المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المسألة الأولى] :أن التفضيل بين الأنبياء جاء به النص كما قال عز وجل {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} [ - شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

[صالح آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَلا شيءَ مِثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ)

- ‌ قوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ)

- ‌قوله (وَلا إلهَ غَيْرُهُ)

- ‌[المسألة الرابعة] :في إعراب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء)

- ‌[المسألة الثانية] :ما ضابط كون الاسم من الأسماء الحسنى

- ‌ قوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ)

- ‌قوله (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ)

- ‌ قوله (لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْرِكُهُ الأفْهَامُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قولَه (وَإِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ المصطَفى، ونبيُّه المجْتَبى، ورَسُولُهُ المُرْتَضَى)

- ‌[المسألة الثالثة] :نبوة الأنبياء أو رسالة الرسل بما تَحْصُل؟ وكيف يُعْرَفُ صدقهم؟ وما الفرق ما بين النبي والرسول وبين عامة الناس أو من يَدَّعِي أَنَّهُ نبي أو رسول

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وإنَّه خَاتِمُ الأنبياءِ)

- ‌[المسألة الرابعة] :أنَّ ادِّعَاء الوحي كفر كدعوى النبوة، وهذا باتفاق أهل السنة

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ التفضيل بين الأنبياء جاء به النص كما قال عز وجل {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الخامسة] :أنَّ رؤية المؤمنين في الجنة لربهم عز وجل عامة بالإنس والجن، للرجال وللنساء، وللملائكة أيضاً

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة

- ‌قوله (فَإِنَّ رَبَّنَا عز وجل مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الْفَرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَرِيَّةِ

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :متى وقع الإسراء والمعراج

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ الحوض دلَّ عليه القرآن باحتمال، ودلَّت عليه السنة بقطع:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالشَّفَاعَةُ الَّتِي ادَّخَرَهَا لَهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ حَقٌّ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالْعَرْشُ

- ‌ قوله (وَفَوْقَهُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الخامسة] :الإيمان بالملائكة تَبَعٌ للعلم، وكلما زَادَ العِلْمُ بالعقيدة وبالنصوص زَادَ الإيمان بالملائكة لمن وفَّقَهُ الله

- ‌ الأسئلة

- ‌[المسألة الثانية] :الأنبياءُ والرُّسُلُ درجات في الفضل والمنزلة عند الله

- ‌[المسألة الخامسة] :من كَذَّبَ برسول بعد العلم به فإنه مُكَذِّبٌ بجميع الأنبياء والمرسلين

- ‌(وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ)

- ‌ الأسئلة

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الحادية عشرة] :قوله (وَلَا نَقُولُ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ) هذا فيه مخالفة للمرجئة

- ‌الأسئلة:

- ‌نَرْجُو لِلْمُحْسِنِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِمْ، وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نُقَنِّطُهُمْ

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ الرجاء للمحسن بالعفو وعدم الأمن والاستغفار للمسيء والخوف عليه، هذا عقيدة يتعامل بها المرء مع نفسه وكذلك مع المؤمنين:

- ‌[المسألة الثانية] :الرجاء للمحسن من المؤمنين بالعفو هذا يشمل كل أحد حتى من لم يَعْرِفْ لنفسه ذنباً

- ‌[المسألة الثالثة] :الجمع ما بين الرجاء للمحسن والاستغفار للمسيء هذا تَبَعْ لأصل عظيم وهو الجمع في العبادة ما بين الخوف والرجاء

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثالثة] :الله عز وجل وليٌّ للعبد، والعبد أيضاً وليٌّ لله عز وجل

- ‌[المسألة الرابعة] :الأولياء قسمان فيما دَلَّتْ عليه الأدلة:- مقتصدون.- وسابقون مُقَرَّبون

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة

- ‌[المسألة الخامسة] :من لم يُغْفَرْ له ممن لم يتب فإنه يُشتَرَطُ لعدم خلوده في النار شرطان:

- ‌[المسألة السادسة] :الخلود في النار نوعان: خلودٌ أمدي إلى أجل، وخلودٌ أبدي

- ‌قوله (اللَّهُمَّ يَا وَلِيَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ ثَبِّتْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ)

- ‌[المسألة الثالثة] :قوله (خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ) هذا إذا كان إماماً مُرَتَّبَاً، ولم يكن بوسع المرء أن يختار الأمثل

- ‌الأسئلة

- ‌[المسألة الرابعة] :أننا مع ذلك كله فإننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :لفظ الأئمة وولاة الأمور مما جاء به الكتاب والسنة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :قوله (إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) هذا المقصود منه إلى قرب قيام الساعة

- ‌[المسألة الخامسة] :في قوله (أَرْوَاحِ الْعَالَمِينَ) لفظ (الْعَالَمِينَ) يريد به هنا من له رُوحْ من المُكَلَّفين

- ‌[المسألة الأولى] :أنّ سؤال الملكين يقع عن ثلاثة أشياء:أولاً: عن ربه.ثانيا: عن دينه.ثالثا: عن نبيه

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :لا يُشْتَرَطُ في العالم أنْ لا يُخْطِئ

- ‌[المسألة الثانية] :عقيدة خَتْمْ الوَلَايَةَ

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة التاسعة] :الكرامة إذا أعطاها الله عز وجل الولي فإنَّهُ ليس معنى ذلك أنَّهُ مُفَضَّلٌ وأعلى منزلة على من لم يُعْطَ الكرامة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَلَا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ)

- ‌قوله (والفُرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً) :

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :عِظَمِ شأن الدعاء

- ‌الأسئلة:

الفصل: ‌[المسألة الأولى] :أن التفضيل بين الأنبياء جاء به النص كما قال عز وجل {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} [

[المسألة الأولى] :

أنَّ التفضيل بين الأنبياء جاء به النص كما قال عز وجل {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [

البقرة:253] ، والرسل كثيرون وأفضلهم أولو العزم من الرسل وهم خمسة: نوح ثم إبراهيم، -يعني في الزمان- نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وقد جاء ذكرهم في سورتي الأحزاب والشورى.

وهؤلاء الخمسة أفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد فُضِّل إبراهيم بالخُلّة {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء:125] ، والله عز وجل جعل محمدا صلى الله عليه وسلم خليلاً له، فَفَضْلُ إبراهيم جاء لمحمد صلى الله عليه وسلم، وفُضِّل موسى بالتكليم ومحمد صلى الله عليه وسلم أيضا مُكَلَّمْ كما في حديث المعراج.

ص: 96

[المسألة الثانية] :

أنَّ الفضل والتفاضل والتخيير بين الأنبياء له حالتان: حالة عامة وحالة خاصة.

- فالحالة العامة:

يجوز فيها ذلك بمعنى أن يقال محمد صلى الله عليه وسلم أفضل المرسلين سيد المرسلين، أشرف الأنبياء والمرسلين.

- وأما في مقابلة نبي بحسب شخصه في مقابلة نبي بذاته:

فهذا يكون خصوص فلا يجري التفضيل على وجه الاختيار، ولهذا جاء في السنة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعَقون يومَ القِيامةِ فأكونُ أولَ مَن يُفِيقُ، فإِذا أنا بموسى آخذٌ -أو قال باطش- بقائمةٍ من قوائم العرشِ، فلا أدرِي أأفاقَ قبلي أم جُوزِيَ بصَعقةِ الطّور)(1) فقوله صلى الله عليه وسلم هنا (لا تخيروني على موسى) وفي رواية (لا تفضلوني على موسى)(2) دلّ على عدم جواز التفضيل الخاص.

(1) مسلم (6302)

(2)

البخاري (3414) / مسلم (6300)

ص: 97

[المسألة الثالثة] :

أنَّ هذا البحث وهو بحث التفضيل بين الأنبياء جاءت فيه أحاديث، منها هذا الحديث (لا تفضلوني على موسى) ، (لا تخيروني على موسى) ، ومنها حديث عام (لا تَخَيَّرُوا بين الأنبياء)(1) ، ومنها حديث خاص بيونس عليه السلام وهو قوله صلى الله عليه وسلم (لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متّى)(2) وفي رواية قال (من قال أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب)(3)، وهذا اختلفت فيه أنظار العلماء في الجمع بين هذه الأحاديث والتفضيل وما جاء في القرآن من قوله تعالى {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة:253] ، وأحسن الأجوبة على ذلك أن يقال:

1 -

أولا:

أنَّ قوله (لا تخيروني على موسى) هذا قاله لسبب قصة وردت، وهو أنَّ اليهودي والمسلم اختلفا فافتخر اليهودي على المسلم بموسى، والمسلم ردّ على اليهودي ولطمه؟

فإذاً يكون النهي إذا كان التفضيل الخاص جاء على جهة العصبية والحمية والفخر، ولهذا جاء في الحديث (أَنَا سَيّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ)(4) ، فدلّ على أنَّ التفضيل إذا كان مورده الفخر والعصبية فإنه يمنع منه.

2 -

ثانياً:

أنَّ جهات الفضل متنوعة، والتفضيل من جهة الجنس؛ جنس الفضائل سائغ، ومن جهة كل فَضيلة بحسبها متعدد، ولهذا يقال إنَّ تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم من جهة مجموع الفضائل، ولا يُنَصَّ على أَنَّهُ أفضل من غيره من الرسل في كل فضيلة عند جميع الرسل؛ يعني من حيث النظر العام.

3 -

ثالثاً:

أن يقال إنَّ التفضيل بين الأنبياء لا حاجة إليه؛ لأنَّ الأنبياء والرسل رسالتهم واحدة، والله عز وجل وَصَفَ المؤمنين بأنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله، والرسل وَصَفَهُم النبي عليهم الصلاة والسلام بقوله (الأنبياء إخوة لعلات الدين واحد والشرائع شتى)(5) ، وتَوَلِّي الرسل جميعاً فرض، ومحبتهم جميعاً فرض، فإذاً الدخول في التفضيل دخول فيما لا طائل تحته، فالواجب أن يُبْقَى في ذلك على النص وهو ما ذكرناه أولاً من التفضيل العام دون التفضيل الخاص.

أما قوله صلى الله عليه وسلم (من قال أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب) فهذا لأجل أَنَّ بعض الناس قد يظن أَنَّ يونس عليه السلام فعل ما يُلامُ عليه، وأَنَّهُ عُوقِبَ بأن كان في البحر وفي بطن الحوت، ثم قال:{لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] ، فقال إنَّ هذه الكلمة ربما تكون لمن فعل شيئاً يُلَامُ عليه وعوقب، فقال: إنَّ يونس بن متّى قالها لأنَّهُ فَعَلَ ما فعل.

وهذا في الحقيقة غلط؛ لأنه لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متّى، كما قال صلى الله عليه وسلم، فيَتْرُكْ الدعاء بهذا الدعاء العظيم {لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} ، فهذا قد دعا به آدم عليه السلام، ودعا به موسى عليه السلام، ودعا به غيرهما من الأنبياء والمرسلين.

فإذاً هذا الدعاء وحال يونس بن متّى ليس فيها نص في حقه عليه السلام أعني يونس بن متّى عليه السلام، فإذاً لا ينبغي أن يقال إنَّ فلانا أفضل من يونس من جهة الاستحباب، لا ينبغي أن يقال ذلك، يعني لا ينبغي أن يقال إن محمداً أفضل من يونس بن متّى على جهة الاستحباب، والدليل دلّ على عدم الجواز فيمن يقوله لنفسه فلا يجوز لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متّى. والنبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك، وهو أكمل الخلق عليه السلام.

هذا البحث ربما لم تظهر حاجتُه لكن بحَثَه العلماء في هذا الموضع؛ لأنَّ هناك مِن مَن يعتقد الكمال في الوَلاية من يظن أنّ حالتَه أرفع من حالة يونس بن متّى عليه السلام.

(1) البخاري (4638)

(2)

البخاري (3395) / مسلم (43)

(3)

البخاري (4604) / الترمذي (3245) / ابن ماجه (4274)

(4)

سبق ذكره (95)

(5)

سبق ذكره (4)

ص: 98

قال رحمه الله بعد ذلك (وحَبيبُ ربِّ العالَمين)

فوصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنّه (حَبيبُ ربِّ العالَمين) ، والمحبة، محبة رب العالمين، محبة الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه متحققة، وإنما نُظِرَ في مسألة الخُلَّة.

والمحبة لفظ عام يدخل تحته مراتب في اللغة، وأعلى مراتب المحبة الخلّة.

فالتعبير بـ (حَبيبُ ربِّ العالَمين) عند المصنف مال إليه لأجل ما ورد في بعض الأحاديث (أنّ إبراهيم عليه السلام خليل الله ومحمد حبيب رب العالمين)(1) .

والجواب أنَّ الاقتصار على مرتبة المحبة العامة للنبي صلى الله عليه وسلم هذا قصور؛ لأنَّهُ صلى الله عليه وسلم هو حبيب رب العالمين وهو خليل رب العالمين أيضاً.

فإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن كما قال عز وجل {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء:125] ، وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم خليل الله كما ثبت ذلك في السنة، قال صلى الله عليه وسلم (لَوْ كُنْتُ مُتّخِذاً أحدًا خَلِيلاً لَاتّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، إِنّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الرحمن -أو قال خَلِيلُ اللهِ-)(2) فدل هذا مع أحاديث أُخَرْ في الباب على أنَّ المحبة ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم، وفوقها مرتبة الخلة ثابتة له صلى الله عليه وسلم.

إذا تبين ذلك ففي هذه الجملة مسائل:

_________

(1)

الترمذي (3616) / سنن الدارمي (47)

(2)

مسلم (1216) / ابن ماجه (141)

ص: 99

[المسألة الأولى] :

أنَّ المحبة بمراتبها التي تضاف إلى رب العالمين عز وجل إنما هي ما ورد.

- وبعض الناس غَلَوْا في ذلك فوصفوا الله عز وجل بكل مراتب المحبة، وهذا باطل وغلو.

- وبعضهم جفا كالجهمية والمعتزلة ومن نحا نحوهم فنفوا المحبة بمعناها الظاهر وما يكون من مراتبها؛ فنفوا حقيقة محبة الله لعبده ونفوا حقيقة اتخاذ الله عز وجل لعبده خليلاً، وأوَّلوا ذلك كما سيأتي في مواضعه في بيان أصولهم في الصفات.

وأهل السنة والجماعة بين هاتين الطائفتين فلم يغلو في المحبة؛ يعني في محبة الله لعبده ولم يكونوا من الجفاة في ذلك، بل سلكوا الأصل الذي أصَّلُوهُ وأنَّ هذه المسائل تبع لما ورد في النصوص.

فمن المراتب، مراتب المحبة التي جاءت في النصوص وتُثبت لله عز وجل:

- الإرادة الخاصة التي هي بمعنى المحبة.

- والمحبة بلفظها.

- والمودة.

- والخلة.

وما ثبت من غير ما ذكرت هذه التي أذكرها الأربعة: إرادة، المحبة، المودة، الخلّة.

ص: 100

[المسألة الثانية] :

أنَّ من ألفاظ المحبة التي هي من مراتبها لفظ (العشق) .

وهذا اللفظ استعمله طائفة من أرباب السلوك فيما بين العبد وبين ربه، فقالوا:

إنّ الله يُعشَقُ ويَعْشَقْ، وقالوا: إنني -يعني المتكلم الذي تَكَلَّمَ- أعشق الله عز وجل.

ولفظ العِشْقْ هو من مراتب المحبة -كما هو معلوم-؛ ولكنه يُمْنَعْ في إطلاقه من العبد على ربه ومن الرب للعبد، وذلك لأمور:

1 -

الأول: أنّ لفظ العشق لم يرد في النصوص لا في الكتاب ولا في السنة، لا من جهة العبد لربه ولا من جهة الرب لعبده، فيمتَنِعُ إطلاق هذا اللفظ واستعماله في المحبة لأجل الاتّباع.

2 -

الثاني: -وهو تعليل لفظي أيضا- أنَّ لفظ العشق إنما تستعمله العرب فيما إذا كان لصاحبه شهوة في المعشوق، ومعلوم أنّ الشهوة إنما تكون لمن يَنكِح أو يُنكَح يعني للرجل أو المرأة.

فإذاً استعمال اللفظ في حق الله عز وجل ممتنع لفظاً؛ لأنه لا يستعمل هذا اللفظ إلا في ذلك المعنى.

3 -

الثالث: في رد لفظ العشق واستعماله- من جهة المعنى، وهو أَنَّ العشق فيه من جهة العبد، أو في إطلاقه على من وُصِفَ به فيه تعلُّق بالإرادة وبالإدراك.

فلا عشق يحصل إلا وهو مُؤَثِرٌ في الإرادة بإضعافها ومؤثر في الإدراك بحصول خلل فيه.

ولهذا أجمع أهل اللغة في أنَّ معاني العشق لابد أن يكون في آثارها ما هو نوع اعتداء:

إما على النفس، وإما على الغير.

- اعتداء على النفس بإضعاف الإدراك أو بإضعاف الإرادة.

- واعتداء على الغير بأنه لو أشعره بذلك فتعاشقا لصار عنده ضعف في الإدراك وضعف في الإرادة.

والله عز وجل لا يجوز أنْ يُقال في محبته إنها تُنْتِجُ ضعفاً في الإرادة أو ضعفاً في الإدراك؛ بل محبة الله عز وجل تبلغ بالعبد -يعني محبة العبد لربه- تبلغ بالعبد كمال الإرادة المطلوبة المحمودة وكمال الإدراك المطلوب المحمود؛ يعني في الإيمان، ولهذا امْتَنَعْ أنْ يوصف الله عز وجل بأنه يعشق عبدَه أو أن العبد يعشق ربَّه.

ص: 101

قال رحمه الله بعدها (وكُلُّ دَعْوى النُّبوةِ بَعدَهُ فَغَيٌّ وَهَوى، وَهُو المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّة الوَرَى بالحقِّ والهدى، وبالنُّور والضِّياء)

وهذا فيه تقرير أنًّ كل دعوى للنبوة بعده صلى الله عليه وسلم فهي ضلال وكذب كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان (وَإِنّهُ سَيَكُونُ بعدي كَذّابُونَ ثَلَاثُونَ كُلّهُمْ يَزْعُمُ أَنّهُ نَبِيّ، وإنه لا نَبِيّ بَعْدِي)(1) فكل دعوى للنبوة كذب ولا شك؛ للإجماع المنعقد على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم كما ذكرت لك من قبل.

قوله (وَهَوى) يعني أنها ناشئة عن الهوى وليس ثَمَّ شبهة فيها، يعني من ادَّعَى النبوة فلا شبهة له، وإنما هي هوىً مُجَرَّدْ فلن ينزل عليه وحي ولن يكون معه معجزات -معجزات نبوة من عند الله- وإنما هي هوى، وقد يُسَخِّر الشياطين لنفسه فتعينه ببعض الخوارق إلى آخر ما ذكرنا في البحث السابق في الدرس الماضي.

(دَعْوى النُّبوةِ بَعدَهُ صلى الله عليه وسلم فَغَيٌّ وَهَوى) يعني وكفر.

والذي يَدَّعِي أَنَّهُ نبي أو أنه يُوحَى إليه أو أنه رسول فإنه كافر يجب قتله.

وهل يستتاب فتقبل توبته إن تاب؟

هذا مبني على خلاف العلماء في قبول توبة الزنديق.

والذي يُرَجَّحُ في هذا أنه لا تُقْبَلُ توبته ظاهراً، فإن كان صادقاً في الباطن فإنَّ الله عز وجل يقبل توبته، لكن ظاهراَ لا تُقْبَلُ توبته بل يجب قتله.

وهذا هو الراجح وهو الصحيح، فيُقْتَلُ لما ادَّعَاهُ من النبوة ولو قال إني تبت ظاهراَ.

وذلك لأنه قد يَدَّعِي ثانٍ وثالث ورابع وخامس كل يَدَّعِي النبوة والرسالة ثم يقول: تبتُ فيكون في ذلك خلل في الأمة.

فإذاً الزنديق الذي يُظْهِرُ الكفر، يسب الله عز وجل أو يسب رسوله صلى الله عليه وسلم أو يَدَّعِي النبوة أو أشباه هذه الأشياء أو يَدَّعِي الوحي، فهذا يُقْتَلُ على كل حال ولا تقبل توبته.

الجملة الأخيرة قال رحمه الله (وَهُو المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّة الوَرَى بالحقِّ والهدى، وبالنُّور والضِّياء)

قوله (وَهُو المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّة الوَرَى) يعني أنه صلى الله عليه وسلم هو المبعوث إلى الجن والإنس أجمعين.

وبعثته صلى الله عليه وسلم للإنس والجن جميعاً ذَكَرَ عدد من أهل العلم الإجماع عليها، فنُقل عن ابن عبد البر وعن ابن حزم في [الفِصَل] أنهم ذكروا الإجماع على عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم للجن والإنس، وذكرها تقي الدين السُبْكِي أيضا في رسالة خاصة في عموم رسالته صلى الله عليه وسلم.

والدليل على ذلك - يعني على عموم بعثته - الدليل على قول المؤلف (وَهُو المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّة الوَرَى) أدلة كثيرة من القرآن ومن السنة:

فمن القرآن:

1 -

الدليل الأول:

قوله عز وجل {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:19] ، والإنذار بلغ الجن كما في آيات أخر، فإذاً هو نذير للجن وللإنس.

2 -

الدليل الثاني:

قوله عز وجل {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان:1] ، والعالَمُون اسم لكل ما سوى الله عز وجل، وخرج من ذلك الملائكة على الصحيح كما سيأتي، فيكون من العام المخصوص، والعام المخصوص دالّ على ما بقي بعد التخصيص كما هو معلوم، فيكون كل الجن والإنس داخلين في لفظ العالمين ولم يُستثنوا ولم يخرجهم دليل فيبقون داخلين في عموم النِّذارة.

وهذا الدليل أعْتُرِضَ عليه بأن قوله عز وجل {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} لأنَّ هذا هو القرآن وليس هو بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا وإنْ كان وجها لاحتمال رجوع الضمير في قوله (لِيَكُونَ) للقرآن في قوله في أوله (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ- يعني القرآن- لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) فهذا الوجه وإن كان محتملاً؛ لكنه خلاف الأَولَى، والأَولَى عند أهل العربية أَنَّ الضمير يرجع على أقرب مذكور وهو قوله {عَلَى عَبْدِهِ} ، (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ -عبدُه- لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) .

3 -

الدليل الثالث:

قوله عز وجل في سورة الأحقاف {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [الأحقاف:29-30] ، إلى آخر الآيات.

4 -

الدليل الرابع:

قوله عز وجل {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن] يعني للجن وللإنس.

5 -

الدليل الخامس:

قوله عز وجل {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن:1-2] ، وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس جميعاً دلَّت عليها هذه الأدلة.

قال بعض العلماء إنها في القوة وفي عدم الاعتراض ممن خالف مُرَتَّبَة في قوتها بحسب ترتيب المصحف، فأقواها آية الأنعام، ثم آية الفرقان، ثم الأحقاف ثم الرحمن ثم آية الجن، وهذا وجيه.

والأدلة من السنة أيضاً على عموم بعثته صلى الله عليه وسلم للجن والإنس كثيرة معروفة، منها:

قوله صلى الله عليه وسلم (كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبُعِثت للناس كافة)(2) على لغة من يُدخل الجن في لفظ الناس، وسيأتي زيادة بيان لذلك.

وثبت أيضاً في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال (بعثت للأحمر والأبيض)(3) قال بعض العلماء يدخل في قوله الأحمر الجن لأنهم مخلوقون من نار، والنار صائرةٌ إلى الحمرة أو لونها مائل إلى الحمرة.

وغير ذلك من الأدلة التي تدل على عموم بعثته صلى الله عليه وسلم للجن والإنس.

أما عموم بعثته صلى الله عليه وسلم للإنس جميعاً، للناس جميعاً فثَمَّ آيات كثيرة.

إذا تبين ذلك في معنى قول المصنف وفي دليله، وأنَّ هذه المسألة ذَكَرَ عليها غير واحدٍ الإجماع فثمَّ في هذه الجملة مسائل:

_________

(1)

سبق ذكره ص (89)

(2)

البخاري (335) / النسائي (432)

(3)

لم أجده بهذا اللفظ وإنما وجدت (بعثت إلى كل أحمر وأسود) وهو في مسلم (1191)

ص: 102

[المسألة الأولى] :

أنَّ قوله عز وجل {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} [الأنعام:130] قوله {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} هذا على جهة التغليب لأنَّ الجن والإنس اجتمعا في شيء وافترقا في أشياء.

فاجتمعا في التكليف، فلذلك صحَّ أن يشتركا في التثنية {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} لاشتراكهما في أصل التكليف {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون ِ} [الذاريات:56] والاشتراك في الجنس ولو اختلف النوع فإنه يُبقي الدلالة الأغلبية صحيحة.

وقال بعض السلف: إنَّ الجن يكون منهم رسل.

ولكن هذا القول ضعَّفَهُ جماعة كثيرون من أهل العلم من التابعين فمن بعدهم.

قال ابن عباس رضي الله عنه (الرسل من الإنس ومن الجن النُّذُر)(1) .

أخذ هذا من قوله تعالى {فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:29] .

(1) تفسير ابن كثير (الأنعام:130)

ص: 103

[المسألة الثانية] :

أنَّ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قيل فيها إنها تشمل الملائكة، وذلك لعموم قوله {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} وهذا ليس بجيد، هذا القول ليس بجيد؛ بل يترجح أنّه غلط وذلك لأمور:

1 -

الأول:

أنّ قوله عز وجل {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} هذا فيه الإنذار، والملائكة مقيمون على عبادة الله عز وجل وعلى توحيده وعلى تسبيحه كما قال صلى الله عليه وسلم (أَطّتْ السّمَاءُ وَحُقّ لَهَا أَنْ تَئِطّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ إِلاّ وَمَلَكٌ قائم أو مَلَكٌ سَاجِد أو مَلَكٌ راكع)(1) فالملائكة موحدون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، الملائكة عُبَّادْ لله عز وجل، الملائكة متقربون إلى لله عز وجل، ومن كانت هذه حاله فلا يصلح له الإنذار.

ولهذا قوله عز وجل {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} ليس فيه دليل لمن ذهب إلى أنّ بَعثة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للجميع؛ لأن الآية فيها تعليق بالإنذار والملائكة لا يُنْذَرُون.

2 -

الثاني:

أنَّ الملائكة جنسُهم أو نقول منهم من أتى بالرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو جبريل عليه السلام، وأمَرَهُ أن يُبَلِّغها للناس، ودخول الآمِرْ في مثل هذا في الأمر يحتاج إلى دليل؛ لأنّ الأصل أنّ الآمِرْ إذا أَََمَرَ غيره فإنه لا يدخل في الأمر، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يُعلن الرسالة للناس جميعا بل للثقلين، فإدخاله -إدخال جبريل- عليه السلام يحتاج إلى دليل.

3 -

الثالث:

أنّ الملائكة {يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى:5]، {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:7] ، وهم أنصار الأنبياء يُرْسِلُهُم الله عز وجل إليهم لنصرتهم وهم أولياؤهم، وهذا يدل على أنهم خارجون عن الاتِّباع؛ لأنهم لو كانوا تابعين لصارت نصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين مُتَعَيِّنَة بلا أمر لأجل عَقْدِ نُصْرَةْ الرسالة.

قال هنا (المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّةِ الوَرَى) ، (وكَافَّةِ) هذه في إضافتها للورى - الوَرَى يعني الناس- صحيحة، وجاءت في لغة قليلة عن العرب، واستعملها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي صحيحة، خلافا لمن قال إنَّ (كَافَّة) لا تُسْتَخْدَمْ إلا منصوبة على وجه الحال - يعني أن تكون حالاً - كما قال عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبإ:28]

فالأصل أن تكون منصوبة حال، ويجوز أو في لغة قليلة استُعْمِلَتْ مضافة.

قوله (بالحقِّ والهدى، وبالنُّور والضِّياء) هذه الأربع أوصاف وأسماء للقرآن.

وبهذا نختم هذا الدرس.

أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم.

مباحث النبوة سبق أن ذكرنا لكم أنها لم تُجْمَع في كتاب عام لكل مباحث الأنبياء تعريف النبي والرسول والمعجزات والبراهين وختم النبوة والرد على المخالفين في كل ما يتعلق بالنبوات، ولا شك أنَّ الحاجة داعية إلى ذلك، فهذه مباحث قد لا توجد في كتاب مجموع، لهذا حبذا لو يتوجه إلى هذا البحث بجمع كل مسائل النبوة، بعض طلبة العلم حتى يكون تناوله يسيرا في أيدي إخوانهم من طلبة العلم.

نكتفي بهذا القدر.

(1) الترمذي (2312)

ص: 104