الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث التي عليها مدار الاسلام
[فصل]: في آخر ما قصدتُه من هذا الكتاب، وقد رأيتُ أن أضمَّ إليه أحاديث تتمُّ محاسنُ الكتاب بها إن شاء الله تعالى، وهي الأحاديث التي عليها مدارُ الإِسلام (1)، وقد اختلفَ العلماءُ فيها اختلافًا منتشرًا، وقد اجتمعَ مِن تداخل أقوالهم مع ما ضممتُه إليها ثلاثون حديثًا.
1062 -
الحديث الأول: حديثُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"إنَّمَا الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ" وقد سبق بيانَه في أول هذا الكتاب.
[1062] البخاري (1)، ومسلم (1907) وقد تقدم.
(1)
"الأحاديث التي عليها مدار الإِسلام": المَدار: اسم مكان من الدوران، وهي لغة الحركة في السكك، واصطلاحًا: ترتب الشيء على الشيء الذي له صلاحية العلية وجودًا أو عدمًا، أو معًا، والأول يُسمى الدائر، والثاني المدار. وقد أطلق مؤلفو كتب المصادر الحديثية ـ من العلماء الكبار في علم الرواية والدراية ـ على عدد من الأحاديث النبوية: أنها أحاديث كلية جامعة؛ لأنها عليها مدار الإِسلام، أو نصفه، أو ثلثه. وقد جمع الإِمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح أقوال العلماء في تحديد أعيان عدد هذه الأحاديث فبلغت ستة وعشرين حديثًا، وقد أملاها في مجلس سمّاه: الأحاديث الكلية. وضم إليها النووي رحمه الله أربعة أحاديث فأصبحت ثلاثين وختم بها كتابه "الأذكار"، ثم زاد عليها في كتابه "الأربعين حديثًا النووية" اثني عشر حديثًا، فوصلت إلى اثنين وأربعين. انظر الفتوحات الربانية 7/ 295 ومقدمة كتاب "الوافي في شرح الأربعين النووية" تأليف محي الدين مستو ود. مصطفى البغا الطبعة الرابعة 1406 هـ ـ دار ابن كثير
1063 -
الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا ما لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" رويناه في صحيحي البخاري ومسلم.
1064 -
الثالث: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:
سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبرأ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، ألَا وَإنَّ حِمَى اللَّهِ تَعالى مَحَارِمُهُ، ألا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألَا وَهِيَ القَلْبُ" رويناه في صحيحيهما.
1065 -
الرابع: عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال:
حدّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بأرْبَعِ كَلِماتٍ: بِكَتْب رِزْقِهِ وَأجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ، فَوَ الَّذي لا إِلهَ غَيْرُهُ إنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتَّى ما يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَها إلَاّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهل النَّارِ فيدْخُلُها، وَإنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى ما يَكُونُ بَيْنَهُ
[1063] البخاري (2697)، ومسلم (1718)(18)، وأبو داود (4606)، وابن ماجه (14) في المقدمة.
[1064]
البخاري (52)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3329) و (3330)، والترمذي (1205)، والنسائي 7/ 241. ومعنى "بيّن": ظاهر. و"مشتبهات": مشكلات؛ لما فيها من شبه الحلال والحرام، فتشبه مرة هذا ومرة هذا.
[1065]
البخاري (3208)، ومسلم (2643)، ومعنى "يجمع": يُقدَّر ويمكث.
وبَيْنَها إِلَاّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُها" رويناه في صحيحيهما.
1066 -
الخامس: عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما، قال:
حَفِظتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ" رويناه في الترمذي والننسائي، قال الترمذي: حديث صحيح. قوله يَريبك بفتح الياء وضمّها لغتان، والفتح أشهر.
1067 -
السادس: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ" رويناه في كتاب الترمذي وابن ماجه، وهو حسن.
1068 -
السابع: عن أنس رضي الله عنه،
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحبُّ لِنَفْسِهِ" رويناه في صحيحيهما.
1069 -
الثامن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ تَعالى طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلَاّ طَيِّبًا، وَإنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقالَ تَعالى:{يا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51] وَقالَ تعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعث أغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ: يا رَبّ يا رَبّ،
[1066] الترمذي (2520)، والنسائي 8/ 327 - 328، ورواه أحمد في المسند 6/ 153، وإسناده صحيح. ومعنى "يريبك": الريب: الشك والتُّهمة، أي دع ما يوقعك في التهمة والشك، وتجاوزه إلى ما لا يوقعك فيهما.
[1067]
الترمذي (2318)، وابن ماجه (3976)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، والترمذي (2319)، ومالك في الموطا 2/ 903، عن علي بن الحسين مرسلًا.
[1068]
البخاري (13)، ومسلم (45)، والنسائي 8/ 115، والترمذي (2517)، وابن ماجه.
[1069]
مسلم (1015). في المقدمة. ومعنى "لا يؤمن" أي الإيمان الكامل الحقيقي.
وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِي بالحَرَامِ، فأنّى يُسْتَجابُ لِذَلِكَ؟ " رويناه في صحيح مسلم.
1070 -
التاسع: حديث "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ" رويناه في الموطأ مرسلًا، وفي سنن الدارقطنيّ وغيره من طرق متصلًا، وهو حسن.
1071 -
العاشر: عن تميم الداري رضي الله عنه:
أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الدّين النَّصِيحَةُ، قلنا: لم؟ قال: لِلَّهِ، وَلِكِتابِهِ، وَلِرسُولهِ، ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِم" رويناه في مسلم.
1072 -
الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه؛
أنه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "ما نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فاجْتَنِبُوهُ، وَما أمَرْتُكُمْ بِهِ فافْعَلُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ فإنَّما أهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسائِلِهِمْ وَاخْتِلافهُمْ على أنْبِيائِهِمْ" رويناه في صحيحيهما.
1073 -
الثاني عشر: عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلّني على عمل إذا عملتُه أحبّني
[1070] الموطأ 2/ 745 في الأقضية، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، مرسلًا. وابن ماجه (2340) و (2341) من حديث عبادة بن الصامت، وابن عباس. والدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه، ومجموعها يقوّي الحديث ويحسِّنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به.
[1071]
مسلم (55)، والترمذي (1927) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[1072]
البخاري (7288)، ومسلم (1337) والترمذي (2681)، والنسائي 5/ 110.
[1073]
ابن ماجه (4102)، وقال في الزوائد: في إسناده خالد بن عمرو، وهو ضعيف متفق على ضعفه، واتهم بالوضع. لكن للحديث شواهد رواها الطبراني في الكبير، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 136، والحاكم في المستدرك 4/ 313، وابن حبّان في "روضة العقلاء"، والبيهقي في شعب الإيمان.
الله وأحبّني الناس؟ فقال: "ازْهَدْ في الدُّنْيا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ" حديث حسن رويناه في كتاب ابن ماجه.
1074 -
الثالث عشر: عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلمٍ يَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ وأنِّي رَسولُ الله إِلَاّ بإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ المُفَارِقِ للجَمَاعَةِ" رويناه في صحيحيهما.
1075 -
الرابع عشر: عن ابن عمر رضي الله عنهما؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاة، فإذَا فَعَلُوا ذلكَ عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ وَأمْوَالَهمْ إِلَاّ بِحَقِّ الإِسْلَامِ، وَحِسابُهُمْ على الله تعالى" رويناه في صحيحيهما.
1076 -
الخامس عشر: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ على خَمْسٍ: شَهادَةِ أن لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإقامِ الصَّلاةِ، وَإيتاءِ الزَّكاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ" رويناه في صحيحيهما.
1077 -
السادس عشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما؛
أن رسول
[1074] البخاري (6878)، ومسلم (1676)، وأبو داود (4352)، والترمذي (1402)، والنسائي 7/ 90 - 91.
[1075]
البخاري (25)، ومسلم (22).
[1076]
البخاري (8)، ومسلم (16)، والترمذي (2736)، والنسائي 8/ 107.
[1077]
رواه البيهقي بهذا اللفظ، وهو عند أبي داود (3619)، والترمذي (1343)، والنسائي 8/ 248. وبعضه في البخاري (4552)، ومسلم (1711).
الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى رجالٌ أمْوَالَ قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي وَاليَمِينُ على مَنْ أنْكَرَ" هو حسن بهذا اللفظ، وبعضه في الصحيحين.
1078 -
السابع عشر: عن وَابِصَةَ بن معبد رضي الله عنه؛
أنه أتى رسولَ الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فقال: "جِئْتَ تَسألُ عَنِ البِرّ وَالإِثْمِ؟ قال: نعم، فقال: اسْتَفْتِ قَلْبَكَ: البِرُّ ما اطْمأنَّت إِلَيْهِ النَّفْس وَاطْمأنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، وَالإِثْمُ ما حاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وَإنْ أفْتاكَ النَّاسُ وَأفْتَوْكَ" حديث حسن رويناه في مسندَيْ أحمد والدارمي وغيرهما.
وفي صحيح مسلم، عن النواس بن سمعانَ رضي الله عنه،
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "البرّ: حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ ما حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أنْ يَطّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ".
1079 -
الثامن عشر: عن شَدَّادِ بن أوسٍ رضي الله عنه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللَّهَ تَعالى كَتَبَ الإِحْسانَ على كُلَ شَيْءٍ، فإذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" رويناه في مسلم، والقِتلة بكسر أولها.
1080 -
التاسع عشر: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُتْ،
[1078] المسند 4/ 228، والدارمي 2/ 246 عن وابصة رضي الله عنه، ومسلم (2553) عن النواس بن سمعان رضي الله عنه. ومعنى "ما حاك في النفس": ما تردد واختلج في النفس، وجعل فيها اضطراباً وقلقاً وحيرة وكراهية، فلم تنشرح أو تطمئن إليه.
[1079]
مسلم (1955)، وأبو داود (2815)، والترمذي (1409) والنسائي 7/ 227.
[1080]
البخاري (6018)، ومسلم (47)، وأبو داود (5154).
ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ" رويناه في صحيحيهما.
1081 -
العشرون: عن أبي هريرة رضي الله عنه؛
أن رجلًا قالَ للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: "لا تَغْضَبْ" فردّد مِرارًا، قال:"لا تَغْضَبْ" رويناه في البخاري.
1082 -
الحادي والعشرون: عن أبي ثعلبة الخُشنيِّ رضي الله عنه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها، وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوها، وَحَرَّمَ أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وَسَكَتَ عَنْ أشْياءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْها" رويناه في سنن الدارقطني بإسناد حسن.
1083 -
الثاني والعشرون: عن معاذٍ رضي الله عنه قال:
قلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يُدخلُني الجنةَ ويُباعدني من النار؟ قال: "لَقَدْ سألْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإنَّهُ لَيَسِيرٌ على مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ؛ تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْركُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكّاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ، ثم قال: ألا أَدُلُّكَ على أبْوَابِ الخَيْرِ؟ " الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ
[1081] البخاري (6116)، والترمذي (2021)، والموطأ مرسلاً 2/ 906 عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ..
[1082]
سنن الدارقطني 4/ 84، وأبو نعيم في الحلية 9/ 17. وهو عند الدارقطني من رواية مكحول عن أبي ثعلبة الخشني، وفي سنده انقطاع بين مكحول وأبي ثعلبة لأن مكحولاً لم يسمع من أبي ثعلبة، وذهب ابن معين إلى أنه سمع، ومع ذلك فللحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن. ولذلك اعتمد النووي -رحمه الله تعالى- تحسينه، وسبقه إلى ذلك السمعاني في أماليه، ووافقه عليه الحافظ العراقي، والحافظ ابن حجر، بل صححه ابن الصلاح .. الفتوحات الربانية 7/ 365.
[1083]
الترمذي (2619)، وابن ماجه (3973). وهو في المسند، والبيهقي. وانظر صحيح الجامع الصغير 5/ 29 - 30.
الخَطِيئَةَ كما يُطْفىءُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ، ثم تلا {تَتَجافَى جُنُوبُهُمْ عَن المَضَاجِع} حتى بلغ {يَعْمَلُونَ} [السجدة:16ـ17] ثم قال: ألا أُخْبِرُكَ بِرأْس الأمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سنَامِهِ؟ قلتُ: بَلَى يا رسولَ اللَّهِ! قالَ: رأسُ الأمر الإِسلامُ، وعمودهُ الصلاةُ، وذِرْوَةُ سَنامِهِ الجِهادُ، ثم قال: ألا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذلكَ كُلِّهِ؟ قلت: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسانه، ثم قال: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فقلتُ: يا نبيّ الله! وإنّا لمؤاخَذُونَ بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ، أوْ على مَناخِرهِم إلَاّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟ " رويناه في الترمذي وقال: حسن صحيح.
وذِروة السنام: أعلاه، وهي بكسر الذال وضمّها. وملاك الأمر بكسر الميم: أي مقصوده.
1084 -
الثالث والعشرون: عن أبي ذرّ ومعاذ رضي الله عنهما
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ، وأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَة تَمْحُها، وخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ" رويناه في الترمذي وقال: حسن، وفي بعض نسخه المعتمدة: حسن صحيح.
1085 -
الرابع والعشرون: عن العِرباضِ بن ساريةَ رضي الله عنه، قال:
وَعَظَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وَجِلت منها القلوب، وذرفتْ منها العيون، فقلنا: يا رسولَ الله! كأنها موعظةُ مُودّع فأوصنا، قال: "أُوصِيكُمْ
[1084] الترمذي (1988)، قال ابن علّان، ويؤيد تحسين الترمذي أنه ورد لهذا الحديث طرق متعددة عند أحمد والبزار والطبراني والحاكم وابن عبد البر، وغيرهم، يفيد مجموعها حسنه. الفتوحات الربانية 7/ 373. وانظر صحيح الجامع الصغير 1/ 86.
[1085]
أبو داود (4607)، والترمذي (2678)، وهو في المسند 4/ 126، 127، وابن ماجه في المقدمة (42). وانظر صحيح الجامع الصغير 2/ 346.
بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تأمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَليْكُم بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْها بالنَّواجِذِ، وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ" رويناه في سنن أبي داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
1086 -
الخامس والعشرون: عن أبي مسعود البدريّ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ" رويناه في البخاري.
1087 -
السادس والعشرون: عن جابر رضي الله عنه:
أن رجلًا سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيتَ إذا صَلَّيْتُ المكتوبات، وصمتُ رمضانَ، وأحللتُ الحلالَ، وحرّمتُ الحرامَ، ولم أزدْ على ذلك شيئًا؛ أدخلُ الجنة؟ قال:"نَعَمْ" رويناه في مسلم.
1088 -
السابع والعشرون: عن سفيانَ بن عبد الله رضي الله عنه قال:
قلت: يا رسول الله! قل لي في الإِسلام قولًا لا أسألُ عنه أحدًا غيرك، قال:"قُلْ آمَنْتُ باللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ" رويناه في مسلم.
قال العلماءُ: هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو مطابق لقول الله تعالى: {إنَّ الَّذينَ قالُوا: رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا
[1086] البخاري (5769)، وأبو داود (4796). ومعناه: إذا لم يكن حياؤك يمنعك من القبيح صنعت ما شئت.
[1087]
مسلم (15)، ومعنى "أرأيت": أخبرني وأفتِني. ويفيد الحديث: أن التزام الفرائض وفعل الواجبات، وترك المحرمات: أساس النجاة عند الله تعالى، والفوز بجنته.
[1088]
مسلم (38)، والترمذي (2412) ولفظه "قل: ربي الله ثم استقم .. " وابن ماجه (3972).
هُمْ يَحْزَنُونَ} [فصّلت:30] قال جمهور العلماء: معنى الآية والحديث: آمنوا والتزموا طاعةَ الله.
1089 -
الثامن والعشرون: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سؤال جبريل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان والإِسلام والإِحسان والساعة، وهو مشهور في صحيح مسلم وغيره.
1090 -
التاسع والعشرون: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"كنتُ خَلْفَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: "يا غُلامُ! إني أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ، إذَا سَألْتَ فاسألِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ؛ وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَاّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" رويناه في الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح؛ وفي رواية غير الترمذي زيادة "احْفَظِ اللَّهَ تَجدْهُ أمامَكَ، تَعَرَّفْ إلى الله في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أنَّ ما أخْطأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ" وفي آخره "وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسرًا" هذا حديث عظيم الموقع.
1091 -
الثلاثون: وبه اختتامها واختتام الكتاب، فنذكره بإسناد
[1089] مسلم (8)، والترمذي (4695)، والنسائي 8/ 97.
[1090]
الترمذي (2516)، وهو في المسند 1/ 307، واللفظ المذكور عن غير الترمذي رواه عبدُ بن حميد في مسنده كما ذكر ابن رجب الحنبلي وغيره. وانظر صحيح الجامع الصغير 6/ 300.
[1091]
مسلم (2577)، والترمذي (2497). انظر شرح هذا الحديث القدسي العظيم في كتابنا الوافي، وفي كتاب "المقاصد السنية في الأحاديث الإِلهية، وهو بتحقيقنا، بالاشتراك مع الدكتور محمد العيد الخطراوي.
مستظرف، ونسأله الله الكريم خاتمة الخير، أخبرنا شيخنا الحافظ أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسيّ ثم الدمشقي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو طالب عبد الله وأبو منصور يُونس وأبو القاسم حسين بن هبة الله بن مصري وأبو يَعلى حمزة وأبو الطاهر إسماعيل، قالوا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسين ـ هو ابن عساكر ـ قال: أخبرنا الشريفُ أبو القاسم عليّ بن إبراهيم بن العباس الحسيني خطيب دمشق، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن يحيى بن سلوان، قال: أخبرنا أبو القاسم الفضل بن جعفر، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج الهاشميّ قال: أخبرنا أبو مسهر قال: أخبرنا سعيدُ بن عبد العزيز عن ربيعةَ بن يزيدَ عن أبي إدريسَ الخولاني، عن أبي ذرّ رضي الله عنه،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريلَ صلى الله عليه وسلم، عن الله تبارك وتعالى أنه قال:"يا عِبادي! إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَّالَمُوا؛ يا عِبادي! إِنَّكُمُ الَّذينَ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وأنا الَّذي أغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلا أُبالي، فاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ؛ يا عبادي! كُلُّكُمْ جائعٌ إلَاّ مَنْ أطْعَمْتُهُ فاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ؛ يا عبادي! كُلُّكُمْ عارٍ إِلَاّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسِكُمْ؛ يا عِبادي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا على أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصْ ذلكَ منْ مُلْكِي شَيْئًا؛ يا عِبادي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا على أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ ذلكَ في مُلْكي شَيْئًا؛ يا عِبادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا في صَعيدٍ وَاحدٍ فَسألُونِي فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسانٍ مِنْهُمْ ما سألَ لَمْ يَنْقُصْ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا إِلَاّ كما يَنْقُصُ البَحْرُ أنْ يُغْمَسَ المِخْيَطُ فِيه غَمْسةً وَاحدَةً؛ يا عِبادي! إنَّما هِيَ أعْمالُكُمْ أحْفَظُها عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلَاّ نَفْسَهُ".
قال أبو مسهر: قال سعيدُ بن عبد العزيز: كان أبو إدريس إذا حدّثَ بهذا الحديث جثا على ركبتيه.
هذا حديث صحيح، رويناه في صحيح مسلم وغيره، ورجال إسناده مني إلى أبي ذرّ رضي الله عنه كلُّهم دمشقيون، ودخل أبو ذرّ رضي الله عنه دمشق، فاجتمع في هذا الحديث جمل من الفوائد: منها صحة إسناده وَمَتنه، وعلوّه وتسلسله بالدمشقيين رضي الله عنهم وبارك فيهم، ومنها ما اشتمل عليه من البيان لقواعد عظيمة في أصول الدين وفروعه والآداب ولطائف القلوب وغيرها، ولله الحمد.
روينا عن الإِمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه قال: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث.