الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وثمانين ومائتين
في المحرم قصدت طيء ركب العراق لتأخذه كعام أوّل بالمعدن، وكانوا في ثلاثة آلاف، وكان أمير الحاج أبو الأغر، فواقعهم يوما وليلة، والتحم القتال، وجدّلت الأبطال، ثم أيّد الله الوفد، وقتل رئيس طيء صالح بن مدرك، وجماعة من أشراف قومه، وأسر خلق، وانهزم الباقون. ثم دخل الركب بالأسرى والرؤوس على الرّماح.
وفيها سار العبّاس الغنويّ في عسكر [1] ، فالتقى أبا سعيد الجنّابي [2] فأسر العبّاس وانهزم عسكره، وقيل: بل أسر سائر العسكر، وضربت رقابهم، وأطلق العبّاس، فجاء وحده إلى المعتضد برسالة الجنّابي، أن كفّ عنّا واحفظ حرمتك.
قال ابن الجوزي في «الشذور» : ومن العجائب أن المعتضد بعث العبّاس بن عمر الغنويّ في عشرة آلاف إلى حرب القرامطة، فقبض عليهم القرامطة، فنجا العبّاس وحده، وقتل الباقون.
وفيها غزا المعتضد، وقصد طرسوس، وردّ إلى أنطاكية، وحلب.
وفيها سار الأمير بدر، فبيّت القرامطة، وقتل منهم مقتلة عظيمة.
[1] في «العبر» للذهبي: «في عسكره» .
[2]
قال ياقوت: جنّابة بلدة صغيرة من سواحل فارس، ووهّم من ذكر بأنها من البحرين. انظر «معجم البلدان» (2/ 165- 166) . وأبو سعيد الجنّابي، اسمه «الحسن بن بهرام» وانظر «شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد» للسفاريني (1/ 230) طبع المكتب الإسلامي.
وفيها توفي الإمام أبو بكر، أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النّبيل الشيبانيّ البصريّ الحافظ، قاضي أصبهان، وصاحب المصنفات، وهو في عشر التسعين، في ربيع الآخر. سمع من جدّه لأمه موسى بن إسماعيل، وأبي الوليد الطّيالسي، وطبقتهما. وكان إماما، فقيها، ظاهريّا، صالحا، ورعا، كبير القدر، صاحب مناقب.
قال السخاوي في «طبقاته» : أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النّبيل، ورد أصبهان، وسكنها، وولي القضاء بعد وفاة صالح بن أحمد بن حنبل، وكان من الصيانة والعفّة بمحل عجيب، رؤي في النوم بعد موته بقليل، فقيل له:
ما فعل الله بك؟ قال: يؤنسني ربي. قال الرائي: فشهقت شهقة وانتبهت.
وقال: ذهبت كتبي فأمليت من ظهر قلبي خمسين ألف حديث.
وقيل له: أيّها القاضي! بلغنا أن ثلاثة نفر كانوا بالبادية وهم يلقمون الرمل، فقال واحد من القوم: إنك قادر على أن تطعمنا خبيصا [1] على لون هذا الرمل، فإذا هم بأعرابي وبيده طبق، فسلّم عليهم، ووضع بين أيديهم طبقا عليه خبيص حارّ، فقال ابن أبي عاصم: قد كان ذاك، وكان الثلاثة، عثمان بن صخر الزّاهد أستاذ أبي تراب النّخشبيّ، وأبو تراب، وأحمد بن عمرو، أي صاحب الترجمة. وهو الذي دعا.
وقال أبو موسى المديني: جمع بين العلم، والفهم، والحفظ، والزّهد، والعبادة، والفقه، من أهل البصرة. قدم أصبهان، وصحب جماعة من النّسّاك، منهم: أبو تراب النّخشبيّ، وسافر معه، وقد عمّر، وكان فقيها ظاهريّ المذهب، وصنّف في الردّ على داود الظاهري، وكان بعد ما دخل في القضاء، إذا سئل عن مسألة الصوفية، يقول: القضاء والدنية والكلام في علم الصوفية محال.
[1] قال ابن منظور: الخبيص الحلواء المخبوصة. «لسان العرب» (خبص) .
وكان يقول: لا أحب أن يحضر مجلسي مبتدع، ولا مدّع، ولا طعّان، ولا لعّان، ولا فاحش، ولا بذيء، ولا منحرف عن الشافعي وأصحاب الحديث، رحمه الله تعالى.
وفيها زكريا بن يحيى السّجزيّ الحافظ، أبو عبد الرّحمن، خيّاط السّنّة، بدمشق، وقد نيّف على التسعين. روى عن شيبان بن فرّوخ وطبقته، وكان من علماء الأثر، ثقة، وقيل: توفي في سنة تسع وثمانين، وبه جزم ابن ناصر الدّين.
وفيها يحيى بن منصور، أبو سعيد، الهرويّ الحافظ، شيخ هراة ومحدّثها، وزاهدها، في شعبان، وقيل: توفي سنة اثنتين وتسعين.
وفي رجبها قطر النّدى بنت الملك خمارويه بن أحمد بن طولون زوجة المعتضد، وكانت شابة بديعة الحسن، عاقلة، رحمها الله تعالى
.