الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وأربعين ومائتين
فيها على ما قاله في «الشذور» ماجت النجوم في السماء وجعلت تطاير شرقا وغربا كالجراد من قبل غروب الشفق إلى قريب من الفجر، ولم يكن مثل هذا إلّا عند ظهور رسول الله- صلى الله عليه وسلم انتهى.
وفيها توفي في ثاني عشر ربيع الأول بكرة الجمعة، شيخ الأمة وعالم أهل العصر، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الذّهليّ الشيبانيّ المروزيّ ثم البغداديّ، أحد الأعلام ببغداد، وقد تجاوز سبعا وسبعين سنة بأيام، وكان أبوه جنديا فمات شابّا أول طلب أحمد للعلم، في سنة تسع وسبعين ومائة، فسمع أحمد من هشيم، وإبراهيم بن سعد، وطبقتهما. وكان شيخا أسمر مديد القامة، مخضوبا، عليه سكينة ووقار، وقد جمع ابن الجوزي أخباره في مجلد، وكذلك البيهقيّ، وشيخ الإسلام الهرويّ، وكان إماما في الحديث وضروبه، إماما في الفقه ودقائقه، إماما في السّنّة ودقائقها [1] ،، إماما في الورع وغوامضه، إماما في الزّهد وحقائقه. قاله في «العبر» [2] .
وقال الحافظ عبد الغني في كتابه «الكمال في أسماء الرّجال» : أحمد ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيّان بن
[1] في «العبر» للذهبي: «وطرائقها» .
[2]
(1/ 435) .
عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة [1] بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان الشيباني، أبو عبد الله. خرج من مرو حملا، وولد ببغداد، ونشأ بها ومات بها، ورحل إلى الكوفة، والبصرة، ومكّة، والمدينة، واليمن، والشام، والجزيرة.
وسمع من سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، ويحيى بن سعيد القطّان، وهشيم بن بشير، ومعتمر [2] بن سليمان، وإسماعيل بن عليّة، ووكيع ابن الجرّاح، وعبد الرّحمن بن مهدي، وخلق.
وروى عنه عبد الرّزّاق بن همّام، ويحيى بن آدم، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطّيالسي، وأبو عبد الله محمد بن إدريس [3] الشّافعي، والأسود ابن عامر شاذان، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وأكثر عنه في «كتاب السنن» .
وروى الترمذيّ عن أحمد بن الحسن الترمذي عنه.
وروى النسائي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عنه، وعن محمد بن عبد الله عنه.
وروى ابن ماجة عن محمد بن يحيى الذّهلي عنه.
وإبراهيم الحربي، والأثرم [4] وأبو بكر أحمد المرّوذيّ [5] ، وعثمان بن
[1] في الأصل، والمطبوع:«جذيلة» بالذال وهو تصحيف، والتصحيح من «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم ص (295) . وانظر «الأعلام» للزركلي (2/ 114) .
[2]
في الأصل: «ومعمر» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب. انظر «تهذيب الكمال» (1/ 439) طبع مؤسسة الرسالة.
[3]
تحرف في المطبوع إلى «محمد بن دربس» .
[4]
هو أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الأثرم الطائي. انظر «تهذيب الكمال» (1/ 440) طبع مؤسسة الرسالة.
[5]
تحرفت في الأصل، والمطبوع إلى «المروزي» ، والتصحيح من «الأنساب» للسمعاني
سعيد الدّارمي [1] ومحمد بن يحيى الذّهلي النيسابوري، وخلق لا يحصون.
قال إبراهيم الحربي: أدركت ثلاثة لن يرى مثلهم أبدا، يعجز النساء أن يلدن مثلهم، رأيت أبا عبيد القاسم بن سلّام ما أمثله إلّا بجبل نفخ [2] فيه روح، ورأيت بشر بن الحارث ما شبّهته إلّا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا، ورأيت أحمد بن حنبل، كأن الله- عز وجل جمع له علم الأولين من كل صنف، يقول ما شاء ويمسك ما شاء.
وعن الحسن بن العبّاس قال: قلت لأبي مسهر: هل تعرف أحدا يحفظ على هذه الأمة أمر دينها؟ قال: لا أعلم إلّا شابا بالمشرق، يعني أحمد بن حنبل.
وقال قتيبة بن سعيد: لو أدرك أحمد بن حنبل عصر الثوري، والأوزاعي، ومالك، واللّيث بن سعد، لكان هو المقدّم.
وقيل لقتيبة: يضم أحمد بن حنبل إلى التابعين؟ قال: إلى كبار التابعين.
وقال يحيى بن معين: دخلت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقلت له: أوصني، فقال: لا تحدّث المسند إلّا من كتاب [3] .
وقال علي بن المديني: قال لي سيدي أحمد بن حنبل: لا تحدّث إلا من كتاب.
وقال يوسف بن مسلم: قال حدّث الهيثم بن جميل بحديث عن جميل بحديث عن هشيم فوهم فيه، فقيل له: خالفوك في هذا، فقال: من خالفني؟
قالوا: أحمد بن حنبل. قال: وددت أنه نقص من عمري وزيد في عمر أحمد ابن حنبل.
(11/ 255) ، و «تهذيب الكمال» (1/ 440) طبع مؤسسة الرسالة.
[1] في الأصل، والمطبوع:«عمر بن سعيد الدارمي» وهو خطأ. والتصحيح من «تهذيب الكمال» للمزي (1/ 441) .
[2]
في الأصل: «ينفخ» وأثبت ما في المطبوع.
[3]
يعني لا تحدّث الأحاديث بالإسناد إلا من كتاب.
وقيل لأبي زرعة: من رأيت من المشايخ المحدّثين أحفظ؟ قال: أحمد ابن حنبل، حزر كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغ اثني عشر حملا وعدلا، ما على ظهر كتاب منها حديث فلان، ولا في بطنه حدثنا فلان، وكل ذلك كان يحفظه من ظهر قلبه.
وروي عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل إمام الحفاظ أنه قال: إذا جاء الحديث في فضائل الأعمال وثوابها وترغيبها تساهلنا في إسناده، وإذا جاء الحديث في الحدود، والكفّارات، والفرائض، تشددنا فيه.
وقال إبراهيم بن شمّاس: خاض النّاس فقالوا: إن وقع أمر في أمة محمد- صلى الله عليه وسلم فمن الحجّة على وجه الأرض، فاتفقوا كلهم على أن أحمد بن حنبل حجّة [1] . انتهى ما قاله في «الكمال» ملخصا.
وقال ابن الأهدل: كان أحمد من خواص أصحاب الشافعي، وكان الشافعيّ يأتيه إلى منزله، فعوتب في ذلك فأنشد:
قالوا يزورك أحمد وتزوره
…
قلت الفضائل لا تفارق منزله
إن زارني فبفضله أو زرته
…
فلفضله فالفضل في الحالين له [2]
رضي الله عنهما.
وكان أحمد يحفظ ألف ألف حديث.
قال الرّبيع: كتب إليه الشّافعيّ من مصر، فلما قرأ الكتاب بكى، فسألته عن ذلك فقال: إنه يذكر أنه رأى النّبيّ- صلى الله عليه وسلم وقال: «اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السّلام وقل له: إنك ستمتحن على القول بخلق القرآن فلا تجبهم، نرفع لك علما إلى يوم القيامة» .
قال الربيع: فقلت له: البشارة، فخلع عليّ قميصه وأخذت جوابه، فلما
[1] في المطبوع: «حجته» .
[2]
البيتان في «غربال الزمان» لليافعي ص (224) ولم أجدهما في «ديوانه» المطبوع.
قدمت على الشافعيّ وأخبرته بالقميص قال: لا نفجعك فيه [1] ولكن بلّه وادفع إليّ ماءه حتّى أكون شريكا لك فيه.
وكان يخضب بالحناء خضابا [2] ليس بالقاني.
وحزر من حضر جنازته من الرجال فكانوا ثمانمائة ألف، ومن النساء ستين ألفا، وأسلم يوم موته عشرون ألفا من اليهود، والنصارى، والمجوس.
وحكي عن إبراهيم الحربي قال: رأيت بشرا الحافي في النوم كأنه خارج من مسجد الرّصافة وفي كمه شيء يتحرك، فقلت: ما هذا في كمك؟
فقال: نثر علينا لقدوم روح أحمد الدّر والياقوت، فهذا ما التقطته. انتهى ما ذكره ابن الأهدل ملخصا.
وفيها توفي جبارة بن المغلّس الحمّانيّ الكوفيّ عن سن عالية. روى عن شبيب بن شيبة [وأبي بكر] النهشلي [3] .
قال في «المغني» [4] : جبارة بن المغلّس شيخ ابن ماجة، واه.
قال ابن نمير: صدوق، كان يوضع له الحديث، يعني فلا يدري.
وقال البخاريّ: مضطرب الحديث.
قال أبو حاتم: وقال ابن معين: كذّاب. انتهى.
وفيها الحسن بن حمّاد الإمام أبو علي الحضرميّ البغداديّ سجّادة. روى عن أبي بكر بن عيّاش وطبقته، وكان ثقة صاحب سنة وله حلقة وأصحاب.
وفيها أبو توبة [5] الحلبيّ، واسمه الرّبيع بن نافع الحافظ. سمع
[1] في المطبوع: «لا نفجعك به» .
[2]
لفظة «خضابا» سقطت من الأصل وأثبتها من المطبوع.
[3]
في الأصل والمطبوع: «روى عن شبيب بن أبي شيبة النهشلي» وهو خطأ، والتصحيح من «تهذيب الكمال» (4/ 489- 490) .
[4]
(1/ 127) .
[5]
في الأصل، والمطبوع:«أبو ثوبة» وهو تصحيف، والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 436) ، و «تقريب التهذيب» ص (207) .
معاوية بن سلّام، وشريكا، والكبار. وروى عنه أحمد وغيره بلا واسطة، والشيخان بواسطة. كان أحد الثقات، ونزل طرسوس، فكان شيخها وعالمها.
وعبد الله بن منير أبو عبد الرّحمن المروزيّ الزّاهد القانت، الذي قال البخاريّ: لم أر مثله. روى عن يزيد بن هارون وطبقته، وكان ثقة.
ويعقوب بن حميد بن كاسب المحدّث مدني مشهور. نزل مكّة وروى عن إبراهيم بن سعد وطبقته، وكان يكنى أبا يوسف. قواه البخاري، ووثقه ابن معين، وضعفه جماعة.
وفيها عبيد الله بن سعيد [السّرخسيّ أبو قدامة اليشكريّ][1] المولى الرّضي، العلّامة الثقة. روى عنه الشيخان، والنسائي، وابن خزيمة. أظهر السّنّة بسرخس ودعا إليها وحده.
وفيها الحسن بن إسحاق بن زياد، حسنويه [2] ، أحد الثقات. روى عنه البخاريّ، والنسائيّ، وغيرهما.
[1] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع.
[2]
في الأصل والمطبوع: «حسنونة» وهو خطأ، والتصحيح من «تهذيب الكمال» (7/ 56) .