الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وأربعين ومائتين
فيها كما قاله في «الشذور» زلزلت بلاد المغرب حتّى تهدمت الحصون، والمنازل، والقناطر، فأمر المتوكل بتفرقة ثلاثة آلاف ألف درهم في الذين أصيبوا بمنازلهم، وكانت بأنطاكية زلزلة ورجفة قتلت خلقا كثيرا وسقط منها ألف وخمسمائة دار، ووقع من سورها نيّف وتسعون برجا، وسمع أهلها أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها، فتركوا المنازل وهرب الناس إلى الصحراء، وسمع أهل تنّيس [1] صيحة عالية دامت، فمات منها خلق كثير، وذهبت جبلة بأهلها. انتهى.
وفيها توفي أحمد بن عبدة الضّبيّ بالبصرة. سمع حمّاد بن زيد، والكبار. وروى الكثير.
وإسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامجرا [2] المروزيّ الحافظ، في شوّال ببغداد وله خمس وتسعون سنة. سمع حمّاد بن زيد وطبقته، وكان من كبار المحدّثين.
[1] في «النجوم الزاهرة» لابن تغري بردي (2/ 319) : «بلبيس» ، وانظر هذا الخبر فيه فإن فيه بعض الزيادة.
[2]
كذا في الأصل، والمطبوع، و «العبر» للذهبي، و «تهذيب التهذيب» (1/ 223)، و «تقريب التهذيب «ص (100) :«كامجرا» ، وفي «تهذيب الكمال» (2/ 398) طبع مؤسسة الرسالة، و (1/ 81) مصورة دار المأمون للتراث، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (11/ 476) :«كامجر» .
قال ابن ناصر الدّين: هو ثقة لكن تكلّم فيه. انتهى.
وفيها إسماعيل بن موسى الفزاريّ الكوفيّ الشيعيّ المحدّث، ابن بنت السّدّي. روى عن مالك وطبقته، وروى عن عمر بن شاكر عن أنس بن مالك.
وخرّج له أبو داود، والترمذي، وغيرهما.
قال في «المغني» [1] : إسماعيل بن موسى الفزاريّ السّدّيّ يترفّض، وقال أبو داود: يتشيع. انتهى.
وفيها ذو النّون المصريّ أبو الفيض ثوبان، ويقال: الفيض بن إبراهيم، أحد رجال الطريقة، وواحد وقته. كان أبوه نوبيّا، سعي به إلى المتوكل فسجنه، وأهدي له طعام في السجن فكرهه لكون السجان حمله بيده.
ولما أطلق اجتمع عليه الصوفية ببغداد في الجامع واستأذنوه في السماع، وحضر حضرته القوّال، فأنشد:
صغير هواك عذّبني
…
فكيف به إذا احتنكا
وأنت جمعت من قلبي
…
هوى قد كان مشتركا [2]
فتواجد ذو النون، وسقط فانشج [3] رأسه، وقطر منه دم، ولم يقع على الأرض، فقام شابّ يتواجد، فقال له ذو النّون: الذي يراك حين تقوم، فقعد الشاب.
قال بعضهم: كان ذو النون صاحب إسراف، والشاب صاحب إنصاف.
[1]«المغني في الضعفاء» (1/ 88) .
[2]
البيتان مع الخبر في «غربال الزمان» ص (229) .
[3]
في «غربال الزمان» : «وانشدخ» .
ومن كلامه: علامة محب الله متابعة الرّسول في كل ما أمر به.
قال السيوطي في كتاب «حسن المحاضرة» [1] : ذو النون المصري، ثوبان بن إبراهيم، أبو الفيض، أحد مشايخ الطريق المذكورين في رسالة القشيري، وهو أول من عبّر عن علوم المنازلات، وأنكر عليه أهل مصر، وقالوا: أحدثت [2] علما لم تتكلم فيه الصحابة، وسعوا به إلى الخليفة المتوكل، ورموه عنده بالزندقة، وأحضروه من مصر على البريد، فلما دخل سرّ من رأى، وعظه، فبكى المتوكل، وردّه مكرّما. وكان مولده بإخميم [3] .
وحدّث عن مالك، واللّيث، وابن لهيعة. وروى عنه الجنيد، وآخرون. وكان أوحد وقته علما، وورعا، وحالا، وأدبا، مات في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين، وقد قارب التسعين.
قال السّلميّ: كان أهل مصر يسمونه بالزّنديق، فلما مات أظلّت الطير الخضر جنازته ترفرف عليه إلى أن وصل إلى قبره. انتهى ما ذكره السيوطي.
وفيها سوّار بن عبد الله بن سوّار التميميّ العنبريّ البصريّ، أبو عبد الله [قاضي الرّصافة ببغداد. روى عن يزيد بن زريع وطبقته.
قال في «المغني» [4] : سوّار بن عبد الله] [5] بن قدامة العنبريّ ليس بشيء. انتهى.
وكان من الشعراء المجيدين.
[1](1/ 511- 512) .
[2]
في المطبوع: «حدثت» وهو خطأ، وفي «حسن المحاضرة» :«أحدث» .
[3]
قال ياقوت: إخميم بلد
…
على شاطئ النيل بالصعيد، وفي غربيّه جبل صغير، من أصغى إليه بأذنيه سمع خرير الماء، ولغطا شبيها بكلام الآدميين، لا يدرى ما هو، وبإخميم عجائب كثيرة قديمة، منها البراني وغيرها، والبراني أبنية عجيبة فيها تماثيل وصور، واختلف في بانيها. وانظر تتمة كلامه فيه (1/ 123- 124) .
[4]
«المغني في الضعفاء» (1/ 289) .
[5]
ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع.
ودحيم الحافظ الحجّة، أبو سعيد عبد الرّحمن بن إبراهيم الدمشقي، قاضي فلسطين والأردن، وله خمس وسبعون سنة. سمع ابن عيينة، والوليد ابن مسلم، وطبقتهما. وروى عنه البخاريّ وغيره.
قال أبو داود: لم يكن في زمانه مثله.
وفيها أبو تراب النّخشبيّ [1] العارف، واسمه عسكر بن الحصين، من كبار مشايخ القوم، صحب حاتم الأصم وغيره.
قال السخاويّ في «طبقاته» : عسكر بن حصين أبو تراب النّخشبيّ، ويقال: عسكر بن محمد بن حصين، أحد فتيان خراسان، والمذكورين بالأحوال السنية الرفيعة، وأحد علماء هذه الطائفة، صحب حاتم الأصم حتّى مات، ثم خرج إلى الشّام، وكتب الحديث الكثير، ونظر في كتب الشافعي، ثم نزل مكّة، ثم كان يخرج إلى عبّادان، والثغر، ويرجع إلى مكّة، ومات بين المسجدين، ودخل البصرة وتزوج بها، وصحب شقيقا البلخي.
قال أبو تراب: من كان غناه بماله لم يزل فقيرا، ومن كان غناه في قلبه لم يزل غنيا، ومن كان غناه بربه فقد قطع عنه اسم الفقر والغنى، لأنه دخل في حيز ما لا وصف له.
وقال ابن الجلاء [2] : قال أبو تراب: إذا ألفت القلوب الإعراض عن الله صحبتها الوقيعة في الأولياء.
وقال: أشرف القلوب قلب حيّ بنور الفهم عن الله عز وجل.
وقال: ليس في العبادات شيء أنفع من إصلاح خواطر القلوب.
[1] نسبة إلى نخشب من مدن ما وراء النهر بين جيحون، وسمرقند. انظر «معجم البلدان» لياقوت (5/ 276) ، و «اللباب» لابن الأثير (3/ 303) .
[2]
هو أبو عبد الله أحمد بن يحيى بن الجلاء، كان أصله من بغداد، وأقام بالرّملة، ودمشق، وكان من جلّة مشايخ الشام. مات سنة (306) هـ. انظر «طبقات الصوفية» للسلمي ص (176- 179) ، و «البداية والنهاية» لابن كثير (11/ 129) .
وقال: إن الله ينطق العلماء في كل زمان بما يشاكل [1] أعمال ذلك الزمان.
وقال: من أشغل مشغولا بالله عن الله، أدركه المقت من ساعته.
دخل بغداد مرّات، واجتمع بالإمام أحمد بن حنبل، فجعل الإمام أحمد يقول: فلان ضعيف، فلان ثقة، فقال له أبو تراب: لا تغتب العلماء، فالتفت إليه الإمام أحمد وقال له: ويحك هذا نصيحة ليس هذا غيبة. انتهى ما ذكره السخاويّ ملخصا.
وفيها محمد بن رافع أبو عبد الله القشيريّ مولاهم النيسابوريّ الحافظ. سمع ابن عيينة، ووكيعا، وخلائق. وروى عنه الشيخان، وغيرهما، وكان ثقة، زاهدا، صالحا، قد أرسل إليه عبد الله بن طاهر [2] نوبة خمسة آلاف درهم، فردّها، ولم يكن لأهله يومئذ خبز.
وفيها محمد بن هشام التميميّ السعديّ.
قال ابن الأهدل: كان ممدوحا بالحفظ وحسن الرّويّة.
قال مؤرّج [3] : أخذ منّي كتابا فحبسه ليلة ثم جاء به وقد حفظه.
وقال له سفيان بن عيينة: لا أراك تخطئ شيئا مما تسمع، ثم قال له:
حدّثني الزّهري عن عكرمة، عن ابن عبّاس أنه قال: يولد في كل سبعين سنة
[1] في المطبوع: «بما يشاء كل» وهو خطأ.
[2]
وكان أميرا لخراسان، ومن أشهر الولاة في العصر العباسي، مات سنة (230) هـ. انظر ترجمته ومصادرها في «الأعلام» للزركلي (4/ 93- 94) .
[3]
في الأصل، والمطبوع:«مؤرخ» وهو تصحيف، وهو مؤرّج بن عمرو بن الحارث.
السّدوسي، أبو فيد، عالم بالعربية والأنساب، من أعيان أصحاب الخليل بن أحمد الفراهيدي، من أهل البصرة، كان له اتصال بالمأمون العباسي، ورحل معه إلى خراسان، فسكن مدة بمرو، وانتقل إلى نيسابور. من كتبه «جماهير القبائل» ، و «حذف من نسب قريش» و «غريب القرآن» و «كتاب الأمثال» ، و «المعاني» . مات سنة (195) هـ. انظر «الأعلام» (7/ 318) .
من يحفظ كل شيء. قال: وضرب بيده على جنبي وقال: أراك منهم.
انتهى [1] .
وفيها هشام بن عمّار الإمام أبو الوليد السّلميّ، خطيب دمشق، وقارئها، وفقيهها، ومحدّثها في سلخ المحرم، عن سنتين وتسعين سنة. روى عن مالك وطبقته، وقرأ على عراك، وأيوب بن تميم عن قراءتهما على يحيى الذّماري صاحب ابن عامر.
قال في «المغني» [2] : هشام بن عمّار، خطيب دمشق ومقرئها، ثقة مكثر، له ما ينكر.
قال أبو حاتم: صدوق وقد تغير، فكان كلما لقنه تلقّن.
وقال أبو داود: حدّث بأربعمائة حديث لا أصل لها.
وقال ابن معين: ثقة.
وقال مرّة: كيّس كيّس.
وقال النسائي: لا بأس به.
وقال الدارقطني: صدوق كبير المحل [3] .
وقال صالح جزرة: كان يأخذ على الرّواية. انتهى كلام «المغني» .
[1] انظر «غربال الزمان» للعامري ص (229) .
[2]
«المغني في الضعفاء» (2/ 711) .
[3]
في الأصل: «كثير المحل» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.