الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي لَكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ» ) .
وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنَ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَلَا الْبِغَالِ وَلَا الْحَمِيرِ، وَلَا الْخَضْرَاوَاتِ، وَلَا الْمَبَاطِخِ وَالْمَقَاثِي وَالْفَوَاكِهِ الَّتِي لَا تُكَالُ وَلَا تُدَّخَرُ إِلَّا الْعِنَبُ وَالرُّطَبُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْهُ جُمْلَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا يَبِسَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَيْبَسْ.
[فَصْلٌ زَكَاةُ الْعَسَلِ]
فَصْلٌ.
وَاخْتُلِفَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَسَلِ، فَرَوَى أبو داود مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:( «جَاءَ هلال أَحَدُ بَنِي مُتْعانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ، وَكَانَ سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ، فَحَمَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الْوَادِيَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ عمر: إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عُشُورِ نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ، وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ مَنْ يَشَاءُ» ) .
وَفِي رِوَايَةٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ( «مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ» ) .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي " سُنَنِهِ " مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ ( «أَخَذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشْرَ» ) .
وَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " عَنْ أبي سيارة المتعي ( «قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي نَحْلًا. قَالَ: أَدِّ الْعُشْرَ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْمِهَا لِي، فَحَمَاهَا لِي» ) .
وَرَوَى عبد الرزاق، عَنْ عبد الله بن محرر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:( «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشْرُ» ) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنِ الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عَنْ أَبِيهِ ( «عَنْ سعد بن أبي ذباب قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لِقَوْمِي مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَنِي أبو بكر، ثُمَّ عمر رضي الله عنهما، قَالَ: وَكَانَ سعد مِنْ أَهْلِ السَّرَاةِ، قَالَ: فَكَلَّمْتُ قَوْمِي فِي الْعَسَلِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: فِيهِ زَكَاةٌ، فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي ثَمَرَةٍ لَا تُزَكَّى. فَقَالُوا: كَمْ تَرَى؟ قُلْتُ: الْعُشْرُ. فَأَخَذْتُ مِنْهُمُ الْعُشْرَ، فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَانَ. قَالَ: فَقَبَضَهُ عمر، ثُمَّ جَعَلَ ثَمَنَهُ فِي صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ» ) . وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ لِلشَّافِعِيِّ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَحُكْمِهَا، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ يَصِحُّ، وَقَالَ الترمذي: لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرُ شَيْءٍ. وَقَالَ ابن المنذر: لَيْسَ فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْعَسَلِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا إِجْمَاعٌ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحَدِيثُ فِي أَنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ ضَعِيفٌ، وَفِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ ضَعِيفٌ، إِلَّا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
قَالَ هَؤُلَاءِ: وَأَحَادِيثُ الْوُجُوبِ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ صدقة بن عبد الله بن موسى بن يسار، عَنْ نافع عَنْهُ، وَصَدَقَةُ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ عَنْ نافع، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَدَقَةُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أبي سيارة المتعي، فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْهُ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْآخَرُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ( «أَخَذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشْرَ» ) فَفِيهِ أسامة بن زيد بن أسلم يَرْوِيهِ عَنْ عمرو، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: بنو زيد ثَلَاثَتُهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ، وَقَالَ الترمذي: لَيْسَ فِي وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ثِقَةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَمَا أَظْهَرَ دَلَالَتِهِ لَوْ سَلِمَ مِنْ عبد الله بن محرر رَاوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: عبد الله بن محرر مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ يَصِحُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فَقَالَ البيهقي: رَوَاهُ الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنِ الحارث بن عبد الرحمن (هو ابن أبي ذباب) عَنْ منير بن عبد الله، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سعد بن أبي ذباب، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الحارث بن أبي ذباب. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عبد الله والد منير، عَنْ
سعد بن أبي ذباب لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: منير هَذَا لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، كَذَا قَالَ لِي.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وسعد بن أبي ذباب يَحْكِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْهُ بِأَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْعَسَلِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ رَآهُ فَتَطَوَّعَ لَهُ بِهِ أَهْلُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاخْتِيَارِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ، لِأَنَّ السُّنَنَ وَالْآثَارَ ثَابِتَةٌ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَلَيْسَتْ ثَابِتَةً فِيهِ فَكَأَنَّهُ عَفْوٌ.
وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حسين بن زيد، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي رضي الله عنه قَالَ: لَيْسَ فِي الْعَسَلِ زَكَاةٌ.
قَالَ يحيى: وَسُئِلَ حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْعَسَلِ؟ فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا. وَذَكَرَ عَنْ معاذ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْعَسَلِ شَيْئًا. قَالَ الحميدي: حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّهُ أُتِيَ بِوَقَصِ الْبَقَرِ وَالْعَسَلِ، فَقَالَ معاذ: كِلَاهُمَا لَمْ يَأْمُرْنِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مالك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابٌ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله إِلَى أَبِي وَهُوَ بِمِنًى، أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنَ الْخَيْلِ وَلَا مِنَ الْعَسَلِ صَدَقَةً. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مالك وَالشَّافِعِيُّ.
وَذَهَبَ أحمد وأبو حنيفة وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ فِي الْعَسَلِ زَكَاةً، وَرَأَوْا أَنَّ هَذِهِ الْآثَارَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، وَقَدْ تَعَدَّدَتْ مَخَارِجُهَا وَاخْتَلَفَتْ طُرُقُهَا، وَمُرْسَلُهَا يُعَضَّدُ بِمُسْنَدِهَا.
وَقَدْ سُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عبد الله والد منير، عَنْ سعد بن أبي ذباب: يَصِحُّ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ هَؤُلَاءِ: وَلِأَنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْ نَوْرِ