المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله - شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

[صالح آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَلا شيءَ مِثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ)

- ‌ قوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ)

- ‌قوله (وَلا إلهَ غَيْرُهُ)

- ‌[المسألة الرابعة] :في إعراب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء)

- ‌[المسألة الثانية] :ما ضابط كون الاسم من الأسماء الحسنى

- ‌ قوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ)

- ‌قوله (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ)

- ‌ قوله (لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْرِكُهُ الأفْهَامُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قولَه (وَإِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ المصطَفى، ونبيُّه المجْتَبى، ورَسُولُهُ المُرْتَضَى)

- ‌[المسألة الثالثة] :نبوة الأنبياء أو رسالة الرسل بما تَحْصُل؟ وكيف يُعْرَفُ صدقهم؟ وما الفرق ما بين النبي والرسول وبين عامة الناس أو من يَدَّعِي أَنَّهُ نبي أو رسول

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وإنَّه خَاتِمُ الأنبياءِ)

- ‌[المسألة الرابعة] :أنَّ ادِّعَاء الوحي كفر كدعوى النبوة، وهذا باتفاق أهل السنة

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ التفضيل بين الأنبياء جاء به النص كما قال عز وجل {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الخامسة] :أنَّ رؤية المؤمنين في الجنة لربهم عز وجل عامة بالإنس والجن، للرجال وللنساء، وللملائكة أيضاً

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة

- ‌قوله (فَإِنَّ رَبَّنَا عز وجل مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الْفَرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَرِيَّةِ

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :متى وقع الإسراء والمعراج

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ الحوض دلَّ عليه القرآن باحتمال، ودلَّت عليه السنة بقطع:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالشَّفَاعَةُ الَّتِي ادَّخَرَهَا لَهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ حَقٌّ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالْعَرْشُ

- ‌ قوله (وَفَوْقَهُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الخامسة] :الإيمان بالملائكة تَبَعٌ للعلم، وكلما زَادَ العِلْمُ بالعقيدة وبالنصوص زَادَ الإيمان بالملائكة لمن وفَّقَهُ الله

- ‌ الأسئلة

- ‌[المسألة الثانية] :الأنبياءُ والرُّسُلُ درجات في الفضل والمنزلة عند الله

- ‌[المسألة الخامسة] :من كَذَّبَ برسول بعد العلم به فإنه مُكَذِّبٌ بجميع الأنبياء والمرسلين

- ‌(وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ)

- ‌ الأسئلة

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الحادية عشرة] :قوله (وَلَا نَقُولُ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ) هذا فيه مخالفة للمرجئة

- ‌الأسئلة:

- ‌نَرْجُو لِلْمُحْسِنِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِمْ، وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نُقَنِّطُهُمْ

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ الرجاء للمحسن بالعفو وعدم الأمن والاستغفار للمسيء والخوف عليه، هذا عقيدة يتعامل بها المرء مع نفسه وكذلك مع المؤمنين:

- ‌[المسألة الثانية] :الرجاء للمحسن من المؤمنين بالعفو هذا يشمل كل أحد حتى من لم يَعْرِفْ لنفسه ذنباً

- ‌[المسألة الثالثة] :الجمع ما بين الرجاء للمحسن والاستغفار للمسيء هذا تَبَعْ لأصل عظيم وهو الجمع في العبادة ما بين الخوف والرجاء

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثالثة] :الله عز وجل وليٌّ للعبد، والعبد أيضاً وليٌّ لله عز وجل

- ‌[المسألة الرابعة] :الأولياء قسمان فيما دَلَّتْ عليه الأدلة:- مقتصدون.- وسابقون مُقَرَّبون

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة

- ‌[المسألة الخامسة] :من لم يُغْفَرْ له ممن لم يتب فإنه يُشتَرَطُ لعدم خلوده في النار شرطان:

- ‌[المسألة السادسة] :الخلود في النار نوعان: خلودٌ أمدي إلى أجل، وخلودٌ أبدي

- ‌قوله (اللَّهُمَّ يَا وَلِيَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ ثَبِّتْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ)

- ‌[المسألة الثالثة] :قوله (خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ) هذا إذا كان إماماً مُرَتَّبَاً، ولم يكن بوسع المرء أن يختار الأمثل

- ‌الأسئلة

- ‌[المسألة الرابعة] :أننا مع ذلك كله فإننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :لفظ الأئمة وولاة الأمور مما جاء به الكتاب والسنة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :قوله (إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) هذا المقصود منه إلى قرب قيام الساعة

- ‌[المسألة الخامسة] :في قوله (أَرْوَاحِ الْعَالَمِينَ) لفظ (الْعَالَمِينَ) يريد به هنا من له رُوحْ من المُكَلَّفين

- ‌[المسألة الأولى] :أنّ سؤال الملكين يقع عن ثلاثة أشياء:أولاً: عن ربه.ثانيا: عن دينه.ثالثا: عن نبيه

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :لا يُشْتَرَطُ في العالم أنْ لا يُخْطِئ

- ‌[المسألة الثانية] :عقيدة خَتْمْ الوَلَايَةَ

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة التاسعة] :الكرامة إذا أعطاها الله عز وجل الولي فإنَّهُ ليس معنى ذلك أنَّهُ مُفَضَّلٌ وأعلى منزلة على من لم يُعْطَ الكرامة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَلَا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ)

- ‌قوله (والفُرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً) :

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :عِظَمِ شأن الدعاء

- ‌الأسئلة:

الفصل: الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً، أما بعد:

نأخذ بعض‌

‌ الأسئلة

.

الأسئلة:

س1/ ما هو تعريف الشّرك الأصغر؟ وما هي الضوابط التي منها يمكن الحكم على القول أو الفعل أنه شرك أصغر؟

ج/ الشرك بجميع أنواعه سواءٌ الشّرك الأكبر أم الأصغر أم الخفي يشترك في كونه تنديداً مع الله عز وجل، وهذا التنديد يعني أن يُجعَلَ لله نداً فيما هو له عز وجل، يختلف من جهة الدليل، فمنه ما هو شرك أكبر، ومنه ما جاء في الدّليل أنه شرك؛ لكن لم يُجعل شركاً أكبر، وجاء في بعض الأحاديث تسمية بعض أنواعه الشرك الخفي، وسَمّاه العلماء الشرك الأصغر تمييزاً بينه وبين الأكبر.

اختلفوا في ضابطه مع اتفاقهم على أنّ الشرك الأكبر هو دعوة غير الله معه، هو عبادة غير الله جل جلاله، أو أنْ يُجْعَلَ لله نِدًّا سبحانه وتعالى فيما هو من خصائصه عز وجل، وأعظمها العبادة؛ يعني استحقاق العبادة.

اختلفوا في الشرك الأصغر في تعريفه على أقوال عند أهل العلم وفي ضبطه:

القول الأول: إنَّ الشرك الأصغر هو كل شرك أو عمل يكون وسيلة للشرك الأكبر، فما كان وسيلة وطريقاً إلى الشّرك الأكبر فيكون شركاً أصغر، وقد نحا إلى ذلك عدد من أهل العلم منهم الشيخ عبد الرحمن السعدي في حاشيته على كتاب التوحيد. (1)

والقول الثاني: وهو قول عامة أئمة الدعوة، وكذلك يُفْهَمْ من صنيع ابن القيم وابن تيمية رحمهم الله أنه يذهبون إليه، هو أنَّ الشرك الأصغر كل ذنب سمَّاهُ الشارع شركاً ولم يبلغ درجة عبادة غير الله عز وجل؛ يعني لم يبلغ درجة الشرك الأكبر.

والفرق بين الأول والثاني -يعني بين التعريف الأول والثاني- أنَّ هناك أعمال تكون وسيلةً للشرك الأكبر ولم يطلق عليه الشارع أنها شرك ولم يتفق العلماء على أنها شرك، فوسائل الشرك الأكبر كثيرة.

مثلا بناء القباب على القبور هذا وسيلة إلى الشرك ووسيلة إلى تعظيم الأموات وإلى أن يُعتَقَدَ فيهم وأن يُتَقَرَبَ إليهم أو أن يُتَعَبَدَ عند قبورهم ونحو ذلك؛ يعني أن يُعبدوا عند قبورهم ونحو ذلك، فبناء القباب على القبور من هذه الجهة هو وسيلة إلى الشرك الأكبر لكن لم يسمّه أحد من أهل العلم المتقدمين لم يعدُّوهُ شركاً أصغر مع كونه وسيلة.

فالأضبط هو ما ذكرته لك من أنَّ الشرك الأصغر هو كل ذنب أو معصية سمّاها الشارع شركاً في الدليل ولم تبلغ درجة الشرك الأكبر؛ يعني درجة عبادة غير الله معه سبحانه وتعالى.

مثال آخر الذنوب: الذنب يُطْلِقُ عليه بعض العلماء أنه لا يصدر ذنب -يعني كبيرة من الكبائر أو ذنب من الذنوب- إلا وثَمَّ نوع تشريك؛ لأنه جعل طاعة الهوى مع طاعة الله عز وجل فحصلت المعصية، وطاعة الهوى وسيلة للشرك الأكبر، والذنوب عدد كبير منها وسيلة إلى الشرك الأكبر، ومع ذلك لم تُسَمَّ شركَاً أصغر وإن دخلت في مسمى مطلق التشريك، لا التشريك المطلق، مطلق التشريك، لا الشرك، فلهذا لا يَصْدُقُ عليه هنا أنها شرك أصغر مع كونها وسيلة في عدد من الذنوب والآثام إلى الشرك الأكبر.

إذاً لا يستقيم التعريف الأول في عدد من الصّور، والأقرب والأولى هو الثاني وهو أنْ يقال الشرك الأصغر هو كل ذنب أو معصية سماها الشارع شركا ولم تبلغ درجة عبادة غير الله معه.

نكتفي بهذا.

(1) قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي تحت باب الخوف من الشرك: وأما الشرك الأصغر فهو جميع الأقوال والأفعال التي يتوسل بها إلى الشرك؛ كالغلو في المخلوق الذي لا يبلغ مرتبة العبادة؛ كالحلف بغير الله، ويسير الرياء ونحو ذلك.

ص: 309

وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ، وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.

نكمل بيان ما في هذه الجملة من المسائل، وقد ذكرنا في الدّرس السابق أصول الإيمان؛ يعني أركان الإيمان وأدلّة ذلك من الكتاب والسنة، وذكرنا بعض المسائل المتعلقة بالملائكة، وذكرنا لكم أنّ الكلام على الملائكة فيه تفصيل كثير يُطلَبُ من كتب التفسير ومن كتب الحديث والعقيدة ومن الكتب المصنّفة في هذه العقيدة؛ عقيدة الإيمان بملائكة الرحمن جل جلاله وتقدست أسماؤه.

قال (وَالنَّبِيِّينَ)

الإيمان بالنبيّين يعني الإيمان بالأنبياء والمرسلين؛ لأنّه إذا أُطلق النّبي في الإيمان فيُراد به الإيمان بالأنبياء والمرسلين، وذلك من جهتين:

الجهة الأولى:

أنَّ قول كثير من أهل العلم أنَّ كل رسول نبي، فإذا قلنا نؤمن بالأنبياء فمعنى ذلك نؤمن بالرسل لأنَّ كل رسول نبي.

2-

الجهة الثانية:

أنَّ القرآن الكريم جاء فيه ذِكْرُ المُرْسَلِينَ بِذِكْرِ الأنبياء؛ يعني سُمِّيَ المرسلون أنبياء، سورة الأنبياء من وَرَدَ فيها جُلُّهم مرسلون: أولهم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إبراهيم الخليل ثم لوط، ثم نوح، ثم داوود، وسليمان، وأيوب إلى آخره.

ولهذا قوله (وَنُؤْمِنُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ) يعني بالرسل والأنبياء جميعاً.

والتعبير بالرُّسُلِ أولى؛ لأنه هو الذي جاء في الأدلة في الكتاب والسنة {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:285]، قال: أخبرني عن الإيمان. قال «أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلهِ» وفَرْض الإيمان أن يُؤْمَنْ بالأنبياء والرسل جميعاً لأنّ الله عز وجل أمرنا بذلك.

وتحت هذا الأصل والركن وهو الإيمان بالنبيين مسائل:

ص: 310

[المسألة الأولى] :

في تعريف النبي.

النَّبِيُّ في القرآن جاء فيه قراءتان {النّبي} والقراءة الأخرى {النبيء} بالهمز {يا أيها النبيّ} ، والقراءة الثانية {يا أيها النبيء} كما هي قراءة نافع وغيره.

وفرق ما بين النبي والنبيء.

فالنبيء: هو مَنْ نُبِّئَ.

والنبي: من صار في نَبْوَةٍ؛ يعني في ارتفاع عن غيره.

فإذاً نقول: (النبي) و (النبيء) هو من اختصه الله عز وجل بالإنباء والوحي، فصار مرتفعاً عن غيره في المقام لأجل ما أوحى الله عز وجل إليه.

هذا ليس تعريف -يعني حد- ليس حداً ولكن هذا تقريب.

أما الرُّسُلْ، الرسول، فظاهرٌ من اللفظ أنَّهُ أُرْسِلْ.

فلفظ نبيء ونبي من جهة اللغة واللفظ الذي جاء في القرآن هذا فيه الإنباء وفيه الرفعة، والرسول فيه الإرسال.

ولهذا اختلف العلماء هل النبي والرسول واحد أو بينهما فرق؟

على أقوال كثيرة مر معنا تفصيل الكلام عليها في عدد من الشروح وأقربها شرح الواسطية وغيره؛ لكن نذكر لك ملخص الكلام:

1-

القول الأول: من أهل العلم من قال النبي والرسول بمعنىً واحد، فكل رسول نبي وكل نبي رسول، وذهب إلى هذا جمع من أهل العلم من المفسّرين ومن الفقهاء وغيرهم.

2-

القول الثاني: هو أنَّ النبي غير الرسول، ودلّ على الفرق بينهما:

أ - قول الله عز وجل في سورة الحج {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج:52] ، قال {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} فدَلَّ ظاهر الآية قوله {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} أنَّ النبي غير الرسول، وظاهر الدلالة على أنَّهُ ثَمَّ فرق بينهما، ولو كان النبي هو الرسول لما صح أن يُقَال {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} لأنَّ النبي هو الرسول كيف يقول {وَلَا نَبِيٍّ} ، قد يكون بالعطف بالواو من رسول ونبي فتكون هنا مُغَايَرَةْ، في الصفات، لكن لمَّا أُدْخِلَتْ {لَا} دل على أنَّ هذا غير هذا {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} .

ب - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الرسل والأنبياء الذين يأتون يوم القيامة فقال «يأتي النبي ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه كذا، ويأتي النبي وليس معه أحد» (1)، ووجه الدِّلالة من الحديث أنّ قوله «ويأتي النّبي وليس معه أحد» يحتمل:

- أن يكون لم يُرْسَلْ إلى أحد.

- ويحتمل أن يكون لم يستجب له.

ويتجه الاحتمال أنه لم يرسل إلى أحد؛ بل هو نبيّ لقوله صلى الله عليه وسلم «ما بعث الله من نبيٍ إلا وأعطاه من الآيات ما على مثله آمن البشر وكان الذي أوتيته وحيا يُتلى» (2) الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح حديث عياض بن حمار المجاشعي، فدلّ على أنّ كل نبي أعطي آية وآمن من آمن بتلك الآية.

لهذا نقول: قوله صلى الله عليه وسلم «ويأتي النبي وليس معه أحد» هذا لأجل قَصْرْ الرسالة على هذا النبي وحده؛ يعني أنَّهُ ليس مُرْسلاً إلى غيره.

ج - حديث أبي ذر المشهور الذي رواه ابن حبان في الصحيح ورواه غيره من أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ عِدَةَ الأنبياء، هو حديث طويل منه جمل ثابتة صحيحة بشواهدها، ومنه جمل مُخْتَلَفْ فيها، فمنها أنَّهُ ذَكَرَ عِدَّةَ الأنبياء وذَكَرَ عِدَةَ المرسلين، فقال في عدد الأنبياء إنهم مائة وأربعة وعشرين ألف، وقال في عدة المرسلين إنهم كعدة أهل بدر يعني نحو أربعة عشر وثلاثمائة رسول (3) ، فدلّ الحديث على الفرق بينهما، وكون هذا هو العدد أو أقل ليس هو هذا محل الشاهد، وإنما قَوّى صحة التّفريق ما بين النبي والرسول أنه في الحديث الإختلاف في العدد، ودِلالة الآية والحديث الذي قبله يقوي الاستدلال بحديث أبي ذر هذا.

المقصود دَلَّت هذه على ترجيح قول من قال إنَّ الرسول والنبي مختلفان وهذا ظاهر في الاستدلال كما ترى.

ما الفرق بينهما في التعريف؟

اختلف العلماء في تعريف النبي والرّسول فقال مِمَّنْ قَالَ بالفرق بينهما:

& فقالت طائفة كثيرة من أهل العلم:

إنّ النبي: هو من أُوحِيَ إليه بشرع ولم يُؤْمَر بتبليغه.

والرسول: من أُوحِيَ إليه بشرع وأُمِرَ بالتبليغ.

فجعلوا الفرق ما بين النّبي والرّسول هو الأمر بالتبليغ.

& وقالت طائفة أخرى، وهو قولٌ أيضا مشهور عند عدد من المحققين وهو الذي اختاره ابن تيمية رحمه الله في أول كتاب النبوات أنَّ الرسول والنبي يشتركان في وقوع الإرسال عليهما.

الرسول مُرْسَلْ والنبي مُرْسَلْ لظاهر قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} ، فالرسول مُرْسَلْ والنبي أيضا مُرْسَلْ لكن جهة الإرسال مختلفة، قال:

الرسول: يُرْسَلْ إلى قوم يخالفونه في أصل الدين فيأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك.

(1) سبق ذكره (79)

(2)

البخاري (4981) / مسلم (402)

(3)

سبق ذكره (269)

ص: 311

وأما النبي: فإنه يُرْسَلْ إلى قوم موافقين يُجَدِّدُ بإرساله شِرْعَةَ الرسول الذي أُمروا باتباعه.

مثل أنبياء بني إسرائيل كلما مات نبي خلفه نبي وكُلُّهُم تَبَعْ لموسى عليه السلام.

وهذا التعريف أو هذا التقريب لتعريف الرسول والنبي هذا أقرب للدليل وأوضح في فهم الأدلة الشرعية.

ولذلك نقول هو المختار في أنَّ:

النبي مُوحَاً إليه بشرع وأُمِرَ بتبليغه إلى قوم موافقين أو لم يُؤْمَرْ بالتبليغ.

قد يكون مُقْتَصِرْ على نفسه وقد يُؤْمَرْ بالتبليغ إلى من يوافقه.

يوافقه في أي شيء؟

في اتِّبَاعِ الرسول الذي يَتَّبِعُهُ النبي ويَتَّبِعُهُ الناس.

وأما الرسول فمن أوحي إليه بشرع أو بكتاب وأُمِرَ بإبلاغه أو بتبليغه إلى قوم مخالفين له يعني في أصل الدين.

ص: 312