الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضعه، فإن مدّ الهمزة من الله، أو أشبع فتحة الباء من أكبر بحيث صارت على لفظ أكبار لم تصحّ صلاته.
[فصل]: اعلم أن الصلاة التي هي ركعتان شُرِع فيها إحدى عشرة تكبيرة، والتي هي ثلاث ركعات سبع عشرة تكبيرة، والتي هي أربع ركعات اثنتان وعشرون تكبيرة، فإن في كل ركعة خمس تكبيرات: تكبيرة للركوع، وأربعًا للسجدتين والرفع منهما. وتكبيرة الإِحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الأوّل.
ثم اعلم أن جميع هذه التكبيرات سنّة لو تركها عمدًا أو سهوًا لا تبطلُ صلاتُه ولا تحرم عليه ولا يسجد للسهو، إلا تكبيرة الإِحرام فإنها لا تنعقد الصلاة إلا بها بلا خلاف، والله أعلم.
35 ـ بابُ ما يقوله بعد تكبيرة الإِحرام
اعلم أنه قد جاءت فيه أحاديث كثيرة يقتضي مجموعها أن يقول: اللَّهُ أكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ الله بُكْرَةً وَأصِيلًا، وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وما أنا من المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأنَا مِنَ المُسْلِمينَ، اللَّهُمَّ أنْتَ المَلكُ لا إلهَ إِلَاّ أنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وأنا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي واعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، فإنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أنْتَ، وَاهْدِني لأحْسَنِ الأخْلاقِ لا يَهْدِي لأحْسَنها إلَاّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَها لا يَصْرِفُ سَيِّئَها إِلَاّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ والخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أنا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبارَكْتَ وَتعالَيْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ. ويقول: اللَّهُمَّ باعِد بَيْني وبَيْنَ خَطايايَ كما بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطايايَ كما يُنَقّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطايايَ بالثَّلْجِ وَالمَاءِ وَالبَرَدِ.
فكل هذا المذكور ثابت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجاء في الباب أحاديث أُخَر منها:
[1/ 101] حديث عائشة رضي الله عنها:
كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعالى جَدُّكَ، وَلَا إلهَ غَيْرُكَ". رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه بأسانيد ضعيفة، وضعّفه أبو داود والترمذي والبيهقي وغيرهم، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي من رواية أبي سعيد الخدري وضعفوه.
قال البيهقي: وروي الاستفتاح بـ "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ" عن ابن مسعود مرفوعًا، وعن أنس مرفوعًا، وكلها ضعيفة. قال: وأصحُّ ما روي فيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم رواه بإسناده عنه؛ أنه كبر ثم قال: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وتَعَالى جَدُّكَ، وَلا إلهَ غَيْرُك. (1). والله أعلم.
[2/ 102] وروينا في سنن البيهقي، عن الحارث، عن عليّ رضي الله
[101] أبو داود (776)، والترمذي (243)، وابن ماجه (806)، عن عائشة رضي الله عنها، وأبو داود (775)، والترمذي (242)، وابن ماجه (804) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الحافظ ابن حجر بعد تخريج الحديث من طرق: حديث حسن، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي. وهو في المستدرك 1/ 235 وصححه، ووافقه الذهبي وقال: وشاهدُه عند أحمد في مسنده.
[102]
البيهقي 2/ 33 (باب افتتاح الصلاة بعد التكبير). وتعقب الحافظ ابن حجر الشيخ النووي فيما قاله عن الحارث الأعور، فقال هو متعقب فيما قاله ـ أي متفق على ضعفه ـ فقد وثّقه يحيى بن معين في سؤالات الدارمي، وفي تاريخ العباس الدوري، وأما ما نقله عن الشعبي فقد أوضح أحمد بن صالح إذ قال: الحارث صاحب علي ثقة =
(1)
البيهقي 2/ 34، وقال الحافظ: حديث عمر موقوف صحيح
عنه قال:
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: "لا إلهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَعَمِلْتُ سُوءًا فاغْفِرْ لي إنَّهُ لا يَغْفرُ الذنُوبَ إِلَاّ أَنْتَ، وَجَّهْتُ وَجْهيَ. إلى آخِرِه" وهو حديث ضعيف، قال: الحارث الأعور: متفق على ضعفه، وكان الشعبيّ يقول: الحارث كذّاب، والله أعلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ" فاعلم أن مذهب أهل الحق من المحدّثين والفقهاء والمتكلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين أن جميع الكائنات خيرها وشرَّها، نفعَها وضَرّها كلها من الله سبحانه وتعالى، وبإرادته وتقديره، وإذا ثبت هذا فلا بدّ من تأويل هذا الحديث، فذكر العلماء فيه أجوبة: أحدها: وهو أشهرها قاله النضر بن شُمَيْلِ والأئمة بعده، معناه: والشرّ لا يتقرّب به إليك، والثاني: لا يصعد إليك، إنما يصعد الكَلِم الطيب، والثالث: لا يضاف إليك أدبًا، فلا يقال:(يا خالق الشَّرِّ وإن كان خالقه، كما لا يقال)(1) يا خالق الخنازير وإن كان خالقها، والرابع: ليس شرًّا بالنسبة إلى حكمتك، فإنك لا تخلق شيئًا عبثًا، والله أعلم.
[فصل]: هذا ما ورد من الأذكار في دعاء التوجه، فيستحبّ الجمع بينها كلها لمن صلى منفردًا، وللإِمام إذا أذن له المأمومون. فأما إذا لم يأذنوا له فلا يطوِّل عليهم بل يقتصر على بعض ذلك، وحَسُنَ اقتصارُه على: وجّهت وجهي إلى قوله: من المسلمين، وكذلك المنفرد الذي يُؤثر التخفيف.
واعلم أن هذه الأذكار مستحبّة في الفريضة والنافلة، فلو تركه في
= ما أحفظه، وما أحسن ما روى عن علي. قيل له: فما يقوله الشعبي فيه. قال: لم يكن يكذب في حديثه، وإنما كان يكذب في رأيه. الفتوحات 2/ 178ـ179).
(1)
أثبتها من الفتوحات الربانية 2/ 181