المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الأسئلة: س1/ ما حكم الحكم بغير ما أنزل الله؟ ج/ مسألة الحكم - شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

[صالح آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَلا شيءَ مِثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ)

- ‌ قوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ)

- ‌قوله (وَلا إلهَ غَيْرُهُ)

- ‌[المسألة الرابعة] :في إعراب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء)

- ‌[المسألة الثانية] :ما ضابط كون الاسم من الأسماء الحسنى

- ‌ قوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ)

- ‌قوله (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ)

- ‌ قوله (لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْرِكُهُ الأفْهَامُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قولَه (وَإِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ المصطَفى، ونبيُّه المجْتَبى، ورَسُولُهُ المُرْتَضَى)

- ‌[المسألة الثالثة] :نبوة الأنبياء أو رسالة الرسل بما تَحْصُل؟ وكيف يُعْرَفُ صدقهم؟ وما الفرق ما بين النبي والرسول وبين عامة الناس أو من يَدَّعِي أَنَّهُ نبي أو رسول

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وإنَّه خَاتِمُ الأنبياءِ)

- ‌[المسألة الرابعة] :أنَّ ادِّعَاء الوحي كفر كدعوى النبوة، وهذا باتفاق أهل السنة

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ التفضيل بين الأنبياء جاء به النص كما قال عز وجل {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الخامسة] :أنَّ رؤية المؤمنين في الجنة لربهم عز وجل عامة بالإنس والجن، للرجال وللنساء، وللملائكة أيضاً

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة

- ‌قوله (فَإِنَّ رَبَّنَا عز وجل مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الْفَرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَرِيَّةِ

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :متى وقع الإسراء والمعراج

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ الحوض دلَّ عليه القرآن باحتمال، ودلَّت عليه السنة بقطع:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالشَّفَاعَةُ الَّتِي ادَّخَرَهَا لَهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ)

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ حَقٌّ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَالْعَرْشُ

- ‌ قوله (وَفَوْقَهُ)

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الخامسة] :الإيمان بالملائكة تَبَعٌ للعلم، وكلما زَادَ العِلْمُ بالعقيدة وبالنصوص زَادَ الإيمان بالملائكة لمن وفَّقَهُ الله

- ‌ الأسئلة

- ‌[المسألة الثانية] :الأنبياءُ والرُّسُلُ درجات في الفضل والمنزلة عند الله

- ‌[المسألة الخامسة] :من كَذَّبَ برسول بعد العلم به فإنه مُكَذِّبٌ بجميع الأنبياء والمرسلين

- ‌(وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ)

- ‌ الأسئلة

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الحادية عشرة] :قوله (وَلَا نَقُولُ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ) هذا فيه مخالفة للمرجئة

- ‌الأسئلة:

- ‌نَرْجُو لِلْمُحْسِنِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِمْ، وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نُقَنِّطُهُمْ

- ‌[المسألة الأولى] :أنَّ الرجاء للمحسن بالعفو وعدم الأمن والاستغفار للمسيء والخوف عليه، هذا عقيدة يتعامل بها المرء مع نفسه وكذلك مع المؤمنين:

- ‌[المسألة الثانية] :الرجاء للمحسن من المؤمنين بالعفو هذا يشمل كل أحد حتى من لم يَعْرِفْ لنفسه ذنباً

- ‌[المسألة الثالثة] :الجمع ما بين الرجاء للمحسن والاستغفار للمسيء هذا تَبَعْ لأصل عظيم وهو الجمع في العبادة ما بين الخوف والرجاء

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثالثة] :الله عز وجل وليٌّ للعبد، والعبد أيضاً وليٌّ لله عز وجل

- ‌[المسألة الرابعة] :الأولياء قسمان فيما دَلَّتْ عليه الأدلة:- مقتصدون.- وسابقون مُقَرَّبون

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة

- ‌[المسألة الخامسة] :من لم يُغْفَرْ له ممن لم يتب فإنه يُشتَرَطُ لعدم خلوده في النار شرطان:

- ‌[المسألة السادسة] :الخلود في النار نوعان: خلودٌ أمدي إلى أجل، وخلودٌ أبدي

- ‌قوله (اللَّهُمَّ يَا وَلِيَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ ثَبِّتْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ)

- ‌[المسألة الثالثة] :قوله (خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ) هذا إذا كان إماماً مُرَتَّبَاً، ولم يكن بوسع المرء أن يختار الأمثل

- ‌الأسئلة

- ‌[المسألة الرابعة] :أننا مع ذلك كله فإننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :لفظ الأئمة وولاة الأمور مما جاء به الكتاب والسنة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :قوله (إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) هذا المقصود منه إلى قرب قيام الساعة

- ‌[المسألة الخامسة] :في قوله (أَرْوَاحِ الْعَالَمِينَ) لفظ (الْعَالَمِينَ) يريد به هنا من له رُوحْ من المُكَلَّفين

- ‌[المسألة الأولى] :أنّ سؤال الملكين يقع عن ثلاثة أشياء:أولاً: عن ربه.ثانيا: عن دينه.ثالثا: عن نبيه

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الثانية] :لا يُشْتَرَطُ في العالم أنْ لا يُخْطِئ

- ‌[المسألة الثانية] :عقيدة خَتْمْ الوَلَايَةَ

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة التاسعة] :الكرامة إذا أعطاها الله عز وجل الولي فإنَّهُ ليس معنى ذلك أنَّهُ مُفَضَّلٌ وأعلى منزلة على من لم يُعْطَ الكرامة

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌ قوله (وَلَا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ)

- ‌قوله (والفُرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً) :

- ‌الأسئلة:

- ‌الأسئلة:

- ‌[المسألة الأولى] :عِظَمِ شأن الدعاء

- ‌الأسئلة:

الفصل: ‌ ‌الأسئلة: س1/ ما حكم الحكم بغير ما أنزل الله؟ ج/ مسألة الحكم

‌الأسئلة:

س1/ ما حكم الحكم بغير ما أنزل الله؟

ج/ مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ذَكَرَهَا الشّارح ضمن الكلام في المسألة على اعتبار أنها ذنب من الذنوب، والكلام فيه هل يكفر أو لا يكفر؟

نَقَل فيها كلام ابن القيم رحمه الله، ولم أتطرق لها مع علمي بما ذَكَرَهُ الشارح لأجل أنها مسألة طويلة الذيول تحتاج إلى بحثٍ وتفصيل فيها، لعل لها مكاناً آخر إن شاء الله تعالى.

س2/ قول القائل: كان من المفترض أن يُحِلَّ الله هذا؟

ج/ بعض الناس يستعمل هذه الكلمة وما يقصد ظاهر الكلام؛ لأنَّ ظاهر الكلام بشع؛ لأنه يكون الشيء حرمه الله عز وجل ويقول هو من المفترض أن يكون حلالاً، هذا اعتراض واعتقاد أو تثبيت أنه حلال.

لكن بعض الناس يستعمل هذه العبارة من جهة رأيه وما عنده، فيقول في المسائل إذا تجادل اثنان أو أكثر يقول: من المفترض أنه يصير هذا مباح لعدم علمه، ما يقولها مثلاً في الخمر من المفترض أن يكون الخمر حلال، وإنما في المسائل المشتبهة التي لا يعرف وجهتها.

فإذاً هذه الكلمة لابد فيها من التفصيل قالها في أي ذنب، وما سياق؟، ولكنها من الكلمات الوخيمة.

س3/ هل هناك فرق بين عدم فهم الحجة وعدم الاقتناع بالحجة؟

ج/ نعم فيه فرق.

س4/ هل يُحْكَمْ على اليهودي المعين الذي مات على اليهودية أنه من أهل النار؟

ج/ نعم يحكم على المعين الذي مات على اليهودية أو على النصرانية بأنه من أهل النار، وهذا لأنه كافر أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم لمَّا زار الغلام اليهودي وقال له «قل لا إله إلا الله» أو «قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» ، فجعل الغلام ينظر إلى أبيه ولم يقلها فقال له والده اليهودي: أطع أبا القاسم. فقال الغلام وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم «الحمد لله الذي أنقذه الله بي من النار» (1) ، وقال صلى الله عليه وسلم «والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أَكَبَّهُ الله في النار» (2)، وقال أيضا كما في صحيح مسلم «حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» (3) وقال أيضا عز وجل {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:72] ، وهذا لا يدخل في قول أهل السنة والجماعة، ولا نشهد لا معين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا في حق المعين من أهل القبلة، أما من مات على كفره من اليهود والنصارى أو مات ونحن نعلم أنه يهودي أو نصراني فهذا كافر يُشْهَدُ عليه بأنه من أهل النار «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» .

س4/ هل من كَفَّرَ بغير علم يصبح مُرْتَدَّاً فَيُقْتَلْ، أو أنَّ عَمَلَهُ هذا يُقْتَلُ به؟

ج/ من كَفَّرَ بغير علم:

- يلحقه الوعيد «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» هذا واحد.

- ويلحقه الوعيد في مشابهة الخوارج؛ لأنَّ الخوارج كَفَّرُوا بغير علم.

- ويلحقه الوعيد أيضا من جهة ثالثة وهو أنه تَعَدَّى على الدليل من القرآن والسنة؛ لأنَّهُ كما ذكرتُ لك في الأسباب أنَّ إثبات الإيمان جاء بدليل، فَنَفْيُ الإيمان عن المعين لابد فيه من دليل، فمن حَكَمَ بِكُفْرِ أحدٍ لهوى أو لغلو أو لقصور عنده في العلم فإنه تَعَدَّى ما أُذِنَ له به إلى أمر إنما هو لأهل العلم، فهو يؤاخذ بذلك، كما ذكرتُ لك في قصة عمر رضي الله عنه وهي قصة تحتج منك إلى اعتبار في أنه قد يُطْلِقُ المرء التكفير من جهة الغَيْرَةْ وقد يُؤَاخَذْ وقد لا يُؤَاخَذْ، والواجب على العبد أن يحترز من فَلَتَاتِ لسانه، ويخاف أشد الخوف، فرُبّ كلمة قالها العبد لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا.

ومن منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم الذي قَرَّرَهُ أئمة أهل السنة أنَّ أهل العلم من أهل السنة يُخَطِّئونَ أو يُضَلِّلُونَ ولا يُكَفِّرُون.

يقولون: هذا القول بدعة، هذا ضلال، هذا فسق، هذا خطأ، ونحو ذلك، وقد يحكمون على المعين إذا كان الحاكم من الأئمة والعلماء ولكن لا يُكَفِّرُونْ إلا ببينة ووضوح.

وهذه المسائل مع الأسف شاعت عند الشباب في هذا العصر، وصاروا يتداولونها حتى في المجالس وهو يعلم من نفسه أنَّ مسائل الطهارة ما يعرفها، وكثير من مسائل الصلاة ما يعرفها، ومسائل يمكن معاشرة الزوجية يجيء فيها بحكم الطبيعة أو بحكم حياته ما آلفه وإلى آخره، ما يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله في هذه المسائل، ومع ذلك تجد أنه يقتحم هذه المسألة العظيمة وهي مسألة التكفير، وإنما هي لأهل العلم.

ذكرتُ لك أنَّ لها قسمين:

القسم الأول اعتقاد المسائل، اعتقاد مسائل التكفير مثل ما ذكرتُ لك.

(1) أبو داود (3095)

(2)

مسلم (403)

(3)

ابن ماجه (1573)

ص: 363

والثاني التطبيق: التطبيق ليس إليك إنما هو لأهل العلم والقضاء والفتيا ونحو ذلك.

أمَّا الاعتقاد فهذا واجب أن تعتقد ما أمر الله عز وجل به، أو ما أخبر به عز وجل من إيمان المؤمن وكفر الكافر وكذا ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.

في هذا القدر كفاية، ونلتقي إن شاء الله بكم الأسبوع القادم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

ص: 364

الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

نجيب على بعض الأسئلة:

الأسئلة

س1/ هل عدم اشتراط فهم الحجة أن لا يفهموا مقصود الشارع؟

ج/ ذكرنا لكم مراراً أنَّ العلماء الذين نَصُّوا على أنَّ فهم الحجة ليس بشرط في صحة قيام الحُجَّةْ بَنَوا على الدليل وهو قول الله عز وجل {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} (1) فالله عز وجل جَعَلَ على القلوب أَكِنَّةْ لِأَلَا يفهموه، فدلَّ على أنَّ الفهم والفقه -فقه الحجة- ليس بشرط؛ لأنَّ إقامة الحجة بالقرآن، تلاوة القرآن عليهم وهم أهل اللّسان كافٍ في قيامها.

فصار إذاً الحال مشتملْ على:

- أنَّ إقامة الحجة شرط، ومعنى إقامة الحجة أن تكون الحجة من الكتاب أو من السنة أو من الدليل العقلي الذي دل عليه القرآن أو السنة.

- وأن فَهْمَ اللسان العربي، فَهْمْ معنى الحجة بلسان من أقيمت عليه هذا لابد منه؛ لأنَّ المقصود من إقامة الحجة أن يَفْهَمَ مَعَانِيَ هذه الكلمات، أن يفهم معنى الحديث، أن يفهم معنى الآية.

* وأما ما لا يشترط وهو فَهْمُ الحُجَّةْ، فيُرَادُ به أن تكون هذه الحجة أرجح من الشبه التي عنده؛ لأنَّ ضلال الضالين ليس كله عن عناد، وإنما بعضه ابتلاء من الله عز وجل، وبعضه للإعراض، وبعضه لذنوبٍ منهم ونحو ذلك.

لهذا فإنَّ فهم الحجة على قسمين:

1-

يُرَادُ بفهم الحجة فهم معاني الأدلة، فهذا لابد منه، فلا يُكْتَفَي في إقامة الحجة على أعجمي لا يفهم اللغة العربية بأن تُتْلَى عليه آية باللغة العربية، وهو لا يفهم معناها، ويقال قد بَلَغَهُ القرآن والله عز وجل يقول {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:19] ، هذا ليس بكافٍ، لابد أن تكون الحجة بلسان من أقيمت عليه ليفهم المعنى، قال سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4] .

2-

المعنى الثاني لفهم الحجة أن يَفْهَمَ كونَ هذه الحجة أرجَحَ من شبهته التي عنده، المشركون -كما قررنا لكم في شرح كشف الشبهات- عندهم علم وعندهم كتب وعندهم حُجَجَ كما أخبر الله عز وجل في كتابه.

ففَهْمُ حُجَّةْ الرسول صلى الله عليه وسلم، وفهم القرآن، وفهم حجة النبي صلى الله عليه وسلم العقلية التي أدلى بها عليهم بعد الوحي، هذه معناها أن يفهموا المعنى.

إذا كانوا هم فهموا المعنى؛ لكن مثل ما يقول القائل: ما اقْتَنَعْ أَنَّ هذه الحجة أقوى من الشبهة التي عنده، فهذا ليس بشرط.

فإذن ما يُشْتَرَطْ من فهم الحجة هوالقسم الأول؛ وهو:

- فهم المعنى.

- فهم دلالة الآية باللغة العربية ونحو ذلك.

أما فهم الحجة بمعنى كون هذه الحجة أرجح في المقصود وأدلّ على بطلان عبادة غير الله أو على بطلان الباطل، هذا ليس بشرط، المهم يفهم معناها ودلالتها، ثم بعد ذلك الله عز وجل يُضل من يشاء ويهدي من يشاء.

س2/ يقول إذا كان الإمام أحمد رحمه الله أقام الحجة على أحمد بن أبي دؤاد والمعتصم، فلم لم يُكَفَّرَا مع إصرارهما على البدعة؟ وإنْ كان لم يُقِمْ عليهما الحجة فلماذا لم يقم عليهما الحجة مع أنه في موقف يجب عليه إقامة الحجة؟

ج/ هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل، وتفصيله ينبني على فهم واقع فتنة خلق القرآن.

وفي الجملة منهج أهل السنة وأهل العلم أنَّهُمْ يجعلون هذه الفتنة فيها شبهة، فلم يُكَفِّرُوا بحصول الفتنة لا من جهة الوالي ولا من جهة من أجاب من المسلمين؛ لكن من أهل العلم من كفَّرَ ابن أبي دؤاد وكَفَّرَ أمثالَه العلماءَ.

لأنَّ العالم يفهم حجة القرآن، وإذا كان بقيت عليه الشبهة في مثل هذا الأمر العظيم فإنه إما أن يكون مقصرا في البحث عن الحق، وإما أن لا يكون:

- فإن كان مُقَصِّرَاً في البحث عن الحق مع قُرْبِهِ منه فلا يلومن إلا نفسه، وهذا لا يمنع من الحكم عليه بالكفر عيناً.

- وإذا كان غير مقصّر في البحث عن الحق؛ ولكن بقيت الشبهة عنده، فهذا لابد من أن تُزَالَ عنه الشبهة مع اختلاف المسائل في ذلك، لكن هذا الكلام بخصوص القول بخلق القرآن.

فمن أهل العلم من كَفَّرْ ابن أبي دؤاد ومنهم من لم يُكَفِّرُهُ عَيْنَاً لأجل الشبهة التي عنده.

كما ذكرنا لكم مسائل المعتزلة والخوارج في مثل مسألة خلق القرآن ونفي رؤية الله عز وجل في الآخرة ونحو ذلك، أئمة أهل السنة يُكَفِّرُونَ بالنوع، يُكَفِّرُونَ بالمطلق يعني التكفير المطلق ولا يُكَفِّرُونَ الأعيان إلا بعد اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، وهذه كما ذكرنا يقيمها من يصلح لإقامتها من أهل القضاء أو الفُتْيَا.

س3/ هل من فَعَلَ الذنب من الكبائر وجَاهَرَ به وأصبح يتاجر فيه كالغناء، نقول: إنهم لا يؤمنون بتحريمها واستخفوا بها ونحكم بردتهم عن الإسلام؟

(1) الأعراف:25، الإسراء:46.

ص: 365

ج/ الكبائر لها حد -بمعنى لها تعريف- وذكرنا تعريفها عدة مرات ويأتينا إن شاء الله تعالى في موضعه من شرح الطحاوية بتفصيل.

فالحكم على الغناء بأنَّهُ من الكبائر هذا فيه نظر؛ لأنَّ الغناء التّغني بالصوت.

والتغني بالصوت قد يكون مُشْتَمِلاً على كلامٍ قبيح كفر أو نفاق أو دونه من التشويق بالنساء أو باستباحة المحرمات أو نحو ذلك، وقد يكون الكلام لا يشتمل على ذلك، ثُمَّ هو قد يكون مُصَاحَبَاً بمعازف وقد لا يكون مصاحبا بمعازف.

فقول القائل أصبح يتاجر فيه كالغناء أنَّ هذا من الكبائر لأ، يختلف الحال فيه.

لهذا من جهة إثبات الكبيرة لابد فيه من تفصيل، هل الغناء كله كبيرة؟

ليس بصحيح -يعني بهذا الإطلاق-، طالب العلم لابد أن يدقق في ألفاظه، إذا قال أحد الغناء من الكبائر، ليس صحيحاً هذا الكلام، فلابد من التفصيل فيه وهذا يرتبط بتعريف الكبيرة.

المسألة الثانية: المعازف من حيث هي والغناء المشتمل على المعازف لم يُجمِعْ العلماء على تحريمه، فمن أهل العلم -وهم نوادر- من قالوا بإباحته، وجمهور أهل العلم كما دَلَّتْ عليه الأدلة بالكتاب والسنة وهي كثيرة جداً قالوا بحرمة ذلك، وهذا هو الحق الواضح الذي لا يجوز العدول عنه؛ لكن معرفة خلاف طائفة من أهل العلم من فقهاء المدينة في زمن الإمام مالك ومن بعدهم مثل ابن حزم والسمعاني وطائفة من الناس من قالوا بإباحة السماع واستعمال المعازف فهو خلافٌ في المسألة.

ولا تَكْفِيرَ إلا بما أَجْمَعَ العلماء على تحريمه.

والمسألة إذا أجمع العلماء على تحريمها من قال بخلافها فالقول بخلافها كفر، ثم تكفير المعين يحتاج أيضاً إلى بيان.

المسائل التي أجمع العلماء على حرمتها المخالِفْ فيها يختلف؛ لأنَّ المسألة قد تكون من المسائل التي يُعْلَمُ بالاضطرار من دين الإسلام أنها محرمة، مثل الخمر، مثل الزنا، الربا المتفق على تحريمه ونحو ذلك، هذا ما يحتاج، ينشأ الناشئ بين المسلمين وهو يعلم أنَّ هذه الأمور محرّمة باتفاق أهل العلم.

لكن ثَمَّ مسائل خفية تحتاج إلى استدلال، فمثلاً لو قيلَ إنّ المعازف مُجْمَعْ على تحريمها فإنَّ هذا الإجماع هم لم يجمع على تحريمها، لكن هذا الإجماع غير معروف لم يكن معروفاً عند الناس، لو قال قائل ذلك أو يكون في بلد معروف نشأ الناشئ وأهل الفتوى في بلده على أن الغناء محرم فهنا لا يقال بالتكفير لأنَّ هذا مما يخرج عن كونه من الضروريات، يعني العلم به من الضروريات.

فإذاً مسألة التكفير مسألة خطيرة ومهمة في أن يعلم طالب العلم حدوده، فالمسائل المحرمات لا تكفير إلا بما أُجمِعَ عليه. (1)

: [[الشريط السابع والعشرون]] :

ثُمَّ هنا ما أَجْمَعَ أهل العلم عليه على قسمين:

- منه ما يُعْلَمُ بالاضطرار من دين الإسلام، يعني لا يحتاج فيه العالم إلى بيان الأدلة.

- ومنه ما فيه خفاء يحتاج فيه إلى بيان الأدلة.

حتى غير المسائل هذه مثل مسائل السحر.

السحر لاشك أنه من كبائر الذنوب؛ بل لا يكون السحر إلا بشرك بالله عز وجل، لكن من أصناف السّحر ومن أحوال السَّحَرَةْ ما قد يخفى في بعض الأزمنة، فيحتاج إلى بيان وإيضاح.

فالمسألة في نفسها قد تكون في زمان مما يُعْلَمُ بالاضطرار -يعني الدليل فيها لا يحتاج إلى إقامة-؛ لأنَّ كل الناس يعلمون هذا، وقد يكون في زمان أو مكان يخفى الدليل على طائفة فيُحتاجُ في الحكم على المُعَيَّن إلى بيان، وإن كانت عند طائفة أخرى مما يُعْلَمُ بالاضطرار.

العلماء يذكرون مثال ذلك مثلاً من قال الزنا غير مُحَرَّمْ وهو ممن نشأ بباديةٍ بعيدة عن دار الإسلام، ومثله يجهل، مثل ما حَصَلَ في زماننا الحاضر في بعض من يسكنون في بعض الأماكن يقولون ما نعلم أنه محرم، يفعل الفاعل الزنا وما يعلم أنه حرام مع أنَّ حُرْمَةْ الزنا مما يُعْلَمُ بالاضطرار من دين الإسلام.

فالمقصود من هذا، أنَّ المسائل التي يقال فيها هذا مما يُعْلَمُ بالاضطرار من دين الإسلام، نعني بها ما لا يُحْتَاجُ معه إلى إقامة دليل؛ لأنَّه ينشأ الناشئ وهو يعرف هذا ولا يعرف غيره من دين الإسلام.

هذه المسائل تختلف باختلاف الزمان والمكان فلهذا يحتاج من يريد بحث هذه المسائل إلى استفصال.

آخر السؤال يقول: نقول إنهم لا يؤمنون بتحريمها واستخفوا بها فنحكم بِرِدَّتِهِمْ عن الإسلام.

ليس كذلك، من فَعَلَ الكبيرة مُسْتَخِفّا بها لا يعني ذلك أنه مرتد؛ بل الذين يفعلون الكبائر منهم:

1-

من يفعل الكبيرة لشهوةٍ غلبت عليه، شهوة طارئة، هو مؤمن صالح لكن غَلَبَ عليه أَمْرْ فَأَخَذَ مالاً من غَيْرِ حِلِّهِ، سرق لشهوة غلبت عليه ثُمَّ رَجَعْ، فهذا نقول فيه مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.

أو رأى امرأة أو خَلَا بامرأة ثم فعل معها الكبيرة عن غَلَبَةِ شهوة، فهذا لا يُخْرِجُهُ ما فَعَلْ عن كونه مؤمناً إذا تاب وأناب، فَغَلَبَةْ الشهوة تبقي اسم الإيمان إذا تاب وأناب.

2-

ومنهم الذي يخرج معه المؤمن من الإيمان إلى الإسلام وهو إذا استخف بالكبيرة.

يعني تَهَاوَنَ بها وهو يعلم أنها كبيرة ويعلم أنه عاصي، أقَامَ عليها واسْتَمَرَّ على فعل الكبيرة فهذا يخرج من اسم الإيمان إلى اسم الإسلام؛ لأنَّ الإيمان الحق -الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر- الإيمان الحق بهذه، الإيمان الكامل لا يجتمع مع صاحبه في مداومة الكبائر.

وفي هذا يروى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند (أنَّ العبد إذا فعل المعصية ارتفع عنه الإيمان فصار على رأسه كالظلة فإذا تركه عاد إليه)(2) ، وهذا الحديث في إسناده ضعف؛ لكن يستدل به أهل العلم على أصلهم من أنَّ المؤمن حال مُوَاقَعَتِهِ للكبيرة التي كانت عن غلبة شهوة لا استمرار واستخفاف فإنه يبقى عليه اسم الإيمان؛ لكن يَنْتَزِعُ منه ما دام فاعلاً لهذا المنكر، فإذا ترك هذه الكبيرة وأناب إلى الله عز وجل، رجع فيقال مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.

لكن المصر على الربا المصر على الزنا المصر على شرب الخمر لا يُخْرِجُهُ أهل السنة من اسم الإسلام ويجعلونه مرتداً، وكذلك أصحاب المعازف والغناء المحرم وبيع مثل هذه وآلات اللهو ونحو ذلك إذا كان مُمَارِسَاً لها وهو يعتقد حرمة ذلك فيما أُجْمِعَ عليه فإنه يخرج من الإيمان إذا كان مداوماً عليها إلى الإسلام؛ لأنَّ الإسلام هو العمل الظاهر إذا كان جاء بأمور الإسلام.

وهذه فيها مزيد تفاصيل تأتي في موضعها إن شاء الله في شرح الطحاوية.

(1) انتهى الشريط السادس والعشرون.

(2)

الترمذي (2625) / المستدرك (56)

ص: 366