الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسئلة:
س1/ قال بعض أهل العلم إنه لا يُسْتَعَانُ بالجن لا مسلمهم ولا كافرهم، وذكر أَنَّ الجن يُخْبِرُونَ أَنَّهُمْ مسلمون فهذا لا يُصَدَّقْ؛ لأنه من علم الغيب فنؤمن أنه من الجن من هو مسلم وكافر، إلى آخره؟
ج/ الاستعانة بالجن حرام سواءٌ كانت استعانة بالجني الكافر الشيطان أم بالجني المسلم، وذلك لعدة أدلة:
1 -
الدليل الأول: أنَّ استمتاع الجني بالإنسي والإنسي بالجني محرمٌ في نصوص الكتاب والسنة وأنه لا يُسْتَثْنَى من ذلك، لم يرد الدليل بالاستثناء ولا بالتخصيص، فبقاء الأمر على عمومه بما يشمل الجميع هذا هو الأصل وهو المتَعَيِّن.
2 -
الدليل الثاني: أنَّ الجن لهم قُدَرْ كما هو معلوم وأنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان منهم مسلمون كثير أسلموا، قال عز وجل {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن:1] إلى أن قالوا {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن:11]، وكذلك قوله {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن:14] ، وكذلك في آخر سورة الأحقاف {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأحقاف:30] .
فالجن في زمن النبوة كان منهم من صَحِبَ النبي صلى الله عليه وسلم وأسْلَمَ على يديه، وعندهم من القُدَرْ ما ليس عند غيرهم، وقد مضى زمن النبوة بأزمان ولم يَسْتَعِنْ النبي صلى الله عليه وسلم بالجن، ولم يَسْتَعِنْ الصحابة بهم وقد واجهتهم أشياء.
فهذا الدليل وهذا الإجماع أعظم وأبْلَغْ مما يُسْتَدَلْ به على أَنَّ هذا الأمر من البِدَعْ لأنَّهُ لم يكن في زمن السلف.
هذه المسألة أظهر وأبلغ لأنهم لم يستخدموا ذلك ولم يستعينوا بهم لا بمسلمهم ولا بكافرهم.
وهذا له سبب، وهو أنَّ الجني إذا زَعَمَ أَنَّهُ مسلم فإنَّ إثبات إسلامه وإثبات صلاحه متوقِفٌ على أمر باطن لا يَطَّلِعْ عليه الإنسان، فأنت بالظاهر تحكم على الرجل إذا قابلك والجن منهم رجال ومنهم نساء {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ} [الجن:6] ، تَحْكُمْ عليه بالظاهر من هيئته وشكله على أنه مسلم ونحو ذلك، والجن لا تعلم صدقهم ولا تعلم حقيقة ما ادَّعَوا فبقي الأمر على الأمْرْ المُغَيَّبْ.
ولهذا قال أهل العلم إنَّ رواية الجن للأحاديث ضعيفة، فلو أَتَى جني وروى بالإسناد وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وهذا يقول أنا مسلم والثاني يقول أنا مسلم في الإسناد فعند أهل الاصطلاح بَحَثُوا رواية الجن وقالوا: إنها ضعيفة لأنَّ الجن مجاهيل، حتى ولو قال أنا مسلم فلا يُصَدَّقْ في خَبَرِهِ.
3 -
الدليل الثالث: أنَّ فتح باب الاستعانة هذا هو فتحٌ لباب الشرك بالله عز وجل، فيجب سَدُّهُ، وهو أولى من سَدِّ بعض أنواع ذرائع الشرك.
فالشريعة حَرَّمَتْ البناء على القبور لئلا يكون وسيلة لتعظيم أصحابها، وجاء تحريم بعض وسائل الشرك لئلا يكون وسيلة، بعض وسائل البيوع المحرمة لئلا يكون وسيلةً إلى الربا وهكذا، والاستعانة بالجن الذين يُجْهَلُونَ ولا يُعْلَمْ حقيقة الحال، الاستعانة بهم لاشك أنَّهُ ذريعة لأن يأمر الجني الإنسي إذا فُتِحَ الباب أن يأمره بالتَّقَرُّبْ أو ببعض الأشياء.
وقد بَلَغَنِي بيقين عن بعض من يتعاطى القراءة وهو من الجَهَلَة، ليس من أهل العلم ولا من طلبة العلم ممن فَتَحَ هذا الباب فسَيْطَرَ عليه الجن وهو لا يعلم في هذا، وأصبح يأمرونه بأشياء وينهونه عن أشياء، وربما أَذَلُّوهُ في بعض الأمور، فَسَدُّ الذريعة في هذا واجبٌ ولا يجوز التساهل به.
وق استدل بعض من قال بجوازه ببعض التعبير، بعض العبارات عن شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كتاب النبوات وفي الفتاوى معلومة كلام ابن تيمية في الموضوع؛ لكن شيخ الإسلام لا يريد بما قال إباحة الاستعانة، وإنما بَحَثَ في حال المسلم مع الجني، فقال في أوله (وأولياء الله لا يُعَامِلُونَ الجن إلا بأمرهم الشرع ونهيهم عن ضده، كما كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) .
ثُمَّ ذكر الحال الثالثة: أنه قد يعرض الجني للإنسي في أَمْرٍ يُعِيْنُهُ فيه هذا لا بأس به.
فيُحْمَلْ كلامه على أنه في حالة -لأن بعض السلف فعلها- في حالة أنَّهُ يَعْرِضْ له.
مثلاً يأتيه ويقول أنا أيقظك لصلاة الفجر، أو يضيع من الطريق مثل ما حصل للإمام أحمد، قد يكون من الملائكة وقد يكون من الجن الله أعلم؛ لكن يقول الطريق من هاهنا فيتبعه.
هذا ليس استعانة ليس طلباً للعون، وإنما هو إرشاد، وهذا الإرشاد مُتَوَقِّفْ على صدق المُرْشِدْ وعلى كذبه.
يعني ليس هو استعانة طلب للعون.
هو يقول له مثلاً: هو كذا أو الطريق من هنا أو هذا الشيء في الفلاني من دون أن يطلب.
وهذا خبر قد يكون صادقاً وقد يكون كاذباً.
واختبار الخبر لا ما نع منه، يختبر هل هو صادقٌ فيذلك أم لا.
المقصود هذه المسألة لا تتساهلوا فيها، لا في هذا الوقت ولا فيما بعده؛ لأني أخشى أن ينفتح علينا ذرائع الشرك ووسائل البدع من جَرَّاءِ القراء الجهلة الذين فتحوا باب الاستعانة بالجن في هذا الباب.
ولأجل طول الجواب نكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
س2/ ما ذكروه عن عمر رضي الله عنه أنه كان يَسِمُ إبل الصدقة، ثم الصحابة سَأَلُوا عنه فقالوا إنَّ امرأة معها قرين، فأخبرته، فأخبرهم الجني أَنَّ عمر كان يسم إبل الصدقة، ذكره بعض العلماء الأثر؟
[الشيخ] : لا أدري ما المقصود.
[السائل] : يعني هنا الصحابة استعانوا بهذا القرين في البحث عن عمر رضي الله عنه فأخبرهم أنه كان يسم إبل الصدقة، وهذا ذكره الشيخ ابن عثيمين في القول المفيد، فما رأيك هل هو طلب أو خبر؟
الشيخ: لا أعرف، هذا يحتاج إلى إثبات أولاً ثُمَّ هذا قد يُحْمَلْ على أنَّهُ خبر لكن ما نُعَارِضْ.
فيه شُبَهْ أكثر من هذا من الأفعال، لكن ما نعارض الأصول الشرعية.
لماذا لم يُسْتَخْدَم في عهد النبوة؟
فيه مسائل في التوحيد لو نأخذ بعض المسائل هي أيضاً تؤثر على كثير.
لا نأخذ شيئاً لا يُعْرَفْ، يجب في المشتبهات هذه أن تُحْمَلْ على المُحْكَمْ، المُحْكَمْ هو الأصل ونرد له المشتبهات.
كون حادثة حدثت لا تدري عن تأويلها لأنَّ حكايات الأفعال لها عدة توجيهات وعدة أحوال، ما تدري هذه تُوَجِّهُهَا بكذا ولا تُوَجِّهُهَا كذا.
ومن قال أنها تُوَجَّهْ إلى الاستعانة فقط هذا يحتاج إلى استدلال.
هل هم طلبوا العون؟ أو أُخْبِرُوا؟ وش الحال في الحقيقة؟
فما نحكم على فعل الصحابة بمناقَضَةْ حال النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا في ما لو كان يعني فعلهم حجة في هذا، ومعلوم أنَّ أقوال الصحابة فيها نظر في الاحتجاج، فكيف بأفعالهم إذا خالفهم (1)
…
(1) نهاية الشريط التاسع والأربعين.