الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جاء حلب في تلك الحقبة واليان اسم أحدهما قائم مقام يوسف باشا تولاها سنة 1112 ثلاث سنين والآخر اسمه طوبال يوسف باشا تولاها سنة 1125 ولا نعلم أيهما أثنى عليه الفرنج.
عهد أحمد الثالث وسياسة الدولة مع من ينكر الظلم
ووقعة عين دارة:
وفي سنة 1115 خلع مصطفى الثاني بعد أن حكم ثمان سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام، وتولى السلطان أحمد الثالث وهو الثالث والعشرون من آل عثمان. وفي تاريخ راشد أن محمداً نقيب أشراف القدس تغلب سنة 1118 على الحاكم والوالي وأخذ يبث الفساد في تلك الأرجاء فأرسلت الحكومة ألفي انكشاري وثلاثمائة جبه جي ومائة مدفعي لتقوية مركزها في القدس فوقع بينه وبين عسكر الدولة وقائع كثيرة فركن إلى الفرار واختفى في قلعة طرطوس، فبلغ واليها أمره فأرسل فقبض عليه وأرسله إلى الآستانة فقتل. وما ندري معنى لقول المؤرخ إن نقيب القدس أخذ يبث الفساد في تلك الأرجاء، بل نعتقد أن ثورته لرفع فساد العمال وسوء الإدارة، يعرف ذلك من عرف أن القوم اعتادوا في كتاباتهم الرسمية أن يلقبوا بالمفسدين كل من كانوا من المصلحين، بيد أنهم مفسدون لأمرهم، عاملون على نقض أساس مجدهم. كما وقع في هذه السنة أيضاً وقد أراد سليمان باشا البلطجي كافل دمشق أخذ قرض من تجارها وإحداث بعض مظالم، فمنعه أعيان دمشق ومنهم أسعد البكري وعبد الرحمن القاري المحاسني فنفاهم إلى صيدا وعرض للدولة أموراً عنهم لم يأتوها ثم أعيدوا إلى بلدهم واعتذر الوالي عما عزا إليهم.
وفي سنة 1119 توفي الأمير بشير الشهابي وخلفه الأمير حيدر الشهابي فركب في السنة التالية لغزو المتاولة لأن المشايخ بني علي الصغير كانوا أخذوا بعد وفاة الأمير بشير بلاد بشارة من بشير باشا وبقي في يد الأمير حيدر حكم بلاد الشوف وكسروان، فغزاهم الأمير حيدر وتجمعت المتاولة في قرية النبطية فأوقع بهم هناك وظفر بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، ورجع إلى موطنه فعظم ذلك على بشير
باشا فأرسل يقوي الأمراء اليمنية في الغرب والجرد
من بني علم الدين وغيرهم. وفي سنة 1121 تعاظم أمر اليمنية في الشوف وتظاهر الأمراء بنو علم الدين بذلك وساعدهم الأمير يونس أرسلان حاكم الشويفات ومال إليهم من القيسية الشيخ محمود أبو هرموش، ثم وسد الحكم إلى الأمير يوسف علم الدين وأخيه منصور، وكان زمام ولايتهما بيد الشيخ محمود أبو هرموش فجاروا على القيسية وظلموهم ولم يبقوا لهم منزلة ولا حرمة. وفي هذه السنة أحرق الأمير يوسف مع عسكر الدولة بلدة غزير ونهبها، وسار والي دمشق إلى جبل عجلون وباغت نابلس وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وسبى عسكره نحو سبعمائة امرأة.
وفي سنة 1122هـ 1711م أنفذ الأمير حيدر الشهابي أمراً إلى قيسية الشوف فتجمعوا في رأس المتن، فلما بلغ اليمنية ذلك أرسلوا إلى بشير باشا والي صيدا فحضر إلى حرج بيروت، وأرسلوا إلى نصوح باشا والي دمشق فحضر إلى البقاع واجتمع القيسية من الغرب والجرد والشوف إلى عين زحلتا في العرقوب، ثم انتقلوا إلى عين داره، وجرى الاتفاق أن تطلع عساكر الدولة المجتمعة في حرج بيروت إلى بيت مري في أول المتن، وأن يطلع نصوح باشا إلى المغيثة في طرف المتن، واليمنية إلى حمانا في وسط المتن، وتمشي الثلاث فرق في يوم واحد على القيسية، فأجمع رأي القيسية مع الأمير حيدر الشهابي أن يباغتوا اليمنية في الليل في عين دارة، فباغتوهم وأعملوا فيهم السيف، وقاتلت اليمنية أشد قتال وما زالوا كذلك حتى ملكت القيسية عين دارة، وما سلم من اليمنية غير قليل. وفي تلك الليلة قتل خمسة أمراء من بني علم الدين وأمسك الشيخ محمود أبو هرموش وقطع الأمير لسانه وأباهم يديه، فقويت شوكة القيسيين وعظم أمرهم، ونزح من كان يمنياً وخربت ديارهم، وزال ذكر اليمنيين من الشوف وحكم الأمير حيدر وأعطى الذين كانوا معه كل ما كان وعدهم به، وكثرت المشايخ في أيامه.
وتعرف هذه الوقعة بوقعة عين دارة التي قتل فيها جميع الأمراء من آل علم الدين بيد الأمير حيدر الشهابي فانقرضت سلالتهم كما ضعفت شوكة اليمنيين.