الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع ومائتين
فيها توفي طاهر بن الحسين فجأة على فراشه وحمّ ليلة. وكان تلك الأيام قد قطع دعوة المأمون وعزم على الخروج عليه، فأتى الخبر إلى المأمون بأنه خلعه، فما أمسى حتّى جاءه الخبر بموته. وقام بعده ابنه طلحة، فأقره المأمون على خراسان، فوليها سبع سنين. وبعده ولي أخوه عبد الله.
قال ابن الأهدل: طاهر بن الحسين الخزاعيّ، وقيل: مولاهم، الملقّب، ذا اليمينين، كان جوادا شجاعا ممدّحا، وهو الذي قتل الأمين. وكان المأمون قد أخدمه غلاما رباه وأمره إن رأى منه ما يريبه سمّه. فلما تمكن طاهر من خراسان قطع خطبة المأمون- أي وخطب لنفسه- فأصبح يوم السبت ميتا. واستخلف المأمون ولده طلحة بن طاهر، وقيل: جعله نائبا لأخيه عبد الله بن طاهر، وسيأتي ذكر ولده عبد الله سنة ثلاثين، وولد ولده سنة ثلاثمائة. انتهى.
وفيها أبو عون جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزوميّ العمريّ الكوفيّ عن نيف وتسعين سنة. سمع من الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، والكبار.
قال أبو حاتم: صدوق.
وعبد الصّمد بن عبد الوارث بن سعيد التميميّ التّنّوريّ أبو سهل.
روى عن أبيه وهشام الدّستوائيّ، وشعبة. وكان ثقة صاحب حديث.
قال ابن ناصر الدّين: كان محدّث البصرة وأحد الثقات. انتهى.
وفيها عمر بن حبيب العدويّ البصريّ في أول السنة. روى عن حميد الطّويل، ويونس بن عبيد، وجماعة. وولي قضاء الشرقية للمأمون.
قال ابن عدي: هو مع ضعفه حسن الحديث.
وقال في «المغني» [1] : عمر بن حبيب العدويّ القاضي. عن هشام بن عروة. كذّبه ابن معين.
وقال النسائيّ: ضعيف.
وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه. انتهى.
وفيها قراد أبو نوح عبد الرّحمن بن غزوان [2] الخزاعيّ. توفي ببغداد، وحدّث عن عوف، وشعبة، وطائفة.
قال أحمد بن حنبل: كان عاقلا من الرّجال.
وقال ابن المديني: ثقة.
وقال ابن معين: ليس به بأس.
وكثير بن هشام الكلابي الرّقّيّ. راوية جعفر بن برقان، توفي ببغداد في شعبان.
وفيها محمد بن عبد الله بن كناسة الأسديّ النحويّ الأخباريّ الكوفيّ. سمع هشام بن عروة والأعمش، ومات في شوال على الصحيح.
قال في «المغني» [3] : محمد بن كناسة الأسدي. عن الأعمش. وثقة ابن معين وغيره.
[1]«المغني في الضعفاء» للذهبي (2/ 464) .
[2]
في الأصل: «قرار أبو نوح بن غزوان عبد الرحمن بن غزوان» ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 352) ، و «لسان الميزان» لابن حجر (4/ 471) .
[3]
«المغني في الضعفاء» (2/ 596) .
وقال أبو حاتم: لا يحتج به. انتهى.
والواقديّ قاضي بغداد أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الأسلميّ المدنيّ، العلّامة، أحد أوعية العلم. روى عن ثور بن يزيد، وابن جريج وطبقتهما. وكان يقول: حفظي أكثر من كتبي. وقد تحول مرّة فكانت كتبه مائة وعشرين حملا. ضعفه الجماعة كلّهم.
قال ابن ناصر الدّين: أجمع الأئمة على ترك حديثه حاشا ابن ماجة، لكنه لم يجسر أن يسمّيه حين أخرج حديثه في اللباس يوم الجمعة [1] ، وحسبك ضعفا بمن لا يجسر أن يسميه ابن ماجة. انتهى.
وقال الذهبيّ في كتابه «المغني في الضعفاء» [2] : محمد بن عمر بن واقد الأسلميّ مولاهم الواقديّ صاحب التصانيف مجمع على تركه.
وقال ابن عدي: يروي أحاديث غير محفوظة والبلاء منه.
وقال النسائيّ: كان يضع الحديث.
وقال ابن ماجة: حدثنا ابن أبي شيبة، حدثنا شيخ [لنا][3] ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر [4] فذكر حديثا في لباس الجمعة وحسبك بمن لا يجسر ابن ماجة أن يسميه.
قلت: وقد كذّبه أحمد، والله أعلم.
وقال ابن الأهدل: الإمام الواقديّ أبو عبد الله محمد بن [عمر بن] واقد الأسلمي قاضي بغداد. كان يقول: حفظي أكثر من كتبي. وكانت كتبه مائة
[1] هو في «سنن ابن ماجة» رقم (1095) في إقامة الصلاة: باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة.
[2]
(2/ 619) .
[3]
لفظة «لنا» زيادة من «سنن ابن ماجة» .
[4]
في الأصل، والمطبوع:«عبد الحميد بن صفوان» وهو خطأ، والتصحيح من «المغني في الضعفاء» ، و «تهذيب الكمال» (3/ 1249) .
وعشرين حملا. وضعفه أهل الحديث، ووثقوا كاتبه محمد بن سعد. من تصانيفه «كتاب الردّة» ذكر فيه المرتدين وما جرى بسببهم. وكان المأمون يكرمه ويراعيه.
روي عنه قال: كان لي صديقان أحدهما هاشمي، وكنّا كنفس واحدة، فشكوت إليه عسرة، فوجّه إليّ كيسا مختوما فيه ألف درهم، فما استقر في يدي حتّى جاءني كتاب صديقي الآخر يشكو مثل ذلك، فوجهته إليه كما هو، وخرجت إلى المسجد، فبتّ فيه حياء من زوجتي، ثم إن صديقي الهاشمي شكا إلى صديقي الآخر فأخرجه إليه بحاله، فجاءني به حين عرفه، وقال:
أصدقني كيف خرج منك، فعرّفته الحكاية، فتواجهنا وتواسيناه بيننا، وعزلنا للمرأة مائة درهم، ونمي الخبر إلى المأمون، فوجه إلى كل منا ألف دينار وللمرأة ألفا، وقد ذكر هذه الحكاية الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» [1] .
انتهى كلام ابن الأهدل.
وفيها بشر بن عمر [2] الزّهرانيّ. كان ثقة متقنا ذا علم وحديث.
وكنيته أبو محمد.
وفيها أبو كامل مظفر بن مدرك الخراسانيّ ثم البغداديّ. كان ثقة مأمونا. أخذ عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وآخرون.
وفيها أبو النّضر [3] هاشم بن القاسم الخراسانيّ. قيصر. نزل بغداد، وكان حافظا قوّالا بالحق. سمع شعبة، وابن أبي ذئب، وطبقتهما.
ووثّقه جماعة.
[1](3/ 4- 5) . قلت: ولكن سياق القصة فيه يختلف عمّا في كتابنا قليلا.
[2]
في «العبر» للذهبي (1/ 351) : «يزيد بن عمر» وهو خطأ فيصحح فيه.
[3]
في الأصل، والمطبوع:«أبو نضر» ، وما أثبته من «العبر» للذهبي (1/ 353) ، و «تقريب التهذيب» لابن حجر (2/ 481) .
قال ابن ناصر الدّين: هو ثقة ماجد، شيخ لأحمد بن حنبل. انتهى.
وفيها الهيثم بن عدي أبو عبد الرّحمن الطائيّ الكوفيّ الأخباريّ المؤرّخ. روى عن مجالد، وابن إسحاق وجماعة، وهو متروك الحديث.
وقال أبو داود السجستاني: كذّاب.
وفيها الفرّاء يحيى بن زياد الكوفيّ النحويّ. نزل بغداد وحدّث في مصنفاته عن قيس بن الرّبيع، وأبي الأحوص، وهو أجلّ أصحاب الكسائيّ.
كان رأسا في النحو واللغة.
قال ابن الأهدل في «تاريخه» : الإمام البارع يحيى بن زياد الفراء [1] .
كوفي، أجلّ أصحاب الكسائيّ، هو والأحمر. قيل: لولاه لما كانت عربية، لأنه هذّبها وضبطها.
وقال ثمامة بن أشرس المعتزليّ: ذاكرت الفرّاء فوجدته في النحو نسيج وحده. وفي اللغة بحرا. وفي الفقه عارفا باختلاف القوم. وفي الطب خبيرا.
وبأيام العرب وأشعارها حاذقا.
ولحن يوما بحضرة الرّشيد فرد عليه، فقال: يا أمير المؤمنين إن طباع الأعراب والحضر اللّحن، فإذا تحفّظت لم ألحن، وإذا رجعت إلى الطبع لحنت.
صنف الفرّاء للمأمون «كتاب الحدود» في النحو، و «كتاب المعاني» واجتمع لإملائه خلق كثير، منهم ثمانون قاضيا. وعمل كتابا على جميع القرآن في نحو ألف ورقة لم يعمل مثله، وكل تصنيفه حفظا لم يأخذ بيده نسخة إلّا كتاب ملازم، وكتاب نافع. وعجب له تعظيم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.
[1] في المطبوع: «الفرائي» .
قال الفرّاء: أموت وفي نفسي من حتّى شيء لأنها تجلب الحركات الثلاث.
ولم يعمل الفراء ولا باعها، وإنما كان يفري الكلام. وقطعت يد والده في مقتلة الحسين بن علي رضي الله عنهما.
وكان يؤدّب ابني المأمون، فطلب نعليه يوما فابتدر أيهما [1] يسبق إلى تقديمهما له، فقال له المأمون: ما أعزّ من يتبادر إلى تقديم نعليه وليّا عهد المسلمين. فقال: ما كنت أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها وشريفة حرصا عليها. وقد أمسك ابن عبّاس بركابي الحسن والحسين وقد خرجا من عنده، فقال المأمون: لو منعتهما لأوجعتك لوما، فلا يحسن ترفّع الرجل عن ثلاثة:
والده، وسلطانه، ومعلّمه. وأعطاهما عشرين ألف دينار، وأعطاه عشرة آلاف.
وروي أن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة سأل الفرّاء- وهو ابن خالته- عمّن سها في سجود السهو؟ فقال: لا شيء عليه، لأن المصغر لا يصغر. وروي مثلها عن الكسائيّ. انتهى كلام ابن الأهدل.
[1] في المطبوع: «إليهما» .