما رأت من ملك أو أمير تغاضياً عنهم أو اتقاء عاديتهم بالمعاهدات والمهادنات كانت تستهين به وتدعو أن لا تدوم أيامه. وعلى ما بذل الصليبيون من استمالة جيرانهم ما عدّهم هؤلاء قط إلا غاصبين أرضهم، دخلاء على الملك الإسلامي. ولو لم يؤسس الدولة في الشام ومصر ملك عاقل عادل مثل نور الدين ويتم عمله عاقل عادل من طرازه أي صلاح الدين لما تمّ الفتح الأخير على يد الأشرف خليل، ولما تمم أخلافه بعده الخطة المرسومة. ولو كان الملك لا يوسد إلا للكفاة من أبناء
الملك أو لأكبرهم سناً، ولو لم يكن شجر الخلاف بين آل أيوب، لضرب الصليبيون الضربة القاضية الأخيرة بعد مهلك صلاح الدين بعشر أو بعشرين سنة على الأكثر، إذ كان يتأتى للمسلمين أن يجمعوا قواهم بعد فشل جيش صلاح الدين على عكا بما جاء الصليبيين من النجدات العظيمة في البحر. ولكن مات صلاح الدين قبل أن يطبق خطته، وشغل أخوه وأولاده بالتنازع على الملك، وعدوا الهدنة الطبيعية التي مضت بين أخذ عكا واستلام القدس ثانية من المسلمين نعمة عليهم لتشبع نفس كل طامع منهم بالملك والسلطان، وغفلوا عن أعدائهم الذين لم يكد يغفل عنهم نور الدين وصلاح الدين سنة واحدة إلا ريثما يجمعان قواهما، وقد كانا لهذا الغرض يصانعان ملوك الأطراف ليسيروا معهما على قتال الأعداء، أما أخلافهم فكانت سياستهم في الأكثر موجهة إلى اختراع الطرق لقضاء بعضهم على بعض، أو لاستئثار قويهم بملك مصر أو دمشق أو حلب أو الكرك والشوبك أو ماردين أو خلاط، فشغلوا بداخليتهم أكثر من اشتغالهم بأمور الجهاد وهي أهمّ وأعظم، هذا وأكثر أولئك الملوك كانوا قد تشبعت نفوسهم بالتربية العالية والعلم والأدب الغزير،
وكانوا على معرفة تامة بفتح المعاقل والحصون، ومعرفة بعلل الحروب وقواعد السلم، وإعطاء العهد وعقد الهدنة والصلح، ورثوها واقتبسوها من أخلاق البانيين لمجدهم نور الدين وصنيعته صلاح الدين.
ومما أخر القضاء عشرات من السنين على بقايا الصليبيين في الساحل ظهور التتر في القطر بعد قضائهم في منتصف القرن السابع على الخلافة العباسية، فأصبحت الشام بين عدوين أتى الأول من الغرب فأقام وطال مقامه، وجاءها الثاني من الشرق، والشر قد يأتي من الشرق، فكان يخرب في أصقاعها ويغنم ويقتل ثم يذهب ثم يعاودها. ولكن ما حدث من حروب الخوارزمية ثم أخلاف هولاكو في هذا القطر يعدّ مناوشات إذا قيس بالحروب والخراب الذي حدث بعد ذلك فأهلك
الأخضر واليابس، وغدا القطر غرض النابل، وفريسة الصائل.
وفي التاريخ العام أنه كان من نتائج الحروب الصليبية إذا صرف النظر عمن هلك فيها من ملايين الخلق، إحداث إمارات كاثوليكية في الشرق انتزعت من المسلمين والبيزنطيين واحتلها فرسان فرنسيون وتجار طليان. وقد طرد هؤلاء الأوروبيون لقلتهم بدون أن يتركوا سوى آثار معاقلهم في المواني وعلى صخور يونان والشام، ولكن هيأ الصليبيون لنصارى أوربا أن يكونوا على صلات متصلة مع الشرق مدة قرنين اه قلنا: وهذه النتيجة من ربط الصلات مع الشرق كان يتأتى لأوروبا الحصول عليها بدون إهراق هذه الدماء وإتلاف الأموال العظيمة وغرس البغضاء في نفوس من نزلوا عليهم.
وفي تاريخ الشعوب العام أن من جملة فوائد الحروب الصليبية أنها أوقفت سير المسلمين نحو أوروبا، وقربت بين شعوب أوروبا وجمعتهم تحت لواء واحد وأشعرت قلوبهم حب الوحدة الأدبية وساعدت على إيجاد فكرة أوربية. وأخذ المسلمون والنصارى يعرف كل منهم الآخر ويعرفون كيف يحترم بعضهم بعضاً، وعقدت بينهم المعاهدات والصلات خلال المهادنات والانقطاع عن استعمال السلاح. وقد جهز ريشاردوس فئة من العرب جعلهم فرساناً، وعقد أنكحة بين الطائفتين ودخل التسامح المتبادل في الأخلاق. وما خلت الصناعات والهندسة والفنون والأزياء واللباس والفنون الحربية من تأثيرات الشرق وقد دخلت المدنية الشرقية في مدنية الغرب دون أن تستغرقها أهـ.
وفي تاريخ فلسطين أن من أضرار الحروب الصليبية في الشام إيقاد جذوة التعصب الديني بين المسلمين والمسيحيين، ورأى هؤلاء أن مسلمي العرب أحسنوا إليهم يوم الفتح أكثر مما رأوا من هؤلاء الفرنج الذين أنكروا أبناء دينهم. ومنها تخريب البلدان وقطع الأشجار حتى زادت الأسعار ستة أضعاف ما كانت عليه
ومنها تلطيخ الدين المسيحي والازدراء بتعاليمه، لأن مسيحيي الصليبيين كانوا أبعد الناس عن دينهم. وقد أجمع المؤرخون على أن المسلمين تقيدوا بالفضائل الدينية وراعوا المصلحة الإنسانية أكثر من الفرنج الناكثي العهود والقاتلي الأسرى، والذين أفحشوا في سفك الدماء لما دخلوا القدس وحقروا الديانة المسيحية اه.
لا جرم أن الصليبيين افتضحوا في هذا الشرق بأخلاقهم وقلة معرفتهم، وعرفوا بعد أن أخفقت الحملة الثامنة واصطلموا من الساحل مبلغ قوة أعدائهم، وأنهم في أرضهم، وهم يحتاجون إلى الرحيل أشهراً في البر وفي البحر. وذكر ميشو أن الفرنسيس والنور مانديين وسائر شعوب شمالي أوروبا المتوحشة في القرن الثاني عشر للميلاد كانوا في حالة البداوة وهذا ما ساعدهم على إعلان الحروب الصليبية في الشرق، فلما نشأت المدنية الحديثة في القرن السادس عشر وتسربت أولاً إلى الملوك أصبحوا لا يرون الاغتراب عن أوطانهم ولا الشعوب أن تفارق مساقط رؤوسها، وعمت الصناعات وحسنت الزراعة وانتشر العلم، وغدا ذكرى كل مدينة وكل أسرة وتقاليد كل شعب وقطر والألقاب والامتيازات والحقوق المستحصلة والأمل في تنميتها، كل ذلك قد غيّر من أخلاق الفرنج وبدل من ميلهم لحياة التنقل والارتحال وجعلها صلات تربطهم بالوطن. وقد كتب التوفيق للملاحة في القرن التالي واكتشفت أميركا واجتاز الملاحون رأس الرجاء الصالح فنشأ من هذه الاكتشافات تبدل كثير في التجارة، وأخذت الأفكار تتجه وجهة جديدة وأنشأت المضاربات الصناعية التي كانت قائمة بالحروب الصليبية تسير نحو أميركا والهند الشرقية، ففتحت أمام الغربيين ممالك كبرى وأقطار غنية تسد مطامعهم وتشبع نهمة التائقين إلى المجد والثروة والوقائع. فأنست حوادث العالم الجديد ما في الشرق من عجائب اهـ.
هذا ما قاله مؤرخ ثقة من مؤرخيهم في القرن الماضي، وإليك ما قاله أديب كبير
من أدبائهم المحدثين كلود فارير: في سنة 732 للميلاد حدثت فاجعة ربما كانت من أشأم الفجائع التي انقضت على الإنسانية في القرون الوسطى، فغمرت العالم الغربي مدة سبعة أو ثمانية قرون إن لم نقل أكثر في طبقة عميقة من التوحش، لم تبدأ بالتبدد إلا على عهد النهضة، وكاد عهد الإصلاح يعيدها إلى كثافتها الأولى، وهذه الفاجعة هي التي أريد أن أمقت حتى ذكراها، وأعني بها الغلبة المكروهة التي ظفر فيها على مقربة من بواتيه برابرة المحاربين من الفرنج بقيادة الكارولنجي شارل مارتل على كتائب العرب والبربر ممن لم يحسن الخليفة عبد الرحمن جمعهم على ما يقتضي من الكثرة فانهزموا راجعين أدراجهم.
وفي ذلك اليوم المشئوم تراجعت المدنية ثمانية قرون إلى الوراء، ويكفي المرء أن يطوف في حدائق الأندلس أو بين العاديات التي لا تزال تأخذ بالأبصار مما يبدو من عواصم السحر والخيال إشبيلية وغرناطة وقرطبة وطليطله ليشاهد والألم الغريب آخذ منه ما عساها أن تكون بلادنا الفرنسية لو أنقذها الإسلام الصناعي الفلسفي السلمي المتسامح - والإسلام مجموعة كل هذا - من الأهاويل التي لا أسماء لها، وكان منها أن أنتجت خراب غاليا القديمة التي استعبدها أولاً لصوص أوسترازيا ثم اقتطع جزءاً منها قرصان النورمانديين ثم تجزأت وتمزقت وغرقت في دماء ودموع، وفرغت من الرجال بما انبعث في أرجائها من الدعوة للحروب، ثم انتفخت بالجثث بما دهمها من الحروب الخارجية والأهلية الكثيرة، حدث ذلك على حين كان العالم الإسلامي من نهر الوادي الكبير إلى نهر السند يزهر كل الإزهار في ظل السلام تحت أعلام أربع دولات سعيدة: الأموية والعباسية والسلجوقية والعثمانية.