الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة عشر ومائتين
فيها على ما قاله ابن الجوزي في «الشذور» [1] عرّس المأمون على بوران، ففرش له يوم البناء حصير من ذهب، ونثر عليه ألف حبة من الجوهر، وأشعل بين يديه شمعة عنبر وزنها مائة رطل. ونثر على القواد رقاع بأسماء ضياع. فمن وقعت بيده رقعة أشهد له الحسن بالضيعة. وكان الحسن بن سهل يجري في مدة إقامة المأمون عنده على ستة وثلاثين ألف ملاح، فلما أراد المأمون الإصعاد أمر له بألف ألف دينار، وأقطعه مدينة الصلح.
وقال ابن الأهدل: وفي سنة عشر ومائتين، تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل [2] بواسط، وكان عرسا لم يسمع بمثله في الدّنيا، نثر فيه على الهاشميين، والقواد، والوجوه، بنادق مسك فيها رقاع متضمنة لضياع، وجوار، ودواب، ومن وقع في حجره بندقة ملك ما فيها. وأقام أبوها الجيش كله بضعة عشر يوما، فكتب له المأمون بخراج فارس والأهواز سنة، ودخل عليها في الليلة الثالثة من وصوله، فلما قعد عندها نثرت جدّتها ألف درّة، فقال لها: سلي حوائجك. فقالت: الرضى عن إبراهيم بن المهدي [3] ففعل، ولما أصبح جلس للنّاس، فقال له أحمد بن يوسف الكاتب: باليمن
[1] يعني: «شذور العقود في تاريخ العهود» .
[2]
في الأصل: «الحسن بن صالح» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب. وانظر:
«الأعلام» للزركلي (2/ 77) .
[3]
في الأصل: «إبراهيم المهدي» وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
والبركة، وشدة الحركة، والظفر في المعركة. فقال يعرّض بحيضها:
فارس ماض بحربته
…
صادق بالطّعن في الظّلم
رام أن يدمي فريسته
…
فاتّقته من دم بدم [1]
انتهى ما قاله ابن الأهدل.
وفيها توفي أبو عمرو الشّيبانيّ، إسحاق بن مرار الكوفيّ اللغويّ صاحب التصانيف، وله تسعون سنة. وكان ثقة علّامة خيّرا فاضلا.
والحسن بن محمد بن أعين الحرّانيّ أبو علي مولى بني أميّة. روى عن فليح بن سليمان، وزهير بن معاوية، وطائفة.
وفيها علي بن جعفر الصّادق بن محمد بن علي بن الحسين العلويّ الحسينيّ. روى عن أبيه، وأخيه موسى، وسفيان الثوريّ، وكان من جلّة السادة الأشراف.
ومحمد بن صالح بن بيهس الكلابيّ، أمير عرب الشّام وسيّد قيس، وفارسها، وشاعرها، والمقاوم لأبي العميطر السفياني والمحارب له، حتّى شتّت جموعه، فولاه المأمون دمشق، وكانت له آثار حسنة.
وفيها مروان بن محمد الطّاطريّ [2] أبو بكر الدّمشقيّ، صاحب سعيد ابن عبد العزيز. كان إماما ثقة متقنا صالحا خاشعا من جلّة الشاميين.
قال الطبرانيّ: كل من يبيع ثياب الكرابيس بدمشق يسمى الطّاطري.
انتهى.
[1] البيتان في «مرآة الجنان» لليافعي (2/ 48) برواية أخرى فيها بعض التحريف.
[2]
انظر: «الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (25) طبع دار ابن كثير.
وفيها، أو في التي قبلها- كما جزم به ابن الجوزي، وابن ناصر الدّين- أبو عبيدة معمر بن المثنّى التيميّ البصريّ اللغويّ العلّامة الأخباريّ صاحب التصانيف. روى عن هشام بن عروة، وأبي عمرو بن العلاء. وكان أحد أوعية العلم.
قال ابن ناصر الدّين: حكى عنه البخاريّ في تفسير القرآن لبعض لغاته، وكان حافظا للعلوم، إماما في مصنفاته.
قال الدارقطنيّ: لا بأس به، إلّا أنه يتّهم بشيء من رأي الخوارج.
انتهى.
وقال ابن الأهدل: وفي سنة تسع ومائتين توفي معمر بن المثنّى التيمي- تيم قريش- مولاهم. كان مع استجماعه لعلوم جمة مقدوحا فيه بأنه يرى رأي الخوارج ويدخله في نسبه وغير ذلك. وكانت تصانيفه نحو مائتي مصنف. قرأ عليه الرّشيد شيئا منها.
قال أبو نواس: الأصمعي بلبل في قفص، وأبو عبيدة أديم طوي على علم، وخلف الأحمر جمع علوم النّاس وفهمها.
وإنما قال ذلك، لأن الأصمعيّ كان حسن العبارة، وكان معمر سيء العبارة.
وحضر أبو عبيدة ضيافة لموسى بن عبد الرّحمن الهلالي فوقع على ثوبه المرق، فأقبل موسى يعتذر إليه، فقال: لا عليك فإن مرقكم لا يؤذي.
أي ما فيه دسم.
وله «كتاب المجاز» . وسبب تصنيفه أنه سئل عن قوله تعالى:
طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ 37: 65 [الصافات: 65] . قيل له: إن الوعد والإيعاد لا يكون إلّا بما عرف، وهذا لم يعرف. فقال: خوطب العرب بقدر كلامهم، كقول امرئ القيس:
أيقتلني [1] والمشرفيّ مضاجعي
…
ومسنونة زرق كأنياب أغوال [2]
والغول لم يروها قطّ، ولكنها مما يهولهم. وله مع الأصمعيّ مناظرات.
وممن أخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلّام. انتهى كلام ابن الأهدل، والله أعلم.
[1] في الأصل، والمطبوع:«أتقبلني» ، وأثبت لفظ «الديوان» .
[2]
البيت في «ديوان امرئ القيس» ص (33) بتحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع دار المعارف بمصر.