الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأقام عماد الدين عليها مدة طويلة يبالغ في محاربة أهلها فلم يتهيأ له ما أراد فرحل عنها إلى الموصل.
وطلب صاحب
دمشق
إلى صاحب الموصل أن يطلق ولده ومن اعتقلهم من الأمراء والمقدمين فطلب عنهم خمسين ألف دينار، فأجاب تاج الملوك إلى تحصيلها، ولم يطلق عماد الدين ابن تاج الملوك سونج ومن معه من الأمراء إلا في سنة 525. ومات الخصي صاحب صرخد فاستولت سُرِّيّته على قلعتها، وأرسلت إلى دُبيس بن صدقة صاحب الحلة تستدعيه من العراق للتزوج به، وتسليم صرخد بما فيها من مال وغيره إليه، فسار دبيس إلى الشام فضلَّ به الأدلاء بنواحي دمشق فنزل بناس من كلب كانوا شرقي الغوطة فحملوه إلى صاحب دمشق تاج الملوك، ولما سمع عماد الدين زنكي بأسر دبيس أرسل إلى تاج الملوك يطلبه، ويبذل له إطلاق ولده سونج ومن معه من الأمراء فأجابه تاج الملوك إلى ذلك وأطلق عماد الدين سونج ورفاقه.
وفي سنة 524 جمع عماد الدين عساكره وسار من الموصل إلى الشام، وقصد حصن الأثارب، وكان أهله على اتصال بالفرنج يقاسمون الحلبيين على جميع أعمال حلب الغربية، فالتقوا وعسكر عماد الدين واشتد القتال وانتصر المسلمون
وانهزم الفرنج ووقع كثير من فرسانهم في الأسر وكثر القتل فيهم، وأخذ المسلمون الأثارب عنوة وقتلوا وأسروا كل من فيها ثم خربها عماد الدين.
استنجاد بعض الصليبيين بالمسلمين واستقرار حال
دمشق:
بينا كانت دمشق مغتبطة بتاج الملوك بوري لشجاعته، وقد سد مسد أبيه في كفايته وكفاحه، ناداه الأجل سنة 526 عقيب جرح كان به من الباطنيّة، ووصى بالملك بعده لولده شمس الملوك إسماعيل، ووصى ببعلبك وأعمالها لولده شمس الدولة محمد. ولما استقر إسماعيل بن بوري في ملك دمشق، واستقر أخوه في بعلبك استولى محمد على حصن الرأس وحصن اللبوة، فكاتب إسماعيل أخاه في إعادتهما فلم يقبل، فسار صاحب دمشق وفتح حصن اللبوة ثم فتح حصن الرأس وقرر أمرهما، ثم حصر أخاه في بعلبك فسأله الصلح فأجابه إليه، وأعاد عليه بعلبك وأعمالها واستقرت أمورهما.
ودخلت سنة 527 فسار إسماعيل صاحب دمشق على غفلة من الفرنج إلى حصن بانياس وفتحه، وذلك لما بلغه من عزمهم على نقض الموادعة المستقرة، وهال الفرنج ما وقع لقلعة بانياس وأكثروا التعجب من تسهل الأمر في فتحها مع حصانتها وكثرة الرجال فيها في أقرب مدة. وفتح إسماعيل حماة وقلعتها وقتل من كان بها، وحصر قلعة شيزر فصانعه صاحبها بمال حمله إليه. وفي هذه السنة اجتمعت التراكمين وقصدوا طرابلس، فخرج من بها من الفرنج إليهم واقتتلوا فانهزم الفرنج، وسار القومص صاحب طرابلس ومن في صحبته فحصرهم التركمان في قلعة بعرين وهرب القومص منها. ثم جمع الفرنج جموعهم وقصدوا التركمان ليرحلوهم عن بعرين فاقتتلوا وانحاز الفرنج إلى نحو رفنية وعاد
التركمان عنهم.
وقع الخلاف بين الفرنج من غير عادة جارية لهم بذلك، ونشبت الحرب بينهم وقتل منهم جماعة، والسبب في ذلك اختلاف طفيف نشأ بين أمرائهم حدا بصاحب يافا على أن يستنجد بالمسلمين في عسقلان فساعدوه حتى خربت تلك الأرجاء إلى حدود مدينة أرسوف، وعقد صاحب يافا معاهدة مع المسلمين فجاء صاحب القدس وحاصره، ولكن المسلمين اهتبلوا الغرة فجاسوا خلال ديار الفرنج وأخذوا يناوشونهم القتال، فخاف صاحب بيت المقدس العاقبة وأراد مشاغلة المسلمين فأغار على أطراف حلب، فنهض إليه الأمير سوار النائب في عسكر حلب ومن انضاف إليه من التركمان وتحاربوا أياماً وتطاردوا إلى أن وصلوا إلى أرض قنسرين، فحمل الفرنج عليهم فكسروهم كسرة عظيمة، فعاود سوار النهوض إليهم في من بقي من عسكره والأتراك، فلقوا فريقاً من الفرنج فأوقعوا به وكسروه، فانكفأت الفرنج إلى أرضها مهزومة، وانتهى إلى سوار خبر خيل الرُّها فنهض هو وحسان البعلبكي فأوقعوا بهم وقتلوهم عن آخرهم، وأغار سوار على الفرنج في تل باشر فقتل منهم ألف فارس وراجل وقاتلهم أيضاً في موضع يعرف بنوار في عسكر حلب وما انضاف إليه من التركمان، وكانت الحرب بين الفريقين سجالاً. واشترى الإسماعيلية قلعة القدموس من صاحبها لبن عمرون وصعدوا إليها وقاموا بحرب من يجاورهم من المسلمين والفرنج، وكانوا كلهم يكرهون مجاورتهم.
وفي سنة 528 سار صاحب دمشق إلى شقيف تيرون وانتزعه من ابن ضحاك ابن جندل التيمي المتغلب عليه. وانتهى إليه أن الفرنج اعتزموا على نقض المستقر