الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انقراض الأيوبيين وظهور دولة المماليك البحرية
وظهور التتر من سنة 637 إلى سنة 690
ظهور الخوارزمية:
بينا كان أبناء أيوب يتقاتلون على الملك والصليبيون قد أخلدوا إلى السكون بعد هدنة صاحب مصر معهم واكتفوا بما ملكوه من مدن الساحل والقدس، جاء الخوارزمية يعيثون في الديار الشامية ويروعون أهلها ويقتلون فيهم ويخربون العامر. الخوارزمية عسكر جلال الدين منكبرتي أحد ملوكهم الذي استولى على إيران والعراق وأذربيجان وكرجستان، وكانت عاصمة ملكه تبريز. جاءوا سنة 634 إلى البلاد الشرقية فاستخدمهم الصالح أيوب بن الكامل وكان في آمد وحصن كيفا وحران وغيرها نائباً عن أبيه. جاءوا بعد أن قتلوا ملكهم وانضموا إلى كيقباذ ملك الروم وخدموا عنده وكان فيهم عدة مقدمين، فلما مات كيقباذ وتولى ابنه كيخسرو وقبض على بركت خان أكبر مقدميهم، ففارقت الخوارزمية حينئذ خدمته وساروا عن الروم ونهبوا ما كان على طريقهم، فاستمالهم الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل واستأذن أباه في استخدامهم فأذن له واستخدمهم، فما زال هؤلاء العسكر يتقدمون حتى نازلوا حمص مع صاحب حماة الملك المظفر.
كثر عيث الخوارزمية وفسادهم بعد مفارقة الصالح أيوب البلاد الشرقية وساروا إلى قرب حلب 638 فخرج إليهم عسكرها مع المعظم تورانشاه ابن صلاح الدين ووقع بينهم القتال فانهزم الحلبيون هزيمة قبيحة وقتل منهم
خلق كثير، منهم الصالح بن الأفضل بن صلاح الدين، وأسر مقدم جيش المعظم، واستولى الخوارزميون على أثقال الحلبيين وأسروا منهم عدة كثيرة. وكانوا يقتلون بعض الأسرى ليشتري غيره نفسه منهم بماله فأخذوا بذلك شيئاً كثيراً، ثم نزل الخوارزمية على حيلان وكثر عيثهم وفسادهم ونهبهم في أرجاء حلب، وأحرقوا
الأقوات في القرى، ودخلوا مدينة حلب واستعد أهلها للحصار، وارتكب الخوارزمية من الفواحش والقتل ما ارتكبه التتر، ثم سار الخوارزمية إلى منبج وفعلوا فيها من القتل والنهب مثل ما تقدم ورجعوا إلى حران وما معها. ثم قصدوا إلى الجبول ثم إلى تل عزاز ثم إلى سرمين ودخلوا دار الدعوة الإسماعيلية ووافوا المعرة وهم ينهبون ما يجدونه، وقد جفل الناس من بين أيديهم.
وكان قد وصل المنصور إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص ومعه عسكر من عسكر الصالح إسماعيل المستولي على دمشق نجدة للحلبيين، فاجتمع الحلبيون مع صاحب حمص المذكور وقصدوا الخوارزمية واستمرت الخوارزمية على ما هم عليه من النهب حتى نزلوا على شيزر ونزل عسكر حلب على تل السلطان، ثم رحلت الخوارزمية إلى جهة حماة ولم يتعرضوا إلى نهب لانتماء صاحبها المظفر إلى الصالح أيوب، ثم سارت الخوارزمية إلى سلمية فالرصافة طالبين الرقة، وسار عسكر حلب من تل السلطان إليهم ولحقتهم العرب فألقت الخوارزمية ما كان معهم من المكاسب وأطلقوا الأسرى.
ووصلت الخوارزمية إلى الفرات ولحقهم عسكر حلب وصاحب حمص قاطع صفين فعمل لهم الخوارزمية ستائر ووقع القتال بينهم إلى الليل، فقطع الخوارزمية الفرات وساروا إلى حران فسار عسكر حلب إلى البيرة وقطعوا الفرات منها، وقصدوا الخوارزمية واتقعوا قريب الرها، فولى الخوارزميون وركب صاحب حمص وعسكر حلب أقفيتهم يقتلون ويأسرون. ثم سار عسكر حلب إلى حران فاستولوا عليها، وهربت الخوارزمية إلى عانة وبادر صاحب الموصل إلى نصيبين ودارا وكانت للخوارزمية فاستولى عليهما، وخلص من كان بهما من الأسرى، وكان منهم المعظم توران شاه أسيراً في دارا من حين أسروه في كسرة الحلبيين، واستولى عسكر حلب على الرقة