المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[عذر من ادعى معارضة أحاديث الفسخ بما يدل على خلافها] - زاد المعاد في هدي خير العباد - ت الرسالة الثاني - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ إِعْطَاؤُهُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ زَكَاةُ الْعَسَلِ]

- ‌[فَصْلٌ دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم لِجَابِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في نهي المتصدق أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[وَقْتُ إِخْرَاجِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم تَخْصِيصُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ للْمَسَاكِينِ]

- ‌[فصل هديه صلى الله عليه وسلم في صدقة التطوع]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَسْبَابِ شَرْحِ الصُّدُورِ وَحُصُولِهَا عَلَى الْكَمَالِ لَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصِّيَامِ]

- ‌[الْمَقْصُودُ مِنَ الصِّيَامِ وَفَوَائِدُهُ]

- ‌[متى فرض الصِّيَامِ]

- ‌[إِكْثَارُ الْعِبَادَاتِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌[النهي عن الوصال]

- ‌[فَصْلٌ في ثُبُوتُ رَمَضَانَ]

- ‌[بحث في صوم يوم الشك]

- ‌[فَصْلٌ ثُبُوتُ شَوَّالٍ]

- ‌[فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الفطر]

- ‌[فصل في الصوم في السفر]

- ‌[وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم تَقْدِيرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يُفْطِرُ فِيهَا الصَّائِمُ بِحَدٍّ]

- ‌[لَا حَرَجَ فِي اغْتِسَالِ الْجُنُبِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَفِي تَقْبِيلِ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ]

- ‌[صِحَّةُ صِيَامِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا]

- ‌[الْمُفْطِرَاتُ]

- ‌[الِاكْتِحَالُ لِلصَّائِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[صِيَامُ عَاشُورَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ]

- ‌[صَوْمُ يَوْمَيِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَامُ الدَّهْرِ]

- ‌[فصل في حكم صوم المتطوع]

- ‌[كَرَاهِيَةُ تَخْصِيصِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ]

- ‌[فَصْل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجِّهِ وَعُمَرِهِ]

- ‌[الْعُمُرَاتُ الَّتِي اعْتَمَرَهَا صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ]

- ‌[فصل في كون عمر الرسول صلى الله عليه وسلم كلها كَانَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ]

- ‌[لَمْ يَعْتَمِرْ صلى الله عليه وسلم فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي سِيَاقِ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ]

- ‌[فصل في وصف حجة النبي]

- ‌[حَجَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَارِنًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ]

- ‌[غَلَطُ النَّاسِ فِي عُمَرِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[غلط الناس في حجه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[غلط الناس في إحرامه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَعْذَارِ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ وَبَيَانِ مَنْشَأِ الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ اعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّالٍ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ اعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَّنْعِيمِ بَعْدَ الْحَجِّ]

- ‌[عذر مَنْ قَالَ لَمْ يَعْتَمِرْ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ أَصْلًا]

- ‌[اعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم عُمْرَةً حَلَّ مِنْهَا]

- ‌[فصل فِي أَعْذَارِ الَّذِينَ وَهِمُوا فِي صِفَةِ حَجَّتِهِ]

- ‌[التَّرْجِيحُ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ حَجَّ صلى الله عليه وسلم مُتَمَتِّعًا تَمَتُّعًا حَلَّ فِيهِ مِنْ إِحْرَامِهِ]

- ‌[الرد على من زعم أنه صلى الله عليه وآله وسلم حج متمتعا]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ حَجَّ صلى الله عليه وسلم قَارِنًا طَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ حَجَّ صلى الله عليه وسلم مُفْرِدًا اعْتَمَرَ عَقِيبَهُ مِنَ التَّنْعِيمِ]

- ‌[فصل فيمن غلط في إهلاله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ لَبَّى صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ لَبَّى صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ]

- ‌[هَلْ يَجُوزُ إِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ أَحْرَمَ صلى الله عليه وسلم بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ]

- ‌[عُذْرُ مَنْ قَالَ أَحْرَمَ صلى الله عليه وسلم إِحْرَامًا مُطْلَقًا لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ نُسُكًا ثُمَّ عَيَّنَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ]

- ‌[عود إلى سِيَاقِ حَجَّتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تَخْيِيرُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ بَيْنَ الْأَنْسَاكِ الثَّلَاثَةِ]

- ‌[بحث في لحم الصيد للمحرم]

- ‌[بَحْثٌ فِي إِحْرَامِ عَائِشَةَ وَهِيَ حَائِضٌ]

- ‌[مَا أَحْرَمَتْ بِهِ عَائِشَةَ أَوَّلًا]

- ‌[مَا الْمُرَادُ مِنْ عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ لِعَائِشَةَ]

- ‌[هَلْ كَانَتْ عُمْرَةُ التَّنْعِيمِ مُجْزِئَةً لِعَائِشَةَ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[مَوْضِعُ حَيْضَةِ عَائِشَةَ وَطُهْرِهَا]

- ‌[الْعَوْدَةُ إِلَى سِيَاقِ حَجَّتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[غَضَبُهُ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ لَمْ يَفْسَخِ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ]

- ‌[أَعْذَارُ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ]

- ‌[عُذْرُ مَنِ ادَّعَى اخْتِصَاصَ الصَّحَابَةِ بِهَذَا الْفَسْخِ]

- ‌[الْأَصْلُ فِي الْمَسَائِلِ الْإِحْكَامُ حَتَّى يَثْبُتَ نَسْخُهَا أَوِ اخْتِصَاصُهَا بِأَحَدٍ]

- ‌[عُذْرُ مَنِ ادَّعَى مُعَارَضَةَ أَحَادِيثِ الْفَسْخِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهَا]

- ‌[بَقِيَّةُ طُرُقِ الْمَانِعِينَ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم بِالْفَسْخِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ]

- ‌[بَحْثٌ فِي مُوَافَقَةِ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ]

- ‌[الْعَوْدَةُ إِلَى سِيَاقِ حَجَّتِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ نُزُولِهِ بِذِي طُوًى]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[فَصْلٌ طَوَافُ الْقُدُومِ]

- ‌[غَلَطُ ابْنِ حَزْمٍ وَبَيَانُ أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ]

- ‌[مُتَابَعَةُ سِيَاقِ حَجَّتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رَمْيُ الْجِمَارِ قَبْلَ الْفَجْرِ]

- ‌[رُكْنِيَّةِ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالْمَبِيتِ بِهَا]

- ‌[قِصَّةُ الْفَضْلِ مَعَ الْخَثْعَمِيَّةِ]

- ‌[رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى منى وخطبته فيها]

- ‌[بَحْثٌ فِي نَحْرِهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ]

- ‌[مَكَّةُ كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَمِنًى مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ]

- ‌[الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ]

- ‌[تَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَطُفْ غَيْرَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ إِفَاضَتِهِ إِلَى مَكَّةَ]

- ‌[الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَارِنَ يَحْتَاجُ إِلَى سَعْيَيْنِ]

- ‌[تعليل شربه قائما]

- ‌[طَافَ صلى الله عليه وسلم طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَيْنَ صَلَّى صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ حِينَ رُجُوعِهِ إِلَى مِنًى]

- ‌[ذكر طواف أم سلمة]

- ‌[طَوَافُ عَائِشَةَ]

- ‌[فَصْلٌ رَمْيُ الْجِمَارِ]

- ‌[التَّعْلِيلُ لِتَرْكِ الدُّعَاءِ بَعْدَ الْعَقَبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَى قَبْلَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَقَفَاتُ الدُّعَاءِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ خُطْبَتَا مِنًى]

- ‌[تَرْخِيصُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ لَهُ عُذْرٌ بِالْمَبِيتِ خَارِجَ مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ أَيْنَ لَقِيَ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ]

- ‌[هَلِ التَّحْصِيبُ سُنَّةٌ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ دَخَلَ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ وَقَفَ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُلْتَزَمِ بَعْدَ الْوَدَاعِ]

- ‌[أَيْنَ صَلَّى صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ لَيْلَةَ الْوَدَاعِ]

- ‌[ارْتِحَالُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْهَامِ]

- ‌[وَهِمَ ابْنُ حَزْمٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَ النَّاسَ وَقْتَ خُرُوجِهِ أَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً]

- ‌[وَهِمَ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ بِقَوْلِهِ خَرَجَ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَهِمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَطَيَّبَ قَبْلَ غُسْلِهِ ثُمَّ غَسَلَ الطِّيبَ عَنْهُ لَمَّا اغْتَسَلَ]

- ‌[وَهِمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ قَبْلَ الظُّهْرِ]

- ‌[فَصْلٌ وَهِمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ وَكَانَ هَدْيَ تَطَوُّعٍ]

- ‌[وَهْمٌ آخَرُ لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي إِحْرَامِهِ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي ذَبْحِ هَدْيِ الْعُمْرَةِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ فِي الْأَضَاحِي]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كَانَ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالْمُصَلَّى]

- ‌[دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الذَّبْحِ]

- ‌[تُجْزِئُ الشَّاةُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[مَعْنَى كُلِّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ]

- ‌[هَلِ التَّدْمِيَةُ مِنَ الْعَقِيقَةِ صَحِيحَةٌ أَوْ غَلَطٌ]

- ‌[هَلْ عَقِيقَةُ الْغُلَامِ شَاتَانِ]

- ‌[هَلْ عَقَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[الْأَذَانُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ وَخِتَانِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى]

- ‌[اخْتِيَارُ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنَةِ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ قَوَالِبُ لِلْمَعَانِي]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِيَسَارٍ وَأَفْلَحَ وَنَجِيحٍ وَرَبَاحٍ]

- ‌[الْكُنْيَةُ]

- ‌[التَّكَنِّي بِأَبِي عِيسَى]

- ‌[النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا]

- ‌[هَلْ تَجُوزُ تَسْمِيَةُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِصَلَاةِ الْعَتَمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاخْتِيَارِ الْأَلْفَاظِ]

- ‌[كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الشَّرِيفِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ]

- ‌[كَرَاهَةُ إِطْلَاقِ أَلْفَاظِ الذَّمِّ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا]

- ‌[النَّهْيُ عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ بَعْدَ فَوَاتِ الْأَوَانِ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا]

- ‌[التَّوَكُّلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الأذكار والأدعية]

- ‌[الذِّكْرُ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنَ اللَّيْلِ]

- ‌[الذِّكْرُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ]

- ‌[دُعَاءُ دُخُولِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[أَدْعِيَةُ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ]

- ‌[الرَّسُولُ مُرْسَلٌ إِلَى نَفْسِهِ وَأُمَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الذِّكْرِ عِنْدَ لُبْسِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الذِّكْرِ عِنْدَ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ]

- ‌[النَّهْيُ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ]

- ‌[دُعَاءُ الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ الْوُضُوءِ]

- ‌[هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَذَانِ وَأَذْكَارِهِ]

- ‌[الذِّكْرُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَبَعْدَهُ]

- ‌[الدُّعَاءُ فِي الْعَشْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الذِّكْرِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ الطَّعَامِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ]

- ‌[هَلْ تَزُولُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْآكِلِينَ بِتَسْمِيَةِ أَحَدِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ في أَحْكَامُ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّلَامِوَالِاسْتِئْذَانِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ] [

- ‌ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّلَامِ

- ‌[السَّلَامُ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ]

- ‌[آداب السلام]

- ‌[السَّلَامُ قَبْلَ السؤال]

- ‌[فَصْلٌ تَحْمِيلُ السَّلَامِ لِلْغَائِبِينَ]

- ‌[فَصْلٌ صِيغَةُ السَّلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّلَامُ ثَلَاثًا]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ السَّلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَاهِيَةُ قَوْلِ الْمُبْتَدِئِ عَلَيْكَ السَّلَامُ]

- ‌[بَحْثٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُسَلِّمِ بِـ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[هَلْ رَدُّ السَّلَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ]

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْمُرْسِلِ وَالْمُبَلِّغِ]

- ‌[هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الاسْتِئْذَانِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُسْتَأْذِنِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ]

- ‌[رَسُولُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ إِذْنُهُ]

- ‌[اسْتِئْذَانُ الْمَمَالِيكِ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ الْعُطَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ الْعُطَاسِ]

- ‌[أنواع أخرى من الأذكار]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ السَّفَرِ وَآدَابِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الذِّكْرُ عِنْدَ رُكُوبِ الرَّاحِلَةِ]

- ‌[توديع المسافر]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَقُولُ مَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقُولُ مَنْ رَأَى مُبْتَلًى]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقُولُهُ مَنْ لَحِقَتْهُ الطِّيَرَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقُولُهُ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ مَنِ ابْتُلِيَ بِالْوَسْوَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ مَنِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ]

- ‌[الدُّعَاءُ لِرُؤْيَةِ مَا يُحِبُّ وَمَا يَكْرَهُ]

- ‌[مَا يَفْعَلُ مَعَ مَنْ صَنَعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفًا]

- ‌[الْإِثَابَةُ عَلَى الْهَدِيَّةِ]

- ‌[الذكر عند نهيق الحمار والذِّكْرُ فِي الْمَجْلِسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدُّعَاءُ عِنْدَ الْأَرَقِ والفزع]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَلْفَاظٍ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ أَنْ تُقَالَ]

الفصل: ‌[عذر من ادعى معارضة أحاديث الفسخ بما يدل على خلافها]

[عُذْرُ مَنِ ادَّعَى مُعَارَضَةَ أَحَادِيثِ الْفَسْخِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهَا]

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْعُذْرُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مُعَارَضَةُ أَحَادِيثِ الْفَسْخِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهَا، فَذَكَرُوا مِنْهَا مَا رَوَاهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروة (عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: " مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيَحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى، فَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» ) ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مالك عَنْ أبي الأسود، عَنْ عروة عَنْهَا:( «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ» ) .

وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، حَدَّثَنِي يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عَنْ (عائشة قَالَتْ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِلْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، لَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، لَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَلَّ مِمَّا حُرِمَ مِنْهُ حَتَّى اسْتَقْبَلَ حَجًّا» ) .

ص: 183

وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ ابن وهب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ محمد بن نوفل، «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ لَهُ: سَلْ لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَجُلٍ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَيَحِلُّ أَمْ لَا؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَخْبَرَتْنِي عائشة أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَجَّ أبو بكر، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ عمر مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عثمان فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ.

ثُمَّ معاوية وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ. ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرَةٍ، فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ؟ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ» .

فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا عَارَضُوا بِهِ أَحَادِيثَ الْفَسْخِ، وَلَا مُعَارَضَةَ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ.

أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة، عَنْ عائشة فَغَلِطَ فِيهِ عبد الملك بن شعيب، أَوْ أَبُوهُ شعيب، أَوْ جَدُّهُ الليث أَوْ شَيْخُهُ عقيل، فَإِنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مالك ومعمر وَالنَّاسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة عَنْهَا، وَبَيَّنُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى أَنْ يَحِلَّ. فَقَالَ مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عمرة عَنْهَا ( «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقَيْنَ لِذِي الْقَعْدَةِ، وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى

ص: 184

بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ» ) ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ يحيى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.

وَقَالَ منصور: عَنْ إبراهيم، عَنِ الأسود، عَنْهَا:( «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ» ) .

وَقَالَ مالك ومعمر كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عروة، عَنْهَا:( «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: " مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، وَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» ) .

وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ عروة عَنْهَا، بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ سالم عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلَفْظُهُ:( «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحِلَّ ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ» ) ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

ص: 185

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ: عَنْ عبد الرحمن بن القاسم، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة، خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ. .. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ قَالَتْ:«فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِأَصْحَابِهِ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ» ".

وَقَالَ الْأَعْمَشُ: عَنْ إبراهيم، عَنْ عائشة «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أُمِرْنَا أَنْ نَحِلَّ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَقَالَ عبد الرحمن بن القاسم: عَنْ أَبِيهِ ( «عَنْ عائشة خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا أَبْكِي. فَقَالَ " مَا يُبْكِيكِ "؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَا أَحُجُّ الْعَامَ. ..» )، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ:«فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً "، قَالَتْ: فَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ» .

وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي " الصَّحِيحِ "، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ جابر، وَابْنُ عُمَرَ، وأنس، وأبو موسى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وأبو سعيد وأسماء، والبراء، وحفصة، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَصْحَابَهُ كُلَّهُمْ بِالْإِحْلَالِ إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَأَنْ يَجْعَلُوا حَجَّهُمْ عُمْرَةً. وَفِي اتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ كُلَّهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَأَنْ يَجْعَلُوا الَّذِي قَدِمُوا بِهِ مُتْعَةً، إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، دَلِيلٌ عَلَى غَلَطِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَوَهْمٍ وَقَعَ فِيهَا، يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ الليث عَنْ عقيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروة، والليث بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ عقيل عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروة عَنْهَا مِثْلَ مَا رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ

ص: 186

عَنْ سالم، عَنْ أَبِيهِ فِي تَمَتُّعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَمْرِهِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى أَنْ يَحِلَّ.

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا فَإِذَا أَحَادِيثُ عائشة يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا بَعْضُ الرُّوَاةِ زَادَ عَلَى بَعْضٍ، وَبَعْضُهُمُ اخْتَصَرَ الْحَدِيثَ، وَبَعْضُهُمُ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ، وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ فِيهِ مَنْعُ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنَ الْإِحْلَالِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَمْرُهُ أَنْ يُتِمَّ الْحَجَّ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا، فَالْمُرَادُ بِهِ بَقَاؤُهُ عَلَى إِحْرَامِهِ، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِحْلَالِ، وَجَعْلِهِ عُمْرَةً، وَيَكُونَ هَذَا أَمْرًا زَائِدًا قَدْ طَرَأَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِتْمَامِ، كَمَا طَرَأَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَيَتَعَيَّنُ هَذَا وَلَا بُدَّ، وَإِلَّا كَانَ هَذَا نَاسِخًا لِلْأَمْرِ بِالْفَسْخِ، وَالْأَمْرُ بِالْفَسْخِ نَاسِخًا لِلْإِذْنِ بِالْإِفْرَادِ، وَهَذَا مُحَالٌ قَطْعًا، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَمَرَهُمْ بِالْحِلِّ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِنَقْضِهِ، وَالْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ، هَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا، فَيَتَعَيَّنُ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْأَمْرِ لَهُمْ بِالْفَسْخِ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا الْبَتَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ أبي الأسود، عَنْ عروة عَنْهَا. وَفِيهِ:" «وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ» ". وَحَدِيثُ يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عَنْهَا: «فَمَنْ كَانَ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، لَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرِدٍ كَذَلِكَ» ". فَحَدِيثَانِ قَدْ أَنْكَرَهُمَا الْحُفَّاظُ، وَهُمَا أَهْلٌ أَنْ يُنْكَرَا.

قَالَ الأثرم: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أبي الأسود، عَنْ عروة، عَنْ عائشة:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، فَأَحَلُّوا حِينَ طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَمْ يَحِلُّوا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ» ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيْشِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعَجَبِ، هَذَا خَطَأٌ، فَقَالَ

ص: 187

الأثرم: فَقُلْتُ لَهُ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عروة، عَنْ عائشة بِخِلَافِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: هَذَانِ حَدِيثَانِ مُنْكَرَانِ جِدًّا، قَالَ: ولأبي الأسود فِي هَذَا النَّحْوِ حَدِيثٌ لَا خَفَاءَ بِنُكْرَتِهِ وَوَهْنِهِ وَبُطْلَانِهِ. وَالْعَجَبُ كَيْفَ جَازَ عَلَى مَنْ رَوَاهُ؟ ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ أَنَّ عبد الله مولى أسماء حَدَّثَهُ أَنَّهُ «كَانَ يَسْمَعُ أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَاهُنَا، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ ظُهْرُنَا، قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عائشة والزبير وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ» . قَالَ: وَهَذِهِ وَهْلَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ أَقَلُّ عِلْمٍ بِالْحَدِيثِ لِوَجْهَيْنِ بَاطِلَيْنِ فِيهِ بِلَا شَكٍّ.

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عائشة، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ فِي أَنَّ عائشة لَمْ تَعْتَمِرْ فِي أَوَّلِ دُخُولِهَا مَكَّةَ، وَلِذَلِكَ أَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، هَكَذَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ عَنْ عائشة الْأَثْبَاتُ، كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وعروة، وطاووس ومجاهد.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي: قَوْلُهُ فِيهِ: فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ، أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ، وَهَذَا بَاطِلٌ لَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ جابرا، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وعائشة، وَابْنَ عَبَّاسٍ، كُلُّهُمْ رَوَوْا أَنَّ الْإِحْلَالَ كَانَ يَوْمَ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ، وَأَنَّ إِحْلَالَهُمْ بِالْحَجِّ كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَبَيْنَ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَا شَكٍّ.

قُلْتُ: الْحَدِيثُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ وَلَا بَاطِلٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا أُتِيَ أبو محمد فِيهِ مِنْ فَهْمِهِ، فَإِنَّ أسماء أَخْبَرَتْ أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ هِيَ وعائشة، وَهَكَذَا وَقَعَ بِلَا شَكٍّ. وَأَمَّا قَوْلُهَا: فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا، فَإِخْبَارٌ مِنْهَا عَنْ نَفْسِهَا، وَعَمَّنْ لَمْ يُصِبْهُ

ص: 188

عُذْرُ الْحَيْضِ الَّذِي أَصَابَ عائشة، وَهِيَ لَمْ تُصَرِّحْ بِأَنَّ عائشة مَسَحَتِ الْبَيْتَ يَوْمَ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ، وَأَنَّهَا حَلَّتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ عائشة قَدِمَتْ بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى حَاضَتْ بِسَرِفَ، فَأَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْحَجَّ، وَصَارَتْ قَارِنَةً. فَإِذَا قِيلَ: اعْتَمَرَتْ عائشة مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، أَوْ قَدِمَتْ بِعُمْرَةٍ، لَمْ يَكُنْ هَذَا كَذِبًا.

وَأَمَّا قَوْلُهَا: ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ، فَهِيَ لَمْ تَقُلْ: إِنَّهُمْ أَهَلُّوا مِنْ عَشِيِّ يَوْمِ الْقُدُومِ، لِيَلْزَمَ مَا قَالَ أبو محمد، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ عَشِيَّ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ فِي ظُهُورِهِ وَبَيَانِهِ إِلَى أَنْ يُصَرَّحَ فِيهِ بِعَشِيِّ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ؛ لِعِلْمِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِهِ، وَأَنَّهُ مِمَّا لَا تَذْهَبُ الْأَوْهَامُ إِلَى غَيْرِهِ، فَرَدُّ أَحَادِيثِ الثِّقَاتِ بِمِثْلِ هَذَا الْوَهْمِ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ.

قَالَ أبو محمد: وَأَسْلَمُ الْوُجُوهِ لِلْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَنْ عائشة، يَعْنِي اللَّذَيْنِ أَنْكَرَهُمَا، أَنْ تُخَرَّجَ رِوَايَتُهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا: إِنَّ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِحَجٍّ، أَوْ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ حِينَ قَضَوْا مَنَاسِكَ الْحَجِّ، إِنَّمَا عَنَتْ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَبِهَذَا تَنْتَفِي النُّكْرَةُ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَبِهَذَا تَأْتَلِفُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ عَنْ عروة يَذْكُرُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ أبو الأسود عَنْ عروة، وَالزُّهْرِيُّ بِلَا شَكٍّ أَحْفَظُ مِنْ أبي الأسود، وَقَدْ خَالَفَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عائشة فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ لَا يُقْرَنُ يحيى بن عبد الرحمن إِلَيْهِ، لَا فِي حِفْظٍ وَلَا فِي ثِقَةٍ، وَلَا فِي جَلَالَةٍ، وَلَا فِي بِطَانَةٍ لعائشة، كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وأبي عمرو ذكوان مولى عائشة، وعمرة بنت عبد الرحمن، وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عائشة، وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْخُصُوصِيَّةِ وَالْبِطَانَةِ بِهَا، فَكَيْفَ؟ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، لَكَانَتْ رِوَايَتُهُمْ أَوْ رِوَايَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوِ انْفَرَدَ هِيَ الْوَاجِبَ أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى رِوَايَةِ أبي الأسود ويحيى، وَلَيْسَ مَنْ جَهِلَ، أَوْ غَفَلَ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ، وَذَكَرَ وَأَخْبَرَ، فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَ هَؤُلَاءِ الْجِلَّةُ عَنْ عائشة، فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِحَدِيثِ أبي الأسود ويحيى اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا.

ص: 189

قَالَ: وَأَيْضًا، فَإِنَّ حَدِيثَيْ أبي الأسود ويحيى مَوْقُوفَانِ غَيْرُ مُسْنَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا ذَكَرَا عَنْهَا فِعْلَ مَنْ فَعَلَ مَا ذَكَرَتْ دُونَ أَنْ يَذْكُرَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَحِلُّوا، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَاهُ، وَقَدْ صَحَّ أَمْرُ النِّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِالْفَسْخِ، فَتَمَادَى الْمَأْمُورُونَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَحِلُّوا لَكَانُوا عُصَاةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ أَعَاذَهُمُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَبَرَّأَهُمْ مِنْهُ، فَثَبَتَ يَقِينًا أَنَّ حَدِيثَ أبي الأسود ويحيى إِنَّمَا عُنِيَ فِيهِمَا: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَهَكَذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِأَنْ يَجْمَعَ حَجًّا مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا.

ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عروة، عَنْهَا تَرْفَعُهُ ( «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» )، قَالَ: فَهَذَا الْحَدِيثُ كَمَا تَرَى مِنْ طَرِيقِ عروة عَنْ عائشة يُبَيِّنُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ الْمُرَادُ بِلَا شَكٍّ فِي حَدِيثِ أبي الأسود عَنْ عروة، وَحَدِيثِ يحيى عَنْ عائشة، وَارْتَفَعَ الْآنَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أبي الأسود حَذْفًا قَوْلُهُ فِيهِ: عَنْ عروة " أَنَّ أُمَّهُ وَخَالَتَهُ والزبير، أَقْبَلُوا بِعُمْرَةٍ فَقَطْ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا ". وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ أَنَّ مَنْ أَقْبَلَ بِعُمْرَةٍ لَا يَحِلُّ بِمَسْحِ الرُّكْنِ، حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَعْدَ مَسْحِ الرُّكْنِ، فَصَحَّ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ حَذْفًا بَيَّنَهُ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَبَطَلَ التَّشْغِيبُ بِهِ جُمْلَةً، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ أبي الأسود، عَنْ عروة مِنْ فِعْلِ أبي بكر، وعمر، وَالْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، وَابْنِ عُمَرَ، فَقَدْ أَجَابَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَأَحْسَنَ جَوَابَهُ

ص: 190

فَيُكْتَفَى بِجَوَابِهِ.

فَرَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ فضيل بن عمرو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عروة: نَهَى أَبُو بكر وعمر عَنِ الْمُتْعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَاكُمْ سَتَهْلِكُونَ أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: قَالَ أبو بكر وعمر» .

وَقَالَ عبد الرازق: حَدَّثَنَا معمر، عَنْ أيوب قَالَ:«قَالَ عروة لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ تُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَلْ أُمَّكَ يَا عُرَيَّةُ. فَقَالَ عروة: أَمَّا أبو بكر وعمر، فَلَمْ يَفْعَلَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكُمْ مُنْتَهِينَ حَتَّى يُعَذِّبَكُمُ اللَّهُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثُونَا عَنْ أبي بكر وعمر؟ فَقَالَ عروة: لَهُمَا أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتْبَعُ لَهَا مِنْكَ» .

وَأَخْرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، ( «قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَأْمُرُ النَّاسَ بِالْعُمْرَةِ فِي هَؤُلَاءِ الْعَشْرِ وَلَيْسَ فِيهَا عُمْرَةٌ؟! قَالَ: أَوَلَا تَسْأَلُ أُمَّكَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ عروة: فَإِنَّ أبا بكر وعمر لَمْ يَفْعَلَا ذَلِكَ قَالَ الرَّجُلُ: مِنْ هَاهُنَا هَلَكْتُمْ، مَا أَرَى اللَّهَ عز وجل إِلَّا سَيُعَذِّبُكُمْ إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُخْبِرُونِي بأبي بكر وعمر. قَالَ عروة إِنَّهُمَا وَاللَّهِ كَانَا أَعْلَمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ، فَسَكَتَ الرَّجُلُ» ) .

ص: 191

ثُمَّ أَجَابَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ عروة عَنْ قَوْلِهِ هَذَا، بِجَوَابٍ نَذْكُرُهُ، وَنَذْكُرُ جَوَابًا أَحْسَنَ مِنْهُ لِشَيْخِنَا.

قَالَ أبو محمد وَنَحْنُ نَقُولُ لعروة: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وبأبي بكر وعمر مِنْكَ، وَخَيْرٌ مِنْكَ، وَأَوْلَى بِهِمْ ثَلَاثَتِهِمْ مِنْكَ، لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ مسلم. وعائشة أم المؤمنين، أَعْلَمُ وَأَصْدَقُ مِنْكَ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الثّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إسحاق السبيعي عَنْ عبد الله قَالَ: قَالَتْ عائشة: مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَوْسِمِ؟ قَالُوا: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَتْ هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحَجِّ.

قَالَ أبو محمد مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهَا خِلَافُ مَا قَالَهُ عروة، وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عروة وَأَفْضَلُ، وَأَعْلَمُ، وَأَصْدَقُ، وَأَوْثَقُ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ البزار، عَنِ الأشج، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ ليث، عَنْ عطاء، وطاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وأبو بكر، وعمر وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا معاوية» .

وَمِنْ طَرِيقِ عبد الرزاق، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ ليث، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر. حَتَّى مَاتَ، وعمر، وعثمان كَذَلِكَ وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا، معاوية» .

قُلْتُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي " الْمُسْنَدِ " وَالتّرْمِذِيُّ. وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَذَكَرَ عبد الرزاق، قَالَ حَدَّثَنَا معمر عَنِ ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وأبو موسى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَلَا تَقُومُ فَتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَمْرَ هَذِهِ الْمُتْعَةِ؟ فَقَالَ عمر: وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَهَا، أَمَّا أَنَا فَأَفْعَلُهَا.

ص: 192

وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَوْ حميد، عَنِ الحسن «أَنَّ عمر أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: الْكَعْبَةُ غَنِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى أَهْلَ الْيَمَنِ أَنْ يَصْبُغُوا بِالْبَوْلِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ هَذَا الْمَالَ وَبِهِ وَبِأَصْحَابِهِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَأَنْتَ فَلَا تَأْخُذْهُ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ الْيَمَانِيَّةَ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تُصْبَغُ بِالْبَوْلِ، وَقَدْ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا نَهْيًا» .

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ عمر: لَوِ اعْتَمَرْتُ فِي وَسَطِ السَّنَةِ، ثُمَّ حَجَجْتُ، لَتَمَتَّعْتُ، وَلَوْ حَجَجْتُ خَمْسِينَ حَجَّةً، لَتَمَتَّعْتُ. وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قيس، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْهُ لَوِ اعْتَمَرْتُ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ حَجَجْتُ، لَجَعَلْتُ مَعَ حَجَّتِي عُمْرَةً.

وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْهُ لَوِ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ حَجَجْتُ، لَتَمَتَّعْتُ. وَابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ هشام بن حجير، وليث، عَنْ طَاوُوسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هَذَا الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي عمر - سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوِ اعْتَمَرْتُ، ثُمَّ حَجَجْتُ؛ لَتَمَتَّعْتُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَا وَكَذَا مَرَّةً مَا تَمَّتْ حَجَّةُ رَجُلٍ قَطُّ إِلَّا بِمُتْعَةٍ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، فَهُوَ أَنَّ عمر رضي الله عنه لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُتْعَةِ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا قَالَ: إِنَّ أَتَمَّ لِحَجِّكُمْ، وَعُمْرَتِكُمْ أَنْ تَفْصِلُوا بَيْنَهُمَا، فَاخْتَارَ عمر لَهُمْ أَفْضَلَ الْأُمُورِ، وَهُوَ إِفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَفَرٍ يُنْشِئُهُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَهَذَا أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ وَالتّمَتِّعِ الْخَاصِّ بِدُونِ سَفْرَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أحمد، وأبو

ص: 193

حنيفة، ومالك، وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَيْرُهُمْ. وَهَذَا هُوَ الْإِفْرَادُ الَّذِي فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ وعمر رضي الله عنهما، وَكَانَ عمر يَخْتَارُهُ لِلنَّاسِ، وَكَذَلِكَ علي رضي الله عنهما.

وَقَالَ عمر وعلي رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196][الْبَقَرَةِ 196] قَالَا: إِتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكِ، وَقَدْ «قَالَ صلى الله عليه وسلم لعائشة فِي عُمْرَتِهَا: أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ» فَإِذَا رَجَعَ الْحَاجُّ إِلَى

ص: 194