الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَمْرِ اللَّهِ لَهُ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ.
وَكَانَ حَجُّهُ عَلَى رَحْلٍ، لَا فِي مَحْمِلٍ، وَلَا هَوْدَجٍ وَلَا عَمَّارِيَّةٍ، وَزَامِلَتُهُ تَحْتَهُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ رُكُوبِ الْمُحْرِمِ فِي الْمَحْمِلِ، وَالْهَوْدَجِ وَالْعَمَّارِيَّةِ وَنَحْوِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ وَهُوَ مَذْهَبُ مالك.
[تَخْيِيرُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ بَيْنَ الْأَنْسَاكِ الثَّلَاثَةِ]
فَصْلٌ
ثُمَّ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَهُمْ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بَيْنَ الْأَنْسَاكِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ عِنْدَ دُنُوِّهِمْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى فَسْخِ الْحَجِّ وَالْقِرَانِ إِلَى الْعُمْرَةِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، ثُمَّ حَتَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَرْوَةِ.
«وَوَلَدَتْ أسماء بنت عميس زَوْجَةُ أبي بكر رضي الله عنهما بِذِي الْحُلَيْفَةِ محمد بن أبي بكر، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَغْتَسِلَ، وَتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ وَتُحْرِمَ وَتُهِلَّ» . وَكَانَ فِي قِصَّتِهَا ثَلَاثُ سُنَنٍ، إِحْدَاهَا: غُسْلُ الْمُحْرِمِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْحَائِضَ تَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهَا، وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ الْإِحْرَامَ يَصِحُّ مِنَ الْحَائِضِ.
ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُلَبِّي بِتَلْبِيَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَالنَّاسُ مَعَهُ يَزِيدُونَ فِيهَا وَيَنْقُصُونَ، وَهُوَ يُقِرُّهُمْ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ.
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنْ صَيْدِ الْحَلَالِ إِذَا لَمْ يَصِدْهُ لِأَجْلِهِ، وَأَمَّا كَوْنُ صَاحِبِهِ لَمْ يُحْرِمْ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَمُرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَهُوَ كأبي قتادة فِي قِصَّتِهِ. وَتَدُلُّ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى لَفْظِ: وَهَبْتُ لَكَ، بَلْ تَصِحُّ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، وَتَدُلُّ عَلَى قِسْمَتِهِ اللَّحْمَ مَعَ عِظَامِهِ بِالتَّحَرِّي، وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ يُمْلَكُ بِالْإِثْبَاتِ، وَإِزَالَةِ امْتِنَاعِهِ، وَأَنَّهُ لِمَنْ أَثْبَتَهُ لَا لِمَنْ أَخَذَهُ، وَعَلَى حِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ، وَعَلَى التَّوْكِيلِ فِي الْقِسْمَةِ، وَعَلَى كَوْنِ الْقَاسِمِ وَاحِدًا.
فَصْلٌ
ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْأُثَايَةِ بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ وَالْعَرْجِ، إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ، فَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى يُجَاوِزُوا.