الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَرَمِ، وَهِيَ مَشْعَرٌ، وَمُحَسِّرٌ: مِنَ الْحَرَمِ، وَلَيْسَ بِمَشْعَرٍ، وَمُزْدَلِفَةُ: حَرَمٌ وَمَشْعَرٌ، وَعُرَنَةُ لَيْسَتْ مَشْعَرًا، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ. وَعَرَفَةُ: حِلٌّ وَمَشْعَرٌ.
وَسَلَكَ صلى الله عليه وسلم الطَّرِيقَ الْوُسْطَى بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى مِنًى، فَأَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَوَقَفَ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي، وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْجَمْرَةَ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَرَمَاهَا رَاكِبًا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَحِينَئِذٍ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ.
وَكَانَ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ يُلَبِّي حَتَّى شَرَعَ فِي الرَّمْيِ، وَرَمَى بَلَالٌ وَأُسَامَةُ مَعَهُ أَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، وَالْآخَرُ يُظَلِّلُهُ بِثَوْبٍ مِنَ الْحَرِّ. وَفِي هَذَا: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِظْلَالِ الْمُحْرِمِ بِالْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ، إِنْ كَانَتْ قِصَّةُ هَذَا الْإِظْلَالِ يَوْمَ النَّحْرِ ثَابِتَةً، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَلَا حُجَّةَ فِيهَا، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ فِي أَيِّ زَمَنٍ كَانَتْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى منى وخطبته فيها]
فَصْلٌ
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَخَطَبَ النَّاسَ خُطْبَةً بَلِيغَةً أَعْلَمَهُمْ فِيهَا بِحُرْمَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَتَحْرِيمِهِ، وَفَضْلِهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَحُرْمَةِ مَكَّةَ عَلَى جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَأَمَرَهُمْ بِالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ لِمَنْ قَادَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِأَخْذِ مَنَاسِكِهِمْ عَنْهُ، وَقَالَ:" «لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا» ".
وَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، وَأَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ مَنَازِلَهُمْ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يَرْجِعُوا بَعْدَهُ كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وَأَمَرَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ. وَأَخْبَرَ أَنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ.
وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " «لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ» ".
وَأَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَالْأَنْصَارَ عَنْ يَسَارِهَا، وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ، وَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ أَسْمَاعَ النَّاسِ حَتَّى سَمِعَهَا أَهْلُ مِنًى فِي مَنَازِلِهِمْ.
وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ تِلْكَ: " «اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» ".
وَوَدَّعَ حِينَئِذٍ النَّاسَ، فَقَالُوا: حَجَّةُ الْوَدَاعِ.
وَهُنَاكَ سُئِلَ عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ وَعَمَّنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ، فَقَالَ:" لَا حَرَجَ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: «مَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ: " افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ» ".