الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلع الملك المنصور ومقتل غير واحد من اخوته
الذين خلفوه:
خلع المنصور أبو بكر فاحتج عليه قوصون الناصري ولي نعمة أبيه بحجج ونسب إليه أموراً، فأخرجه إلى قوص فقتله واليها، وأقام الملك أخاه الأشرف كجك وهو ابن ثمان سنين. أي إن الخوارج على السلطنة بعد أن سكنوا بحسن سياسة الناصر محمد بن قلاوون مدة بعد خلعه نفسه ومكثه في الكرك حتى رجع إلى السلطنة وقد أطاعه عسكر الشام ومصر، ثم عادوا يبدون نواجذ الشر ويقتلون ملكهم، فقتل الملك الجديد ونصب أخوه الصبي ليكون الحكم لقوصون الناصري كما وقع ذلك في أدوار مختلفة، ثم أرسل قوصون مع قطلبغا الفخري الناصري عسكراً لحصار أحمد بن الملك الناصر بالكرك، وسار الطنبغا نائب دمشق والحاج أرقطاي نائب طرابلس بإشارة قوصون إلى قتال طشتمر بحلب، لأن هذا أنكر على قوصون ما اعتمده في حق أخيه المنصور أبي بكر، ونهب الطنبغا بحلب مال طشتمر وهرب هذا إلى الروم، واستمال الناصر في الكرك قطلبغا الفخري، وكان ذهب لقتاله وحاصره أياماً فبايعه وبايع للناصر من بقي من عسكر دمشق المتأخرين عن المضي إلى حلب صحبة الطنبغا، ثم سار الفخري إلى ثنية العقاب وأخذ من مخزن الأيتام بدمشق مالاً ولما بلغ الطنبغا ما جرى بدمشق رجع على عقبه فأرسل إليه الفخري لما قرب من دمشق القضاة، وطلب الكف عن القتال، فقويت نفس الطنبغا
وأبى ذلك، وطال الأمر على العسكر فلما تقاربوا بعضهم من بعض لحقت ميسرة الطنبغا بالفخري ثم الميمنة، وبقي الطنبغا وجماعته في قليل من العسكر، فهرب الطنبغا ومن معه من القواد إلى جهة مصر، فجهز الفخري وأعلم الناصر بالكرك وقد خطب له بدمشق وغزة والقدس، فلما وصل ألطنبغا إلى مصر وهو قوي النفس بقوصون تغير أمر قوصون. وكان قد غلب على الأمر لصغر الملك الأشرف، ثم قبض جماعة الأمراء على قوصون وأرسلوه إلى الإسكندرية وأهلك بها، وقبضوا على الطنبغا وحبسوه، وسافر الناصر أحمد من الكرك وعمل أعزيه لوالده وأخيه، وأمر بتسمير والي قوص لقتله المنصور وخلع الأشرف الصغير، وجلس الناصر على الكرسي هو والخليفة ثم أعدم الطنبغا وغيره، وتواتر عزل الولاة والنواب بحلب، جرى كل هذا في مدة يسيرة. وجرى
في هذه السنة 742 من تقلبات والنواب واضطرابهم ما لم يجر في مئات من السنين على رأي ابن الوردي.
ولم يصف جو السلطنة للناصر أحمد في مصر، وسافر إلى الكرك وحصنها واتخذها مقاماً له، ولما حصل بها وقتل بها طشتمر والفخري قتلة شنيعة 743 أنقلب عليه عسكر الشام وهو بالكرك وكاتبوا مصر فخلع الناصر، وأجلس أخوه الملك الصالح إسماعيل، واستناب آل ملك وحصر الملك الناصر بالكرك، واجتمع عليه أخوه الصالح بما أخذه من أموال بيت المال، وخرج بيبرس الأحمدي من مصر بعسكر لحصار الكرك وكذلك من دمشق، فحاصروا الناصر بالكرك ووردت المراسيم إلى الأعمال الشامية بتجريد العشران وغيرهم إلى الكرك، فذهبوا إليها سنة 743 ووجدوا في القلعة مع السلطان أحمد خلقاً كثيراً، وقد نصبوا على القلعة في أعلاها خمسة مجانيق ومدافع كثيرة، وأغار التركمان مرات على سيس فقتلوا ونهبوا وأسروا وشفوا الغليل بما فتكت الأرمن ببلاد قرمان، وعاد العسكر
744 المجهز إلى سيس وما ظفروا بطائل، وكانوا قد أشرفوا على أخذ أذنة وفيها خلق عظيم وأموال عظيمة وجفال من الأرمن، فارتشى أقسنقر مقدم عسكر حلب من الأرمن، وثبط الجيش عن فتحها واحتج بأن السلطان ما رسم بأخذها. وحاصر يلبغا النائب بحلب قراجا بن دلغادر التركماني بجبل عسر إلى جانب جيحان فاعتصم منه بالجبل، وقتل في العسكر وأسر وجرح، وما نالوا منه طائلاً فكبر قدره بذلك واشتهر اسمه وكانت هذه حركة رديئة من يلبغا ثم أوقع دلغادر بالأرمن وفتح قلعة كابان 746 وبعد فتحها قصد النائب بحلب أن يستنيب فيها من جهة السلطان فعتا ابن دلغادر عن ذلك، فجهزوا عسكراً لهدمها ثم أخذتها الأرمن. وفي سنة 745 حوصرت الكرك ونقبت، وأخذ الناصر أحمد وحمل إلى أخيه الصالح بمصر فكان آخر العهد به، وفي هذه السنة كانت الوقعة بين أهل البقاع ووادي التيم وقتل من الفريقين خلق كثير، وأحرق ابن صبح قرية من وادي التيم، وانقطعت السبل. وتوفي الصالح إسماعيل بن الناصر محمد ابن قلاوون 746 وجلس مكانه أخوه الكامل شعبان. وفي سنة 747 خرج نائب الشام يلبغا إلى ظاهر دمشق وشق عصا الطاعة وعاضد أمراء مصر حتى