الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وأربعين ومائتين
فيها كما قاله في «الشذور» مطرت سكّة ببلخ دما عبيطا [1] .
وفيها توفي أحمد بن إبراهيم بن كثير أبو عبد الله العبديّ البغداديّ الدّورقيّ [2] الحافظ الثقة. سمع جرير بن عبد الحميد وطبقته، وصنف التصانيف الحسنة المفيدة.
وفيها أحمد بن أبي الحواري الزّاهد الكبير، أبو الحسن الدّمشقيّ [3] . سمع أبا معاوية وطبقته، وكان من كبار المحدّثين والصوفية، وأجلّ أصحاب أبي سليمان الدّاراني، وله كلام في الحقائق، منه: ما ابتلى الله عبدا بشيء أشد من القسوة والغفلة.
وقالت له زوجته رابعة الشامية: أحبك حب الإخوان لا حب الأزواج.
وكانت زوجته أيضا من كبار الصالحات الذاكرات، وكانت تطعمه الطيّب وتطيّبه وتقول: اذهب بنشاطك إلى أهلك، وتقول عند تقريبها الطعام إليه: كل فما نضج إلّا بالتسبيح. وتقول إذا قامت من الليل:
[1] ذكر ابن تغري بردي هذا الخبر في «النجوم الزاهرة» (2/ 322) برواية أخرى.
[2]
انظر «تهذيب الكمال» للمزي (1/ 249- 251) طبع مؤسسة الرسالة.
[3]
انظر «طبقات الصوفية» ص (98- 102) ، و «تهذيب الكمال» للمزي (1/ 369- 375) .
قام المحبّ إلى المؤمّل قومة
…
كاد الفؤاد من السّرور يطير [1]
وقال السخاويّ في «طبقات الأولياء» : أحمد بن أبي الحواري، كنيته أبو الحسن، وأبو الحواري، اسمه ميمون من أهل دمشق، صحب أبا سليمان الدّاراني، وسفيان بن عيينة، وأبا عبد الله النياحي، وغيرهم، وله أخ يقال له:
محمد، يجري مجراه في الزّهد والوّرع، وابنه عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري من الزّهاد، وأبو أيضا كان من العارفين والورعين، فبيتهم بيت الوّرع والزّهد، ومن كلامه: من عمل بلا اتّباع سنة فعمله باطل.
وقال: إني لأقرأ القرآن فأنظر في آية آية، فيحار عقلي وأعجب من حفّاظ القرآن كيف يهنيهم النوم، ويسعهم أن يشتغلوا بتدبير الدّنيا وهم يتلون كلام الرّحمن، أما لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه، وتلذذوا به، واستحلوا المناجاة به، لذهب عنهم النوم فرحا بما رزقوا ووفّقوا.
وقال الحافظ الذّهبيّ في «التهذيب» [2] : قال محمد بن عوف الحمصي:
رأيت أحمد بن أبي الحواري صلى العتمة ثم قام يصلي، فاستفتح ب الْحَمْدُ 1: 2 إلى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 1: 5 [الفاتحة: 5- 1] فطفت الحائط كله ثم رجعت، فإذا هو لا يجاوز إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 1: 5 ثم نمت ومررت به سحرا، وهو يقرأ [3] : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 1: 5 فلم يزل يردّدها إلى الصبح. انتهى ملخصا.
وفيها أبو عبد الله الحسين بن الحسن المروزيّ الحافظ، صاحب ابن المبارك بمكة، وقد سمع من هشيم والكبار.
وفيها أبو عمر الدّوري القارئ [4] شيخ المقرئين في عصره، وله
[1] البيت في «غربال الزمان» ص (230) .
[2]
(1/ 17)(مخطوط) وقفت عليه في مكتب الشركة المتحدة للتوزيع بدمشق.
[3]
في الأصل، والمطبوع:«وهو يقول» وما أثبته من مخطوطة «التذهيب» .
[4]
لفظة «القارئ» لم ترد في المطبوع، و «العبر» للذهبي مصدر المؤلف.
ستّ وتسعون سنة.
وهو حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان المقرئ قرأ على الكسائي، وإسماعيل بن جعفر، ويحيى اليزيدي، وحدّث عن طائفة، وصنف في القراءات، وكان صدوقا. قرأ عليه خلق كثير.
قال: أدركت حياة نافع، ولو كان عندي شيء لرحلت إليه.
وفيها دعبل بن علي الخزاعيّ [1] الشاعر المشهور الرافضيّ، مدح الخلفاء والملوك، وكان يحب الهجاء [2] . وقد أجازه عبد الله بن طاهر على أبيات ستين ألف درهم.
قال ابن خلّكان [3] : قيل: إن دعبلا لقب، واسمه الحسن. وقيل:
عبد الرحمن، وقيل: محمد، وكنيته أبو جعفر، وقيل [4] : إنه كان أطروشا [5] وفي قفاه سلعة [6] .
كان شاعرا مجيدا، إلا أنه بذيء اللسان مولعا بالهجاء [7] والحطّ من أقدار النّاس، وهجاء الخلفاء ومن دونهم، وطال عمره، فكان يقول: لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي، أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك.
وكان بين دعبل، ومسلم بن الوليد الأنصاري اتحاد كثير، وعليه تخرج
[1] انظر ترجمته ومصادرها في «وفيات الأعيان» (2/ 266- 270) ، و «الأعلام» (2/ 339) .
[2]
في «العبر» للذهبي: «وكان خبيث الهجاء» .
[3]
في «وفيات الأعيان» (2/ 266) .
[4]
في «وفيات الأعيان» : و «يقال» .
[5]
قال ابن منظور: الأطروش: الأصم. «لسان العرب» (طرش) .
[6]
قال ابن منظور: السّلعة بكسر السين: الضّواة، وهي زيادة تحدث في الجسد مثل الغدة، وقال الأزهري: هي الجحدرة تخرج بالرأس وسائر الجسد تمور بين الجلد واللحم إذا حركتها، وقد تكون لسائر البدن، في العنق وغيره، وقد تكون من حمصة إلى بطيخة. «لسان العرب» (سلع) .
[7]
في «وفيات الأعيان» : «مولعا بالهجو» .
دعبل في الشعر، فاتفق أن ولي مسلم جهة في بعض بلاد خراسان، وهي جرجان، فقصده دعبل لما يعلمه من الصحبة التي بينهما، فلم يلتفت مسلم إليه، ففارقه وقال:
غششت الهوى حتّى تداعت أصوله
…
بنا وابتدلت الوصل حتّى تقطّعا
وأنزلت من بين الجوانح والحشا
…
ذخيرة ودّ طالما قد تمنّعا
فلا تعذلنّي ليس لي فيك مطمع
…
تخرّقت حتّى لم أجد لك مرقعا
وهبك يميني استأكلت فقطعتها
…
وصبّرت قلبي بعدها فتشجّعا [1]
ومن شعره في الغزل:
لا تعجبي يا سلم من رجل
…
ضحك المشيب برأسه فبكى
يا ليت شعري كيف نومكما [2]
…
يا صاحبيّ إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا
…
قلبي وطرفي في دمي اشتركا [3]
ولما مات دعبل- وكان صديقا للبحتريّ، وكان أبو تمام قد مات قبله- رثاهما البحتريّ فقال:
قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي
…
مثوى حبيب يوم مات ودعبل [4]
في أبيات. انتهى ملخصا.
[1] الأبيات في «وفيات الأعيان» (2/ 268) ، وهي في «ديوانه» ص (182- 183) صنعة الدكتور عبد الكريم الأشتر، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق، ورواية البيت الأخير منها فيه:
فهبك يميني استأكلت فاحتسبتها
…
وجشّمت قلبي قطعها فتشجّعا
[2]
في الأصل، والمطبوع:«كيف نومكم» والتصحيح من «وفيات الأعيان» ، و «ديوانه» .
[3]
الأبيات في «وفيات الأعيان» (2/ 268- 269) وهي الأبيات الثاني، والسابع، والثامن من قصيدة في «ديوانه» ص (204- 205) .
[4]
البيت في «ديوان البحتري» (3/ 1790) بتحقيق الأستاذ حسن كامل الصيرفي، طبع دار المعارف بمصر.
وفيها العبّاس بن عبد العظيم، أبو الفضل العنبريّ البصريّ الحافظ، أحد علماء السّنّة. سمع يحيى القطّان وطبقته، وتوفي في رمضان، وكان من الثقات الأخيار.
ولوين، واسمه محمد بن سليمان، أبو جعفر الأسديّ البغداديّ ثم المصّيصيّ. سمع مالكا، وحمّاد بن زيد، والكبار، وعمّر دهرا طويلا وجاوز المائة، وكان كثير الحديث ثقة. قاله في «العبر» [1] .
وفيها محمد بن يحيى بن فيّاض الزّمّانيّ البصريّ. روى عن عبد الوهّاب الثقفي وطبقته فأكثر، وحدّث في آخر عمره بدمشق، وبأصبهان.
والمسيّب بن واضح الحمصيّ. روى عن إسماعيل بن عيّاش والكبار، وتوفي في آخر السنة.
قال أبو حاتم: صدوق يخطئ.
وفيها المفضّل [2] بن غسّان الغلابي ببغداد. روى عن عبد الرّحمن ابن مهدي وطبقته، وله «تاريخ» مفيد [3] .
[1](1/ 447) .
[2]
في الأصل، والمطبوع:«الفضل» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 448) ، وانظر «اللباب» لابن الأثير (2/ 395) .
[3]
قلت: وفيها مات محمد بن مصفّى الحمصيّ، أبو عبد الله. انظر ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» (12/ 94- 96) .