الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وتسعين ومائتين
فيها توفي إبراهيم بن أبي طالب النيسابوريّ [1] الحافظ، أحد أركان الحديث. روى عن إسحاق بن راهويه وطبقته.
قال عبد الله بن سعد النيسابوري: ما رأيت مثل إبراهيم بن أبي طالب، ولا رأى مثل نفسه.
وقال أبو عبد الله بن الأخرم: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجّاج، وإبراهيم بن أبي طالب.
وقال ابن ناصر الدّين: هو ثقة.
وإبراهيم بن معقل، أبو إسحاق السّانجنيّ- بفتح الجيم وسكون النون التي قبلها نسبة إلى سانجن قرية بنسف [2]- كان قاضي نسف، وعالمها، ومحدّثها، وصاحب «التفسير» و «المسند» وكان بصيرا بالحديث، عارفا بالفقه والاختلاف. روى «الصحيح» عن البخاري، وروى عن قتيبة، وهشام بن عمّار، وطبقتهما.
وفيها الحافظ أبو علي الحسن بن علي بن شبيب المعمريّ، نسبة
[1] انظر «الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (75) بتحقيقي طبع دار ابن كثير.
[2]
انظر «الأنساب» للسمعاني (7/ 17) ، و «اللباب» لابن الأثير (2/ 95) ، و «معجم البلدان» لياقوت (3/ 178) .
إلى جدّه لأمه محمد بن سفيان بن حميد المعمري، صاحب معمر ببغداد في المحرم. روى عن عليّ بن المديني، وجبارة بن المغلّس، وطبقتهما، وعاش اثنتين وثمانين سنة، وله أفراد وغرائب مغمورة في سعة علمه.
قال ابن ناصر الدّين: كان من أوعية العلم، تكلم فيه عدّة، وقوّاه آخرون. انتهى.
وقال في «المغني» [1] : تفرّد برفع أحاديث تحتمل له. انتهى.
وفيها الحكم بن معبد الخزاعيّ الفقيه، مصنّف كتاب «السّنّة» بأصبهان. روى عن محمد بن حميد الرّازي، ومحمد بن المثنى، وطبقتهما، وكان من كبار الحنفية وثقاتهم.
وفيها أبو شعيب الحرّاني، عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الأمويّ المؤدّب، نزيل بغداد في ذي الحجة. روى عن يحيى البابلتي، وعفّان، وعاش تسعين سنة، وكان ثقة.
وأمير خراسان وما وراء النهر، إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، في صفر ببخارى، وكان ذا علم، وعدل، وشجاعة، ورأي، وكان يعرف بالأمير الماضي أبي إبراهيم، جمع بعض الفضلاء شمائله [وسيرته][2] في كتاب، وكان ذا اعتناء زائد بالعلم والحديث. قاله في «العبر» [3] .
وفيها أبو علي، عبد الله بن محمد بن علي البلخيّ الحافظ، أحد أركان الحديث ببلخ. سمع قتيبة وطبقته، وصنّف «التاريخ» و «العلل» .
وفيها المكتفي بالله، الخليفة أبو الحسن علي بن المعتضد أحمد بن
[1](1/ 163) .
[2]
زيادة من «العبر» للذهبي.
[3]
(2/ 108) .
أبي أحمد الموفّق بن المتوكل بن المعتصم العباسيّ، وله إحدى وثلاثون سنة، وكان وسيما جميلا، بديع الجمال، معتدل القامة درّيّ اللون، أسود الشعر، استخلف بعد أبيه، وكانت دولته ست سنين ونصفا، وتوفي في ذي القعدة، وفيه يقول أحد أعيان الأدباء وقد أبان زوجته عن نشوز وعقوق:
قايست بين جمالها وفعالها
…
فإذا الملاحة بالخلاعة لا تفي
والله لا راجعتها ولو انّها
…
كالبدر أو كالشّمس أو كالمكتفي [1]
وقيل للمكتفي في مرضه الذي مات فيه: لو وكّلت بعبد الله بن المعتز، ومحمد بن المعتمد، قال: ولم؟ قيل: لأن الناس يرجفون لهما بالخلافة بعدك، فتكون مستظهرا حتّى لا يخرج الأمر عن أخيك جعفر، فقال: وأيّ ذنب لهما؟ أليس هما من أولاد الخلفاء، وإن يكن ذلك، فليس بمنكر، والله يؤتي الملك من يشاء، فلا تتعرضوا لهما.
وكان المكتفي كثير العساكر، كثير المال، يخصّ أهل بيته بالكرامة والحباء الكثير، ولم يل الخلافة بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، من اسمه علي إلّا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، والمكتفي بالله.
ولما توفي المكتفي ولي بعده أخوه المقتدر، وله ثلاث عشرة سنة وأربعون يوما، ولم يل أمر الأمة صبي قبله.
وفيها عيسى بن مسكين، قاضي القيروان وفقيه المغرب، أخذ عن سحنون، وبمصر عن الحارث بن مسكين، وكان إماما، ورعا، خاشعا، متمكّنا من الفقه والآثار، مستجاب الدعوة، يشبّه بسحنون في سمته وهيئته، أكرهه ابن الأغلب الأمير على القضاء، فولي ولم يأخذ رزقا، وكان يركب حمارا ويستقّي الماء لبيته، رحمه الله تعالى.
[1] البيتان في «غربال الزمان» ص (262) .
ومحمد بن أحمد بن جعفر، الإمام أبو جعفر، التّرمذيّ الفقيه، كبير الشافعية بالعراق، قبل ابن سريج، في المحرم، وله أربع وتسعون سنة. وكان قد اختلط في أواخر أيامه، وكان زاهدا، ناسكا، قانعا باليسير، متعفّفا.
قال الدارقطنيّ: لم يكن للشافعية بالعراق أرأس ولا أورع منه، وكان صبورا على الفقر. روى عن يحيى بن بكير وجماعة، وكان ثقة.
قال الإسنوي: كان أولا أبو جعفر حنفيا، فحجّ، فرأى ما يقتضي انتقاله لمذهب الشافعي، فتفقّه على الرّبيع وغيره من أصحاب الشافعي، وسكن بغداد، وكان ورعا، زاهدا، متقلّلا جدا، كانت نفقته في الشهر أربعة دراهم، نقل عنه الرّافعيّ مواضع قليلة، منها أن فضلات النّبيّ صلى الله عليه وسلم، طاهرة، وأن الساجد للتلاوة خارج الصلاة لا يكبّر للافتتاح لا وجوبا ولا استحبابا، وأنه إذا رمي إلى حربي فأسلم، ثم أصابه السهم فلا ضمان، والمعروف خلافه فيهنّ.
ولد في ذي الحجة، سنة ثمانين، وتوفي لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين.
وترمذ مدينة على طريق نهر جيحون، وفيها ثلاثة أقوال:
الأول فتح التاء وكسر الميم، وهو المتداول بين أهلها.
والثاني كسرهما.
والثالث ضمّهما.
قال: وهو الذي يقول أهل المعرفة. انتهى ملخصا.
قال العلّامة ابن ناصر الدّين في «بديعته» :
ثمّ الحكيم التّرمذيّ هواه
…
في ذلك الجرح الذي رماه
لكنه مجهول عند الأكثر
…
موتا وفيها كان حيّا حرر
وقال في «شرحها» : أي في سنة خمس وثمانين، لأنه قدم فيها نيسابور، وأخذ عن علمائها المأثور، ومن حينئذ جهلت وفاته عند الجمهور، وهو محمد بن علي بن بشر الترمذيّ الحكيم، أبو عبد الله، الزّاهد الحافظ، كان له كلام في إشارات الصوفية، واستنباط معان غامضة من الأخبار النبوية، وبعضها تحريف عن مقصده، وبسبب ذلك امتحن، وتكلموا في معتقده، وله عدة مصنفات في منقول ومعقول، ومن أنظفها «نوادر الأصول» . انتهى.
وفيها، أي سنة خمس وتسعين، توفي الحافظ أبو بكر محمد بن إسماعيل الإسماعيلي، أحد المحدّثين الكبار بنيسابور، له تصانيف مجودة ورحلة واسعة. سمع إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمّار.