الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وسبعين ومائتين
فيها توفي أبو بكر المرّوذيّ [1] ، الفقيه، أحمد بن محمد بن الحجّاج، في جمادى الأولى ببغداد، وكان اجلّ أصحاب الإمام أحمد، إماما في الفقه، والحديث، كثير التصانيف، خرج مرة إلى الرّباط [2] ، فشيّعه نحو خمسين ألفا من بغداد إلى سامرّاء. قاله في «العبر» .
وقال في «الإنصاف» : كان ورعا، صالحا، خصّيصا بخدمة الإمام أحمد، وكان يأنس به وينبسط إليه ويبعثه في حوائجه، وكان يقول: كلّ ما قلت فهو على لساني وأنا قلته، وكان يكرمه ويأكل من تحت يده، وهو الذي تولى إغماضه لمّا مات وغسله. روى عنه مسائل كثيرة، وهو المقدّم من أصحاب الإمام أحمد لفضله وورعه. انتهى.
وفيها أحمد بن ملاعب الحافظ، أبو الفضل، المخزوميّ، وله أربع وثمانون سنة. سمع عبد الله بن بكر، وأبا نعيم، وطبقتهما، وكان ثقة نبيلا.
وفيها الإمام أبو داود السّجستانيّ، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزديّ صاحب «السنن» والتصانيف المشهورة، في شوّال بالبصرة، وله بضع وسبعون سنة. سمع مسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وطبقتهما، وطوّف
[1] انظر ترجمته في «الأنساب» للسمعاني (11/ 255) .
[2]
يعني إلى ملازمة ثغر العدو. ويقال: المرابطة أيضا. انظر «مختار الصحاح» (ربط) .
الشام، والعراق، ومصر، والحجاز، والجزيرة، وخراسان، وكان رأسا في الحديث، رأسا في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع، حتّى إنه كان يشبّه بشيخه أحمد بن حنبل. قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن خلّكان [2] : أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شدّاد بن عمرو بن عمران الأزديّ السجستانيّ، أحد حفّاظ الحديث وعلمه وعلله، وكان في الدرجة العالية من النّسك والصلاح. طوّف البلاد وكتب عن العراقيين، والخراسانيين، والشاميين، والمصريين، والجزريين [3] ، وجمع كتاب «السنن» قديما وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، فاستحسنه واستجاده، وعدّه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في «طبقات الفقهاء» [4] من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل.
وقال إبراهيم الحربي: لما صنّف أبو داود كتاب «السنن» : ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد.
وكان يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسمائة ألف حديث انتخبت [5] منها ما ضمنته هذا الكتاب- يعني «السنن» - جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث:
أحدها قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّما الأعمال بالنّيّات» [6] .
[1](2/ 60- 61) .
[2]
في «وفيات الأعيان» (2/ 404- 405) .
[3]
في الأصل، والمطبوع:«والحرميين» وما أثبته من «تاريخ بغداد» (9/ 55) ، و «وفيات الأعيان» مصدر المؤلف.
[4]
انظر ص (171) منه.
[5]
لفظة «انتخبت» سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها من «وفيات الأعيان» .
[6]
رواه البخاري رقم (1) في بدء الوحي: باب كيف كان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و (54) في الإيمان: باب ما جاء إنّ الأعمال بالنيّة والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، و (2529) في
والثاني قوله صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» [1] . والثالث قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه» [2] . والرابع قوله صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبين ذلك أمور مشتبهات» [3] الحديث بكامله.
العتق: باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، ولا عتاقة إلا لوجه الله تعالى و (3898) في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، و (5070) في النكاح: باب ما هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى و (6689) في الأيمان والنذور:
باب النيّة في الأيمان، و (6953) في الحيل: باب في ترك الحيل، وأن لكل امرئ ما نوى، ومسلم رقم (1907) في الإمارة: باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيّة» . وقد استوفيت تخريجه في كتابي «شرح الأربعين النووية» ص (19) طبع دار ابن كثير، فليرجع إليه من شاء.
[1]
لم أقف عليه بهذا اللفظ في «سنن أبي داود» ولكن ساقه به ابن الأثير في «جامع الأصول» (1/ 190) ، والمزي في «تهذيب الكمال» (1/ 531) ، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (13/ 210) في معرض خبر نسبوه لأبي بكر بن داسة، ورواه الترمذي رقم (2317) في الزهد: باب رقم (11) ، وابن ماجة رقم (3976) في الفتن، باب: كفّ اللسان في الفتنة.
وقال والدي حفظه الله تعالى في تعليقه على كتابي «شرح الأربعين النووية» ص (37) : وهو حديث صحيح لشواهده الكثيرة.
[2]
لم أقف عليه بهذا اللفظ في «سنن أبي داود» الذي بين يدي، ولكن ساقه به ابن الأثير في «جامع الأصول» (1/ 190) ، والمزّي في «تهذيب الكمال» (1/ 531) مصوّرة دار المأمون للتراث بدمشق، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (13/ 210) في معرض خبر نسبوه لأبي بكر بن داسة.
والمحفوظ ما رواه البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ولفظه:«لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه» .
[3]
هو في «سننه» رقم (3329) في البيوع والإجارات: باب في اجتناب الشبهات. وهو عند البخاري رقم (52) في الإيمان: باب فضل من استبرأ لدينه، و (2051) في البيوع: باب الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، وعند مسلم رقم (1599) في المساقاة:
باب أخذ الحلال وترك الشبهات. وقد استوفيت تخريجه في كتابي «شرح الأربعين النووية» ص (28) .
وجاءه سهل بن عبد الله التّستريّ، رحمه الله تعالى، فقال له: يا أبا داود، لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: حتّى تقول: قضيتها مع الإمكان، قال: قد قضيتها مع الإمكان، قال: أخرج [لي][1] لسانك الذي حدّثت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتّى أقبّله، قال: فأخرج [له] لسانه فقبّله.
وكانت ولادته في سنة اثنتين ومائتين، وقدم بغداد مرارا، ثم نزل إلى البصرة وسكنها، وتوفي بها يوم الجمعة منتصف شوّال سنة خمس وسبعين ومائتين رحمه الله تعالى.
وكان ولده أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان من أكابر الحفّاظ ببغداد، عالما متفقا عليه، إماما ابن إمام [2] وله كتاب «المصابيح» وشارك أباه في شيوخه بمصر والشام، وسمع ببغداد، وخراسان، وأصبهان [وسجستان][3] وشيراز، وتوفي سنة ست عشرة وثلاثمائة، واحتجّ به ممّن صنّف الصحيح أبو علي الحافظ النيسابوري، وابن حمزة الأصبهاني. انتهى ما أورده ابن خلّكان.
وفيها، أي سنة خمس وسبعين، يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزّبرقان، أبو بكر البغدادي، المحدّث في شوّال. روى عن علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وجماعة، وصحّح الدّارقطنيّ حديثه.
[1] زيادة من «وفيات الأعيان» مصدر المؤلف.
[2]
في «وفيات الأعيان» : «إمام بن إمام» .
[3]
زيادة من «وفيات الأعيان» .