الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الغابِرِينَ، وَارْفَعْهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَعْدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ! ".
124 ـ بابُ ما يقولُه بعدَ الدَّفْن
السنّة لمن كان على القبر أن يحثي في القبر ثلاث حثيات بيديه جميعًا من قِبل رأسه. قال جماعة من أصحابنا: يُستحبّ أن يقول في الحثية الأولى: {مِنْها خَلَقْناكُم} وفي الثانية: {وفِيها نُعِيدُكُمْ} وفي الثالثة: {وَمِنْها نُخرِجُكُمْ تارَةً أُخْرَى} [طه:56]. ويُستحبّ أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما يُنحر جزور ويُقسم لحمُها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين.
[1/ 417] روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عليّ رضي الله عنه قال:
كنّا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقعدَ وقعدنا حولَه ومعه مِخصَرَة، فنكسَ وجعلَ ينكتُ بمخصرته، ثم قال: "ما مِنْكُمْ مِنْ
[417] البخاري (1362)، ومسلم (2647)، وأبو داود (4694)، والترمذي (2137) و (3341). ومعنى "مِخْصَرَة" بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح الصاد والراء المهملتين، وهو كما في النهاية: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مِقرعة أو قضيب، وهو يتكىء عليه. و"ينكت": وفي نسخة: ينكت في الأرض، في الصحاح: ينكت في الأرض بقضيب: أي يضرب ليؤثر فيها. وفي النهاية: ينكت الأرض بقضيب: هو أن يؤثر فيها بطرقه، فعل المفكر المهموم. و"فكلّ ميسر لما خلق له": قال شارح الأنوار السنية: قال ابن الجوزي: الميسر للشيء: المهيأ له المصرف فيه، والتيسير: التسهيل للفعل، وإنما أراد أن يكونوا في عملهم الظاهر خائفين مما سبق به القضاء فيحسن السير بين العمل وقائد الخوف.
أحَدٍ إِلَاّ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، فقالوا: يارسول الله! أفلا نتكلُ على كتابنا؟ فقال: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" وذكر تمام الحديث.
[2/ 418] وروينا في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما يُنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنسَ بكم وأنظرَ ماذا أراجعُ به رسلَ ربي.
[3/ 419] وروينا في سنن أبي داود والبيهقي، بإسناد حسن، عن عثمان رضي الله عنه قال:
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرغَ من دفن الميت وقفَ عليه فقال: "اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فإنَّهُ الآنَ يُسْألُ" قال الشافعي والأصحاب: يُستحبّ أن يقرؤوا عنده شيئًا من القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآن كلَّه كان حسنًا.
[4/ 420] وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن؛ أن ابن عمر استحبَّ أن يقرأ على القبر بعد الدفن أوّل سورة البقرة وخاتمتها.
[فصل]: وأما تلقينُ الميّت بعد الدفن فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه، وممّن نصَّ على استحبابه: القاضي حسين في تعليقه، وصاحبه أبو سعد المتولي في كتابه "التتمة"، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإِمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب. وأما لفظه فقال الشيخ نصر: إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول: يا فلان بن فلان! ذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا: شهادة أن لا إِلهَ إِلَاّ الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا
[418] مسلم (121).
[419]
أبو داود (3221)، والبيهقي 4/ 56، وحسّنه الحافظ.
[420]
البيهقي 4/ 56 وقال الحافظ: هذا موقوف حسن.