الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكسروا المماليك كسرة قوية فركب الظاهر برقوق ومن معه من الأمراء وخرجوا من دمشق إلى قبة يلبغا فدخل العوام إلى الميدان ونهبوا بَرَك برقوق وأُغلقت أبواب دمشق، وكان برقوق أشرف على أخذ قلعة دمشق وراج أمره فتعطل بسبب ذلك.
ثم جرد المنصور أمير حاج عسكراً من مصر وجاء الشام لينزع الملك من برقوق، فلما وصل العسكر إلى غزة تسحب أكثر عسكر المنصور إلى برقوق لأن هواهم كان معه، ووقعت بين عسكر المنصور وعسكر الظاهر وقعة شقحب 792 فانكسر برقوق كسرة قوية وهرب برقوق في نفر قليل من العسكر وتوارى خلف الجبل الذي تحته الملك المنصور والخليفة والقضاة، فأتى إليه بعض العرب وأخبره بأن الملك المنصور تحت ذلك الجبل، وكان على يوم من دمشق فكبس عليهم برقوق بمن معه من العسكر وكانوا نحو أربعين إنساناً فذُعر عسكر
المنصور وغُلت أيديهم عن القتال، فنزل عليهم برقوق كالباز على الطائر واحتوى على كل ما معهم من البرك والأثقال والقماش والسلاح وخزائن المال، وتسامع بذلك الناس فجاءوا إليه أفواجاً من كل مكان، وبلغ ذلك منطاش وحضر ومعه عساكر دمشق وغيرهم فوقعت بينهم واقعة أعظم من الواقعة الأولى وقتل بها كثير فانكسر الأتابكي منطاش وعسكر دمشق فولوا هاربين وأقام برقوق بمنزلة شقحب، ثم إن شخصاً من الصالحين يقال له الشيخ شمس الدين الصوفي مشى بين الظاهر برقوق وبين المنصور حاج في أن يخلع هذا نفسه ويسلم الأمر إلى برقوق، فأجاب المنصور إلى ذلك، وأحضر الخليفة المتوكل والقضاة الأربعة وخلع نفسه من الملك وأشهدوا عليه بذلك. فبايع الخليفة الظاهر برقوق بالسلطنة وذلك بمنزلة شقحب ثم رحل إلى مصر فدخلها بلا منازع، وكان مماليكه قد وطدوا له الأمن قبل وصوله وخطبوا له على المنابر فعاد واستولى على مصر والشام. وبرقوق هو الذي قرض جيش المماليك البرجية.
الخوارج على ملوك مصر:
وملك منطاش 792 مدينة بعلبك والتف عليه جماعة من عسكر دمشق
وصفد وطرابلس ومن عربان جبل نابلس ونهب عدة ضياع، وأرسل منطاش شخصاً يسمى تمان تمر الأشرفي إلى مدينة حلب، وكان نائب حلب كمشبغا الحموي قد ثقل أمره على أهل حلب فما صدقوا بهذه الحركة فحاصروا نائب حلب أشد المحاصرة وتعصبوا لمنطاش فنقبوا القلعة من ثلاثة مواضع، فصار كمشبغا نائب حلب يقاتلهم من داخل النقب على البرج، واستمروا على ذلك نحو ثلاثة أشهر، فانتصر كمشبغا نائب حلب على تمان تمر الأشرفي الذي ولاه منطاش على حلب فانكسر تمان تمر وولى هارباً ثم توجه منطاش إلى طرابلس فحاصرها حتى ملكها وهرب من كان بها من الأمراء والنائب وهرب أكثر أهلها إلى دمشق، ثم حاصر
منطاش دمشق فاتفق عوامها على أن يسلموه المدينة ليلاً وكانوا يحبونه أكثر من برقوق.
فما بلغ ذلك أمراء برقوق خرجوا إلى ظاهر دمشق وأوقعوا مع منطاش ومع عوام دمشق واقعة قتل فيها من الفريقين نحو ألف إنسان، ثم رجع عسكر دمشق إلى المدينة وتوجه منطاش إلى عينتاب فالتف عليه جماعة من التركمان، فحاصر المدينة حصراً شديداً فملكها وهرب نائبها، فلما دخل الليل جمع نائب عينتاب جماعة من التركمان وكبس منطاش فقتل من عسكره نحو مائتي إنسان وهرب منطاش نحو الفرات، ثم إن منطاش جمع قوته وخامر على السلطان أكثر التركمان والعربان والتفوا على منطاش 793 فتوجه إلى دمشق وحاصرها فخرج إليه نائبها فهرب منطاش إلى جبل يقرب من طرابلس فتبعه نائب دمشق، فجاء منطاش من وراء ذلك الجبل وجاء إلى دمشق فلم يجد بها أحداً من الأمراء ولا النائب، ففتح له عوام دمشق باباً فدخل منه إلى المدينة ونهب الأسواق وأخذ أموال التجار والخيول، والتف عليه جماعة من عسكر دمشق فقويت شوكته.
بلغ السلطان في مصر ما وقع في الشام فقوي عزمه على الخروج إلى منطاش في دمشق، ونادى فيها الأمان لأن أهلها لما خرج الظاهر برقوق من الكرك ودخل مدينتهم رجموه وأخرجوه هائماً على وجهه ونهبوا أثقاله وقماشه، فضج أهل دمشق له بالدعاء، وسكن ما كان عندهم من الاضطراب، ولما
توجه إلى حلب جاء نعير بن جبار أمير آل فضل ونهب ضياع دمشق، وكان نعير عاصياً على السلطان وهو من أنصار منطاش وأخرب غالب إقليم دمشق ونهب ضياعها، فلما بلغ نائب دمشق مجيء نعير خرج إليه وأوقع معه واقعة قوية في قرية الكسوة فانكسر نائب دمشق وقتل من عسكره جماعة. أما منطاش فلما بلغه مجيء السلطان من مصر هرب إلى التركمان.
ولما عاد سلطان مصر إلى عاصمته 794 هجم نحو خمسة عشر مملوكاً وقيل خمسة أنفس على نائب قلعة دمشق وتوجهوا نحو السجن الذي بها وأخرجوا من كان به من المحابيس من عصبة منطاش وكانوا نحو مائة مملوك، فقويت شوكتهم بالسجناء وهجموا على نائب القلعة وقتلوه وملكوا القلعة، فقاتلهم عسكر دمشق وحاصروا من بالقلعة فقتل من عسكر دمشق جماعة ثم هجم العسكر على باب القلعة وأحرقوه ودخلوا إليها وقبضوا على المماليك كلهم ووسطوهم أي قطعوهم نصفين تحت باب القلعة وأمسكوا الثائرين فلم يبق منهم إلا من هرب.
وعاد منطاش 794 فحاصر حلب مع التركمان فخرج إليه عسكرها وأوقعوا معه واقعة فكسروه ورجع هارباً إلى الفرات، ثم اتفق منطاش ونعير بن جبار أمير العربان 795 بمن معهما من العسكر وحاصروا حماة فخرج إليهم نائبها فأوقع معهم واقعة قوية فانكسر نائب حماة وهرب، فدخل منطاش ونعير إلى المدينة ونهبوا أسواقها وأخذوا أموال التجار، فلما بلغ ذلك نائب حلب ركب هو في عساكر حلب وكبس على بلاد نعير ونهب أمواله وأخذ أورده ونساءه وأحرق بيوته وقتل من عربانه كثيراً، فأرسل نعير يطلب من نائب حلب أولاده ونساءه الذين أسرهم فأرسل نائب حلب يقول له: ما أُطلق لك أولادك ونساءك حتى تسلمنا منطاش. وكان منطاش قد تزوج من بنات نعير واستنسل منهم. فلما رأى نعير أن السلطان ونائب حلب عليه وقد نهبوا أمواله ومواشيه وأسروا أولاده ونساءه، قصد أن يرضي السلطان بإمساك منطاش حتى يزول ما عنده مما جرى منه في حق السلطان، فندب نعير إلى منطاش أربعة قبضوا عليه فلما وقع في أيديهم أخرج من تكته حجراً شق به بطنه فغشي عليه فحمله العبيد وأتوا به إلى نعير فقيده وأرسله إلى نائب