المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الغزوات في الشمال وظهور دعوة جديدة: - خطط الشام - جـ ٢

[محمد كرد علي]

فهرس الكتاب

- ‌الدولة النورية

- ‌من سنة 522 إلى سنة 569

- ‌فتنة الإسماعيلية ووقعة دمشق

- ‌دخول آل زنكي الشام:

- ‌ دمشق

- ‌استنجاد بعض الصليبيين بالمسلمين واستقرار حال

- ‌خيانة صاحب دمشق وقتل أمه له:

- ‌توحيد الحكم على يد زنكي وقضاؤه على إمارة

- ‌صليبية:

- ‌الحال بعد نصف قرن من نزول الصليبيين:

- ‌صفات عماد الدين زنكي وتولي ابنه نور الدين:

- ‌الحملة الصليبية الثانية وغزوتها دمشق:

- ‌انحلال دولة مجير الدين وتوفيق نور الدين:

- ‌مقاصد نور الدين وفتحه دمشق:

- ‌الداعي لنور الدين على فتح دمشق:

- ‌مرض نور الدين وإبلاله وتتمة فتوحه وهزيمته في

- ‌البقيعة:

- ‌حملة نور الدين على مصر:

- ‌بعض غزوات نور الدين:

- ‌قيام بني شهاب من حوران وحربهم الصليبيين:

- ‌الفتور بين نور الدين وصلاح الدين:

- ‌وفاة نور الدين وصفاته الطيبة:

- ‌الدولة الصلاحية

- ‌من سنة 569 إلى سنة 589

- ‌أولية صلاح الدين والملك الصالح:

- ‌اختلاف الآراء واستيلاء صلاح الدين على الشام:

- ‌تملك صلاح الدين ومحاولة اغتياله وسر نجاحه:

- ‌فتوح صلاح الدين ووفاة الملك الصالح:

- ‌وقعة حطين وفتح فلسطين:

- ‌فتح القدس والرملة:

- ‌بقية الفتوح الصلاحية:

- ‌الحملة الصليبية الثالثة:

- ‌مزايا صلاح الدين ووفاته:

- ‌الدولة الأيوبية

- ‌من سنة 589 إلى سنة 637

- ‌أبناء صلاح الدين واختلافهم ودهاء عمهم العادل:

- ‌استئثار العادل بالملك الصلاحي:

- ‌الأحداث في عهد العادل واهتمامه بحرب الصليبيين:

- ‌الحملة الصليبية الخامسة:

- ‌وفاة العادل:

- ‌فتح الصليبيين دمياط وذلتهم بعد العزة:

- ‌اختلاف بين أبناء العادل وتقدم الكامل عليهم:

- ‌الحملة الصليبية السادسة:

- ‌اختلافات جديدة بين آل العادل:

- ‌وفاة الملك الكامل وحال الشام بعده:

- ‌انقراض الأيوبيين وظهور دولة المماليك البحرية

- ‌وظهور التتر من سنة 637 إلى سنة 690

- ‌ظهور الخوارزمية:

- ‌اختلاف بني أيوب واعتضاد بعضهم الفرنج وعودة

- ‌الخوارزمية:

- ‌وفاة الملك الصالح ومبدأ دولة المماليك:

- ‌هولاكو التتري

- ‌مقتل المظفر قطز وسلطنة الظاهر بيبرس وأحداث:

- ‌وفاة الملك الظاهر وسلطنة ابنه الملك السعيد ثم

- ‌سلطنة المنصور قلاوون:

- ‌وفاة قلاوون وسلطنة ابنه الأشرف خليل وإثخانه في

- ‌فرنج الساحل:

- ‌الحملة الصليبية السابعة وانتهاء الحروب الصليبية:

- ‌دولة المماليك

- ‌من سنة 690 إلى 790

- ‌فتوح أرمينية وعصيان الموارنة بعوامل صليبية:

- ‌وقائع التتر:

- ‌غزوة الأرمن والكسروانيين وتزعزع السلطنة:

- ‌الغزوات في الشمال وظهور دعوة جديدة:

- ‌خلع الملك المنصور ومقتل غير واحد من اخوته

- ‌الذين خلفوه:

- ‌أحداث وكوائن وعصيان ومخامرات:

- ‌قتل الأشرف شعبان والأحداث بعده:

- ‌سلطنة برقوق وحالة المماليك البحرية والشراكسة:

- ‌وقائع تيمورلنك

- ‌من سنة 790 إلى 803

- ‌بداءة تيمورلنك ومناوشة جيشه:

- ‌القتال على الملك:

- ‌عوامل الخراب قيس ويمن:

- ‌الخوارج على ملوك مصر:

- ‌وفاة برقوق وسلطنة ابنه الناصر فرج والخوارج

- ‌على الملك:

- ‌الحرب الأولى مع تيمورلنك:

- ‌تيمورلنك على أبواب حلب:

- ‌تيمورلنك على حماة وسليمة وحمص:

- ‌تيمورلنك على دمشق:

- ‌وصف أفعال تيمورلنك في دمشق:

- ‌الخراب الأعظم وأخلاق تيمور ونجاة فلسطين منه:

- ‌عهد المماليك الأخير

- ‌من سنة 803 إلى 922

- ‌البلاد بعد الفتنة التيمورية ومخامرة العمال:

- ‌وقائع التركمان مع الناشزين على السلطان:

- ‌الملك السكير وقتله:

- ‌الخليفة السلطان وسلطنة شيخ:

- ‌هلاك المؤيد شيخ وسلطنة ابنه في القماط:

- ‌وفاة ططر وسلطنة ابنه ثم تولي الأشرف برسباي:

- ‌المنصور والأشرف والمؤيد والظاهر خشقدم

- ‌والظاهر بلباي والأشرف قايتباي:

- ‌مصائب القطر الطبيعية ثم السياسية:

- ‌وقعة مشؤومة وأحداث:

- ‌أول مناوشة مع الأتراك العثمانيين:

- ‌وفاة الأشرف قايتباي وتولي ابنه ناصر الدين محمد:

- ‌الملوك المتأخرون وآخرهم الغوري:

- ‌سلطنة طومان باي:

- ‌القضاء على مملكة ذي القدرية وطبيعة دولتي

- ‌المماليك البحرية والبرجية:

- ‌الدولة العثمانية من سنة 922هـ إلى 1000ه

- ‌حالة الشام قبيل الفتح العثماني:

- ‌مقاتل الغوري ومقدمات الفتح:

- ‌صلات العثمانيين مع المماليك ووقعة مرج دابق:

- ‌قوة الغالب والمغلوب:

- ‌دخول السلطان سليم حلب ودمشق:

- ‌مقابلة أمراء البلاد سلطانهم الجديد وتغير الأحكام:

- ‌السلطان في دمشق وفي الطريق لفتح مصر:

- ‌فتوق وغارات وتأذي السكان:

- ‌محاسن السلطان سليم ومساويه ومهلكه:

- ‌خارجي خان أولاً وثانياً:

- ‌طبيعة الدولة العثمانية:

- ‌كوائن داخلية وأمراء المقاطعات:

- ‌مهلك السلطان سليمان وتولي سليم السكّير:

- ‌عهد السلطان مراد الثالث وحملات على أرباب

- ‌الدعارة:

- ‌بنو عساف وبنو سيفا وابن فريخ وخراب البلاد:

- ‌حالة البلاد في الحكم العثماني:

- ‌العهد العثماني من سنة 1000إلى 1100

- ‌عهد محمد الثالث وأمراء الإقطاعات وفتن:

- ‌عهد أحمد الأول وفتنة ابن جانبولاذ وغيرها:

- ‌الأمير فخر الدين المعني وآل شهاب وفتن:

- ‌عهد مصطفى الأول وعثمان الثاني:

- ‌عداء على الفرنج وفتن داخلية:

- ‌حملات على الأمير فخر الدين المعني وغيره:

- ‌القضاء على الأمير فخر الدين المعني:

- ‌فتن في الساحل:

- ‌إبراهيم الأول وسفاهته:

- ‌فتنة والٍ أخرق في حلب:

- ‌محمد الرابع وصدارة كوبرلي:

- ‌عهد سليمان الثاني والحكم على الخوارج:

- ‌العهد العثماني من سنة 1100 إلى 1200

- ‌حال الشام أول القرن الثاني عشر:

- ‌دور أحمد الثاني وفتن:

- ‌دور مصطفى الثاني وانقراض دولة بني معن:

- ‌عهد أحمد الثالث وسياسة الدولة مع من ينكر الظلم

- ‌ووقعة عين دارة:

- ‌فتن ومظالم مستجدة وظهور آل العظم:

- ‌عهد محمود الأول:

- ‌فتن ومشاغب:

- ‌سيرة ظاهرة العمر الزيداني وسياسته:

- ‌حملة أبي الذهب على الشام:

- ‌عهد عبد الحميد الأول وتتمة أخبار أبي الذهب:

- ‌خاتمة ظاهر العمر وولاة حلب:

- ‌أولية الجزار:

- ‌الحكم على القرن الثاني عشر:

الفصل: ‌الغزوات في الشمال وظهور دعوة جديدة:

المقتلة ألف نفس وكانت بقرب السويداء. وفي سنة 710 أقام السلطان ملكاً على حماة إسماعيل بن علي الملقب بأبي الفداء وهو آخر من بقي من سلالة الملوك الأقدمين في الشام. ولولا حسن سياسة أبي الفداء ما وصل إلى هذا المنصب لأن الدور أصبح دور المماليك والدخلاء وجميع مواطن النيابة أصبح فيها مماليك السلطان أو مماليك والده أو مماليك مماليك والده، وجميعهم مرتبون من الأبواب الشريفة. ولم يكن كل ملك أو قيل من هؤلاء الملوك والأقيال حراً بمملكته كما زعم بعضهم، بل

كانوا حتى من تسلسل فيهم الملك في بلدان صغيرة من الشام أشبه بأصحاب إقطاعات لا يزالون في حربهم وسلمت تحت أمر السلطان. وإذا شذ في الأحايين بعضهم وعدوا على سلطانهم فإنهم لم يخرجوا عن كونهم ولاة أو عمالاً خرجوا على السلطان ليس إلا.

‌الغزوات في الشمال وظهور دعوة جديدة:

وفي سنة 711 قصد قراسنقر كبير الأمراء في حلب أمير العرب مهنا بن عيسى وكان على مسيرة يومين من حلب يستنصره، وكان في ثمانمائة مملوك على الملك وكان يريد أن يبطش به. فركب مهنا فيمن أطاعه من أهله، واستنفر من العرب نحو خمسة وعشرين ألفاً، وقصدوا حلب وأحرقوا باب قلعتها وتغلبوا عليها، واستخلصوا منها مال قراسنقر ومن بقي من أهله ولم يتعدوا إلى سوى ذلك ودخلت سنة 715 فأرسل السلطان محمد بن قلاوون عساكر الشام ومصر إلى ملطية ففتحوها، وسبب ذلك أن حكومتها كانت تعتدي على أبناء السبيل ومن جاورها من سكان القلاع، وأن المسلمين كانوا بها يختلطون بالنصارى حتى إنهم زوجوا النصراني بالمسلمة، وثبت أنهم كانوا يطلعون التتر والأرمن على أخبار المسلمين، ثم رجع الجيش إلى مرج دابق قرب حلب، وترددت الرسل إلى صاحب سيس الأرمني في إعادة ما في جنوبي جيحان من البلدان وزيادة القطيعة أي الإتاوة، فجعلها نحو ألف ألف درهم. وصدر أمر السلطان بأن لا تكون بحماة حماية لدعوة الإسماعيلية أهل مصياف، بل يتساوون مع رعية حماة في أداء الحقوق والضرائب الديوانية وغير ذلك.

وأغار سليمان بن مهنا بن عيسى بجماعة من التتر والعرب على التراكمين

ص: 142

والعرب النازلين قريب تدمر ونهبهم ووصل في إغارته إلى قرب البيضاء بين القريتين وتدمر وعاد بما غنمه إلى الشرق. وجهز نائب السلطنة 717 بحلب عدة كثيرة من عسكر حلب وغيرهم من التركمان والعربان والطماعة ما يزيد على عشرة آلاف فارس فساروا إلى آمد ونهبوا أهلها المسلمين والنصارى وبالغوا في النهب الحرام فخلت آمد من أهلها.

وظهر في جبال بلاطنس من عمل اللاذقية رجل من النصيرية وادعى أنه محمد بن الحسن العسكري ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وقيل: زعم تارة أنه المهدي

المنتظر، وأخرى أنه علي بن أبي طالب، وطوراً أنه محمد المصطفى وأن الأمة كفرة. فتبعه خلق من النصيرية نحو ثلاثة آلاف، وهجم مدينة جبلة والناس في صلاة الجمعة فنهب أموال أهل جبلة، وجرد إليه عسكر من طرابلس فلما قاربوه تفرق جمعه وهرب واختفى في تلك الجبال فتتبع وقتل وباد جمعه ولم يعد لهم ذكر، بعد أن قتل مائة وعشرون رجلاً من رجاله.

وفي سنة 720 تقدمت مراسيم السلطان بإغارة العساكر على سيس فسار الجند الشامي من الساحل ودمشق وحماة وحلب فنازلوا قلعتها حتى بلغوا السور، وغنموا منها وأتلفوا الزراعات وساقوا المواشي ونهبوا وخربوا. وسار جمع عظيم من العساكر الشامية والعرب في أثر آل عيسى، وكانت منازلهم في سليمة، حتى وصلوا إلى الرحبة فعانة فهرب آل عيسى إلى ما وراء الكبيسات، وأقام السلطان موضع مهنا محمد بن أبي بكر، ثم رضي السلطان 722 على الأمير فضل بن عيسى وأقره على إمرة العرب موضع محمد بن أبي بكر أمير آل عيسى. وجردت بعض العساكر المصرية والشامية والساحلية إلى سيس ونازلوا اياس فهربت الأرمن منها وأخلوها وألقوا النار فيها فملكها المسلمون، وخربوا ما قدروا على هدمه وعاد كل عسكر إلى بلده. وهدأت الأحوال في هذه الحقبة ولم يحدث سوى أمور طفيفة مثل قدوم مراكب فرنج جنوية 734 إلى بيروت، قاتلوا أهلها يومين ودخلوا البرج وأخذوا الأعلام السلطانية والمراكب. وكان السلطان يعتقل بعض الخوارج عليه أو من يرى في سيرهم ما يدعو إلى الشبهة ثم يطلقهم وينعم عليهم، وربما أخر

ص: 143

إهلاك من يخافهم على السلطنة مثل تنكز نائب الشام عشر سنين ثم قتله، وكان قتل خلقاً فارتاحت الناس، وما كانت أفكار السلطنة موجهة إلا إلى قتال الأرمن، فكانوا يغزون كل مرة وآخر ما نالهم من غزوة المسلمين غزوة عسكر حلب 735، وكان الأرمن ملكوا مدينة سيس وطردوا من كان بها من

المسلمين فخربوا في أذنة وطرسوس وأحرقوا الزروع واستاقوا المواشي وغنموا وأسروا وما عدم سوى شخص واحد غرق في النهر، وكان العسكر عشرة آلاف سوى من تبعهم، فلما علم أهل اياس بذلك أحاطوا بمن عندهم من المسلمين التجار وغيرهم وحبسوهم في خان ثم أحرقوه وقلّ من نجا، فعلوا ذلك بنحو ألفي رجل من التجار والبغاددة وغيرهم. وبعد مدة سار العسكر من مصر والشام بقيادة ملك الأمراء بحلب علاء الدين ألطنبغا إلى بلاد الأرمن 737 ونزلوا على مينا أياس وحاصروها ثلاثة أيام، ثم قدم رسول الأرمن من دمشق ومعه كتاب نائب الشام بالكف عنهم على أن يسلموا المدن والقلاع التي شرقي نهر جيحان، فتسلموا ذلك منهم وهو ملك كبير ومدن كثيرة كالمصيصة وكوبرا والهارونية وسرفندكار واياس وباناس ونجيمة والنقير وغير ذلك، فخرب المسلمون برج اياس الذي في البحر. قال ابن الوردي: وهذا فتح اشتمل على فتوح، وترك ملك الأرمن جسداً بلا روح.

وفي سنة 740 وقع حريق بقيسارية القواسين والكفتين وسوق الخيل من دمشق دام يومين بلياليها فعدم فيها نحو خمسة وثلاثين ألف قوس وعدم الناس أموالاً عظيمة منها للتجارة ما مبلغه ألف ألف وستمائة ألف دينار وخربت أماكن كثيرة فوقعت التهمة على بعض كتاب النصارى وأقروا أن اثنين قدما من القسطنطينية ليجاهدا في الملة الإسلامية ومعابدها وقدما نفسيهما على ذلك وأنهما يعلمان صناعة النفط فقتل أحد عشر رجلاً وأنكر صاحب مصر على نائب دمشق تنكز قتل النصارى قائلاً إن ذلك إغراء لأهل القسطنطينية.

سياسة المماليك مع أكبر عمالهم ووفاة الناصر وتولي المنصور:

كانت حكومة المماليك تكثر من نصب الولاة وعزلهم ولا سيما في دمشق فتولي في كل وقت نائباً جديداً وربما في كل شهر، ولم تطل مدة واحد من

ص: 144

الولاة كما

طالت نيابة تنكز فإن ولايته دامت من سنة 712 إلى 740 قال الكتبي: وهابه الأمراء بدمشق ونواب الشام وأمن الرعايا، ولم يكن أحد من الأمراء ولا أرباب الجاه يقدر أن يظلم أحداً آدمياً أو غيره خوفاً من بطشه وشدة إيقاعه. قال: وكان الناس في أيامه آمنين على أموالهم ووظائفهم. وهو صاحب الأبنية العظيمة في دمشق وغيرها من الشام وكان ممن ينشط الزراعة ولما أخذه ملك مصر وقتله في الإسكندرية تأسف عليه أهل دمشق.

وتوفي الناصر محمد بن قلاوون سنة 741 بعد أن خطب له ببغداد والعراق وديار بكر والموصل والروم، وضرب الدينار والدرهم هناك باسمه كما يضرب له بالشام ومصر، وتألم الناس لفقده لأنه أبطل المكوس وأنشأ جوامع ومدارس وكانت أيامه أيام أمن وسكينة، فتولى الملك بعده ابنه المنصور أبو بكر وكان تسلطن قبل موت والده. وملك الناصر محمد بن قلاوون ثلاث مرات مدتها ثلاث وأربعون سنة وتسعة أشهر وسبعة عشر يوماً، تملك المرة الأولى بعد وفاة أخيه الأشرف سنة كاملة، والمرة الثانية بعد قتل لاجين، ومدة ملكه ثانيةً عشر سنين وستة أشهر واثنا عشر يوماً، والدولة الثالثة أقام بها ثنتين وثلاثين سنة وثلاثة شهور وخمسة أيام، وكان في الثالثة حاكماً متصرفاً ليس له منازع يخالف أمره بخلاف المدتين الأوليين. وشأن ابن قلاوون قليل في الملوك، لأنه ندر من يتخلى عن الملك أو يخلع من الملوك أن يعود إلى دست السلطنة مرة ثانية فكيف بثلاث مرات. ومن غريب ما وقع له أيضاً أنه تسلطن ثمانية من أولاده لصلبه، وهذا مما يعد في باب سعادة آل قلاوون.

وفي سنة 741 فتح علاء الدين أيدغدي الزراق ومعه عسكر حلب قلعة خندروس من الروم، وكانت عاصية وبها أرمن وتتر يقطعون الطرقات، وفي السنة التالية 742 بايع المنصور أبو بكر الخليفة الحاكم بأمر الله أبا العباس أحمد بن المستكفي

بالله أبي الربيع سليمان وكان قد عهد إليه والده بالخلافة فلم يبايع في حياة الناصر فلما ولي المنصور بايعه بمصر وجلس معه على كرسي الملك وبايعه القضاة وغيرهم، وكان الخليفة من أولاد العباس يقيم في مصر كعامل كبير محترم من عمال السلطنة ويبايع السلطان عند جلوسه

ص: 145