المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌المقدمة إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌2001

- ‌2002

- ‌2003

- ‌2004

- ‌2005

- ‌2006

- ‌2007

- ‌2008

- ‌2009

- ‌2010

- ‌2011

- ‌2012

- ‌2013

- ‌2014

- ‌2015

- ‌2016

- ‌2017

- ‌2018

- ‌2019

- ‌2020

- ‌2021

- ‌2022

- ‌2023

- ‌2024

- ‌2025

- ‌2026

- ‌2027

- ‌2028

- ‌2029

- ‌2030

- ‌2031

- ‌2032

- ‌2033

- ‌2034

- ‌2035

- ‌2036

- ‌2037

- ‌2038

- ‌2039

- ‌2040

- ‌2041

- ‌2042

- ‌2043

- ‌2044

- ‌2045

- ‌2046

- ‌2047

- ‌2048

- ‌2049

- ‌2050

- ‌2051

- ‌2052

- ‌2053

- ‌2054

- ‌2055

- ‌2056

- ‌2057

- ‌2058

- ‌2059

- ‌2060

- ‌2061

- ‌2062

- ‌2063

- ‌2064

- ‌2065

- ‌2066

- ‌2067

- ‌2068

- ‌2069

- ‌2070

- ‌2071

- ‌2072

- ‌2073

- ‌2074

- ‌2075

- ‌2076

- ‌2077

- ‌2078

- ‌2079

- ‌2080

- ‌2081

- ‌2082

- ‌2083

- ‌2084

- ‌2085

- ‌2086

- ‌2087

- ‌2088

- ‌2089

- ‌2090

- ‌2091

- ‌2092

- ‌2093

- ‌2094

- ‌2095

- ‌2096

- ‌2097

- ‌2098

- ‌2099

- ‌2100

- ‌2101

- ‌2102

- ‌2103

- ‌2104

- ‌2105

- ‌2106

- ‌2107

- ‌2108

- ‌2109

- ‌2110

- ‌2111

- ‌2112

- ‌2113

- ‌2114

- ‌2115

- ‌2116

- ‌2117

- ‌2118

- ‌2119

- ‌2120

- ‌2121

- ‌2122

- ‌2123

- ‌2124

- ‌2125

- ‌2126

- ‌2127

- ‌2128

- ‌2129

- ‌2130

- ‌2131

- ‌2132

- ‌2133

- ‌2134

- ‌2135

- ‌2136

- ‌2137

- ‌2138

- ‌2139

- ‌2140

- ‌2141

- ‌2142

- ‌2143

- ‌2144

- ‌2145

- ‌2146

- ‌2147

- ‌2148

- ‌2149

- ‌2150

- ‌2151

- ‌2152

- ‌2153

- ‌2154

- ‌2155

- ‌2156

- ‌2157

- ‌2158

- ‌2159

- ‌2160

- ‌2161

- ‌2162

- ‌2163

- ‌2164

- ‌2165

- ‌2166

- ‌2167

- ‌2168

- ‌2169

- ‌2170

- ‌2171

- ‌2172

- ‌2173

- ‌2174

- ‌2175

- ‌2176

- ‌2177

- ‌2178

- ‌2179

- ‌2180

- ‌2181

- ‌2182

- ‌2183

- ‌2184

- ‌2185

- ‌2186

- ‌2187

- ‌2188

- ‌2189

- ‌2190

- ‌2191

- ‌2192

- ‌2193

- ‌2194

- ‌2195

- ‌2196

- ‌2197

- ‌2198

- ‌2199

- ‌2200

- ‌2201

- ‌2202

- ‌2203

- ‌2204

- ‌2205

- ‌2206

- ‌2207

- ‌2208

- ‌2209

- ‌2210

- ‌2211

- ‌2212

- ‌2213

- ‌2214

- ‌2215

- ‌2216

- ‌2217

- ‌2218

- ‌2219

- ‌2220

- ‌2221

- ‌2222

- ‌2223

- ‌2224

- ‌2225

- ‌2226

- ‌2227

- ‌2228

- ‌2229

- ‌2230

- ‌2231

- ‌2232

- ‌2233

- ‌2234

- ‌2235

- ‌2236

- ‌2237

- ‌2238

- ‌2239

- ‌2240

- ‌2241

- ‌2242

- ‌2243

- ‌2244

- ‌2245

- ‌2246

- ‌2247

- ‌2248

- ‌2249

- ‌2250

- ‌2251

- ‌2252

- ‌2253

- ‌2254

- ‌2255

- ‌2256

- ‌2257

- ‌2258

- ‌2259

- ‌2260

- ‌2261

- ‌2262

- ‌2263

- ‌2264

- ‌2265

- ‌2266

- ‌2267

- ‌2268

- ‌2269

- ‌2270

- ‌2271

- ‌2272

- ‌2273

- ‌2274

- ‌2275

- ‌2276

- ‌2277

- ‌2278

- ‌2279

- ‌2280

- ‌2281

- ‌2282

- ‌2283

- ‌2284

- ‌2285

- ‌2286

- ‌2287

- ‌2288

- ‌2289

- ‌2290

- ‌2291

- ‌2292

- ‌2293

- ‌2294

- ‌2295

- ‌2296

- ‌2297

- ‌2298

- ‌2299

- ‌2300

- ‌2301

- ‌2302

- ‌2303

- ‌2304

- ‌2305

- ‌2306

- ‌2307

- ‌2308

- ‌2309

- ‌2310

- ‌2311

- ‌2312

- ‌2313

- ‌2314

- ‌2315

- ‌2316

- ‌2317

- ‌2318

- ‌2319

- ‌2320

- ‌2321

- ‌2322

- ‌2323

- ‌2325

- ‌2326

- ‌2327

- ‌2328

- ‌2329

- ‌2330

- ‌2331

- ‌2332

- ‌2333

- ‌2334

- ‌2335

- ‌2336

- ‌2337

- ‌2338

- ‌2339

- ‌2340

- ‌2341

- ‌2342

- ‌2343

- ‌2344

- ‌2345

- ‌2346

- ‌2347

- ‌2348

- ‌2349

- ‌2350

- ‌2351

- ‌2352

- ‌2353

- ‌2354

- ‌2355

- ‌2356

- ‌2357

- ‌2358

- ‌2359

- ‌2360

- ‌2361

- ‌2362

- ‌2363

- ‌2364

- ‌2365

- ‌2366

- ‌2367

- ‌2368

- ‌2369

- ‌2370

- ‌2371

- ‌2372

- ‌2373

- ‌2374

- ‌2375

- ‌2376

- ‌2377

- ‌2378

- ‌2379

- ‌2380

- ‌2381

- ‌2382

- ‌2383

- ‌2384

- ‌2385

- ‌2386

- ‌2387

- ‌2388

- ‌2389

- ‌2390

- ‌2391

- ‌2392

- ‌2393

- ‌2394

- ‌2395

- ‌2396

- ‌2397

- ‌2398

- ‌2399

- ‌‌‌2400

- ‌2400

- ‌2401

- ‌2402

- ‌2403

- ‌2404

- ‌2405

- ‌2406

- ‌2407

- ‌2408

- ‌2409

- ‌2410

- ‌2411

- ‌2412

- ‌2413

- ‌2414

- ‌2415

- ‌2416

- ‌2417

- ‌2418

- ‌2419

- ‌2420

- ‌2421

- ‌2422

- ‌2423

- ‌2424

- ‌2425

- ‌2426

- ‌2427

- ‌2428

- ‌2429

- ‌2430

- ‌2431

- ‌2432

- ‌2433

- ‌2434

- ‌2435

- ‌2436

- ‌2437

- ‌2438

- ‌2439

- ‌2440

- ‌2441

- ‌2442

- ‌2443

- ‌2444

- ‌2445

- ‌2446

- ‌2447

- ‌2448

- ‌2449

- ‌2450

- ‌2451

- ‌2452

- ‌2453

- ‌2454

- ‌2455

- ‌2456

- ‌2457

- ‌2458

- ‌2459

- ‌2460

- ‌2461

- ‌2462

- ‌2463

- ‌2464

- ‌2465

- ‌2466

- ‌2467

- ‌2468

- ‌2469

- ‌2470

- ‌2471

- ‌2472

- ‌2473

- ‌2474

- ‌2475

- ‌2476

- ‌2477

- ‌2478

- ‌2479

- ‌2480

- ‌2481

- ‌2482

- ‌2484

- ‌2485

- ‌‌‌2486

- ‌2486

- ‌2487

- ‌2488

- ‌2489

- ‌2490

- ‌2491

- ‌2492

- ‌2493

- ‌2494

- ‌2495

- ‌2496

- ‌2497

- ‌2498

- ‌2499

- ‌2500

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌المقدمة إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ

بسم الله الرحمن الرحيم

‌المقدمة

إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا، وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه.

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ".

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ".

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ".

أما بعد، فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل مُحْدَثة بدعةٌ، وكل بدعة

ضلالةٌ، وكل ضلالة في النار.

وبعد، فإن بين يدي القارئ الكريم المجلدَ الخامسَ من كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيّئ في الأمة "،

ص: 3

نقدمه اليوم إلى قرائنا حاوياً- كما هي العادة- خمسمئة حديث رئيس بين ضعيف وما دونه، فضلاً عما يحويه التخريج والفوائد من أحاديث أخرى ضعيفة، وأحاديث صحيحة؛ سيقت لبيان البديل عن الحديث الضعيف، المترجَم، أو لدعم فكرة عولجت، أو ما شابه ذلك مما يضطرنا إليه التخريجُ والبحثُ والتحقيقُ، بالإضافة إلى بعض الآثار عن السلف؛ نوردها للاستئناس بها حيناً، ولغير ذلك أحياناً أخرى.

ثم إن هذا المجلد قد حوى الكثير من الأحاديث الضعيفة التي يوجد في السنة الصحيحة ما يغني عنها، وإنما خُرِّجت هنا لزيادةٍ منكرة في بعضها، أو نكارة في ألفاظها كلاً أو جزءاً، أو مخالفةِ بعضها للأحاديث الصحيحة، أو أنها تحمل في طواياها تشريعاً مُحْدثاً لا أصل له في الشريعة.. إلى غير ذلك من المخالفات التي يلحظها المتأمل في فقهها ودلالتها، ويحسبها الجاهلُ أو الغافلُ من الأحاديث الصحيحة، بل إن بعضها قد يلهج بها من يظنه بعضُ الناسِ أنه من كبار الدعاة إلى الإسلام كالحديث (2176) كما يأتي. ويمكنك أخي القارئ تتبّع أمثلة من هذا في الأحاديث ذوات الأرقام (2013 و 2016 و 2017 و 2030 و 2042 2412 و 2173 و 2766 و 2305 و 2322) وغيرها كثير وكثير جداً.

هذا، وقد تضمن الكتاب- بفضل الله- الكثير من الأبحاث والتحقيقات الحديثية والفقهية- وقد أُشيرَ إلى بعضها في هذه المقدمة-، وبعض الردود العلمية، والفوائد الكثيرة التي يجدها القارئ مبثوثة في طياته، ويمكن الاستعانة على تتبعها بواسطة فهرس المواضيع والفوائد.

ص: 4

فمن الأبحاث الحديثية الهامة ما جاء في تخريج الحديث (2112- اختن إبراهيم وهو ابن عشرين ومئة

) من بيان أن قاعدةَ تقوية الحديث بكثرة طرقه ليست على إطلاقها، وأنه لا يستطيع ة تطبيقها إلَا أهل المعرفة المتمكَنين في هذا العلم، وهذا الحديث أوضح مثال على ذلك -لبيان فهم هذه القاعدة. ومن هذا القبيل أيضاً الحديث (2328- إن الجنة تشتاق إلى أربعة..) .

ومن الأبحاث الفقهية ما جاء تحت الحديثين (2107 و 2355) من بيان أن السنةَ التي جرى عليها عملُ السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين إعفاءُ اللحية إلا ما زاد على القبضة؛ فيُقصَ، وتأييد ذلك بنصوص عزيزة عن بعض السلف، وبيان أن إعفاءها مطلقاً هو من قبيل ما سماه الإمام الشاطبي بـ (البدع الإضافية) .

ومنها أيضاً ما جاء تحت الحديث (2176- لهم ما لنا، وعليهم ما علينا) من بيان مخالفةِ هذا الحديثِ للنصوصِ القطعية من قرآنٍ وسنةٍ صحيحة، ومع هذا فهو منتشر بين خاصة المسلمين، فضلاً عن عامَتهم، وكأنه تشريع صحيح، وبيان أنه صحَ فيمن أسلم من المشركين! فما بال كثير من الكتاب والدعاة الإسلاميين اليوم يشيعونه بين الشباب المسلم، ويتوسعون في تطبيقه توسعاً فاقَ التزامَهم بالكثير مما هو صحيح صريح؟!

لعمر الله! إن في هذا مصداقَ ما عَنْوَنَا به كتابنا هذا: " الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة "، فهذا من الأسباب التي تحملني على بيأنها، ونشرِ الوعي والمعرفةِ بها، ومثلُ هذا الحديث في أثره السيَئ في الأمة ما لا يُعد ولا يُحصى؛ كما لا يخفى، فإن بإمكان

ص: 5

الكثيرين أن يلمسوا هذا الأثر في حياتهم العامة والخاصة، ويعُوا مبلغَ تأثيرِ انتشارِ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ والعملِ بها، والله المستعان!

ومن الردودِ العلميةِ في هذا المجلد، ما يجدهُ القارىءُ تحت الأحاديث (2017 و 2150 و 2209 و،2234.. وغيرها) ، وهي تدورُ حولَ الردِّ على من صحح حديثَ نهي الرجال عن تعليم النساء الكتابةَ كالهيثمي والشوكاني والكتاني! والردَ على الدكتور القلعجي، وبيان ما وقع له من الخبط والخلط في تصحيح حديث في فضل (ابن سمية) ، والرد على الغماري في إيراده الأحاديث الضعيفة في " كنزه "!

ويجد في طياته الكثير من التحقيقات حول تراجم بعض الرجال بشكل مبسط تحت الأحاديث (2039 و 2145 و 2151 و 2164 و 2175 و 2499 و

غيرها) ، هذا فضلاً عن التراجم المعتادة التي لا بد منها.

وللأسف! فإنك تجد في هذا المجلد الكثير من الأحاديث الموضوعة والموقوفة مما أودعه السيوطي رحمه الله في " جامعه "، وهو خلاف شرطه!

أمثال الأحاديث (2006 و 2010 و 2165 و 2192 و

) وغيرها كثير، وكذلك تجد العديد من الأحاديث صححها الحاكم، ووافقه الذهبي في بعضها! وفي كثير منها خالفه؛ فأصاب.

هذا وإن مما قد يحسن الإشارة إليه أن هذا المجلد حوى تخريج العديد من الأحاديث من مصادرَ عزيزة مخطوطة أمثال الأحاديث (2034

و2040 و 2059 و 2071 و 2077 و

غيرهًا) .

وكذلك مما يحسن التنبيه إليه أنه سيمر بالقراء الكرام العزو مني كثيراً إلى " ضعيف أبي داود " بالأرقام، وربما إلى قسيمه " صحيح أبي داود "

ص: 6

أيضاً، فينبغي الانتباه أن المقصود بكل منهما هو أمّ " الضعيف " و " الصحيح " الذي في كل منهما بسط الكلام على أسانيدهما ورجالهما، وليس المطبوع منهما باسم " صحيح أبي داود " وضعيف أبي داود " اللذين ليس فيهما إلا الإشارة إلى مرتبتهما فقط من صحة أو ضعف، وليكن هذا قاعدة مضطردة في كل عزو يُرَدُّ إليهما في شيء من كتبي.

ومن الجدير بالذكر أخيراً أن أقول: إنه وبعد مضي السنوات الطويلة على دعوتنا إلى وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة، وإلى مبدأ (التصفية) بصورة خاصة، تصفية الإسلام من البدع والمنكرات والأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ التي حجبت نور الإسلام بعض الوقت، وبددتْ جهود

المسلمين في سُبُل عاقت مسيرتهم وتقدمهم، وجلِ الله القائل:" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون "، والتي كان من وسائل تحقيق تلك الدعوة نشر " السلسلتين ":" الصحيحة " و " الضعيفة "؛ نجد أننا بدأنا نلمس انتشار الوعي بين عامة المسلمين، فضلاً عن خاصتهم، وذلك ببزوغ نزعة التحري والتثبت فيما إذا كان الحديث الذي يسمعونه أو يقرؤونه صحيحاً أم ضعيفاً، وما ذلك في ظني إلا بدايات إثمار البذور والغراس التي بذرناها وغرسناها منذ نحو نصف قرن من الزمان، ولازلنا- بحمد الله وفضله- مستمرين على هذا، مؤكدين دوماً وجوبَ الأخذ بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك كل ما هو غير صحيح؛ مع لزوم معرفته

خشية اعتباره ديناً، فإن معرفة الصحيح من الضعيف سِكَّتان متوازيتان على خط واحد، لا تلتقيان؛ نعرف الصحيح ونلتزمه وندعو إليه، ونعرف

ص: 7

الضعيف فنحذره ونحذّر منه، ولله درّ حذيفة رضي الله عنه حيث قال:

كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، ورحم الله القائل:

عرفت الشر لا الشر *** لكن لتوقّيه

ومن لا يعرف الخير *** من الشر يقع فيه

أقول: هذه الصحوة، والحمد لله أصبحت ظاهرة تلمسها وتسمع عنها، فكثير من الكتّاب والمدرسين والخطباء تجدهم يعْنَون بهذا الأمر، ويحرصون على التزام ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر إمكاهم، ناهيك عن ظهور العديد من طلاب العلم الذين أخذوا تخصصون في هذا العلم، والذين نرجو لهم الثبات والفلاح، والإخلاص في طلبهم العلم لله، ومع هذا فإن في الساحة مع الأسف بوادرَ سيئةً جداً من تسلط الكثير من الشباب على هذا العلم؛ للشهرة أو المال، وساعدهم على ذلك بعض الطابعين أو الناشرين الذين لا هَمّ لهم إلا تكثير مطبوعاتهم، وإملاء جيوبهم، ولعلي تعرّضت لهم في بعض ما كتبتُ. واَخر ما وقفتُ عليه من ذلك ما قام بطبعه ثلاثةٌ من دور النشر! بتعليق ثلاثةٍ من المحققين

- زعموا- لكتاب " الترغيب " للحافظ المنذري في أربع مجلدات كبار، كل مجلد في أكثر من سبعمئة صفحة! أتيح لي الاطلاع على كتاب الحج منه في المجلد الثاني، فأنا ذاكر للقراء الكرام بعض النماذج التي تيسر لي نقدها، وتبين أنهم مع الأسف من أولئك الشباب!

1-

قالوا (ص 154) شارحين: " بجَمْع: بعرفات "! والطلاب الصغار يعرفون أن (جَمْع) : مزدلفة. (انظر " الضعيفة " 6613) .

ص: 8

2-

(ص 115) ضعّفوا الحديث (1663) مع نقلهم عن الهيثمي أنه قال: " ورجاله رجال الصحيح "، وكذا قال المنذري، ولم يبينوا سبب التضعيف، وقد أصابوا- وكان ذلك منهم رمية من غير رام- لأنهم لا يرجعون إلى الأصول ودراسة الأسانيد، والحكم عليها بما تقتضيه القواعد العلمية لجهلهم بها، يدلك على ذلك أنهم (ص 150) حسنوا الحديث (1726)، وقد أخطأوا مع نقلهم عن الهيثمي أنه قال أيضاً: " ورجاله

رجال الصحيح "! ويرون أمامهم قول المنذري: " رواه الطبراني بإسناد صحيح "! فما هو السبب في اختلاف موقفهم تجاه توثيق هذين الحافظين؟! نحن لا نُلزمُهم بالتقليد إن كانوا من أهل العلم والاجتهاد في هذا المجال، لكن عليهم على الأقل أن يبينوا سبب المخالفة هنا وهناك؛ وعبارتهما واحدة، أو أن يقلدوا ولا يجتهدوا، وهم بعد لما يتحصرموا!

لأنهم في كثير مما حسّنوا أخطاؤا، فانظر مثلاً الحديث الآتي (2004) ، فقد حسنوه وفيه مجهول!

3-

لقد حسنوا بالشواهد- زعموا- الحديث المنكر: " غبار الدينة شفاء من الجذام "، وليس له إلا إسنادان مرسلان واهيان جداً مع اختلافهما في المتن، وقد بينت ذلك مفصلاً في " الضعيفة " برقم (3957)، فهم مثال صالح جديد لما نبهت عليه آنفاً: أن قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وأنه لا يُحْسِن تطبيقها إلا.. المتمكنون في هذا العلم. والله المستعان.

4-

وعلى العكس من ذلك، فهم يضعّفون الأحاديث الصحيحة

ص: 9

لجهلهم بالقواعد العلمية وتطبيقها، وبأقوال العلماء المرضية وفهمها، وقصر باعهم بتتبع الطرق والشواهد والحكم عليها، ومن الأمثلة على ذلك الحديث الخرج في " الصحيحة "(3333) ، والكلام عليهم طويل الذيل جداً، وبما ذكرت من الأمثلة تحصل العبرة والذكرى لمن أراد أن يتذكر.

يضاف إلى ذلك أننا لا نزال مع الأسف نجد الكثيرين، ولا سيما خطباء المساجد، يسوقون أحاديث ضعيفة، ويستدلون بها، ويبنون عليها أحكاماً شرعية! غير آبهين ولا عابئين بمسؤولية هذا الأمر عليهم أمام ربهم، وأمام من ينصت إليهم، بل ربما يظنون أنهم يحسنون صنعاً! وإني لأعجب أشد العجب من الخطباء بصورة خاصة؛ كيف يعدّ أحدهم خطبة صلاة الجمعة، ولا يستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كَذَبَ عليَّ متعمداً، فليتبوأ مقعدَه من النار "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن كَذِباً عليّ ليسَ ككذبٍ على أحدٍ، فمن كذبَ عليّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار ".

فنقول لهؤلاء: هذا قولٌ صحيحٌ صريحٌ في التحذيرِ من التحديث عنه صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت، فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ومما ينبغي أن يعلم أن الحديث المذكور ة " من كذب علي متعمداً

" قد ورد مخرجاً في هذا المجلد، برقم (2030) ، لكن بزيادة: " ليضل به الناس "، وبينت هناك أنها زيادةٌ مستغربةٌ، وإسنادها ضعيف؛ في بحثٍ يحسُن الرجوع إليه.

ص: 10

وبهذه المناسبة وعلى سبيل العبرة، أذكر ما سمعته نهار أمس (30 رجب سنة 1416) من خطيب المسجد، وهو يحثّ الناسَ على التعاون، وقضاء حاجة المسلم، ويقرأ لهم من ورقتين أحاديثَ كتبها، أو كُتِبتْ له، وأكثرُها ضعيف لا يصحّ، وكان يعلق على بعضها من ذاكرته، ويرفع بذلك صوتَه، فذكر جملةً متداولة اليوم؛ وهي:" الدين المعاملة "، فكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبها إليه أكثر من مرة، بل إنه زاد في الطين بلة، فزعم أنها من مفاخر الإسلام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حصر الإسلام في كلمتين فقط:" الدين المعاملة "! ولعله لجهله اشتبه عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة "! ولا أصل لذلك، ولا في الأحاديث الموضوعة! والله المستعان.

ولا يفوتني أن أذكّر بما يأتي:

طال ما أقول مذكراً إخواني: إن العلم لا يقبل الجمود، أكرر ذلك في مجالسي ومحاضراتي، وفي تضاعيف بعض مؤلفاتي (1) ، وذلك مما يوجب على المسلم أن يتراجع عن خطئه عند ظهوره، وأن لا يجمد عليه، أسوة بالأئمة الذين كان للواحد منهم في بعض الرواة أكثر من قول واحد توثيقاً وتجريحاً، وفي المسألة الفقهية الواحدة أقوال عديدة، وكل ذلك معروف عند العلماء. من أجل ذلك فإنه لا يصعب علي أن أتراجع عن الخطأ إذا تبين لي، و " ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُون ". ولذلك فإني أقول:

(1) انظر مقدمة الطبعة الجديدة للمجلد الأول من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " ومقدمة المجلد السادس من " سلسلة الأحاديث الصحيحة ".

ص: 11

سيجد القراء الكرام أني نقلت إلى هذا المجلد من " السلسلة الصحيحة " الحديثين (2303- تكون إبل للشياطين..) و (2304- إن الله يبغض كل جعظري جوَّاظ

) ، وقد كانا فيها برقم (93) و (195) . وقد جعلتهما هنا لعلة مبينة في التخريج الآتي.

أقول هذا أداء للأمانة، ونصحاً للأمة، وبياناً لمن ألقى السمع، غير اَبه لتقول المتقوِّلين، وافتراء المفترين، أمثال من عدا علينا، وغمطنا حقنا، ولولا خشية الإطالة والإملال لبينت هذا ببعض البيان، لكن فيما عزوتُ إليه في الهامش آنفاً غُنية وكفاية.

وختاماً أقول

لعنك أخي القارئ تعود إلى قراءة مقدمة الطبعة الأولى من المجلد الأول من هذه السلسلة، بما فيه (تمهيد في الأحاديث الضعيفة والموضوعة) ، ومقدمة المجلد الثاني منها أيضاً؛ لاستكمال الفائدة من هذا الكتاب وغيره مما هو في موضوعه، سائلاً المولى سبحأنه وتعالى أن يتقبل مني خدمتي لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعله خالصاً لوجهه، وأن يدخر لي أجره ليوم القيامة " يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم ".

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أنْ لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

عمان- منتصف الأحد 2 شعبان سنة (1416)

محمد ناصر الدين الألباني

ص: 12