الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ رَدُّ السَّلَامِ]
فَصْلٌ
وَكَانَ يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، رَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ تَحِيَّتِهِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، إِلَّا لِعُذْرٍ مِثْلِ حَالَةِ الصَّلَاةِ، وَحَالَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.
وَكَانَ يُسْمِعُ الْمُسْلِمَ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَرُدُّ بِيَدِهِ وَلَا رَأْسِهِ وَلَا أُصْبُعِهِ إِلَّا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ إِشَارَةً، ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ مَا يُعَارِضُهَا إِلَّا بِشَيْءٍ بَاطِلٍ لَا يَصِحُّ عَنْهُ، كَحَدِيثٍ يَرْوِيهِ أبو غطفان رَجُلٌ مَجْهُولٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم ( «مَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إِشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ» ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ لَنَا ابن أبي داود: أبو غطفان هَذَا رَجُلٌ مَجْهُولٌ.
وَالصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ( «كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ» ) رَوَاهُ أنس، وجابر، وَغَيْرُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
[فَصْلٌ كَرَاهِيَةُ قَوْلِ الْمُبْتَدِئِ عَلَيْكَ السَّلَامُ]
فَصْلٌ
وَكَانَ هَدْيُهُ فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ أَنْ يَقُولَ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، " وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِئُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ.
( «قَالَ أبو جري الهجيمي: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» ) حَدِيثٌ
صَحِيحٌ.
وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى طَائِفَةٍ، وَظَنُّوهُ مُعَارَضًا لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي السَّلَامِ عَلَى الْأَمْوَاتِ بِلَفْظِ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) بِتَقْدِيمِ السَّلَامِ، فَظَنُّوا أَنَّ قَوْلَهُ ( «فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» ) إِخْبَارٌ عَنِ الْمَشْرُوعِ، وَغَلِطُوا فِي ذَلِكَ غَلَطًا أَوْجَبَ لَهُمْ ظَنَّ التَّعَارُضِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ:( «فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» ) إِخْبَارٌ عَنِ الْوَاقِعِ، لَا الْمَشْرُوعِ، أَيْ: إِنَّ الشُّعَرَاءَ وَغَيْرَهُمْ يُحَيُّونَ الْمَوْتَى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ كَقَوْلِ قَائِلِهِمْ
عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ قيس بن عاصم
…
وَرَحْمَتُهُ مَا شَاءَ أَنْ يَتَرَحَّمَا
فَمَا كَانَ قَيْسٌ هُلْكُهُ هُلْكَ وَاحِدٍ
…
وَلَكِنَّهُ بُنْيَانُ قَوْمٍ تَهَدَّمَا
فَكَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُحَيَّى بِتَحِيَّةِ الْأَمْوَاتِ، وَمِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْمُسَلِّمِ بِهَا.