الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُذْكَرُ عَنْ أبي داود وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ سُنَنِهِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ الطَّعَامِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَذْكَارِ الطَّعَامِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ
وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أحمد، وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِهَا صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ، وَلَا مُعَارِضَ لَهَا، وَلَا إِجْمَاعَ يُسَوِّغُ مُخَالَفَتَهَا وَيُخْرِجُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، وَتَارِكُهَا شَرِيكُهُ الشَّيْطَانُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ.
[هَلْ تَزُولُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْآكِلِينَ بِتَسْمِيَةِ أَحَدِهِمْ]
فَصْلٌ
وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهَا، وَهِيَ أَنَّ الْآكِلِينَ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً،
فَسَمَّى أَحَدُهُمْ، هَلْ تَزُولُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ بِتَسْمِيَتِهِ وَحْدَهُ، أَمْ لَا تَزُولُ إِلَّا بِتَسْمِيَةِ الْجَمِيعِ؟ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى إِجْزَاءِ تَسْمِيَةِ الْوَاحِدِ عَنِ الْبَاقِينَ، وَجَعَلَهُ أَصْحَابُهُ كَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا تُرْفَعُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْآكِلِ إِلَّا بِتَسْمِيَتِهِ هُوَ، وَلَا يَكْفِيهِ تَسْمِيَةُ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حذيفة ( «إِنَّا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّمَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا) ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وَأَكَلَ» ، وَلَوْ كَانَتْ تَسْمِيَةُ الْوَاحِدِ تَكْفِي، لَمَا وَضَعَ الشَّيْطَانُ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ.
وَلَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ، وَسَمَّى بَعْدُ وَلَكِنَّ الْجَارِيَةَ ابْتَدَأَتْ بِالْوَضْعِ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ، فَشَارَكَهُمَا الشَّيْطَانُ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ شَارَكَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ بَعْدَ تَسْمِيَةِ غَيْرِهِ؟ فَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ، لَكِنْ قَدْ رَوَى الترمذي وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عائشة قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ» ) وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُولَئِكَ السِّتَّةَ سَمَّوْا،
فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ فَأَكَلَ وَلَمْ يُسَمِّ، شَارَكَهُ الشَّيْطَانُ فِي أَكْلِهِ، فَأَكَلَ الطَّعَامَ بِلُقْمَتَيْنِ، وَلَوْ سَمَّى لَكَفَى الْجَمِيعَ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، فَفِيهَا نَظَرٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:( «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ، فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ» ) وَإِنْ سُلِّمَ الْحُكْمُ فِيهِمَا، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَتَوَصَّلُ إِلَى مُشَارَكَةِ الْآكِلِ فِي أَكْلِهِ إِذَا لَمْ يُسَمِّ، فَإِذَا سَمَّى غَيْرُهُ لَمْ تُجِزْ تَسْمِيَةُ مَنْ سَمَّى عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّ مِنْ مُقَارَنَةِ الشَّيْطَانِ لَهُ فَيَأْكُلُ مَعَهُ، بَلْ تَقِلُّ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ بِتَسْمِيَةِ بَعْضِهِمْ وَتَبْقَى الشَّرِكَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ وَبَيْنَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُذْكَرُ عَنْ جابر عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ عَلَى طَعَامِهِ، فَلْيَقْرَأْ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إِذَا فَرَغَ» ) وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ.
وَكَانَ إِذَا رُفِعَ الطَّعَامُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يَقُولُ ( «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبُّنَا عز وجل» ) ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ ( «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» )
وَكَانَ يَقُولُ ( «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» )
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ( «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَآوَانَا» ) وَذَكَرَ الترمذي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ( «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ) حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَيُذْكَرُ عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ قَالَ (بِسْمِ اللَّهِ) فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ " اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَهَدَيْتَ وَأَحْيَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ» " وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَفِي " السُّنَنِ " عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا وَهَدَانَا، وَالَّذِي أَشْبَعَنَا وَأَرْوَانَا، وَمِنْ كُلِّ الْإِحْسَانِ آتَانَا» " حَدِيثٌ حَسَنٌ.