الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[3/ 449] روينا في صحيح البخاري وغيره عن أسماء رضي الله عنها قالت:
لقد أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالعَتَاقة في كسوف الشمس. والله أعلم.
135 ـ بابُ الأذْكَار في الاسْتسقَاءِ
يستحبّ الإِكثار فيه من الدعاء والذكر والاستغفار بخضوع وتذلل، والدعوات المذكورة فيه مشهورة: منها "اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقًا (1) مُجَلِّلًا (2) سَحًّا (3) عامًّا طَبَقًا دَائِمًا؛ اللَّهُمَّ على الظِّرَابِ وَمَنابِتِ الشَّجَرِ، وَبُطُونِ الأوْدِيَةِ؛ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفّارًا، فأرْسلِ السَّماءَ عَلَيْنا مِدْرَارًا؛ اللَّهُمَّ اسْقِنا الغَيْثَ وَلاتَجْعَلْنا مِنَ القَانِطِينَ.
اللَّهُمَّ أنْبِتْ لَنا الزَّرْعَ، وَأدِرَّ لَنا الضَّرْعَ، وَاسْقِنا مِنْ بَرَكاتِ السَّماءِ، وأنْبِتْ لَنا مِنْ بَرَكاتِ الأرْضِ؛ اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الجَهْدَ وَالجُوعَ والعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ البَلاءِ ما لا يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ" ويُستحبّ إذا كان فيهم رجلٌ مشهورٌ بالصلاح أن يستسقوا به فيقولوا:"اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَسْقِي وَنَتَشَفَّعُ إِلَيْكَ بِعَبْدِكَ فُلانٍ".
[449] البخاري (1054)، ومسلم (905)، والموطأ 1/ 188، والنسائي 3/ 151. و"العَتَاقة": فكّ الرقاب من العبودية.
(1)
"غدقًا": بفتح الغين المعجمة والدال المهملة وبكسر الدال المهملة أيضًا. قال الأزهري الغدق: الكثير الماء والخير. وقال ابن الجزري: المطر الكبار القطر. قال الجوهري: غدقت العين بالكسر: أي غرزت، فالغدق بالفتح مصدر، وبالكسر صفة
(2)
"مجللًا" بكسر اللام: أي يجلل البلاد والعباد نفعه ويتغشاهم بخيره. قال ابن الجزري: ويروى بفتح اللام على المفعول. قال في الحرز: ولعلّ معناه حينئذ واصلًا إلى جميع جوانب الأرض كالشيء المجلل انتهى، والظاهر موصلًا بصيغة اسم المفعول إلى جميع جوانب الأرض
(3)
"سحًّا": بفتح السين وتشديد الحاء المهملتين: أي شديد الوقع على الأرض، يقال سَحَّ الماء يَسحُّ: إذا سال من فوق إلى أسفل، وساحَ الوادي يَسيحُ إذا جرى على وجه الأرض، والعام: الشامل. و"الظِّراب" جمع ظرِب، وهو الجبل المنبسط ليس العالي
[1/ 450] روينا في صحيح البخاري،
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللَّهمّ إنّا كنّا نتوسلُ إليك بنبيّنا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنّا نتوسلُ إليك بعمّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم فاسقنا، فيُسقون.
وجاء الاستسقاء بأهل الصلاح عن معاوية وغيره، والمستحبّ أن يقرأُ في صلاة الاستسقاء ما يقرأ في صلاة العيد، وقد بيّناه، ويُكَبِّر في افتتاح الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمسَ تكبيرات كصلاة العيد، وكل الفروع والمسائل التي ذكرتها في تكبيرات العيد السبع والخمس يجيءُ مثلها هنا، ثم يخطب خطبتين يُكثر فيهما من الاستغفار والدعاء.
[2/ 451] روينا في سنن أبي داود، بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
أَتَتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم بَوَاكٍ فقال: "اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيًّا سَرِيعًا نافعًا غَيْرَ ضَارّ، عاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ"، فأطْبَقَتْ علَيْهِمُ السَّماءُ.
[3/ 452] وروينا فيه بإسناد صحيح، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال:
كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: "اللَّهُمَّ اسْقِ عِبادَكَ وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وأحْيِ بَلَدَكَ المَيِّتَ".
[4/ 453] وروينا فيه بإسناد صحيح، قال أبو داود في آخره: هذا إسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها قالت:
شكا الناسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[450] البخاري (1010).
[451]
أبو داود (1169) وبهامشه: وفي نسخة الخطابي "رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُواكي" بضم الياء، ومعناه: يعتمد على يديه، أي: يرفعهما ويمدّهما في الدعاء. وبواكٍ: جمع باكية: أي نساء باكيات من القحط وقلة المطر.
[452]
أبو داود (1176)، وإسناده حسن، ورواه الموطأ 1/ 190ـ191 مرسلًا.
[453]
أبو داود (1173)، وقال: هذا حديث غريب، وإسناده جيد.
قحوطَ المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناسَ يومًا يخرجون فيه، فخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بَدَا حاجبُ الشمس، فقعدَ على المنبر فكبَّرَ وحَمِد الله عزّوجلّ، ثم قال:"إنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيارِكُمْ، وَاسْتِئْخارَ المَطَرِ عَنْ إبَّانِ زَمانِه عَنْكُمْ، وَقَدْ أمَرَكُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثم قال: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدَّينِ، لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أنْتَ اللَّهُ لَا إِلهَ أَنْت الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَراءُ، أنْزِلْ عَلَيْنا الغَيْثَ، وَاجْعَلْ ما أنْزَلْتَ لَنا قُوَّةً وَبَلاغًا إلى حِينٍ" ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوّل إلى الناس ظهرَه وقَلبَ، أو حَوّل رداءَه وهو رافع يديه، ثم أقبلَ على الناس ونزلَ فصلى ركعتين، فأنشأ اللَّه عز وجل سحابة، فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأتِ مسجدَه حتى سالت السيولُ، فلما رأى سرعتَهم إلى الكِنّ (1) ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال:"أشْهَدُ أنَّ اللَّهَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأنّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ".
قلت: إبّان الشيء وقته، وهو بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة. وقحوط المطر، بضم القاف والحاء: احتباسه، والجدب، بإسكان الدال المهملة: ضد الخصب. وقوله ثم أمطرت، هكذا هو بالألف، وهما لغتان: مطرت، وأمطرت، ولا التفات إلى مَن قال: لا يُقال أمطر بالألف إلا في العذاب. وقوله: بدتْ نواجذه: أي ظهرت أنيابه، وهي بالذال المعجمة.
واعلم أن في هذا الحديث التصريح بأن الخطبة قبل الصلاة، وكذلك هو مصرّح به في صحيحي البخاري ومسلم، وهذا محمول على
(1)"الكِنّ" بكسر الكاف وتشديد النون، ما يُردُّ به الحرُّ والبرد من المساكن. وكان ضحك صلى الله عليه وسلم من طلبهم المطر اضطرارًا، ثم طلبهم الكِنّ عنه فرارًا