الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع عشرة ومائتين
وفيها التقى محمد بن حميد الطّوسيّ وبابك الخرّمي، فهزمهم بابك وقتل الطّوسيّ.
وفيها توجّه [1] عبد الله بن طاهر بن الحسين على إمرة خراسان.
وأعطاه المأمون خمسمائة ألف دينار. وكان عبد الله من آدب النّاس وأعلمهم بأيام العرب. وسيأتي ذكره في سنة ثمان وعشرين ومائتين. عند ذكر وفاته [2] .
وكان من أخصّائه وأخصاء والده عوف بن محلّم [3] الشاعر، اختصّه بمنادمته طاهر بن الحسين، فلما مات طاهر اعتقد عوف أنه يخلص من قيد الملازمة، فلوى عبد الله بن طاهر هذا يده عليه، وتمسّك به، واجتهد عوف على التخلّص منه فلم يقدر، حتّى خرج عبد الله من العراق يريد خراسان وعوف عديله يسامره ويحادثه، فلما شارفوا الرّيّ سحرة وقد أدلجوا، فإذا بقمريّ [4] يغرّد على سروة بأشجى صوت وأرقّ نغمة، فالتفت عبد الله إلى
[1] في «العبر» للذهبي (1/ 366) : «وجّه» .
[2]
قلت: الصواب أنه ذكر فيمن توفي سنة (230) انظر ص (137) .
[3]
قلت: وكنيته التي اشتهر بها: «أبو المنهال» ، انظر «الأعلام» (5/ 96) .
[4]
قال ابن منظور: القمريّ: طائر يشبه الحمام القمر البيض. وانظر تتمة كلامه في «لسان العرب» (قمر) .
عوف فقال: ألا تسمع هذا الصوت ما أرقّه وأشجاه، قاتل الله أبا كبير [1] الهذلي حيث يقول:
ألا يا حمام الأيك فرخك [2] حاضر
…
وغصنك ميّاد ففيم تنوح [3]
فقال عوف: أيها الأمير أحسن والله أبو كبير [4] وأجاد، إنه كان في هذيل أربعون شاعرا من المحسنين دون المتوسطين، وكان أبو كبير [4] من أشعرهم، وأشهرهم، وأذكرهم، وأقدرهم.
قال عبد الله: أقسمت عليك إلا أجزت له هذا البيت، فقال: أصلح الله الأمير، شيخ مسنّ وأحمل على [5] البديهة وعلى معارضة مثل أبي كبير [6] وهو من قد علمت! فقال: سألتك بحق طاهر إلّا أجزته، فقال:
أفي كلّ عام غربة ونزوح
…
أما للنّوى من ونية فيريح
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي
…
فهل أرينّ البين وهو طليح [7]
وأرّقني بالرّيّ شجو [8] حمامة
…
فنحت وذو الشوق المشتّ [9] ينوح
على أنها ناحت ولم تذر عبرة [10]
…
ونحت وأسراب الدموع سفوح
[1] في الأصل، والمطبوع:«أبو كثير» وهو خطأ، والتصحيح من «الشعر والشعراء» ص (420) ط. ليدن، و «تاج العروس» (كبر)(14/ 15) ، و «الأعلام» للزركلي (3/ 250) ، واسمه عامر ابن الحليس.
[2]
في «فوات الوفيات» : «إلفك» .
[3]
البيت في «تاريخ بغداد» (9/ 486) . و «فوات الوفيات» (3/ 163) .
[4]
في الأصل، والمطبوع:«أبو كثير» وهو خطأ، كما بينته في التعليق رقم (1) .
[5]
لفظة: «على» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.
[6]
في الأصل، والمطبوع:«أبو كثير» والصواب ما أثبته.
[7]
في «فوات الوفيات» : «طريح» .
[8]
في «فوات الوفيات» : «نوح» .
[9]
في «فوات الوفيات» : «وذو البثّ الغريب» .
[10]
في «فوات الوفيات» : «ولم تذر دمعة» .
وناحت وفرخاها بحيث تراهما
…
ومن دون أفراخي مهامه فيح
ألا يا حمام الأيك فرخك [1] حاضر
…
وغصنك ميّاد ففيم تنوح
أفق لا تنح من غير شيء فإنني
…
بكيت زمانا والفؤاد صحيح
ولوعا وشطّت غربة دار زينب
…
فها أنا أبكي والفؤاد قريح
عسى جود عبد الله أن يعكس النّوى
…
فتضحي [2] عصا التّطواف وهي طليح
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه
…
وعدم الفتى بالمقترين [3] طروح [4]
فاستعبر عبد الله ورقّ له لمّا سمع من تشوّقه إلى أولاده. وقال: يا أبا محلّم ما أحسن ما تلطفت به لحاجتك، وإني والله بك لضنين وبقربك لشحيح، ولكن والله لا جاوزت هذا حتّى ترجع إلى أهلك، وأمر له بثلاثين ألف درهم نفقة، ورحّله وردّه من موضعه، فأدركته المنية قبل وصوله إلى أهله، ولما ردّه عبد الله قال عوف:
يا بن الذي دان له المشرقان
…
وألبس الأمن به [5] المغربان
إن الثمانين وبلّغتها
…
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وأبدلتني بالنّشاط [6] انحنا
…
وكنت كالصّعدة تحت السّنان
وعوّضتني من زماع الفتى
…
وهمّه همّ الهجين الهدان
وهمت بالأوطان وجدا بها
…
وبالغواني أين مني الغوان
فقرّباني بأبي أنتما
…
من وطني قبل اصفرار البنان
[1] في «فوات الوفيات» : «إلفك» .
[2]
في «تاريخ بغداد» : «فنلقي» .
[3]
في «فوات الوفيات» : «بالمعسرين» .
[4]
الأبيات في «فوات الوفيات» (3/ 163) عدا البيتين السابع والثامن، وبعض الأبيات في «تاريخ بغداد» للخطيب (9/ 486- 487) .
[5]
في الأصل: «منه» ، وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «فوات الوفيات» .
[6]
في «فوات الوفيات» : «وبدّلتني بالشطاط» وفي «معجم البلدان» : «وبدلتني من نشاط» .
وقبل منعاي إلى نسوة
…
أوطانها حوران والرّقّتان
حيا قصور الشّاذياخ [1] الحيا
…
من بعد عهدي وقصور المباني [2]
وهذه القصور التي ذكرها كلها بمرو، ونيسابور، وهي مساكن آل طاهر، وكان عوف يألفها لكثرة غشيانه إيّاها ومقامه معهم فيها، فلذلك دعا لها.
ومن شعر عوف:
وكنت إذا صحبت رجال قوم
…
صحبتهم وشيمتي [3] الوفاء
فأحسن حين يحسن محسنوهم [4]
…
وأجتنب الإساءة إن أساءوا
وأبصر ما يريبهم بعين
…
عليها من عيونهم غطاء [5]
وكان عوف من بلغاء الشعراء وفصحائهم واختصت به بنو طاهر ولزمهم لمزيد ميلهم إليه وكثرة منحهم له كأبي الطّيب مع بني حمدان، غير أن عوفا لم يلحقه طمع أبي الطيب الذي فارق له بني حمدان.
وفيها توفي أحمد بن خالد الذّهبيّ الحمصيّ راوي المغازي عن ابن إسحاق، وكان مكثرا حسن الحديث.
وأبو أحمد حسين بن محمد المرّوذيّ [6] المؤدّب ببغداد، ونسبته
[1] في الأصل، والمطبوع:«الشادباخ» وهو خطأ، وأثبت ما في «فوات الوفيات» والشاذياخ: اسم نيسابور القديم. انظر «تاج العروس» (شذخ) .
[2]
الأبيات في «معجم البلدان» (5/ 239- 240) وهي في «فوات الوفيات» (3/ 164) عدا الثالث منها، وفي روايتها فيهما بعض الخلاف.
[3]
في «فوات الوفيات» : «ونيّتي» .
[4]
في المطبوع: «محسونهم» وهو خطأ.
[5]
الأبيات في «فوات الوفيات» (3/ 164) مع بعض الخلاف فيها عنده.
[6]
ويقال: المرو الرّوذي، انظر:«الأنساب» للسمعاني (11/ 253 و 255) ، و «معجم البلدان» لياقوت (5/ 112) ، و «تاريخ بغداد» للخطيب (8/ 88) ، و «تهذيب الكمال» للمزي (1/ 294) مصورة دار المأمون للتراث بدمشق.
قلت: وقد تحرفت نسبته في «السابق واللاحق» للخطيب ص (186) ، و «تهذيب الكمال»
بفتح الميم وضم الراء مع سكون الواو ويليها ذال مكسورة معجمة بعدها ياء النسبة، نسبة إلى مرو الرّوذ من أشهر مدن خراسان، وكان من حفاظ الحديث الثقات. روى عن ابن أبي ذئب، وشيبان [1] ، وأحمد بن حنبل [2] . وروى عنه أحمد أيضا وغيره.
وفيها الفقيه عبد الله بن عبد الحكم أبو محمد المصريّ وله ستون سنة. وكان من جلّة [3] أصحاب مالك. أفضت إليه الرياسة بمصر بعد أشهب، وسمع «الموطأ» على مالك.
يقال: إنه دفع للشّافعيّ عند قدومه ألف دينار، وأخذ له من تاجر ألفا، ومن رجلين آخرين ألفا. وله مصنفات في الفقه، وهو مدفون إلى جانب الشّافعيّ.
وفيها معاوية بن عمرو الأزديّ أبو عمرو البغداديّ الحافظ المجاهد.
روى عن زائدة وطبقته، وأدركه البخاريّ. وكان بطلا شجاعا معروفا بالإقدام.
كثير الرّباط.
(6/ 471) بتحقيق الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف، و «العبر» للذهبي (1/ 366) إلى «المروزي» فتصحح. فإن «المروزي» ينسب إلى «مرو الشاهجان» وليس إلى «مرو الرّوز» كما هو معروف.
[1]
في «العبر» للذهبي: «وسفيان» وهو خطأ، فيصحح فيه.
[2]
لم أقف على ذكر له في عداد من روى عن الإمام أحمد فيما بين يدي من المصادر والمراجع.
[3]
في الأصل: «أجلة» ، وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «العبر» للذهبي مصدر المؤلف.