الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تِسْعٍ، وَبَعَثَ الصِّدِّيقَ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ فِي مَكَّةَ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، وَأَرْدَفَهُ بعلي رضي الله عنه، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَدْ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فصل في وصف حجة النبي]
فَصْلٌ
وَلَمَّا عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَجِّ أَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّهُ حَاجٌّ، فَتَجَهَّزُوا لِلْخُرُوجِ مَعَهُ وَسَمِعَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، فَقَدِمُوا يُرِيدُونَ الْحَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَافَاهُ فِي الطَّرِيقِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ، فَكَانُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مَدَّ الْبَصَرِ، وَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ نَهَارًا بَعْدَ الظُّهْرِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِهَا أَرْبَعًا، وَخَطَبَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ خُطْبَةً عَلَّمَهُمْ فِيهَا الْإِحْرَامَ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنَهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَكَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَاحْتَجَّ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى قَوْلِهِ بِثَلَاثِ مُقَدِّمَاتٍ، إِحْدَاهَا: أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ اسْتِهْلَالَ ذِي الْحِجَّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ بَعْدَمَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ: وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ، كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ التَّاسِعُ، وَاسْتِهْلَالَ ذِي الْحِجَّةِ بِلَا شَكٍّ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ، فَآخِرُ ذِي الْقَعْدَةِ يَوْمُ
الْأَرْبِعَاءِ، فَإِذَا كَانَ خُرُوجُهُ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، إِذِ الْبَاقِي بَعْدَهُ سِتُّ لَيَالٍ سِوَاهُ.
وَوَجْهُ مَا اخْتَرْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ وَهِيَ يَوْمُ السَّبْتِ، وَالْأَحَدِ، وَالِاثْنَيْنِ، وَالثُّلَاثَاءِ، وَالْأَرْبِعَاءِ، فَهَذِهِ خَمْسٌ، وَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ خُرُوجُهُ لِسَبْعٍ بَقِينَ. فَإِنْ لَمْ يُعَدَّ يَوْمُ الْخُرُوجِ كَانَ لِسِتٍّ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَهُوَ خِلَافُ الْحَدِيثِ.
وَإِنِ اعْتَبَرَ اللَّيَالِيَ، كَانَ خُرُوجُهُ لِسِتٍّ لَيَالٍ بَقِينَ لَا لِخَمْسٍ فَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ خُرُوجِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَبَيْنَ بَقَاءِ خَمْسٍ مِنَ الشَّهْرِ الْبَتَّةَ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْخُرُوجُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ خَمْسٌ بِلَا شَكٍّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ لَهُمْ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مِنْبَرِهِ شَأْنَ الْإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ بِالْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ جَمَعَهُمْ وَنَادَى فِيهِمْ لِحُضُورِ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما هَذِهِ الْخُطْبَةَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مِنْبَرِهِ.
وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعَلِّمَهُمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ إِذَا حَضَرَ فِعْلُهُ، فَأَوْلَى الْأَوْقَاتِ بِهِ الْجُمُعَةُ الَّتِي يَلِيهَا خُرُوجُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْجُمُعَةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَعْضُ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْخَلْقُ وَهُوَ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَى تَعْلِيمِهِمُ الدِّينَ، وَقَدْ حَضَرَ ذَلِكَ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ مُمْكِنٌ بِلَا تَفْوِيتٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا عَلِمَ أبو محمد ابن حزم، أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها: خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلَهُ: بِأَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ انْدِفَاعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَانَ لِخَمْسٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ فَقَطْ، فَلَمْ تُعَدَّ هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ الْقَرِيبَةُ لِقِلَّتِهَا، وَبِهَذَا تَأْتَلِفُ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ.
قَالَ: وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ لِذِي الْقَعْدَةِ، لَكَانَ خُرُوجُهُ بِلَا شَكٍّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلَّى أَرْبَعًا، وَقَدْ ذَكَرَ أنس، أَنَّهُمْ ( «صَلَّوُا الظُّهْرَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا» ) قَالَ: وَيَزِيدُهُ
وُضُوحًا، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:( «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ» )، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( «كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ» ) ، فَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ أنس، وَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.
قَالَ: وَأَيْضًا قَدْ صَحَّ مَبِيتُهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَكُونُ انْدِفَاعُهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ، يَعْنِي: لَوْ كَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَصَحَّ مَبِيتُهُ بِذِي طُوَى لَيْلَةَ دُخُولِهِ مَكَّةَ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَهَا صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مُدَّةُ سَفَرِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ لِذِي الْقَعْدَةِ، وَاسْتَوَى عَلَى مَكَّةَ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَفِي اسْتِقْبَالِ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، فَتِلْكَ سَبْعُ لَيَالٍ لَا مَزِيدَ وَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ وَأَمْرٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، فَصَحَّ أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَائْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا، وَانْتَفَى التَّعَارُضُ عَنْهَا بِحَمْدِ اللَّهِ انْتَهَى.
قُلْتُ: هِيَ مُتَآلِفَةٌ مُتَوَافِقَةٌ، وَالتَّعَارُضُ مُنْتَفٍ عَنْهَا مَعَ خُرُوجِهِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَزُولُ عَنْهَا الِاسْتِكْرَاهُ الَّذِي أَوَّلَهَا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا قَوْلُ أبي محمد ابن حزم: لَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَكَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى آخِرِهِ فَغَيْرُ لَازِمٍ، بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَخْرُجَ لِخَمْسٍ، وَيَكُونُ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالَّذِي غَرَّ أبا محمد أَنَّهُ رَأَى الرَّاوِيَ قَدْ حَذَفَ التَّاءَ مِنَ الْعَدَدِ وَهِيَ إِنَّمَا تُحْذَفُ مِنَ الْمُؤَنَّثِ فَفَهِمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
فَلَوْ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ لَكَانَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ
خُرُوجُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَمْ يَكُنْ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِسِتِّ لَيَالٍ بَقِينَ، وَلِهَذَا اضْطُرَّ إِلَى أَنْ يُؤَوَّلَ الْخُرُوجَ الْمُقَيَّدَ بِالتَّارِيخِ الْمَذْكُورِ بِخَمْسٍ عَلَى الِانْدِفَاعِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ لَهُ إِلَى ذَلِكَ، إِذْ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ كَانَ نَاقِصًا، فَوَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنْ تَارِيخِ الْخُرُوجِ بِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَادِ مِنَ الشَّهْرِ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ وَالنَّاسِ فِي تَوَارِيخِهِمْ، أَنْ يُؤَرِّخُوا بِمَا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ بِنَاءً عَلَى كَمَالِهِ، ثُمَّ يَقَعُ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَظُهُورِ نَقْصِهِ كَذَلِكَ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ عَلَيْهِمُ التَّارِيخُ فَيَصِحُّ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: يَوْمَ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ كُتِبَ لِخَمْسٍ بَقِينَ، وَيَكُونُ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْبَاقِيَ كَانَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِلَا شَكٍّ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ، وَالْعَرَبُ إِذَا اجْتَمَعَتِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ فِي التَّارِيخِ غَلَّبَتْ لَفْظَ اللَّيَالِي لِأَنَّهَا أَوَّلُ الشَّهْرِ، وَهِيَ أَسْبَقُ مِنَ الْيَوْمِ، فَتَذْكُرُ اللَّيَالِيَ وَمُرَادُهَا الْأَيَّامُ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لِخَمْسٍ بَقِينَ بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ، وَيُذَكَّرُ لَفْظُ الْعَدَدِ بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِي، فَصَحَّ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ لِخَمْسٍ بَقِينَ وَلَا يَكُونُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ كعب فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ قَطُّ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ خُرُوجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَقَيَّدُ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْغَزَوَاتِ بِيَوْمِ الْخَمِيسِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَوْ خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ، لَكَانَ خَارِجًا لِأَرْبَعٍ، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ لَا بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِي، وَلَا بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى آخِرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ خُرُوجِهِ يَوْمَ السَّبْتِ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ سَفَرِهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَهَذَا عَجِيبٌ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَدَخَلَ مَكَّةَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَبَيْنَ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَدُخُولِهِ مَكَّةَ تِسْعَةُ أَيَّامٍ، وَهَذَا غَيْرُ مُشْكِلٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا إِلَى مَكَّةَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَبَيْنَهَا هَذَا الْمِقْدَارُ، وَسَيْرُ الْعَرَبِ أَسْرَعُ مِنْ سَيْرِ الْحَضَرِ بِكَثِيرٍ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ الْمَحَامِلِ وَالْكَجَّاوَاتِ وَالزَّوَامِلِ الثِّقَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.