الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقائع تيمورلنك
من سنة 790 إلى 803
بداءة تيمورلنك ومناوشة جيشه:
بينا كانت أمور الدولة في الشام ومصر مختلة معتلة، لا تستقر على حال، والمتوثبون على السلطنة يكثرون ويقلون بضعف الملك وقوته، جاء تيمورلنك من الشرق، بجيوش جرارة لا قبل للمالكين زمام الأمر بدفعها فأصبح الشام بين عدوين داخلي وخارجي، كما أصبحت في أواسط القرن السابع بين عدوين أحدهما من الشرق وهم التتر والآخر من الغرب وهم الصليبيون. وتيمور هو ابن ترغاي بن أبغاي مؤسس مملكة المغول الثانية، ومعنى تيمور الحديد واللنك الأعرج أو الكسيح بلغتهم. سمي بذلك لأن راعياً ضربه فيما قيل بسهم في فخذه أدخله به في زمرة العرجان، وفي رواية أنه أصيب بسهم في الحرب في صباه. ولد تيمورلنك في قرية خواجه أيلغار من أعمال كش من مدن ما وراء النهر سنة 737هـ 1336م ومات في اوترار سنة 807 - 1405 بينا كان ذاهباً لفتح بلاد الخطا في الصين وجيء به إلى سمر قند فدفن فيها.
وكان تيمورلنك يمتُّ بقرابة بعيدة إلى آل البيت الملوكي من المغول ذرية جنكيز خان، وذلك من جهات الأمهات لا الآباء، ورأس أبوه قبيلة برلاس التركية وحكم ولاية كش وقد تيتم صغيراً وسلبه جيرانه إمارته، فتوسل تيمور إلى أمير كشغر ملك الجغتاي فأنعم عليه بولاية ما وراء نهر جيحون، ثم نزع يده من يد أمير كشغر وانضم إلى عمه حسين، ولما ماتت زوجته، وقيل إنه هو الذي قتلها بيده، أصبح تيمور في حل من أمره وداهم حسيناً وتغلب عليه واستولى على بلخ فاصبح ملكاً على بلاد الجغتاي كلها،
ولما استولى على ما وراء النهر وفاق الأقران تزوج بنات الملوك فزادوه في ألقابه كوركان وهو بلغة المغول الختن
وكان عهد تيمور كله عهد حروب وفظائع يقتل الناس بالألوف وعشرات الألوف، إذا لم يخضعوا لسلطانه في الحال قال السخاوي: وكان يقرب العلماء والسمراء والشجعان والأشراف وينزلهم منازلهم ولكن من خالف أمره أدنى مخالفة استباح دمه، فكانت هيبته لا تدانى بهذا السبب، وما أخرب البلاد إلا بذلك، فإنه كان من أطاعه من أول وهلة أمن، ومن خالفه أدنى مخالفة وهى، أنجد تيمور أحد الخانات على اوروس خان ملك قسم من روسيا الجنوبية الشرقية ثم فتح خراسان وهرات وطوريس وقارص وتفليس وشيراز وأصفهان وكشغر ومازندران والعراق بأسره، وخرب حفيده محمد بولونيا وروسيا ودخل الهند فنازل مملكة المسلمين حتى غلب عليها وفتح أفغانستان وجلب من الهند إلى مملكته المهندسين والنقاشين. ثم حارب السلطان بايزيد العثماني 805 وغلبه. وباستيلائه على إزمير اضطر إمبراطور القسطنطينية أن يؤدي إليه الجزية.
هذا الفاتح خرب عاصمتي الشام حلب ودمشق، وكم خرب من مدن عامرة في آسيا، وكان ملوك أوربا يخافونه وكثيراً ما أرسلوا الوفود لتهنئته بانتصاراته. هذا الرجل الجبار لم يحمل على الشام حملته المشئومة إلا بأسباب أوجدها النواب والأمراء والملوك على الأرجح، فقد كان ذكر ابن حجر في حوادث سنة 798: أن اطلمش قريب تيمورلنك قبض عليه قرا يوسف التركماني صاحب تبريز وأرسله إلى الظاهر فاعتقله، فكانت هذه الفعلة أعظم الأسباب في حركة تيمورلنك إلى الديار الشامية. وقال في حوادث سنة 799 وصلت كتب من تيمورلنك فعوقت رسله بالشام وأرسلت الكتب التي معهم إلى القاهرة ومضمونها التحريض على إرسال قريبه اطلمش الذي أسره قرا يوسف، فأمر السلطان اطلمش المذكور أن يكتب إلى قريبه كتاباً يعرفه فيه ما هو عليه من الخير والإحسان بالديار المصرية، وأرسل ذلك السلطان مع أجوبته ومضمونها إذا أطلقت من عندك من
جهتي أطلقت من عندي من جهتك والسلام.
فالقائمون بالأمر هم الذين فتحوا لتيمورلنك السبل للغزو فيما بعد،