الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا: أَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ فَكَيْفَ بِنَفْلِهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ ( «نَهَى عَنْ إِفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ» ) فَأَحَبَّ أَنْ يَرَى النَّاسُ فِطْرَهُ فِيهِ تَأْكِيدًا لِنَهْيِهِ عَنْ تَخْصِيصِهِ بِالصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَكَانَ شَيْخُنَا رحمه الله يَسْلُكُ مَسْلَكًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ لِأَهْلِ عَرَفَةَ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهِ، كَاجْتِمَاعِ النَّاسِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَهَذَا الِاجْتِمَاعُ يَخْتَصُّ بِمَنْ بِعَرَفَةَ دُونَ أَهْلِ الْآفَاقِ. قَالَ: وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هَذَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ: ( «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ مِنًى، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ» ) . وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَوْنَهُ عِيدًا هُوَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْجَمْعِ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[صَوْمُ يَوْمَيِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ]
فَصْلٌ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ كَثِيرًا، يَقْصِدُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَا فِي " الْمُسْنَدِ " وَ" سُنَنِ النَّسَائِيِّ " عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:( «أَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أم سلمة أَسْأَلُهَا؟ أَيُّ الْأَيَّامِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَهَا صِيَامًا؟ قَالَتْ: يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا عِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ» ) . وَفِي صِحَّةِ هَذَا
الْحَدِيثِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وَقَدِ اسْتَنْكَرَ بَعْضَ حَدِيثِهِ. وَقَدْ قَالَ عبد الحق فِي " أَحْكَامِهِ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عباس بن عبد الله بن عباس عَنْ عَمِّهِ الفضل، «زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عباسا فِي بَادِيَةٍ لَنَا» . ثُمَّ قَالَ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هُوَ كَمَا ذُكِرَ ضَعِيفٌ، وَلَا يُعْرَفُ حَالُ محمد بن عمر. وَذُكِرَ حَدِيثُهُ هَذَا عَنْ أم سلمة فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، وَقَالَ سَكَتَ عَنْهُ عبد الحق مُصَحِّحًا لَهُ، ومحمد بن عمر هَذَا لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَيَرْوِيهِ عَنْهُ ابْنُهُ عبد الله بن محمد بن عمر وَلَا يُعْرَفُ أَيْضًا حَالُهُ، فَالْحَدِيثُ أَرَاهُ حَسَنًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو داود عَنْ عبد الله بن بسر السلمي، عَنْ أُخْتِهِ الصماء، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ» ) .
فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ. فَقَالَ مالك رحمه الله: هَذَا كَذِبٌ، يُرِيدُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، ذَكَرَهُ عَنْهُ أبو داود، قَالَ الترمذي: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ أبو داود: هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أم سلمة، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ صَوْمِهِ إِنَّمَا هُوَ عَنْ إِفْرَادِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ تَرْجَمَ أبو داود فَقَالَ: بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ، وَحَدِيثُ صِيَامِهِ إِنَّمَا هُوَ مَعَ يَوْمِ الْأَحَدِ.
قَالُوا: