الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 ـ بابُ أَذْكَارِ السُّجودِ
فإذا فرغ من أذكار الاعتدال كبَّرَ وهوى ساجدًا ومدّ التكبير إلى أن يضع جبهته على الأرض. وقد قدَّمنا حكمّ هذه التكبيرة وأنها سنّة لو تركها لم تبطلْ صلاتُه ولا يسجد للسهو، فإذا سجد أتى بأذكار السجود، وهي كثيرة:
فمنها ما رويناه في صحيح مسلم من رواية حذيفة المتقدمة في الركوع في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، حين قرأ البقرة وآل عمران والنساء في الركعة الواحدة، لا يمرّ بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ، قال: ثم سجد فقال: "سُبحان ربي الأعلى" فكان سجوده قريبًا من قيامه (1).
[1/ 118] وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي".
[2/ 119] وروينا في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ما قدّمناه في الركوع:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سُبُّوحٌ قُدُّوس، رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ".
[3/ 120] وروينا في صحيح مسلم أيضًا عن عليّ رضي الله عنه:
أن رسول الله كان إذا سجد قال: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، ولَكَ
[118] البخاري (794)، ومسلم (484)، وانظر تخريجه برقم 2/ 106.
[119]
مسلم (487)، وانظر تخريجه برقم 4/ 108.
[120]
مسلم (771)، وأبو داود (760)، والترمذي (3417) و (3418) و (3419)، والنسائي 2/ 130.
(1)
مسلم (772)، وقد تقدم في باب أذكار الركوع برقم 1/ 105
أسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي للَّذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقين".
[4/ 121] وروينا في الحديث الصحيح في كتب السنن، عن عوف بن مالك ما قدّمناه في فصل الركوع:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعَ ركوعَه الطويل يقول فيه: "سُبْحانَ ذِي الجَبُروتِ والمَلَكُوتِ وَالكِبْرِياء والعظمة" ثم قال في سجوده مثل ذلك.
[5/ 122] وروينا في كتب السنن
أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "وَإذا سَجَدَ ـ أي أحدكم ـ فَلْيَقُلْ: سُبْحانَ رَبيَ الأعْلى ثلاثًا، وذلك أدْناهُ".
[6/ 123] وروينا في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
تفقدت النبيّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فتجسست، فإذا هو راكع أو ساجد يقول:" سُبْحَانَكَ وبِحَمْدِكَ لا إلهَ إِلَاّ أنْتَ"، وفي رواية في مسلم: فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: "اللَّهُمَّ أعُوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخطِكَ، وبِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ، أنْتَ كمَا أثْنَيْتَ على نَفْسِكَ".
[7/ 124] وروينا في صحيح مسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وأمَّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا في الدُّعاءِ فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُم".
[121] أبو داود (873)، والنسائي 2/ 191، والترمذي في الشمائل، وقد تقدم برقم 5/ 109.
[122]
أبو داود (886)، والترمذي (261)، وابن ماجه (890) عن عبد الله بن مسعود، وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبّون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات.
[123]
مسلم (486)، والموطأ 1/ 214، وأبو داود (879)، والترمذي (3491)، والنسائي 2/ 225 و 223.
[124]
مسلم (479)، وأبو داود (876)، والنسائي 2/ 189.
يُقال: قمن بفتح الميم وكسرها، ويجوز في اللغة قمين، ومعناه: حقيق وجدير.
[8/ 125] وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاء".
[9/ 126] وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة أيضًا،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ وأوّلَهُ وآخِرَهُ وَعَلانِيَتَهُ وَسِرَّه". دِقه وجِلّه: بكسر أولهما، ومعناه: قليله وكثيره.
واعلم أنه يستحبّ أن يجمع في سجوده جميع ما ذكرناه، فإن لم يتمكن منه في وقت أتى به في أوقات، كما قدّمناه في الأبواب السابقة، وإذا اقتصر يقتصر على التسبيح مع قليل من الدعاء، ويُقدِّمُ التسبيحَ، وحكمه ما ذكرناه في أذكار الركوع من كراهة قراءة القرآن فيه، وباقي الفروع.
[فصل]: اختلف العلماء في السجود في الصلاة والقيام أيُّهما أفضل؟ فمذهب الشافعي ومن وافقه: القيام أفضل، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث في صحيح مسلم "أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ"(1)" ومعناه القيام، ولأن ذكر القيام هو القرآن، وذكر السجود هو التسبيح، والقرآن أفضل، فكان ما طوّلَ به أفضل. وذهب بعض العلماء إلى أن السجود أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدّم: "أقْرَبُ ما يَكُونَ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ
[125] مسلم (482).
[126]
مسلم (483)، وأبو داود (878).
(1)
مسلم (4)
ساجدٌ" (1). قال الإِمام أبو عيسى الترمذي في كتابه: اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: طولُ القيام في الصلاة أفضل من كثرة الركوع والسجود. وقال بعضهم: كثرةُ الركوع والسجود أفضلُ من طول القيام. وقال أحمد بن حنبل: روي فيه حديثان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يقضِ فيه أحمدُ بشيء. وقال إسحاق: أما بالنهار فكثرةُ الركوع والسجود، وأما بالليل فطولُ القيام، إلا أن يكون رجل له جزء بالليل يأتي عليه، فكثرة الركوع والسجود في هذا أحبُّ إليّ لأنه يأتي على حزبه، وقد ربح كثرة الركوع والسجود. قال الترمذي: وإنما قال إسحاق هذا لأنه وصفَ صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بالليل ووصفَ طول القيام. وأما بالنهار فلم يُوصف من صلاته صلى الله عليه وسلم من طول القيام ما وُصف بالليل.
[فصل]: إذا سجد للتلاوة استُحبّ أن يقول في سجوده ما ذكرناه في سجود الصلاة، ويستحبّ أن يقول معه: اللَّهُمَّ اجْعَلْها لي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وأعْظِمْ لي بِهَا أجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِها وِزْرًا، وَتَقَبَّلْها مِنِّي كما تَقَبَّلْتَها مِنْ دَاوُدَ عليه السلام. ويُستَحبّ أن يقول أيضًا:{سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا} [الإِسراء: 108] نصَّ الشافعي على هذا الأخير.
[10/ 127] روينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن: "سَجَدَ وَجْهِي للَّذي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ". قال الترمذي: حديث صحيح، زاد الحاكم:" فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ" قال: وهذه الزيادة صحيحة على شرط الصحيحين. وأما قوله "اللَّهمّ اجعلها لي عندك
[127] أبو داود (1414)، والترمذي (580)، والنسائي 2/ 222، والحاكم في المستدرك 1/ 220 وصححه، ووافقه الذهبي.
(1)
مسلم (482)