الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُوَافَقَةً مِنْهُ لِرَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ» ) .
[فَصْلٌ هَلْ دَخَلَ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ]
فَصْلٌ
هَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: هَلْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ فِي حَجَّتِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ وَقَفَ فِي الْمُلْتَزَمِ بَعْدَ الْوَدَاعِ، أَمْ لَا؟ وَهَلْ صَلَّى الصُّبْحَ لَيْلَةَ الْوَدَاعِ بِمَكَّةَ، أَوْ خَارِجًا مِنْهَا؟
فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، فَزَعَمَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ فِي حَجَّتِهِ، وَيَرَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ دُخُولَ الْبَيْتِ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ سُنَّتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ الْبَيْتَ فِي حَجَّتِهِ وَلَا فِي عُمْرَتِهِ، وَإِنَّمَا دَخَلَهُ عَامَ الْفَتْحِ فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ( «عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَةٍ لأسامة، حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، فَدَعَا عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بِالْمِفْتَاحِ، فَجَاءَهُ بِهِ، فَفَتَحَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأسامة، وبلال، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَجَافُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ مَلِيًّا، ثُمَّ فَتَحُوهُ. قَالَ عبد الله: فَبَادَرْتُ النَّاسَ، فَوَجَدْتُ بلالا عَلَى الْبَابِ. فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى» ) .
وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ (ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ ". قَالَ: فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ» ) .
فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ دُخُولَيْنِ صَلَّى فِي أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يُصَلِّ فِي الْآخَرِ.
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ضُعَفَاءِ النَّقْدِ كُلَّمَا رَأَوُا اخْتِلَافَ لَفْظٍ جَعَلُوهُ قِصَّةً أُخْرَى، كَمَا جَعَلُوا الْإِسْرَاءَ مِرَارًا لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ، وَجَعَلُوا اشْتِرَاءَهُ مِنْ جابر بَعِيرَهُ مِرَارًا؛ لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ، وَجَعَلُوا طَوَافَ الْوَدَاعِ مَرَّتَيْنِ؛ لِاخْتِلَافِ سِيَاقِهِ، وَنَظَائِرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْجَهَابِذَةُ النُّقَّادُ فَيَرْغَبُونَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَلَا يَجْبُنُونَ عَنْ تَغْلِيطِ مَنْ لَيْسَ مَعْصُومًا مِنَ الْغَلَطِ، وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْوَهْمِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ بلال؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ شَاهَدَ صَلَاتَهُ، بِخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ دُخُولَهُ الْبَيْتَ إِنَّمَا كَانَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، لَا فِي حَجِّهِ وَلَا عُمَرِهِ، وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ "، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: أَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَتِهِ الْبَيْتَ؟ قَالَ: لَا.
( «وَقَالَتْ عائشة: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِي وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ طَيِّبُ النَّفْسِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ وَهُوَ حَزِينُ الْقَلْبِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي وَأَنْتَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ، وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي» ) فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ حَجَّتُهُ بَلْ