الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( «لَمْ يَعْتَمِرْ إِلَّا ثَلَاثًا، إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّالٍ وَاثْنَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ» ) .
وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ، وَهُوَ غَلَطٌ أَيْضًا، إِمَّا مِنْ هشام، وَإِمَّا مِنْ عروة أَصَابَهُ فِيهِ مَا أَصَابَ ابْنَ عُمَرَ. وَقَدْ رَوَاهُ أبو داود مَرْفُوعًا عَنْ عائشة، وَهُوَ غَلَطٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلَيْسَ رِوَايَتُهُ مُسْنَدًا مِمَّا يُذْكَرُ عَنْ مالك فِي صِحَّةِ النَّقْلِ. قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ عَنْ عائشة أَنَّ عائشة وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالُوا:(لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ) وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ، كَانَتَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةَ الْقِرَانِ إِنَّمَا كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ أَيْضًا كَانَتْ فِي أَوَّلِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَفَرَغَ مِنْ عَدُوِّهِ، وَقَسَمَ غَنَائِمَهُمْ، وَدَخَلَ مَكَّةَ لَيْلًا مُعْتَمِرًا مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَخَرَجَ مِنْهَا لَيْلًا، فَخَفِيَتْ عُمْرَتُهُ هَذِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ قَالَ محرش الكعبي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[عُذْرُ مَنْ قَالَ اعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَّنْعِيمِ بَعْدَ الْحَجِّ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مِنَ التَّنْعِيمِ بَعْدَ الْحَجِّ، فَلَا أَعْلَمُ لَهُ عُذْرًا، فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ الْمُسْتَفِيضِ مِنْ حَجَّتِهِ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ قَطُّ، وَلَا قَالَهُ إِمَامٌ، وَلَعَلَّ ظَانَّ هَذَا سَمِعَ أَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ، وَرَأَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَهُ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَنَزَّلَ حَجَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا عَيْنُ الْغَلَطِ.