الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْلَيْنِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِالتَّارِيخِ مُتَعَذَّرٌ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْعَتَمَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَنْ يُهْجَرَ اسْمُ الْعِشَاءِ، وَهُوَ الِاسْمُ الَّذِي سَمَّاهَا اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَيَغْلِبَ عَلَيْهَا اسْمُ الْعَتَمَةِ، فَإِذَا سُمِّيَتِ الْعِشَاءَ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا أَحْيَانًا الْعَتَمَةُ، فَلَا بَأْسَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَهَذَا مُحَافَظَةً مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ بِهَا الْعِبَادَاتِ، فَلَا تُهْجَرُ وَيُؤَثِّرُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، كَمَا فَعَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هِجْرَانِ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ، وَإِيثَارِ الْمُصْطَلَحَاتِ الْحَادِثَةِ عَلَيْهَا، وَنَشَأَ بِسَبَبِ هَذَا مِنَ الْجَهْلِ وَالْفَسَادِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَهَذَا كَمَا كَانَ يُحَافِظُ عَلَى تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ اللَّهُ، وَتَأْخِيرِ مَا أَخَّرَهُ، كَمَا بَدَأَ بِالصَّفَا، وَقَالَ ( «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» ) وَبَدَأَ فِي الْعِيدِ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ جَعَلَ النَّحْرَ بَعْدَهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ ( «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَهَا، فَلَا نُسُكَ لَهُ» ) تَقْدِيمًا لِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] وَبَدَأَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْوَجْهِ، ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ الرَّأْسِ، ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ تَقْدِيمًا لِمَا قَدَّمَهُ اللَّهُ، وَتَأْخِيرًا لِمَا أَخَّرَهُ، وَتَوْسِيطًا لِمَا وَسَّطَهُ، وَقَدَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ تَقْدِيمًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14] [الْأَعْلَى: 13] وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاخْتِيَارِ الْأَلْفَاظِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاخْتِيَارِ الْأَلْفَاظِ
كَانَ يَتَخَيَّرُ فِي خِطَابِهِ وَيَخْتَارُ لِأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْأَلْفَاظِ وَأَجْمَلَهَا، وَأَلْطَفَهَا، وَأَبْعَدَهَا مِنْ أَلْفَاظِ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَالْغِلْظَةِ وَالْفُحْشِ، فَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا