الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وعمر فِي الْإِقَامَةِ ( «قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ» )
وَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ تَثْنِيَةُ كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ مَعَ سَائِرِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ جَائِزَةٌ مُجْزِئَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ فَالْإِمَامُ أَحْمَدُ أَخَذَ بِأَذَانِ بلال وَإِقَامَتِهِ، وَالشَّافِعِيُّ أَخَذَ بِأَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَإِقَامَةِ بلال، وأبو حنيفة أَخَذَ بِأَذَانِ بلال وَإِقَامَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ، ومالك أَخَذَ بِمَا رَأَى عَلَيْهِ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّكْبِيرِ فِي الْأَذَانِ مَرَّتَيْنِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، رحمهم الله كُلَّهُمْ، فَإِنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِي مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ.
[الذِّكْرُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَبَعْدَهُ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الذِّكْرِ عِنْدَ الْأَذَانِ وَبَعْدَهُ فَشَرَعَ لِأُمَّتِهِ مِنْهُ خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ السَّامِعُ، كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ، إِلَّا فِي لَفْظِ " حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ "" حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ " فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ إِبْدَالُهُمَا بِ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ " حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ "" حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَلَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَيْعَلَةِ، وَهَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِي صَحَّ عَنْهُ إِبْدَالُهُمَا بِالْحَوْقَلَةِ وَهَذَا مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ الْمُطَابِقَةِ لِحَالِ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ، فَإِنَّ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ ذِكْرٌ، فَسُنَّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقُولَهَا، وَكَلِمَةُ الْحَيْعَلَةِ دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ لِمَنْ سَمِعَهُ فَسُنَّ لِلسَّامِعِ أَنْ
يَسْتَعِينَ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ بِكَلِمَةِ الْإِعَانَةِ وَهِيَ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ ( «وَأَنَا أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» ) وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَأَكْمَلُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِهِ وَيَصِلُ إِلَيْهِ هِيَ الصَّلَاةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّةُ، كَمَا عَلَّمَهُ أُمَّتَهُ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ، فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهِ أَكْمَلُ مِنْهَا، وَإِنْ تَحَذْلَقَ الْمُتَحَذْلِقُونَ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ بَعْدَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ: ( «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» ) هَكَذَا جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ " مَقَامًا مَحْمُودًا " بِلَا أَلِفٍ وَلَا لَامٍ، وَهَكَذَا صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم.
الْخَامِسُ: أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَسْأَلَ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُ كَمَا فِي " السُّنَنِ " عَنْهُ صلى الله عليه وسلم ( «قُلْ كَمَا يَقُولُونَ يَعْنِي الْمُؤَذِّنِينَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهُ» )
وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ قَالَ حِينَ يُنَادِي الْمُنَادِي: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ النَّافِعَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَارْضَ عَنْهُ رِضًى لَا سَخَطَ بَعْدَهُ، اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ دَعْوَتَهُ» )
وَقَالَتْ أم سلمة رضي الله عنها: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُولَ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: (اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِي» ) ذَكَرَهُ الترمذي.
وَذَكَرَ الحاكم فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة يَرْفَعُهُ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ قَالَ: (اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ الْمُسْتَجَابَةِ، وَالْمُسْتَجَابِ لَهَا، دَعْوَةِ الْحَقِّ وَكَلِمَةِ التَّقْوَى، تَوَفَّنِي عَلَيْهَا وَأَحْيِنِي عَلَيْهَا، وَاجْعَلْنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا عَمَلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) وَذَكَرَهُ البيهقي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.
وَذُكِرَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ: (أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا» )
وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: ( «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ " قَالُوا: فَمَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ) حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَفِيهَا عَنْهُ ( «سَاعَتَانِ يَفْتَحُ اللَّهُ فِيهِمَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَقَلَّمَا تُرَدُّ عَلَى دَاعٍ دَعْوَتُهُ: عِنْدَ حُضُورِ النِّدَاءِ، وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» )