الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروينا بإسنادنا الصحيح في رسالة الأستاذ أبي القاسم القُشيري رحمه الله، عن أحمد بن عطاء الروذباري السيد الجليل رضي الله عنه قال: كان لي استقصاء في أمر الطهارة، وضاق صدري ليلة لكثرة ما صببتُ من الماء ولم يسكنْ قلبي، فقلت: يا ربّ عفوك عفوك، فسمعتُ هاتفًا يقول: العفو في العلم، فزال عني ذلك. وقال بعض العلماء: يستحبّ قول "لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ" لمن ابتلي بالوسوسة في الوضوء أو في الصلاة أو شبههما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس: أي تأخر وبعد، ولا إِله إِلَاّ اللَّه رأسُ الذكر، ولذلك اختار السادة الأجلّة من صفوة هذه الأمة أهل تربية السالكين وتأديب المريدين قول: لا إِله إِلَاّ الله لأهل الخلوة وأمروهم بالمداومة عليها، وقالوا: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإِقبال على ذكر الله تعالى والإِكثار منه. وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري ـ بفتح الراء وكسرها ـ شكوتُ إلى أبي سُليمان الداراني الوسواس، فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك، فأيّ وقت أحْسَسْتَ به فافرح، فإنك إذا فرحتَ به انقطع عنك، لأنه ليس شيء أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك. قلت: وهذا مما يُؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يُبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللصّ لا يقصد بيتًا خربًا.
94 ـ بابُ ما يُقرأُ على المَعْتُوهِ والمَلْدُوغ
[1/ 337] روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
انطلق نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفْرة سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافُوهم فأبوا
[337] البخاري (5749)، ومسلم (2201). والمراد بقوله "الحمد لله ربّ العالمين" سورة الفاتحة كاملة.
أن يُضيِّفوهم، فلُدغ سيِّدُ ذلك الحيّ، فسعَوْا له بكل شيء لا ينفعُه شيءٌ، فقال بعضُهم: لو أتيتم هؤلاء الرَّهَطَ الذين نزلوا لعلَّهم أن يكونَ عندهم بعضُ شيءٍ، فأتوهُم فقالوا: يا أيُّها الرَّهط إنَّ سيدنا لُدغ وسعينا له بكلّ شيءٍ لا ينفعه شيء، فهل عندَ أحدٍ منكم من شيءٍ؟ قال بعضُهم: إني والله لأَرْقي، ولكنْ والله لقد استضفناكم فلم تضيِّفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلًا (1)، فصالحُوهم على قطيع من الغنم، فانطلقَ يتفلُ عليه ويقرأُ:(الحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العَالَمِينَ)، فكأنما نَشِطَ من عِقَال، فانطلقَ يمشي وما به قَلَبَة، فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه، وقال بعضُهم: اقسموا فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبيّ صلى الله عليه وسلم فنذكرَ له الذي كان، فننظر الذي يأمرنا، فقدموا على النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال:"وَما يُدْرِيكَ أنها رُقْيَةٌ؟ ثم قال: قَدْ أصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لي مَعَكُم سَهمًا"، وضحك النبيّ صلى الله عليه وسلم. هذا لفظ رواية البخاري وهي أتمّ الروايات. وفي رواية "فجعل يقرأ أُمّ الكتاب ويجمع بزاقه ويتفل، فبرىء الرجل" وفي رواية "فأمر له بثلاثين شاة".
قلت: قوله "وما به قَلَبَة" وهي بفتح القاف واللام والباء الموحدة: أي وجع.
[2/ 338] وروينا في كتاب ابن السني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل عن أبيه قال:
جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي وجع، فقال:"وَما وَجَعُ أخِيكَ؟ قال: به لمم، قال: فابْعَث بِهِ إليَّ"، فجاء
[338] ابن السني (637) وإسناده ضعيف، انظر الفتوحات 4/ 42.
(1)
جُعلًا بضم الجيم: اسم مصدر والمصدر الجَعل بالفتح، يقال: جعلت كذا جُعلًا وجَعلًا: وهو الأجرة على الشيء فعلًا أو قولًا، كذا في النهاية. وقد ورد عند أبي داود وابن حبّان قال "فأعطوني مِئَةَ شاة، فقلت لا" أي لا آخذه
فجلس بين يديه، فقرأ عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم: فاتحة الكتاب، وأربع آياتٍ من أوّل سورة البقرة، وآيتين من وسطها:{وإلهُكُمْ إِلهُ وَاحِدٌ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ. إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ} حتى فرغ من الآية [البقرة: 163ـ164] وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة، وآية من أوّل سورة آل عمران، و {شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ ..} إلى آخر الآية [آل عمران: 18] وآية من سورة الأعراف: {إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ} [الأعراف:54] وآية من سورة المؤمنين: {فَتَعَالى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِله إِلَاّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ} [المؤمنون:116] وآية من سورة الجنّ: {وأنَّه تَعالى جَدُّ رَبِّنا ما اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا} [الجن: 3] وعشر آيات من سورة الصّافّات من أوّلها، وثلاثًا من آخر سورة الحشر، و {قل هو الله أحد} والمعوّذتين. قلت: قال أهل اللغة: اللمم طرف من الجنون يلمّ بالإِنسان ويعتريه.
[3/ 339] وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح، عن خارجة بن الصلت، عن عمّه قال:
أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسلمت، ثم رجعتُ فمررتُ على قوم عندهم رجل مجنون مُوثق بالحديد فقال أهله: إنّنا حُدِّثنا أن صاحبَك هذا قد جاء بخير، فهل عندك شيءٌ تُداويه، فرقيته بفاتحة الكتاب فبرىء، فأعطوني مِئَةَ شاة، فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال:"هَلْ إِلَاّ هَذَا؟ " وفي رواية: "هَلْ قُلْتَ غَيْرَ هَذَا؟ قلتُ: لا، قال: خُذْها فَلَعَمرِي لَمَنْ أكَلَ بِرُقْيَةِ باطِلٍ، لَقَدْ أكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ".
[4/ 340] وروينا في كتاب ابن السني بلفظ آخر، وهي رواية أخرى
[339] ابن السني (636) وإسناده ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر: أخرجه ابن السني، والطبراني، وابن أبي حاتم.
[340]
أبو داود (3896) وإسناده حسن، أخرجه أبو داود وابن حبّان والحاكم. الفتوحات 4/ 44.