الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَعَ تَحَقُّقِهِ بِهِمَا، لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكُونُ اللَّهُ حَسْبَهُ وَكَافِيَهُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْشَدَ الْعَبْدَ إِلَى مَا فِيهِ غَايَةُ كَمَالِهِ، وَنَيْلُ مَطْلُوبِهِ، أَنْ يَحْرِصَ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ، وَيَبْذُلَ فِيهِ جَهْدَهُ، وَحِينَئِذٍ يَنْفَعُهُ التَّحَسُّبُ، وَقَوْلُ ( «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) بِخِلَافِ مَنْ عَجَزَ وَفَرَّطَ، حَتَّى فَاتَتْهُ مَصْلَحَتُهُ، ثُمَّ قَالَ ( «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) فَإِنَّ اللَّهَ يَلُومُهُ، وَلَا يَكُونُ فِي هَذَا الْحَالِ حَسْبَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ حَسْبُ مَنِ اتَّقَاهُ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في الأذكار والأدعية]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الذِّكْرِ
كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَكْمَلَ الْخَلْقِ ذِكْرًا لِلَّهِ عز وجل، بَلْ كَانَ كَلَامُهُ كُلُّهُ فِي ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، وَكَانَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَتَشْرِيعُهُ لِلْأُمَّةِ ذِكْرًا مِنْهُ لِلَّهِ، وَإِخْبَارُهُ عَنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ، وَأَحْكَامِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، ذِكْرًا مِنْهُ لَهُ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِآلَائِهِ، وَتَمْجِيدُهُ وَحَمْدُهُ، وَتَسْبِيحُهُ ذِكْرًا مِنْهُ لَهُ، وَسُؤَالُهُ وَدُعَاؤُهُ إِيَّاهُ، وَرَغْبَتُهُ وَرَهْبَتُهُ ذِكْرًا مِنْهُ لَهُ، وَسُكُوتُهُ وَصَمْتُهُ ذِكْرًا مِنْهُ لَهُ بِقَلْبِهِ، فَكَانَ ذَاكِرًا لِلَّهِ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، وَعَلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَكَانَ ذِكْرُهُ لِلَّهِ يَجْرِي مَعَ أَنْفَاسِهِ، قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنْبِهِ، وَفِي مَشْيِهِ وَرُكُوبِهِ، وَمَسِيرِهِ وَنُزُولِهِ، وَظَعْنِهِ وَإِقَامَتِهِ.