الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وثلاثين ومائتين
فيها كما قال ابن الجوزي في «الشذور» رجفت دمشق رجفة شديدة من ارتفاع الضحى، أي إلى ثلاث ساعات كما قاله في «العبر» [1] فانتقضت منها البيوت وزالت الحجارة العظيمة، وسقطت عدة طاقات من الأسواق على من فيها فقتلت خلقا كثيرا، وسقط بعض شرفات الجامع، وانقطع ربع منارته، وانكفأت قرية من عمل الغوطة على أهلها فلم ينج منهم إلّا رجل واحد، واشتدت الزلازل على أنطاكية، والموصل، ووقع أكثر من ألفي دار على أهلها فقتلتهم، ومات من أهلها عشرون ألفا، وفقد من بستان أكثر من مائتي نخلة من أصولها فلم يبق لها أثر. انتهى.
وفيها توفي إبراهيم بن الحجّاج الشّاميّ المحدّث بالبصرة. روى عن الحمّادين وجماعة، وخرّج له النسائيّ.
وفيها حبّان بن موسى المروزيّ. سمع أبا حمزة السّكري، وأكثر عن ابن المبارك، وكان ثقة مشهورا.
وسليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل، أبو أيوب التميميّ الشاميّ الحافظ، محدّث دمشق في صفر وله ثمانون سنة. سمع إسماعيل بن عيّاش ويحيى بن حمزة وطبقتهما، وعني بهذا الشأن، وكتب عمّن دبّ ودرج.
[1](1/ 413) والمؤلف ينقل عنه بتصرف.
وسهل بن عثمان العسكريّ الحافظ أحد الأئمة، توفي فيها أو في حدودها. روى عن شريك وطبقته.
وفيها القاضي أبو عبد الله محمد بن سماعة الفقيه ببغداد وقد جاوز المائة وتفقه على أبي يوسف، ومحمد، وروى عن اللّيث بن سعد، وله مصنفات واختيارات في المذهب، وكان ورده في اليوم والليلة مائتي ركعة.
وفيها الحافظ أبو عبد الله محمد بن عائذ الدمشقيّ الكاتب، صاحب المغازي والفتوح وغير ذلك من المصنفات المفيدة. روى عن إسماعيل بن عيّاش، والوليد بن مسلم، وخلق، وكان ناظر خراج الغوطة.
وفيها الوزير أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن الزّيّات وزر [1] للمعتصم، والواثق، والمتوكل. ثم قبض عليه المتوكل وعذّبه وسجنه حتّى هلك.
كان أديبا بليغا وشاعرا محسنا كامل الأدوات، جهميا.
قال ابن الأهدل: كان أول أمره كاتبا، فاتفق أنّ المعتصم سأل وزيره أحمد بن عمّار البصري عن الكلأ ما هو؟ فقال: لا أدري. فقال المعتصم:
خليفة أميّ ووزير عاميّ. انظروا من بالباب من الكتّاب؟ فوجدوا ابن الزّيّات، فسأله عن الكلأ، فقال: العشب على الإطلاق. فإن كان رطبا فهو الخلى، وإن كان يابسا فهو الحشيش، وشرع في تقسيم النبات. فاستوزره وارتفع شأنه.
وظلم واتخذ تنورا من حديد يحبس فيه المصادرين، فإذا سئل الرّحمة، قال:
الرّحمة خور [2] في الطبيعة. فأمسكه المتوكل في خلافته وأدخله التنور وقيّده بخمسة عشر رطلا من حديد، فافتقده بعد حين فوجده ميتا فيه.
[1] في الأصل: «وزير» وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
[2]
في الأصل، والمطبوع:«قال: الرحمة جور» وهو خطأ، والتصحيح من «غربال الزمان» للعامري ص (220) . قال ابن منظور: الخور، بالتحريك: الضعف
…
ورجل خوّار:
ضعيف. «لسان العرب» (خور) .
وله ديوان شعر رائق. انتهى ملخصا.
وقال ابن الفرات: قال صالح بن سليمان العبديّ: كان ابن الزّيّات يتعشّق جارية فبيعت من رجل من أهل خراسان وأخرجها. قال: فذهل عقل محمد بن الزّيّات حتّى خشي عليه ثم أنشأ يقول:
يا طول ساعات ليل العاشق الدّنف
…
وطول رعيته للنجم في السّدف
ماذا تواري ثيابي من أخي حرق
…
كأنّما الجسم منه دقّة الألف
ما قال يا أسفي يعقوب من كمد
…
إلا لطول الذي لاقى من الأسف
من سرّه أن يرى ميت الهوى دنفا
…
فليستدلّ على الزّيّات وليقف [1]
وفيها يحيى بن أيوب المقابريّ [2] أبو زكريا البغداديّ العابد. أحد أئمة الحديث والسّنّة. روى عن إسماعيل بن جعفر وطبقته. توفي في ربيع الأول وله ست وسبعون سنة.
وفيها الإمام أبو زكريا يحيى بن معين البغداديّ الحافظ. أحد الأعلام وحجّة الإسلام في ذي القعدة بمدينة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم متوجها إلى الحجّ، وغسل على الأعواد التي غسل عليها النّبيّ- صلى الله عليه وسلم وعاش خمسا وسبعين سنة. سمع هشيما، ويحيى بن أبي زائدة، وخلائق. وحدّث عنه الإمام أحمد، والشيخان.
وجاء عنه أنه قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث يعني بالمكرر.
وقال أحمد بن حنبل: كلّ حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس بحديث.
وقال ابن المديني: انتهى علم النّاس إلى يحيى بن معين.
[1] الأبيات في «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (2/ 343) .
[2]
نسبة إلى المقابر. انظر «اللباب» لابن الأثير (3/ 244) .
قال في «العبر» [1] : حديثه في الكتب الستة.
وقال ابن الأهدل: كان بينه وبين أحمد مودّة، واشتراك في طلب الحديث ورجاله، وقيل: لما خرج من المدينة إلى مكّة سمع هاتفا في النوم يقول: يا أبا زكريا أترغب عن جواري؟ فرجع وأقام بالمدينة ثلاثا ومات رحمه الله، وكان ينشد:
المال يذهب حلّه وحرامه
…
طوعا [2] وتبقى في غد آثامه
ليس التّقيّ بمتّق لإلهه
…
حتّى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما تحوي [3] وتكسب كفّه
…
ويكون في حسن الحديث كلامه
نطق النّبيّ لنا به عن ربّه
…
فعلى النّبيّ صلاته وسلامه
[1](1/ 415) .
[2]
كذا في الأصل، والمطبوع:«طوعا» وفي «تاريخ بغداد» (14/ 185)، و «مرآة الجنان» (2/ 108) :«طرا» وفي «سير أعلام النبلاء» (11/ 94)، و «غربال الزمان» . ص (218) :
«يوما» .
[3]
في «سير أعلام النبلاء» ، و «مرآة الجنان» :«ما يحوي» .